تريند 🔥

🤖 AI

عن قصص نجاح الأوغاد، نتحدث

أبـو بكــر سليمـان
أبـو بكــر سليمـان

7 د

بالنسبة لانطباعاتي قديماً، كان الأوغاد لا يملون الوقوف كعقبات في طريق الناجحين، وفي النهاية فإن للطيبون الجائزة الكبرى. أما الشق الأول، فكلنا متأكدون منه، فالأوغاد حولك في كل مكان، يتربصون بك بعمد أو بدون، لكن الشق الثاني إكتشفته أخيراً. فمن قال أن قصص النجاح يصنعها طيبون دائماً، لما لا يقف الأوغاد ببساطة ضد أمثالهم.

نحن بصدد سرد ثلاث تجارب سينمائية، وأخترت أن تكون سينمائية لأن التجربة البصرية أفضل من تلك المقروءة، وكما أخترت أن تكون لكل تجربة علاقة بالواقع الحقيقي سواء بلمحة بسيطة أو بناء كامل عليه، ولا أود التنبيه إلى أنني هنا لا أرسخ لقاعدة أن قصص النجاح فقط لأولئك الأوغاد، ولكني فقط أود تسليط الضوء علي تلك النماذج، حتى إذا ما شاهدت وغداً ناجح في القريب، لا تعتبر أنه خرق للقاعدة، فالنجاح له أسبابه، من أتاها، أتاه النجاح.

أما بالنسبة للأفلام التي بنيت على قصص حقيقية، فبالتأكيد تحدث اختلافات كثيرة بين الواقع و السيناريو، ولكننا هنا سنتصرف كما لو أن الفيلم هو الحقيقة الكاملة بالنسبة لك.


 The Wolf Of Wall Street

1782018_10152095099907562_1908251714_n

في الفيلم الوثائقي الشهير Inside Job، والذي يحكي قصة الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 (التي أودت بعشرين ألف مليار دولار إلى الهاوية)، حمّل الفيلم مسئولية كبيرة لأولئك السماسرة المنتشرين كالسرطان بين أروقة المؤسسات المالية في “وول ستريت”، ووصفهم بالمقامرين الذين كانوا يعلمون تماماً أنهم يقودون بالجميع الى الهاوية، ولكن شهوة المال كانت أعظم.

الفيلم مأخوذ عن قصة السمسار الأمريكي الشهير “جوردن بلفورت” صاحب العملية الشهيرة (pump and dump – ضخ و فرغ) والتي أودت به – إلى جانب أمور أخرى – لحكم قضائي مدته ثلاث سنوات، لم يقضها كلها، ليخرج متحولاً إلى متحدث تحفيزي مشهور، أصدر مذكراته في جزأين، كان الأول هو ما اعتمده الفيلم كعنوان له.

دعونا من تطابق الأحداث، و لننظر لهذا الوغد الذي قرر مستلهماً من أحد السماسرة الكبار، أن اللعب بالأموال يجلب الكثير منها، ورغم أن أستاذه هذا لم يكمل الطريق، إلا أن صاحبنا نجح بالفعل في ذلك.

فقد كان وغداً بكل المقاييس، يصارع مجموعة كبيرة من الأوغاد حوله ليتمكن من توجيه ضرباته الإقتصادية بقوة، ولأنه كان يعلم أن الأوغاد حوله قد يغلبوه لكثرتهم، قرر أن يرتكب واحدة من أشد الأعمال وضاعة، و أقواها في سوق المال. حيث افتتح حظيرة لتربية الأوغاد أمثاله، الذين كان لا يبخل عليهم بأي علم لديه (وهذا العمل النبيل)، ليتمكنوا من خداع العملاء و الإستيلاء على أموالهم (وهذا العمل الحقير).

كان يعلّمهم كيف يصلون بأنفسهم إلى قمة الضغط ليتمكنوا من إتمام الصفقات، حتى إذا ما تمت، يبدأون في ممارسة ضغط من نوع آخر في المتعة و الملذات. الغريب هنا أن “بلفورت” أنكر كل تلك القصص عن الملذات التي كان موظفيه غارقون بها، ولكنه أعترف أن قصة الاحتفال الصاخب بحلق موظفة لشعرها لتحصل على مبلغ لإجراء جراحة تكبير ثدي، كانت صحيحة!!

كان أكثر ما يظهره الفيلم كيف كانت تجتمع صفات كالصداقة والوفاء وحبّ للآخرين، جنباً الى جنب، مع الخداع  والمقامرة والجشع. بالفعل هذا ما قد يحدث في عالمك، حيث أولئك ذوي البذات الذين لا تدري كم أرتكبوا ليصلوا إلى حوار تليفزيوني يزدهم تألق، وفي النهاية، كانت قصة عن أوغاد يحاولون إيقاف نجاح وغد آخر مثلهم. وأخيراً، وجب التنويه الى الإفراط في إباحية الفيلم في كثير من المشاهد، حتى انه حقق أعلى معدّل لورود لكلمة F**K في سيناريو فيلم سينمائي.


Whiplash

Whiplash-4

رغم أن المقطوعة التي ألفها “هانك ليفي” بعنوان Whiplash عام 1973 كانت رائعة بحق، إلا أن المخرج و المؤلف “داميان تشازل” أختارها للحديث عن قصة بسيطة بين مجموعة أوغاد، و لكن من نوع مختلف هذه المرة.

الفكرة عن شاب مهذب و خلوق، و مايسترو متعلم و متمرس. حتى الآن لا تجد شيئاً يدعو أي من الطرفين لأن يصبح وغداً. فالشاب التحق بالفعل بمعهد “شافير” الراقي للموسيقى، و المايسترو يقود فرقة لا تكف عن إحراز الجوائز، ولكن ماذا يمكن أن يقذف بك إلى أن تصير وغداً بحق، كما البحث عن الشهرة.

كان الشاب لا يكف عن التدريب بشكل مبالغ فيه. كان يحاول نيل أسباب النجاح بأي وسيلة، بأن يسهر الليال ويحمّل نفسه ما لا يطيق شخص آخر في سبيل أن تخرج دقات الطبول ممتازة. لكنه كان لا يبتغى النجاح إلا لأن يكون عظيماً و مشهوراً، وفي سبيل ذلك، كان انطوائيا، و حتى تلك الفتاة التي تقرّب منها، صدمها ذات لحظة بخوفه أنه حين سيصير مشهوراً فلن يجد الوقت لها، لذا عليهم الانفصال حالاً لأنها تقف في وجه عظمته المنشودة، وحتى رفقائه، كان لا يكتم كلمات التوبيخ في وجههم، أنهم لا يملكون قدر موهبته في العزف. لقد أوصله حبّه للشهرة أن يدهس الكثير مما حوله، بل على نفسه. لقد كان وغداً بامتياز، حتى لو ظهر لك منه طيب الخلق و التهذيب.

أما المايسترو، فكان ينشد الشهرة أيضاً، لكن عن طريق من حوله. فهو يقود مجموعة عازفين، عليهم أن يمنحوه الكمال الذي هو لربما لم يصل إليه. دائماً ما كان يتحدث عن فرقته، لا عن فرق جميع العازفين. حتى في حديثه، يتكلم عن أسوأ جمل الانجليزية، و هي “عمل رائع – Good Job” و – حسب رأيه – التي تُحمّس أنصاف المواهب على الوجود بيننا. بينما هو لا يريد سوي الأعمال الكاملة. كيف؟ هو لا يملك الإجابة، هو يريدها في من حوله.

كلاهما كان وغداً بامتياز، من أولئك من تستطع أن تقابلهم يومياً في حياتك، فنحن لا نتكلم عن الشهوانيين أو أصحاب الأخلاق السيئة، بل عن أوغاد من نوع آخر. النهاية كانت مركبة. فالمايسترو خسر كثيراً، و الشاب نال صفعة خارقة على وجهه. وكلاهما في النهاية نسى كل ذلك و أتحد مع الوغد الآخر، حين لاحت في الأفق مشارف عمل عظيم. أنصحكم بمشاهدة الفيلم، و قطرات الدم في نهاية الفيلم معبّرة للغاية، و أهنئ المخرج عليها.


The Social Network

The-Social-Network-Wallpapers8

يتناول الفيلم قصة وغد آخر، ولكن لن ينفك أن تُعجب به. الشاب الإنطوائي الذي يظن بنفسه دائماً أفضل ممن حوله، لن تنته مهمته حتى يثبت للجميع أنه كذلك بالفعل، ويضع على أول بطاقاته الشخصية، العبارة الشهيرة “أنا مدير تنفيذي أيتها الحقيرة“، ويقصد بها صديقته السابقة بالفعل، التي تبدأ أحداث الفيلم بكتابته لتدوينة عنها، هي في الأصل تدوينة حقيقة، و يمكنك الاطلاع عليها من هنا.

تتناول القصة كيف يمكن لقصة نجاح بنيت على مجموعة أوغاد، أن تأخذ شرعية كبرى بعد ذلك. لينسى الجميع أنهم يومياً يمتنّون لوغد أنه صنع منصة اجتماعية شهيرة. الغريب أنه رغم أن بطل القصة الحقيقي “مارك زوكربرج” قال أنه لن يشاهد الفيلم لأنه مدلس، إلا أن الكثير من أحداث الفيلم – ببساطة – حقيقة (حتى الجزء المتعلق بموقع Facemash) لأن أغلب القصة وصل الى قاعات المحاكم و تمت التسوية فيها.

الفتى الذي يصادف فكرة تُعجبه، و يظل يبلورها في عقله، حتى يقرر أنه لا بد أن يستحوذ عليها بالكامل ويتخلى عن أصحابها الأصليين. ثم يقرر أن يبحث عن مساعد يموله في البداية ليضمن نجاح الفكرة، ثم يقرر في النهاية أن يطيح به في لعبة “عقود” حقيرة جداً، وحين يتحقق حلم حياته و يشاركه قصة النجاح أحد رواد الأعمال الذين كان يتمنى اللقاء معهم و هو “شون باركر”، الذي أعاد هيكلة الفكرة لتصبح عالمية أكبر مما تصوّر “مارك” نفسه، فكان جزاؤه أنه تم إجباره على الإستقالة مع الإحتفاظ  بأسهمه، وكل ذلك في سبيل شيء واحد فقط، أن تظل تلك الفكرة العظيمة منسوبة لشخص واحد فقط.

إن النجاح المبني على شخص واحد، قصة قديمة تداعب خيال الجميع. ففي سبيل ذلك نود جميعاً لو أننا نستطيع صنع كل شئ بأنفسنا، وأما عن الشراكة، فذلك مفهوم نادر الوجود، والنتيجة في الغالب أنك إما ستنال فشل ذريع، أو ستنجح نجاح محدود، أو ستحقق المزيد من النجاح على أجساد كثيرون غيرك. في كل الأحوال، ستقودك القصة إلى خسارة عظيمة حتى لو نجحت. لكن ماذا عن الشراكة؟! أنا أراها الحلقة المفقودة في كل تلك القصص التي يحكوها لنا. فالمجهود هنا مضاعف، و الخسارة تتقسّم على كثير، فلا تصبح كبيرة كما لو كانت على فرد واحد.


إلعبها بنظافة

ذو صلة

في النهاية. كل تلك القصص وأكثر، عن أوغاد حولك، حققوا أسباب النجاح ولكنهم عانوا أكثر، أو اكتسبوا السمعة السيئة في النهاية. في المرة القادمة، لا تتوقف عن تعلم كل مسببات النجاح من أولئك الأوغاد أو غيرهم، ولكن حاول ألا تكون وغد آخر ينضم للقائمة دون أن تدري .. فببساطة، حاول أن تلعبها بنظافة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة