تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

أوليفر كرومويل .. القائد العسكري الجمهوري الذي هَزم المَلكيين في إنجلترا !

أوليفر كرومويل .. القائد العسكري الجمهوري الذي هَزم المَلكيين في إنجلترا ! 5
مي السيد
مي السيد

6 د

وُلد أوليفر كرومويل في الـ25 من أبريل في العام 1599 م، في كامبريدجشاير، المقاطعة البريطانية المعروفة تاريخياً باسم كامبريدج.  وُلِد لإليزابيث و روبرت كروميل؛ من عائلة من الطبقة النبيلة متوسطة الحال، حيث كانت ثروتهم في انحدار وَسط طبقة النُّبلاء.

تلقى تحصيله العلمي الأول في مدرسة “هانتينج دون” المجانية، ثم تعليمه الجامعي في كلية “سيسوك سيدني” في جامعة كامبريدج. كان أباً لثمانية أبناء، يتمتع بشخصية عطوفة رغم ما لاقته انجلترا في عهده من حروب ونزاعات مزقتها لسنوات.

كان لأسلوبه الديني المتحّول أثراً؛ حيث أدى إلى أسلوبه المتحفّظ و المُتَزمِّت الذي أصبح عقيدة أساسية من حياته وأفعاله.


الحرب الأهلية البريطانية

كان عضواً منتخباً في البرلمان في كامبريدج، وقاد البرلمانيين أو الجمهوريين في معارك الحرب الأهلية البريطانية؛ ضد الملك تشارلز الأول.


صورة تعبيرية عن الحرب الأهلية البريطانية

صورة تعبيرية عن الحرب الأهلية البريطانية

اندلعت الحرب الأهلية البريطانية؛ في إنجلترا بين عامي 1642 – 1651 م، بعدة معارك وقعت بين الملكيين أنصار الملك تشارلز الأول من جهة، و البرلمانيين الجمهوريين بمساعدة الإسكتلنديين بجِوارهم كحُلفاء، من جهة أخرى.

كانت معركة ” إيدج هيل”، التي نشبت وسط الحقول في أكتوبر من عام 1642 م، هي أول معركة حقيقية كُبرى في حرب أهلية، استمرّت 14 عاماً مزّقت الجُزر البريطانية.

صورة للملك تشارلز الأول

صورة للملك تشارلز الأول

كان سبب تلك الحرب؛ هو نشوء خلافات في أوسطات البرلمانيين حول مصير الملك تشارلز الأول، بين أن يُخلع، أو يوضع في مكانه، و لم يكن البرلمان هو القوة الوحيدة الموجودة؛ بل صاحبها الجيش أيضاً، الذي كان يُدرك تماماً أنه يمتلك القوة الكافية التي يستطيع التدخل بها؛ لو استدعى الأمر ذلك، فاختار كرومويل اللحظة المناسبة، و ألقى أنجح خطاباته، قائلاً :


حان الوقت الآن للكلام أو الصمت إلى الأبد؛ تأتي أهمية هذه المناسبة، من ضرورة إنقاذ البلاد من النّزف الذي كاد يؤدي إلى أوضاع مُميتة؛ كلّف الكثير من الأرواح والضحايا؛ كتلك التي تخوض المعارك خلف البحار في حروب من نوع آخر. أعضاء كِلا المجلسين؛ يتمتعون بمواقع قيادية هامة، و الأرواح بين أيديهم، وهم سيستمرون بتعزيز قيمهم الفردية، دون أن يسمحوا بإنهاء الحرب سريعاً؛ لأن ذلك سيُنهي قوتّهم معها.

أدى ذلك الخطاب، إلى تشكيل الجيش النظامي “البرلماني”، الذي فاز في الحرب كما توقع له كرومويل، وكان أصحاب الزّي الأحمر، هم الأداة الفعلية لانتصار البرلمان.

في العام 1645م، قامت معركة ” ناس بي – Naseby “، بقيادة اللورد ” فِيرْفَكْس “، إلاّ أن كرومويل، كان هو القائد الأبرز في تلك المعركة، و وقف على رأس الفرسان، و أثّر في كل القرارات. كان دائماً ما يبعث برسائله التي تَحمل طابع النصر الدائم بفضل جيشه النظامي، يقول في إحداها :


حين رأيت العدو يتحرك و يسير صفوفاً منظمة نحونا؛ و نحن فرقة من الجهلة الفقراء، ما كُنت إلاّ لابْتَسم مؤمناً بأن الله سينصرنا لامحالة، برغم الفارق لصالح الأعداء .. و قد نصرنا الله، لهذا؛ فإن هذا الرجل_نفسه_ ينفّذ مشيئة الله و سيُحقق العجائب لأبناء الإنسانية بمشيئته

انهزم الجيش الملكي في تلك المعركة. و بعدها؛ وقع الملك شارلز الأول أسيراً في أيدي البرلمانيين في العام 1647 م. و أخذ البرلمانيون في تصوير أنفسهم كـ” قديسين “، و الباقين مخطئين؛ فبدأ كرومويل بوضع بضعة حلول لقيادة الدولة..

عن طريق كتابة دستور و اتفاق ديني مُشتَرك مع الملك، لكن كل تلك المحاولات رُفضت؛ و شَعَر كرومويل بخيبة أملٍ كبيرة، بعد أن علم أن الملك كان يتفاوض معه بنية “سيئة”.

بدأ الملك تشارلز بعد ذلك في افتعال إنشقاقات داخل جيش “كرومويل النِّظامي”، بإقامة تحالُفَات مع أفراد الجيش الإسكتلندي؛ الذين وافقوا على القتال بجوار الملك، مُقابل إقامة المَذهب “المَشِيخَانِي” في إنجلترا.

كان تلك المحاولات لإعادة تشارلز للحكم مرة أخرى، سَبباً في اندلاع حربٍ أخرى؛ و هي”الحرب الأهلية البريطانية الثانية”، في العام 1648 م. حين تملّك كروميل الغضب، و حوّله لشخصية تثير الخوف والذعر، واضعاً لنفسه لقبٌ أسطوري سمّاه “جَدْعُون”.

فخرج كروميل الغاضب في معركة ” بيرستين “، للقضاء على الجيش الإسكتلندي؛ والملكي معاً، و كانت حرباً لم يحتملها.!

حَسم أوليفر كل تلك المؤامرات، و نتيجة لمركزه العسكري؛ سَمح له ذلك بالضغط على هيئة المحكمة، والقضاة، فأصدرت المحكمة حُكماً بالإعدام على الملك تشارلز الأول، و نُفِّذ بفصل رأسه عن جسده في “وايتهل” بالقرب من “وستمنستر” في العام 1649 م.

بعد إعدام الملك، لم يكن فخوراً بذلك العمل، و أثّر ذلك في قراراته التي كان يتردد و يأخذ وقتاً طويلاً جداً في اتخاذها. وهناك حادثة شهيرة، تقول بأنه وقف على كفن الملك بعد إعدامه؛ مردداً مقولته الشهيرة :


الضرورة القاسية؛ توحي بأنه رجل عميق جداً وحساس جداً


حياته السياسية بعد إعدام الملك تشارلز الأول

في العام 1649م، جرى انتخابه كأول رئيس للجنة الدولة التي اجتمعت لأول مرة، وبعد أن حقق طموحاته في قوة الشخصية و لهجته الخطابية، عَمِل على تشكيل مركز ثِقل له في إنجلترا، لكن أعاقته المُشكلات العسكرية التي عادت إليه مجدداً؛ بتعاطف دول ” أسكتلندا وأيرلندا ” مع القضية الملكية.

فقام بتجهيز جيشه لمعركة كُبرى سَحق فيها الملكيين و الإيرلنديين؛ المجتمعين في “دورجيدا” جنوبي أيرلندا. و تعامل معهم بعدوانية مُطلقة، حيث برر ذلك بأنهم من الديانة الكاثوليكية؛ التي تعتبرعدوّة للديانة البروتستانتية والمسيحية في إنجلترا آنذاك.

ارتكب الجيش البرلماني الإنجليزي مذبحة في البلدة؛ الذي رفض أهلها تسليم أنفسهم للجيش بقيادة كرومويل، و تلقّى الجيش أوامر مباشرة منه لقتل كل من يعارضهم. يقول أحدهم:


تلقّى رجالنا أوامر بالاقتصاص منهم_أهل البلدة_ بحد السيف، وهكذا في خِضَم المعركة، مَنَعْتُهم من إبقاء أي شخص مسلح في البلدة؛ و أعتقد أنهم قتلوا في تلك الليلة، نحو 2000 رجل

في وكسفور؛ ارتكب الجيش الإنجليزي مجزرة أخرى مشابهة للسابقة، قُتل فيها نحو ألفي جندي و مدني، و ارتبط اسم كرومويل بتلك الأعمال الوحشية التي حققت له نصراً!


وجود الملك تشارلز الثاني في اسكتلندا

صورة للملك تشارلز الثاني الذي أصبح ملك انجلترا فيما بعد

صورة للملك تشارلز الثاني الذي أصبح ملك إنجلترا فيما بعد

لم يَحْتمل كرومويل تَنْصيب الأُسكتلنديين للملك تشارلز الثاني ملكاً هناك، فعاد بعدة معارك لمحاربتهم، و تغلب على الجيوش الأسكتلندية في “جلبار” في الـ 3 من سبمتبر عام 1650 م. تلتها معركة آخرى، و كانت معركة “وورستر”، آخر معارك كروميل التي اندلعت في العام 1651م.

بعد تحقيق انتصاراته، أقال كرومويل جميع أعضاء البرلمان جميعاً في إنجلترا و سلمه إلى الجنود، و رفض تتويجه كملك أو تغيير لقبه “الحامي” الذي أطلقه على نفسه بعد ذلك؛ و بنظره يلخّص ذلك اللقب حُسن نواياه تجاه الشعب.


وفاته

تمثال لأوليفر كرومويل في انجلترا

تمثال لأوليفر كرومويل في إنجلترا

تُعد وفاة كرومويل غريبة نوعاً ما، حيث توفي في الـ 3 من سبتمبر من العام 1658 م، وهو نفس اليوم والشهر الذي حقق فيه انتصاراته في معركة “وورستر” آخر معاركه! وكانت وفاته نتيجة إصابته بحمى الملاريا، بعد أن عاش في مرضه شهراً كاملاً.

حسناً؛ يمكنك مشاهدة التاريخ الكامل لحياة كرومويل في هذا الوثائقي، الذي اقتبستُ منه لكتابه هذا المقال، تفاصيل مشاهد المعارك، وملامح الحياة في عهده.

فيديو يوتيوب

ذو صلة

أخيراً.. يمكن القول في نهاية الأمر، أن المعارك التي خاضتها أوروبا لأعوام كُثر؛ ربّما كانت لأسباب إصلاحية فعلياً، حيث يقول المؤرخون، أن أهم ما خرجت به إنجلترا بعد فترة قيادة كرومويل للبلاد، هو أنها لم تعتمد على حُكم كنسية أو معتقدٍ واحد فحسب.

لكن عامل ” الدين والسياسة ” الذي دائماً ما يُتّخَذْ كذريعة لتحقيق أهدافٍ ما، هو سلاح ذو عدة حدود؛ يتفنن في تمزيق الأمة الواحدة، كلٌّ حسب مذهبه أو معتقداته.. ما رأيك أنت ؟

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

الدين نظام متكامل ثابت اما الانسان تتحكم به آراء ومعتقدات سلبية بإيجابية تختلف من شخص إلى آخر لذا ف

الحل الاسلم لإدارة الدولة هو فصل الدين عن السياسة. لأن الدين مذاهب وآراء مختلفة لدى الناس وفي الحقيقة نحن البشر لا يمكننا تمثيل الدين على حقيقته

شكرا على المقال المميز

لكن عامل ” الدين والسياسة ” الذي دائماً ما يُتّخَذْ كذريعة لتحقيق أهدافٍ ما، هو سلاح ذو عدة حدود؛ يتفنن في تمزيق الأمة الواحدة، كلٌّ حسب مذهبه أو معتقداته.. ما رأيك أنت ؟

إذا أخذنا الأديان المحرفة أو التي وضعها البشر، نعم، دائما يتعارض الدين مع الدولة وماحدث في أوروبا في العصور المظلمة خير مثال
لكن الدين الإسلامي ليس مجرد ديانة وعبادات بل هي منهج حياة يتفق تماما مع مصالح الناس فلا يمكن لأمة أن تطبق الدين بشكل صحيح أن يتعارض مع السياسة أو مع المصالح الأخرى

اعشق التاريخ بجنون _ بجد شكرا مي 🙂

أظن أن سر تفوق بريطانيا هو شيئين:
1-العدالة حتى مع النخبة
2-التعاون مع الجميع وعدم استقصاء أحد

مقال رائع. .شكرا

العفو يا استاذي 🙂 🙂
في الحقيقة ، اتفق معك تماماً .. حتى أنا قعدت اسمع الوثائقي ده اكتر من مرة، آلة زمنية ترجع بنا للوراء وسط العوالم اللي وصفتها دي 🙂

العفو يا استاذي 🙂 🙂
في الحقيقة ، اتفق معك تماماً .. حتى أنا قعدت اسمع الوثائقي ده اكتر من مرة، آلة زمنية ترجع بنا للوراء وسط العوالم اللي وصفتها دي 🙂

مقال جميل جداً .. شكرا يامي ..

تجربة الحراك الديموقراطي فى بريطانيا هي الأعظم على الإطلاق .. وهي الأجمل ، والأكثر هدوءاً ، وتطورا .. ربما هذا الحراك المستمر هو ما جعل بريطانيا الدولة العظمــى على الإطلاق فى العصــور الأخيرة ، ومازالت حتى الآن الدولة القاطرة فى العالم الغربي ، رغم إنسحابها من المستعمرات ، وإنهاء حقبة التوسع الإمبراطوري..

مقال جميل ، ومليئ بروح النصف الثاني من القــرون الوسطى ، حيث الملوك الغاضبين ، والبرلمانيين ذوي الصوت العالي ، وامراء الاقاليم ، والدوقيـــات .. شكراً لكِ على هذه اللحظـات التاريخية الرائعة 🙂

ذو صلة