التحديات التي تواجه رواد الأعمال الشباب في الشرق الأوسط.. ما هي الحلول المتاحة؟

ريادة الأعمال، هي مغامرة لا تخلو من المحن والتحديات. بالنسبة لبعض الأشخاص، قد تكون العقبة الأولى كافية لإنهاء الرحلة، ولكن هناك من يختار أن يستمر بعزيمة لا تلين، مدفوعًا بشعار "ليس هناك خيار آخر سوى النجاح والربح". هؤلاء هم الأبطال الحقيقيين، قادة الرحلة الذين يدفعون بالسفينة للأمام بذكاء وشجاعة. في بعض الأحيان، يقررون تغيير الطريق المعتاد لتجنب المخاطر والوصول بأسرع ما يمكن إلى الهدف.

في 2021، شهدت المنطقة ظهورًا رائعًا للشركات الناشئة، حيث جذبت استثمارات قيمتها حوالي 3 مليار دولار من خلال نحو 640 صفقة. هذه الأرقام تبين لنا أن المنطقة ليست فقط مليئة بالتحديات ولكنها مليئة أيضًا بالفرص والنجاحات.

لنقم برحلة مثيرة لاكتشاف قصص هؤلاء الرواد، والاستلهام من تجاربهم وإلهاماتهم في ميدان الأعمال.

الواقع هو أن ليس هناك جواب واحد يفيد أيهما أفضل بين الخبرة والشباب لضمان نجاح رائد الأعمال. كل منهما يحمل فوائد خاصة تسهم في رحلة الريادة.

الخبرة: تُضفي الخبرة على رائد الأعمال القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة استنادًا إلى تجارب سابقة، وهي تمنحه رؤية واضحة حول التحديات المحتملة وكيفية التغلب عليها.

أما الشباب: فيمتازون بالحيوية والشغف، مما يمكنهم من مواجهة التحديات بشجاعة وجرأة. الشباب قد يكون لديهم قابلية أكبر للتجديد والابتكار، وهم في كثير من الأحيان مستعدين لتحدي القواعد القائمة وتجربة أمور جديدة.

لكن النجاح في ريادة الأعمال لا يعتمد فقط على العمر أو الخبرة، بل يعتمد أيضًا على الشغف، الرؤية، والاستعداد للتعلم والتطور المستمر.

تواجه رواد الأعمال الشبان العديد من التحديات المهمة التي تحتاج إلى حلول مبتكرة. إليك بعض النقاط الرئيسية المتعلقة بتلك التحديات.

في بعض البلدان، تواجه الشركات الناشئة صعوبات نتيجة للتشريعات والإجراءات البيروقراطية العالية، قد يكون من الضروري إجراء تحسينات لتشجيع بيئة أكثر صداقة لريادة الأعمال، والبحث عن الدعم من المؤسسات الريادية والضغط على صانعي القرار لتبسيط الإجراءات وتحسين البيئة التنظيمية.

على سبيل المثال: في مصر، أُطلق مشروع "مشروعيتك" لتسهيل إجراءات تأسيس الشركات الصغيرة والمتوسطة. فقد ساعد هذا المشروع في تقليل الوقت والجهد المطلوبين لبدء الأعمال وتحقيق الرخص اللازمة.

في  بعض المجتمعات التقليدية قد يكون الخوف من المخاطرة عائقًا أمام الشباب الراغب في بدء مشاريعهم، يمكن تشجيع الشباب عن طريق التوعية وبرامج تدريب على أهمية المخاطرة المحسوبة وتبني هذه الثقافة.

على سبيل المثال: في الشرق الأوسط، تم تأسيس منظمة "AstroLabs" التي تقدم برامج تدريبية تشجع على المخاطرة المحسوبة وتساعد الشباب على تحويل أفكارهم إلى مشروعات ناجحة.

الشباب رغم حماسهم قد يفتقرون إلى الخبرة والمهارات الضرورية، هنا يأتي دور التعليم والتدريب المستمر، لذا يمكن إقامة شراكات بين الجامعات والصناعة لتزويد الشباب بالمهارات العملية.

على سبيل المثال: "Y Combinator" هي شركة استثمار أمريكية تقدم برامج تسريع للشركات الناشئة، وتساعد الشباب الرواد على تحويل أفكارهم إلى شركات ناجحة من خلال التوجيه والتدريب.

يعتبر تأمين التمويل البدائي تحديًا كبيرًا، يمكن تعزيز آليات دعم رأس المال للشركات الناشئة، سواء من خلال القطاع الحكومي أو الشراكات مع المستثمرين الخاصين. إذ يمكن إيجاد الحلول من خلال البحث عن منصات التمويل الجماعي، أو التقديم لبرامج دعم الشركات الناشئة المقدمة من المؤسسات الحكومية والخاصة.

على سبيل المثال: في الشرق الأوسط، توجد منصة "MAGNiTT" التي تساعد الشركات الناشئة في الحصول على فرص استثمارية من خلال ربطها بشبكة واسعة من المستثمرين.

 قد يواجه رواد الأعمال الشباب مقاومة من الآخرين، مثل أفراد الأسرة والأصدقاء أو المنافسين، قد لا يؤمن الآخرون بفكرة ريادة الأعمال لدى الشباب، وقد يحاولون تثبيط عزيمتهم. لكن تذكروا أن الثقة بالنفس والإصرار هما مفتاح النجاح. إبحثوا عن قصص النجاح واتخذوها مصدر إلهام لكم.

على سبيل المثال: يعتبر جوي غيلد المؤسس المشارك لـ "Airbnb" نموذجًا لهذا التحدي. في البداية، واجه كثيرًا من الشكوك والانتقادات من أصدقائه وعائلته، لكنه ظل مصرًا على تحقيق رؤيته حتى أصبحت "Airbnb" واحدة من أكبر الشركات في العالم.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هناك العديد من رواد الأعمال الشباب الناجحين الذين حققوا إنجازات ملهمة في مختلف المجالات، فيما يلي بعض الأمثلة:

اقرأ المزيد: قادة الذكاء الاصطناعي.. تعرف على رواد التكنولوجيا العرب الذين رسموا تكنولوجيا 2023

كلًا منّا يحمل حلمًا كبيرًا منذ طفولته. يجلس في غرفته يفكر بمشروع تكنولوجي يمكن أن يحدث تحولًا في مجتمعه. السؤال الرئيسي: هل يمكن لشاب بسيط أن يحقق نجاحًا في عالم ريادة الأعمال؟ نعم وبالدليل المذكور بالامثلة على العديد من الشباب في الفقرات السابقة.

ولكن السؤال الأهم كيف يمكن للشباب تحقيق النجاح؟ إليك خطوات بسيطة:

للشباب الريادي، يمكنهم استغلال الفرص عبر فهم السياق المحيط والتفكير المبدع. ينطلقون من مراقبة ما يحتاجه المجتمع المحلي وتحدياته، حيث يستدلون على الفجوات والقضايا المعقدة.

باستعانة بالتقنيات المتقدمة ورصد الاتجاهات الحديثة، يتم التعرف على نقاط الضعف في السوق واختبار جدوى فكرة جديدة. الانخراط في شبكات اجتماعية قوية والاستماع المستمر للعملاء يساعدان في تكوين فكرة متكاملة وتحويلها إلى واقع ناجح، معتمدين على حدسهم الريادي لرؤية ما هو آت.

تشكل فترة الاستقصاء والترتيب حجر الزاوية في مغامرة الريادة. من الضروري أن نبدأ بدراسة عميقة للسوق لتقييم الفرصة. إذ يقوم الرواد بتنظيم استبيانات ومقابلات لقياس أثر فكرتهم وتحديد الاحتياجات، ويغمرون أنفسهم في البحث عن حلول وابتكارات تقنية. مع التفكير في التمويل والتنفيذ، يضعون خططًا تفصيلية لتنظيم المشروع وتحديد الموارد المطلوبة. وهذه الخطوة تضمن توجيه الجهود نحو تحقيق الأهداف المرجوة من المشروع.

في هذا السياق، يجتهد الشباب الريادي في البحث عن مصادر متعددة للتمويل، منها المشاركة في حملات التمويل الجماعي والحصول على منح. القدرة على الابتكار في هذه الفترة تحتم تقديم حلول مبتكرة لتأمين التمويل، سواء من خلال منصات التمويل عبر الإنترنت أو المؤسسات الداعمة.

التمويل في هذه الفترة يعتمد بشكل كبير على استغلال العلاقات الشخصية والتفاوض الجيد لضمان تأمين المبالغ اللازمة للمشروع.

في عالم ريادة الأعمال، تشكل الجوانب القانونية أساسًا حاسمًا لتشكيل وتشغيل المؤسسات. يتراوح النظام القانوني من المؤسسات الفردية، إلى الشركات المحدودة، وحتى الشركات الشراكية، حيث يعتمد الاختيار على عوامل متعددة كحجم العمل والالتزامات المالية.

بالنسبة للالتزامات القانونية، يتعين على المستثمرين الجدد احترام ومراعاة القوانين المحلية والدولية، منها الأمور الضريبية، الاعتبارات البيئية، حقوق الملكية الفكرية، وغيرها. الامتثال القانوني يحافظ على سير العمل بسلاسة ويشكل أساسًا لبناء سمعة جيدة للمؤسسة.

خلال هذه الفترة، يضع المستثمرون الجدد استراتيجيات لترويج منتجاتهم وخدماتهم. هذا يتضمن دراسة دقيقة للسوق، التعرف على الفئات المستهدفة، واختيار الأساليب المناسبة للترويج. نجاح هذه الخطوة يعتمد على تصميم استراتيجيات فعالة لجذب العملاء والتفاعل معهم، بالإضافة إلى استخدام أساليب بيع فعّالة لتحقيق أقصى عائد.

هنا، يتعين على رواد الأعمال التركيز على تنظيم وإشراف العمليات الداخلية وتقييمها بانتظام. يشمل ذلك الاستغلال الأمثل للموارد، من التخطيط الأولي وحتى الإنتاج، مع تقدير وتطوير الكادر البشري.

في هذا السياق، يهدف المستثمرون إلى زيادة الكفاءة وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة، بالإضافة إلى تحقيق بيئة عمل متناغمة وتطوير قدرات فريق العمل. التنسيق الفعّال وإدارة الموارد البشرية يكونان عاملين أساسيين في دعم استقرار المؤسسة وتحسين تجربة العملاء والفريق.

ريادة الأعمال هي تحدي معقد يمكن لرواد الأعمال الشبان تحقيق النجاح من خلال مزج الخبرة، الشغف، والقدرات الشخصية، ويعد القطاع الريادي في العالم العربي مجالًا واعدًا للنمو والازدهار. 

كما يمكن أن تساهم الحكومات العربية في دعم رواد الأعمال الشبان عبر توفير دعم مالي ولوجستي، تسهيل الإجراءات التنظيمية، وتعزيز ثقافة داعمة لريادة الأعمال. من خلال هذه الإجراءات، يمكن للحكومات المساهمة في إيجاد بيئة مواتية تعزز ريادة الأعمال وتعزز نمو الاقتصاد.