تريند 🔥

🤖 AI

القدرات اللغوية والمعرفية للأطفال .. ودورك “كأب أو أم” في تطويرها

القدرات اللغوية والمعرفية للأطفال.. ودورك "كأب أو أم" في تطويرها 1
أسامة فاروسي
أسامة فاروسي

6 د

يولد الأطفال وفي عقولهم تعطش شديد للتعلم، تعلم اللغات تحديداً، قد تظنهم صغاراً جداً ليقوموا بهذا العمل، لكنهم في الحقيقة يستمعون لكل صوت بإصغاء شديد حتى يتعلموه، وهم يتمتعون بقدرة على تعلم اللغات تفوق الأطفال في عمر السابعة وما بعدها، أو حتى تفوق قدرة البالغين بكثير!

ربما خاض جميعنا تجربة تعلم لغة جديدة وعانى من صعوباتها الكبيرة، لكنها – حسب ما ذكر الباحثون – ليست بتلك الصعوبة بالنسبة للأطفال!

القدرات اللغوية والمعرفية للأطفال

تتنوع الفترات التي تتطور فيها القدرات المعرفية للأطفال من طفل لآخر، لكن هناك خطوات عامة يمر بها كل منهم، حيث أظهرت الدراسات أن الأطفال في عمر الثلاثة أشهر أو ما دونها لا يفهمون العالم حولهم، ولا يميزون الناس، لذلك يمكنك أن تحمل الطفل دون أن ينزعج لأنه لا يميز بينك وبين غيرك.

بعد الشهر الثالث وحتى السادس، يتمكن الطفل من تمييز الأشياء وتصنيفها، فإذا عرضت عليه ست صور متتابعة لقطط مثلاً، ثم عرضت صورة لحيوان آخر، يمكنك أن تشاهد الإنفعال على وجهه.

ويمكنك ان تشاهد الإنفعال نفسه إذا وضعت مرآة بجانبه وأظهرت عليها بعضاً من تعابير وجهك، كما يتمكن الطفل في هذه المرحلة من أن يتذكر أن اللعبة التي في يده هي نفسها اللعبة التي استخدمها بالأمس، وسيستخدم فمه لإجراء تجاربه الخاصة عليها

بداية من الشهر السابع وحتى التاسع، يميز الطفل الغرباء تماماً، ويصبح حذراً في التعامل معهم على غير عادته، وهي المرحلة نفسها التي يبدأ فيها باتخاذ القرارات، كما يصبح قادراً على التفكير في خطة ما، ويمتلك مهارة تقليد الآخرين، فربما تجده يفعل شيئاً قمت به بجانبه بالأمس، ويستطيع أن يميز اسمه عند مناداته.

وهكذا حتى يتمكن أخيراً من الوصول إلى واحد من أعظم الإنجازات في حياته، سيبدأ بتركيب الجمل، بعد أن قضى حوالي السنتين في سماعك تتحدث، ربما أخذ بعض الكلمات من الناس حوله أثناء التسوق، ربما التقط بعضها من أصدقائك الذين يزورونك، ربما وربما…

في الحقيقة، لقد بدأت هذه العملية في تعلم اللغة بدءاً من الشهر السادس، ففي هذا العمر يستطيع الطفل أن يميز الأصوات التي تتألف منها اللغة التي يسمعها منك، ومن العجيب أن تعلم أن هذا الطفل الصغير يقوم بتصنيف الأصوات التي يسمعها، ويأخذ إحصائيات لأكثر الأصوات تكراراُ، ومن ثم يركز انتباهه عليها!

وبالتالي سيستجيب للأصوات التي تتألف منها لغته أكثر من غيرها، فمثلاً في اللغة السويدية هناك 18 حرفاً صوتياً، بينما في اليابانية يوجد 5 أحرف صوتية فقط، ولكن إذا سمع الطفل الذي يكون دون سن السابعة أحرفاً صوتية أكثر سيكون قادراً على استيعابها بفترة قليلة.

ففي تجربة أجريت على أطفال أمريكيين في سن التسعة أشهر، لوحظ بعد 12 جلسة دامت كل واحدة منها خمساً وعشرين دقيقة، على مدى أربعة أسابيع أن الأطفال الأمريكيون قد استجابوا للُغة الماندرين (إحدى أصناف اللغة الصينية التي لا تنتهي  بنفس الكفاءة التي استجاب لها الأطفال الصينيون الذين قضوا حوالي 9 أشهر من عمرهم يستمعون إليها من أبيهم وأمهم ومحيطهم الإجتماعي بكامله.

القدرات اللغوية والمعرفية للأطفال

هذه المرحلة العمرية من حياة الطفل قبل سن السابعة تتميز بنشاط دماغي كبير، ينحدر هذا النشاط مع التقدم بالعمر حتى يصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها الشخص تمييز اللغات الأخرى بسرعة إذا لم يخضع لنشاط تعليمي مكثف..

ومع ذلك سيبقى الطفل الصغير أقدر على تعلم اللغات بسرعة أكبر، بناءً على الإحصائيات العجيبة التي يأخذها في دماغه الصغير بسرعة خارقة.

وقد نال هذا اهتمام العلماء وانتباههم، فالناس الذين يتحدثون أكثر من لغة يحتفظون بإحصائيتين صوتيتين أو أكثر من ذلك، ويمكنهم التبديل بينها بناءً على لغة الشخص الذين يودون التحدث إليه.

لكننا عندما نتحدث طوال طفولتنا بنفس اللغة، هذا يعني أننا نستخدم الإحصائيات الصوتية ذاتها التي استخدمناها منذ ولادتنا، وهذا ما يسبب ضعف “المرونة” الدماغية  في التقاط الأصوات، أي أن الدماغ سيحتاج عندها لوقت أطول ليشكل المشابك بين الخلايا العصبية، بينما تتشكل هذه المشابك في دماغ الطفل بسرعة أكبر بكثير.

مارس التفكير النقدي.. وكوّن أفكارك الخاصة

القدرات اللغوية والمعرفية للأطفال

الخط البياني للانحدار التدريجي في القدرة على تعلم اللغات مع تقدم العمر

وفي تجربة تم إجراؤها على طفلة صغيرة تدعى (Emma) وهي في شهرها السادس، توضحت مناطق الدماغ التي تكون بحالة فعالية عند سماع الأصوات عند الأطفال، وتم ذلك في جهاز يدعى (Magnetoencephalography (MEG، وهو مجهز ببنية إلكترونية خاصة (السكويد) وهي فائقة التوصيل، ولها قدرة كبيرة على التقاط المجالات المغناطيسية الصغيرة جداً..

عندما وُضعت الطفلة في هذا الجهاز، ووُضع في أذنيها سماعات تنقل إليها أصواتاً من لغات مختلفة تتضمن لغتها، شوهدت مناطق الدماغ المتحفزة بشكل خاص عندما سمعت أصوات لغتها..

بينما شوهد نشاط في مناطق أخرى من الدماغ عند سماع أصوات من لغات أخرى، يعتقد أن هذه المناطق مسؤولة عن نسق السمع العام، وهذا يبين مفهوماً بسيطاً عن النشاط الذي يقوم به دماغ الأطفال أثناء الإحصائيات التي تحدث فيه.

القدرات اللغوية والمعرفية للأطفال

وبهذا نستطيع أن نعتبر الأطفال في سن ما دون السابعة عباقرة نابغين لا يمكن مجاراة قدراتهم في التعلم، إلا أن الممارسات الخاطئة من بعض الناس قد تحول دون ذلك.

فالتلفاز الذي يظنه الناس أداة تعليمية ممتازة ويمكن أن يفيد كثيراً في تعليم الاطفال لم يكن كذلك عندما أجريت التجارب على الأطفال عملياً، حيث لوحظ أن الحاصل اللغوي أو التعليمي الذي يحصل عليه الأطفال في سنواتهم الأولى هو حاصل معدوم!

لا يمكن أن تنفع الآلة الصماء في تعليم الأطفال أو تحسين مهاراتهم اللغوية حسب ما أثبتت التجارب، بل كانت الأصوات التي يسمعها الطفل من أهله ومحيطه الاجتماعي هي ما ينال اهتمامه ويثير فضوله للتعلم، وبدونها لن تكون النتيجة مقبولة أبداً.

لذلك تحدث إلى طفلك، ضع هاتفك “الذكي” جانباً، وانظر إلى حياتك الاجتماعية الحقيقية بدلاً من الواقع الافتراضي الموهوم الذي كونته لك التكنولوجيا، وإياك والتهاون في الحديث إلى طفلك، فأنت مصدره التعليمي الأول، وربما يقود الإهمال إلى مشاكل لغوية عند الطفل تحتاج أن تعالجها لدى الأطباء في حين كان الحل عندك.

ولا تكتفِ بالحديث بلغة الأطفال “كوتشي.. كوتشي..” 🙂 ، بل تأكد تماماً أن الكلمات ذات المعنى ستكون أكثر فائدة لطفلك، وأكثر تنمية لعقله.

لا بد أن أشير في الختام إلى قول شهير نعرفه جميعنا، وهو:

“العلم في الصغر، كالنقش على الحجر” فليستغل كل منا حداثة سنه وسن أطفاله بما هو مفيد، بدلاً من مواقع “التقاطع الاجتماعي”، ولنكن على يقين أن نتائجها ستكون سيئة بالنسبة لنا ولأطفالنا..

فعدم تعلم الأطفال من التلفاز يعني أن البالغين كذلك الأمر، لن يتعلموا من التلفاز، وتشارك التلفاز في ذلك الهواتف الذكية وإلى ما هنالك من تقنيات عديمة الجدوى، وقد صدق أينشتاين حين قال..


أخشى اليوم الذي ستتخطى فيه التكنولوجيا التواصل الإنساني، سينجب العالم عندها جيلاً من المغفلين

المصادر: 1،2،3،4

إقرأ أيضاً لأسامة فاروسي:

ذو صلة

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

جميل جدا

ممكن لو سمحت نصائح كيف ساعد اطفالي من المنزل تعلم الانكليزية..عمرون 3 سنوات وشهرين … اي سلسلة كتب او سي دي ممكن تساعدني اعلمنون من البيت… ولك جزيل الشكر

ممكن لو سمحت نصائح كيف ساعد اطفالي من المنزل تعلم الانكليزية..عمرون 3 سنوات وشهرين … اي سلسلة كتب او سي دي ممكن تساعدني اعلمنون من البيت… ولك جزيل الشكر

هذا حقيقي و واقعي ، لأني أذكر عندما التحقت بالجزائرو كنت أسكن في حي كل جيراني فيه أجانب و لا يتكلمون إلا الإنجليزية ، و كان ولداي الصغيران في سن خمس و أربع صنوات ، و لم يدركا من اللغة الإنجليزية إلا نو ليرفض الإستيلاء على لعبه ، و في خلال أقل من شهر فوجئت بهما و قد كونا أصدقاءا كثيرين و يتحاورن معا لإنجاز لعبة ما أو للتوجه إلى مكان ما ، فكيف أدركا تلك المهارات؟ لا أدري ، و لكنها المقدرة الكامنة لدى الأطفال لتعلم لغة أخرى بكل سهولة ، و الغريب أنهما بعد مغادرتهما للجزائر فقدا تماما تلك المهارة اللغوية المكتسبة ، لماذا؟ لعدم وجود تدريب و متابعة

مقال رائع بس حابة اعرف انو ازا انا ما بعرف لغة تانية وحابة انو الطفل يتعلم لغة تانية كيف الواحد رح يعلمو وشكرا كتير

كلام جميل والله أفادكم الله

منذ سنة وانا اعمل في تدريس اللغه الانجليزية للاطفال (من 3 – 6 سنوات) في تركيا ، وطريقة التدريس التي استعملها تعتمد على عدم الترجمة نهائياًَ ، يوماً بعد يوم اندهش من القدرة الرائعه والسرعه في التعلم. الاطفال دون سن السابعه لديهم قدرة رهيبة في تعلم لغة اجنبية ، فقط انت بحاجه للوقت وتعريضهم لهذه اللغة بشكل مدروس وبتسلسل منطقي ومحبب بالنسبة لهم ، والنتائج مدهشة. بينما اعاني كثيراً مع الاطفال الاكبر (من 7 – 12 سنة) ، يجب على جميع الآباء ملاحظة هذه النقطة المهمة في حياة اطفالهم ومحاولة تنمية هذه القدرة الآلهية والاستفادة منها . اعتذر على الإطالة

مقال أكثر من رائع، جزاك الله خيرا. استمر

ذو صلة