تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

لماذا نتّخذ بعض القرارات الخاطئة في حياتنا ؟

محمد شطيفة
محمد شطيفة

5 د

عندما يتوجب علينا اتخاذ قرار ما في حياتنا – كبيراً كان أم صغيراً – فبلا أدنى شك نحن نحاول اتخاذ الخيار الأفضل. لكن في بعض الأحيان، وعلى الرغم من حسن نوايانا، نتخذ بعض الخيارات السيئة.

إذا كان كل شيء في مساره الصحيح، فإن عملية صنع القرار تسير على النحو التالي: نحدد ما نريد تحقيقه من خلال اتخاذ ذلك القرار، ومن ثم الفائدة من اتخاذ ذلك القرار تحديداً. بعد ذلك، ننظر في خياراتنا المتاحة ونقرر الخيار الأفضل الذي يناسبنا.


ولكن لماذا تسوء الأمور أحياناً؟

الضغط الواقع علينا أثناء عملية اتخاذ القرار يمكن أن يكون سبباً للفشل. فالبشر عموماً حساسون للغاية بشأن القرارات التي يمكنهم أن يندموا على اتخاذها يوماً ما. هذا الخوف المتأصل من فعل الشيء الخاطئ يمكن أن يؤدي إلى ضغوط كبيرة والتي بإمكانها أن تؤثر على عملية صنع القرار – وذلك خوفاً من أن تتخذ خياراً تتمنى بعد ذلك لو أنك لم تتخده.

منطقة الحُصين - Hippocompus

منطقة الحُصين – Hippocompus

عندما نتخذ قرارات سيئة، فإن ذلك يؤثر على نشاط المخ في المستقبل، تحديداً في المنطقة الجبهية الأمامية الوسطي من الدماغ – القشرة المخية الأمامية والحُصيْن، وكذلك المناطق المسؤولة عن الانفعالات والذكريات المتعلقة بالعاطفة في الدماغ. القرارات التي تحتوي على مخاطرة عالية تزيد من نشاط تلك المناطق، وتكثّف الضغط النفسي وتعوق محاولاتك في التفكير السليم المنطقي لاتخاذ القرار الصائب. إليك هذا على سبيل المثال: من السهل أن تلعب لعبة ذات مخاطرة عالية كلعبة البوكر إذا كنت تتظاهر في قرارة نفسك بأنك تقامر على بعض أعواد الثقاب مثلاً، بدلا من أن تواجه نفسك بحقيقة أنك تقامر على مبلغ مليون دولار! الخيارات قليلة المخاطرة لا تقوم بتنبيه الدماغ بدرجة كبيرة كما هو الحال في الخيارات ذات المخاطرة العالية، ولذلك يصبح لاعب البوكر أكثر قدرة على التركيز واتخاذ القرار الأفضل.

الدماغ لا ينسى تلك الخيارات السيئة التي قمت باتخاذها بها في الماضي، باستثناء الخيارات قليلة الأهمية (مثلًا، خسارتك في لعبة على الإنترنت). إنه يقوم بحفظ الذكريات العاطفية والانفعالية من تلك التجارب ويستخدمها كمرجع له في اتخاذ القرارات المستقبلية. ولكن تلك الذكريات غالباً ما تؤدي إلى خلل في الحكم السليم. على سبيل المثال، تشير الدراسات إلى أن نهاية تجربةٍ ما تكُن أكثر تأثيراً على ذاكرتنا من التجربة نفسها بشكل عام. عندما سُئل البعض عن أي من تجارب حياتك ترغب في تكرارها ؟ اختار الخاضعون لتلك الدراسة تجربة طويلة ومزعجة حازت على نهاية ممتعة، عوضاً عن تجربة قصيرة مزعجة ولكنها لم تسر على نحو جيد إلى نهاية المطاف.

maxresdefault

ومن الشائع أيضاً اتخاذ بعض القرارت بناءً على تجربة قام بها أحد الأشخاص القريبين منك، فهذا يزيد من احتمالات صحة ذلك القرار – تحديداً – دوناً عن غيره من بقيّة الخيارات المتاحة. وكمثال على ذلك، تعلمون أن الغالبية العظمى من الناس ممن يلعبون اليانصيب يقومون برمي أموالهم بلا جدوى، ولكن إذا فاز صديقك ذات مرة بالجائزة الكبرى، ربما تزيد الاحتمالات بالنسبة إليك للعب اليانصيب على الرغم من أن احتمالات الفوز لا تزال فلكية.

تؤدي المعلومات الخاطئة بدورها لقرارات خاطئة كذلك. وقبل المقارنة بين الخيارات المتاحة أمامك، يجب عليك التأكد من تلك المعلومات التي سوف تتخذ قرارك بناءً عليها. وفي حالة ما إذا كنت تواجه الكثير من الخيارات، سوف يتسبب ذلك في سخونة الدماغ، وفقدان القدرة على تدقيق وتحليل المعلومات، وبالتالي غالباً ما يؤدي كل ذلك إلى سوء الاختيار.

وبالتأكيد، إن معرفة الأسباب التي تؤدي إلى اتخاذ القرارات الخاطئة، تساعدك على تجنبها، وتزيد من فرصك لاتخاذ القرار الصائب. ومن هنا، يمكن أن تتلخص أسباب اتخاذ القرار الخاطئ في الآتي :

# التوتر وضغوطات الحياة: بالطبع هم سبب رئيسي لاتخاذ أسوأ القرارت على الإطلاق؛ فضغوطات الحياة والعمل تدفعك للقبول بأول الخيارات المتاحة التي تدور في ذهنك آنذاك، بدون أدنى تفكير منطقي في الموقف، أو حتى في عواقب ذلك اتخاذ القرار نفسه.

# النفس الأمارةٌ بالسوء: اذا كنت على وشك اختيار قرار ما من بين بضعة خيارات متاحة، ولكن يميل هوى نفسك – نوعاً ما – إلى خيارٍ بعينه، فإنك تقوم بجمع المعلومات والحقائق التي تؤيد صحة اختيارك، بغض النظر عن بقية الخيارات، وسواء أكان ذلك الخيار مصيباً أم لا. فأنت تتمسك بالفكرة الأولى التي تتبادر إلى ذهنك حتى وإن كانت لا تتناسب مع الظروف. وغالباً ما يدفعك كل ذلك في النهاية إلى اتخاذ القرار الخاطئ.

# الخــوف: بسبب اتخاذ قرار خاطئ – أو عدة قرارات خاطئة – في الماضي، فهذا يزيد من اعتقادك بفشل قرارك الحالي أو حتى قراراتك المستقبلة، ويؤدي ذلك الخوف إلى اتخاذ القرار الخاطئ بالفعل. وكما يقول “فرانسيس بيكون” : لا شيء يخيف أكثر من الخوف نفسه !

# الغضــب: والذي جتماً ما يؤدي إلى التسرع في اتخاذ القرارات، وإصدار الأحكام بناءً على بعض الحقائق والتي عادةً ما تكون ليس لها علاقة بالموضوع نفسه.

# ضيق الأفق وعدم التفكير المنطقي: غالباً ما يؤدي اتخاذ القرارات بشكل متسرع وعاجل، وعدم الرغبة في البحث عن أفكار ومناهج أفضل بدلاً من تلك المستخدمة حاليا إلى سوء اتخاذ القرار، والذي تظهر عواقبه الوخيمة في المستقبل.

# المثـالية: غالباً ما تقتصر قراراتك على فترة معينة من الوقت، والسعي وراء المثالية يجعلك تبحث عن كل المعلومات المتعلقة بموضوعك، وفي كل المصادر المتاحة؛ لتضمن صحة اختيارك. بالتأكيد هو أمر جيّد؛ ولكن مع إهمال عنصر الوقت يزيد التوتر، وبالتالي يصبح قرارك بلا قيمة.

# الغوغائيـة: وكذلك خلط الأولويات، فعندما تشغل بالك بعدة أمور في آنٍ واحد، تصيبك حالة من التوتر والتشتيت الذهني، والذي ما يؤدي عادة إلى اتخاذ قرار غير موفق بالمرة. وكما يقول “بابيليلوس سيرس” : أن تفعل شيئين في نفس الوقت، يعني ألا تفعل كليهما.

ذو صلة


هل يمكنك مواجهة غرائزك الخاصة بك ؟ بالطبع، فقط إذا كنت قادراً اكتشاف تلك العيوب المرتبطة بعملية صنع القرار. ولكن أولاً، عليك أن تتخذ قراراً حاسماً من الآن لتبنِ على أساسه قراراتك المستقبلية القادمة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

بسبب اتخاذ قرار خاطئ – أو عدة قرارات خاطئة – في الماضي، فهذا يزيد من اعتقادك بفشل قرارك الحالي أو حتى قراراتك المستقبلة، ويؤدي ذلك الخوف إلى اتخاذ القرار الخاطئ بالفعل. وكما يقول “فرانسيس بيكون” : لا شيء يخيف أكثر من الخوف نفسه !

ذو صلة