كيف شاركت أنامل النساء في صناعة التاريخ السينمائي؟

أحياناً يحلّ بالإنسان مداً هائلاً من الأفكار، تنكمش معه قدرة عقله الكبيرة على الاستيعاب، وفي أحيانٍ أخرى قد تضيق عليه جوانحه من كثرة المشاعر واضطراباتها، فيحتاج أن يُعمّر شاطئ جديد لترسو عليه أفكاره، وأن يسعى إلى خلق عالمٍ آخر يتسع لمشاعره وتناقضاتها مخلفاً عالماً فريداً يبوح بمكنونات أفكاره.

وهل يوجد سبيل أفضل من الكتابة لخلق هذا العالم؟! فالكتابة وُجدت للإنسان وبالإنسان، تحتوي ما فاض من مشاعره، ويبعث بها بنات أفكاره وما يجول بخاطره إلى الحياة. إذاً الكتابة هي المتنفّس الذي يستطيع الإنسان من خلاله تنفيذ حاجته لبث مشاعره وأفكاره.

ولا يمكن استثناء النساء من هذه الحاجة أو القاعدة، فهن يمثلن فصيل متميّز من البشر في حاجة للتعبير عن قناعاته وأيضاً في حاجة إلى إبراز تميّزه.

وهناك بعض من النساء استطعن الإرتقاء بالكتابة إلى مرحلة تُشكل فيها الكتابة المحور الرئيسي لحياتهن، إلى الحد الذي تصبح عنده الكتابة وسيلة ومهنة تعتاش منها، البعض يصل إلى هذه المرحلة بفضل أحياناً بفضل الموهبة وأحياناً بفضل الإجتهاد وأحياناً بفضل كليهما معاً.

وحيث أن الكتابة هي مرآة الإنسان، فالسينما أيضاً هي وسيلة دقيقة للتعبير عن حياة الإنسان وأفكاره، تختلف كلا الوسيلتين في طريقة التعبير عن الفكرة، فالكتابة هي جزء لا يتجزأ من الحالة السينمائية، وكيفما كانت المرأة عاملاً مهماً في الكتابة، فهي أيضاً جزءاً مهماً في الحالة السينمائية، على اختلاف الأدوار سواء في طور الإخراج أو التمثيل أو الطور الأهم في مرحلتنا هذه صديقي القارئ وهو طور التأليف.

يقف التاريخ خير شاهد على نجاح المرأة ككاتبة سيناريو أو كمؤلفة في كيفية بلورة أفكارهن وطابعهن المميز من خلال الكتابة على شاشة السينما، لذلك دعونا نستعرض أهم كاتبات السيناريو على مر التاريخ:

كاتبة صحفية وممثلة أمريكية، وهي أول إمرأة تفوز بجائزة الأوسكار حيث حصدتها مرتين ككاتبة سيناريو، المرة الأولى عن أفضل سيناريو مقتبس عن فيلمها “The Big House – 1930″، وحصدتها للمرة الثانية عن أفضل قصة عن فيلمها “The Champ – 1933”.

وقد كتبت “ماريون” للسينما خلال مشوارها أكثر من 100 فيلم.

من أشهر أفلامها:

The Big House – 1930

يُعدّ هذا الفيلم من أوائل الأفلام التي اتخذت من دراما السجون إطاراً لها، حيث يدور حول ما يلاقيه “كينت” في السجن بعد تورطه في دهس شخصين بسيارته. الفيلم من بطولة “تشيستر موريس” و”روبرت مونتجمري”.

The Champ – 1933

يدور حول “آندي” بطل العالم السابق في الملاكمة الذي يسعى للعودة مجدداً إلى الأضواء لتحسين حياة ابنه بعد أن تعرض لظروف صعبة بسبب إدمانه. الفيلم من بطولة “والاس بيري” و”جاكي كوبر”.

واحدة من اهم كاتبات السيناريو التي أكدت على أهمية ودور النص في الفيلم، حيث تميّزت بالدقة البالغة عند كتابة السيناريو، وكذلك بانسيابية خطوط القصة.

وتركت “جون” أكثر من 70 فيلم كإرث السينما الهوليوودية.

من أشهر أفلامها:

The Four Horsemen of the Apocalypse – 1921

مقتبس عن رواية للكاتب الإسباني “فيسينت إيباسكو” تحمل نفس الإسم، ويدور الفيلم حول رحلة شاب بعد إنضمامه إلى الجيش إبان الحرب العالمية الأولي. الفيلم من بطولة “رودلف فلانتينو” و”أليس تيري”.

Ben-Hur – 1926

يدور حول أمير يهودي تضطره الظروف إلى أن يصبح عبد. حاز الفيلم على 11 جائزة أوسكار، وهو من بطولة “رامون نوفارو” و”ماي ماكفوي”.

واحدة من أوائل النساء اللاتي احترفن مهنة الكتابة السينمائية في فترة السيتينيات، وقد تبناها المخرج الكبير “ألفريد هيتشكوك” في بداية مشوارها بعد قراءته لنص فيلمها “The Prime of Miss Jean Brodie” الذي أعجبه بشدة، فعرض عليها أن يعملا معاً في فيلمه “Marnie”.

نرشحت “جاي” لعدة جوائز أهمها الأوسكار والجولدن جلوب والبافتا، وفي عام 1982 حصدت جائزة Women in Film Crystal تقديراً لمجهوداتها في تطوير دور المرأة في السينما.

من أشهر أفلامها:

Cabaret – 1972

تجري أحداثه في برلين في فترة الثلاثينيات حول المغنية الأمريكية “سالي” التي تعمل في ملهى ليلي وعلاقتها بـ “براين” أستاذ الجامعة، ويبرز من خلال أحداث الفيلم الأبعاد السياسية والدينية في مدينة برلين في تلك الفترة. الفيلم من بطولة “ليزا مينلي” و”مايكل يورك”.

Prince of the City – 1981

يدور حول المحقق “دانييل” الذي يتعاون مع الإدارة الأمريكية للقضاء على الفساد المنتشر في دائرة شرطة نيويورك. الفيلم من بطولة :”تريت ويليامز” و”ريتشارد فورونجي”.

واحدة من المؤسسين لأكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة وهي الجهة المانحة لجائزة “الأوسكار”، وتعتبر “جيني” أصغر مخرجة في تاريخ السينما وذلك بعد إخراجها لفيلمها “The Tarantula”.

شكّلت “جيني” مع المخرج “سيسيل دي ميل” واحداً من أشهر وأنجح الثنائيات السينمائية حيث أبدعا معاً قرابة الثلاثين فيلم.

من أشهر أفلامها:

The Cheat – 1915

تدور القصة حول “إديث هاردي” زوجة سمسار البورصة التي تعشق المظاهر والأموال، فتسرف مبلغ كبير من المنظمة الخيرية التي تديرها فتتجه إلى الإستدانة حتى لا ينكشف أمرها. الفيلم من بطولة “فاني وورد” و”جاك دين”.

The Golden Chance – 1915

يدور حول حياة “ماري” وزوجها بعد أن يهدر زوجها أموالهم، ويتسبب في تدمير حياتهم حتى تقابل رجلاً أخراً ربما يمثل لها فرصة الحياة الثانية. الفيلم من بطولة “والاس ريد” و”كليو ريدجلي”.

تميّزت بظهورها الدائم بنظاراتها، إنها الكاتبة الإيطالية “لينا ويرتمولر”، التي تميّزت برسم لوحات تهكمية كوميدية حول الإختلاف بين الجنسين، وكذلك الخوض في قضايا سياسية وإجتماعية معاصرة.

لمعت في البداية كمخرجة بعد مساندة المخرج الكبير “فيدريكو فيلليني” لها في بداية مشوارها، فجعلها تعمل معه كمخرجة مساعدة في فيلمه الخالد 81/2، و بعد ذلك نجحت “لينا” في أن تمهد لنفسها طريق من النجاحات المتتالية من سلسلة أفلام من كتابتها وإخراجها.

من أشهر أفلامها:

Seduction of Mimi – 1972

يدور في إطار ساخر حول حالة النفاق التي تسيطر على التعامل بين الرجل والمرأة. الفيلم من بطولة “أجوستينا بيلي” و”إيلينا فيورا”.

Love and Anarchy – 1973

يدور حول “أنطونيو” الذي يعاني حالة من الإنقسام والتشتت بين اتجاهه السياسي وعاطفته تجاه محبوبته. الفيلم من بطولة  “ماريانجيلا ميلاتو” و”جيانكارلو جيانيني”.

واحدة من ألمع الكاتبات في مجال أفلام الرسوم المتحركة، حيث عملت في شركة “ديزني” منذ عام 1992، وألّفت العديد من القصص العالقة في ذهن الكبار قبل الصغار.

من أشهر أفلامها:

The Lion King – 1994

يأخدنا في رحلة إلى الغابة، حيث يعيش ملك الغابة “موفاسا” وابنه “سيمبا” وعلى الجانب الآخر “سكار” الذي يحاول الإستيلاء على الملك من أخوه “موفاسا”.

The Hunchback of Notre Dame – 1996

مقتبس عن رواية للكاتب الفرنسي “فيكتور هوجو” تحمل نفس الإسم، ويدور الفيلم حول “كوازيمودو” الذي يعيش منعزلاً في برج نوتردام خوفاً من مواجهة الناس بتشوهه الخلقي على الرغم من أنه يحمل في داخله قلباً طيباً.

كاتبة ومنتجة ومخرجة أسترالية، لمع نجمها على جميع الأصعدة الفنية سواء على الصعيد الإخراجي أو الكتابي، حيث ترشحت لجائزة الأوسكار كأفضل إخراج وأفضل سيناريو عن فيلم “The Piano”، وعلى مستوى الكتابة، تميّزت “جين” برسم شخصيات مفعمة بالحيوية والتمرّد، وتميزت أيضاً بأساليب سردية غاية في الذكاء والتفرد.

من أشهر أفلامها

The Piano – 1993

يدور حول “آدا” وهي إمرأة بكماء، ولكنها تستطيع التواصل مع العالم من خلال عشقها للبيانو حتى أنها تصبح عازفة محترفة، وتسير حياتها بنمط رتيب مع زوجها الإقطاعي حتى تلتقي بـ “جورج” فتتغير حياتها. الفيلم من بطولة “هارفي كيتل” و”سام نيل” و”هولي هانتر”.

Bright Star – 2009

يدور حول قصة الحب المشحونة بالدراما بين الشاعر “جون كيتس” وحبيبته “فاني براون”. الفيلم من بطولة “بين ويشاو” و”آبي كورنيش”.

من أنجح وأشهر كاتبات السيناريو في الآونة الأخيرة، وكذلك نجحت نجاحاً كبيراً على مستوى التمثيل حيث حازت على جائزتي أوسكار كانت أولهما في فئة أفضل ممثلة في دور رئيسي عن فيلم Howards End.

برزت موهبة “إيما” في كتابة الأفلام الرومانسية الكوميدية، وتميزت بإعطاء روح جديدة وباعثة في الروايات التي اقتبستها، حيث تخرج إلى المشاهد بدون أي إخلال بالرواية الأصلية.

من أشهر أفلامها:

Pride and Prejudice – 2005

يدور في إطار من الكوميديا والرومانسية حول عائلة “بينيت” والتغيير الذي يطرأ على العائلة وبناتها الجميلات عند وصول الشابين “دراسي” و”بينجلي”. الفيلم من بطولة “كيرا نايتلي” و”ماثيو ماكفدين” و”روزموند بيك”.

Sense and Sensibility – 1995

الفيلم مقتبس عن رواية للكاتبة “جين أوستن” تحمل نفس عنوان الفيلم، ويدور حول الصراعات التي يحدثها المال في مواجهته مع السعي لتحقيق الحب والرومانسية. الفيلم من بطولة “كيت وينسلت” و”آلان ريكمان”، وحازت “إيما” على جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو مقتبس.

نورا إيفرون واحدة من الكاتبات المخضرمات في عالم هوليوود، حيث تميّزت بخلق عالم كلاسيكي يجمع بين الكوميديا والرومانسية بأسلوب وحبكة سحرية لم يجدها أحد سوى “نورا ايفرون”.

ترشحت “نورا” ثلاث مرات للحصول على جائزة الأوسكار عن أفضل سيناريو، حيث ترشحت عن أفلام When Harry Met Sally, Silkwood, Sleepless in Seattle.

كما نالت نصيبها من الترشح للجوائز الأخرى مثل “البافتا” و”الجولدن جلوب”.

ويأتي على قائمة أهم أعمالها الكلاسيكية الرومانسية الرائعة أيضاً فيلم You’ve Got Mail.

من أشهر أفلامها:

Sleepless in Seattle – 1993

يُعتبر هذا الفيلم تجسيد ومحاكاة للحالة الرومانسية الخالصة التي تعيش بأفلام “إيفرون”، حيث يطرح أمامك أسئلة حول “توأم الروح”، هل هو حقيقي أم هي خيالات رومانسية. الفيلم من بطولة “ميج رايان” و”توم هانكس”.

When Harry Met Sally – 1989

يتخذ الفيلم من الأسطورة الكلاسيكية التي تفيد أن أولئك الذي يكرهون بعضهم هم دائماً الأقرب إلى الوقوع في حب بعضهم. الفيلم من بطولة “ميج رايان” و”بيلي كريستال”.

هي الإمتداد الأنثوي لعائلة “كوبولا”، فوالدها هو المخرج والكاتب الكبير “فرانسيس فورد كوبولا” مبدع أفلام The Godfather.

تتميز “صوفيا” بخلقها لطريق جديد لنفسها، يميزها عن عائلتها، حيث أبدعت أفلام تختلف شكلاً وموضوعاً عن الأفلام التي أنتجتها عائلتها.

تميّزت أفلام “صوفيا” بطابع الإبحار في عالم الوحدة والعزلة، وحصدت جائزة الأوسكار كأفضل سيناريو عن فيلمها Lost in Translation.

لمعت “صوفيا” أيضاً في مجال الإخراج حيث تلقت عدة ترشيحات لجوائز مهمة منها جائزة “الأوسكار”.

من أفضل أفلامها: 

Lost in Translation – 2003

يدور حول “بوب هاريس” الممثل الذي خفت نجمه ويعاني من صعوبات في التأقلم مع حياته الجديدة في اليابان حتى يقابل الجميلة “تشارلوت” التي تعاني حالة من الوحدة بالرغم من تواجدها مع زوجها. الفيلم من بطولة “بيل موراي” و”سكارليت جوهانسون”.

The Virgin Suicides – 1999

يحكي عن حالة الوحدة والإنعزال التي تعيشها خمسة شقيقات جميلات نتيجة للقوانين الصارمة التي يفرضها والديهم. الفيلم من بطولة “كريستن دانست” و”جيمس وودز”.

أبدع هذا الثنائي النسائي تحفة العقد الماضي والتي تعد تحولاً في عالم الخيال والفانتازيا بشكل خاص، ومنظور جديد للسينما بشكل عام، وهي بالطبع سلسلة The Lord of the Rings بأجزائها الثلاثة التي تدور أحداثها في الأرض الوسطى والصراع بين الممالك وقوى الشر مع الخير، المقتبسة عن رواية الكاتب الشهير جي. آر. آر. تولكين.

ثم يعود الثنائي مرة أخرى إلى إبداع عالم جديد وهو عالم The Hobbit بأجزائه الثلاثة التي تحكي عن عالم ما قبل  The Lord of the Rings، وحصد الثنائي جائزة الأوسكار عن أفضل سيناريو مقتبس عن فيلمهما The Return of the King الجزء الثالث والأخير من السلسلة الأولى.

كما توغلت الكتابة في عوالم إنسانية مختلفة، تمكنت العديد من النساء من تطويع الكتابة والسينما لصناعة وإبداع عوالم مختلفة، مهما تباعدت طبيعتها إلا أنها لا تزال تُعبّر عن جانب وفكر وتميّز إنساني.