كيف يستطيع الجوع أن يشوه تفكيرنا وعقولنا؟

لنكن صادقين لايستطيع معظمنا تفويت يوم الدراسة أو العمل دون وجبة خفيفة، فعندما نكون جالسين على الغداء تتذمر معدتنا ونفكر بما سوف نتناوله في اليوم التالي، إن الجوع ليس مجرد مشاعر بالنسبة لنا بل إنه شيء مهم جدًا وتأثيراته ربما تكون مدمرة على صحتنا وغير قابلة للإصلاح.

الجوع هو الفقدان الكلي أو الشديد للسعرات الحرارية، والمواد الغذائية والفيتامينات اللازمة للحفاظ على الحياة وتعد أحد أنماط سوء التغذية الأكثر حدة، وفي حين تتمثل التغذية السليمة باكتساب الطاقة من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية الأساسية، فإن عدم الحصول على الطاقة فقط يتسبب بأمراض مزمنة، إذ يستجيب الجسم لسوء التغذية الشديد بتكسير النسيج الدهني للجسم وأنسجة الجسم المختلفة والتأثير على عدد من أعضاء الجسم الحيوية.

لا نعني بالجوع تجويع الشخص لنفسه أو استهلاك كمية قليلة من السعرات الحرارية أو تخطي الوجبات، لأن ذلك يتسبب في إبطاء عملية التمثيل الغذائي في الجسم وزيادة تخزين الدهون، لأن الجسم يدرك أن الشخص في حالة مجاعة، لذلك يعمل على الحفاظ على مخزونه.

بالتالي المقصود بالجوع هو الاستجابة الطبيعية التي تحدث عندما يستخدم الجسم طاقة آخر وجبة تناولها والشعور بانخفاض مستويات الجلوكوز في الدم، إذ يُظهر هرمون الجريلين أو ما يُسمى هرمون الجوع، أن المعدة فارغة بالتالي يبدأ التفكير بالطعام وتبدأ المعدة بالقرقرة وتزداد الشهية.

إذا كنت تعتقد أن الجوع لا يغيرك فعليك إعادة التفكير لأنه بين عقلنا وجوعنا رابطة فريدة، فما تأكله يؤثر على مزاجك و صحتك العقلية!

يتفاجئ البعض بوجود رابط بين شعورنا بالجوع والأمراض النفسية، إذ أثبتت الدراسات أن الشعور المستمر بالجوع يمكن أن يُسبب القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة لأن الإحساس بالجوع يكون في الغالب مقرونًا بأحاسيس سلبية فيجعل مزاجنا منخفضًا، مما يؤثر علينا فيجعلنا متشائمين، فمثلًا إذا كنت تفكر أنك سوف تنجح ثم قررت الدراسة وأنت جائع، فإن الجوع سوف يؤثر على تركيزك وتفكيرك.

وسيعطيك الإحساس بأنك ستفشل ولن تحقق نسبة النجاح المطلوبة، فالجوع يجعل الشخص عدوانيًا أكثر ويصاب بفرط النشاط وتشتت الأفكار، كما أن الجوع يجعل الشخص أكثر عرضة للاصابة بالأمراض المزمنة كالسكري وانخفاض ضغط الدم، فقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يخضعون لتخفيض الوزن يصابون بالاكتئاب بنسبة 80٪، كما أن الصيام من أجل تخفيض الوزن يجعلنا نشعر ليس فقط أننا جائعين، بل يؤثر على إدراكنا وأحكامنا فما فائدة أن تقضي أيامك مكتئبًا وتحاول تخفيض وزنك من أجل قضاء عطلة صيف وأنت مصاب بالإحباط والاكتئاب.

فعندما تشعر بالجوع تشعر بأنه يوجد مؤامرة ضدك، فتحاول الالتزام بالأكل الصحي ويزداد الأمر سوءًا إذا كنت جائعًا وأنت في حالة الغضب أو الملل، فعندما تقاوم الجوع وتتخلي عن وجبة رئيسية خلال يومك فستكون النتائج غير مرضية، وهذا ما أثبتته الدراسات لأن المشاعر المرتبطة بالجوع  لها تأثير كبير علينا عندما لا نفهمها إذ أن الجوع له آثار سلبية على صحة الإنسان منها  الجفاف وضعف العضلات وحدوث الخلل في عدد ضربات القلب وفقدان القدرة على التركيز، كما يمكن للجوع أن  يؤثر على الأداء الدراسي لأنه من الصعب التركيز والدراسة إذا كنت جائعًا.

يشعر الكثير من الأشخاص بالخوف عندما يجوعون، فعندما يشعر الجسم بالجوع يمكن أن يتسبب ذلك في توتر وقلق، ومع استمرار الشعور بالجوع يستمر الشعور بالقلق إلى أن يصل إلى حد الإصابة بالإجهاد العاطفي، كما أنه سوف يؤثر بالسلب على التركيز والأداء في العمل، ويشعر الجسم بالخوف والقلق لأنه يتساءل ماذا عن الطعام، أو من أين سوف يجد الطعام المناسب له؟

كما يخشى الكثير من الناس الجوع، لأنهم تعلموا أن الجوع شعور سلبي، فعندما يكون الجوع مرتبط بسوء التغذية يكون خطر على صحة الناس في مختلف أنحاء العالم، لكن ماذا عن فوائد الجوع عندما يكون الطعام متوفرًا؟

يُلاحَظ أن الشعور بالجوع يمكن أن يساعد على توازن الجسم، ويعطي الشخص الشعور بالسعادة، وقد وجد خبراء التغذية أن تناول الطعام وفق جدول منتظم مثلًا كل أربع ساعات أو السماح  للشخص أن يشعر بقرقرة في معدته بين الوجبات الرئيسية، يساعد في استقرار نسبة السكر في الدم، بالإضافة إلى مساعدة من يريد أن يخفض وزنه في الحصول على أهدافه في إنقاص الوزن.

يشعر بعض الناس بالخوف عند الشعور بالجوع، وهذا ما يدفعهم إلى الأكل بشراهة عندما يرون طعام أمامهم، وهذا قد يؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية مثل التخمة وغيرها، لذلك فإن العلماء يرون أن مقاومة الجوع أو الوقاية منه لها الكثير من الفوائد، لذلك فإنهم يوجهون بعض النصائح للوقاية وتجنب الجوع:

الجواب نعم، لكن لكل شيء جانب سلبي وآخر إيجابي، فالجوع يمنحنا المتعة عند تناول الطعام ويجعله أكثر شهية، فعندما نشعر بالجوع نكون أكثر قدرة على التركيز على ما نأكل، فالجوع يجعلك أكثر نشاطًا وحيويةً، لكن ربما ما يتبادر إلى ذهنك أن الجوع قد يؤدي إلى التعب وقلة الحركة والرجفان وغيرها، ولكن أثبتت الدراسات أن أسلافنا الذين كانوا يذهبون للصيد وجمع الطعام كانوا أكثر نشاطًا وحيويةً، فليس من المنطق أن يجعلهم الجوع يشعرون بالخمول وانقلاب المزاج.

كما أن الجوع مفيد للأمعاء فإذا كنت تأكل كل ساعتين خلال النهار وتتوقف عن الأكل في الليل فهذا يساعد الأمعاء على تأدية وظائفها وهي بأحسن حال، لذلك فإن الجوع له العديد من الفوائد لنا سواء على مستوى الأكل والاستمتاع به، أو على مستوى النشاط والحركة أو حتى على مستوى صحة الجسم.

في النهاية يجب أن نعرف مشاعر الجوع ونحددها ونفهمها لما لها من آثار سلبية، وألا نبالغ باتخاذ خيارات صحية للحفاظ على أوزاننا مما ينعكس سلبًا على صحتنا العقلية والنفسية، وتذكر تأثير الجوع على مشاعرك فإذا كنت تريد إرضاء صديق لاتنسى أن تستمتع بوجبتك قبل ذلك!