عقول اصطناعيّة خالدة في ذاكرة السينما

مقال بواسطة ياسين أحمد سعيد

لو أردنا الرجوع لأول من نطق اللفظة المعاصرة (روبوت)، فهو التشيكي كارل كيبيك في مسرحية (R.U.R – 1921) التي تدور أحداثها عن آليين من لحم اصطناعي تستخدمهم أحد المصانع كعمالة رخيصة، ويتميزون عن الآليين الذين نعرفهم بأنهم يملكون درجة عالية من المشاعر، أي يشعرون ويحلمون ويغضبون ..إلخ.

تناولت السينما على مدار تاريخها العشرات من شخصية الآلي، لعل من أبرزها الشكل الطفولي البريء، من (رجل القصدير) الذي يسير في رحلة بحث أسطورية عن ساحر أوز، كي يمنحه قلبًا يستطيع به أن يحب، وخلال الرحلة يتضح أنه يبكي ويتأثر لأقل سبب، أي لم يكن بحاجة إلى الرحلة أو ساحر أوز من الأساس وصولاً إلى Wall-e الآلي الذي اقتصر عمله على إعمار وتنظيف الأرض بعد أن هجر البشر الأرض.

وهناك الإنساني الناضج مثل رائعة ستيفن سيلبرج A.I، والذى برع فيه الممثل جود لو بالتحديد وهو يقوم بشخصية جيغولو جو في فيلم تحدث عن الرجال الآليين وماذا يمكن أن يحدث لهم اذا اكتسبوا الشيء الذي يسمونه “الإحساس”.

ويتصاعد الحسّ الإنساني في فيلم Her، فنرى العالم الوحيد يتعلق بصوت دافئ أنثوي، وتتطور الحبكة لتتضح أمامنا قصة حب نادرة بين إنسان وحاسبه.

لدينا أيضًا الشخصيات الطيبة مثل (أوبتيموس برايم) في سلسلة أفلام Transformers الذي يساعد البشر في أحد الأجزاء على القضاء على نظيره (سينتينال برايم) الذي يعتبرونه أينشتاين الآلات، ولم يضع له هدف سوى القضاء على الأرض.

أما عن الشخصيات الشريرة، فلا يوجد أشهر من (هال)، الكمبيوتر الذي يقود السفينة الأم في الرواية الخالدة 2001: A Space Odyssey، يكاد يمثل هال المادة الخام للتفكير المنطقي، ومن قالبه خرجت العديد من الشخصيات القاتمة المماثلة لاحقًا.

يليه في القائمة الكاتب الذي أخد العلماء قوانين الآليين عن قصصه، لعلكم جميعًا عرفتموه، إنه المعجزة إسحاق إزيموف.

تبدأ الكاميرا أول مشاهد الفيلم مع مشهد لوحة رخامية سطرت عليها قوانين آزيموف الثلاثة:

تنبّأ أزيموف بهذه القوانين في مجموعته القصصية الضخمة I, Robot، للتحوّل أحد قصص المجموعة إلى ذاك الفيلم الشهير من بطولة ويل سميث، يؤدى النجم دور شُرطي كاره للآليين، يحقق في جريمة قتل، والمشتبه فيه رجل آلي.

ثلاثية أخرى تتحدث عن المستقبل البعيد، عندما تسيطر الآلات على العالم، وكاد أن يتسبب لها الأمر تمامًا، لولا مقاومة شرسة من القائد (جون كونر) ورجاله.

فأرسلت الروبوتات قاتل آلى كلنا نحفظ نظراته النارية إلى الآن، وصارت عبارته hasta la vista baby  أيقونة محفورة في الذاكرة.

ونعني بالتأكيد عمدة كالفورنيا (آرنولد شوارزنجر)، في أحد أروع أدواره.

أهدانا الكاتب إيزاك أزيموف – مرة أخرى – أحد أروع قصصه، التي حملت اسم (رجل المائتي عامًا)، والتي تحولت لاحقًا إلى فيلم لا يقل روعة، قام ببطولته (روبين وليامز).

تطرّق الفيلم إلى قصة آلي يرغب في الحصول على حريته، فصعّد قضيته إلى المحاكم، مما جعل الرأي العام يشتعل أمام هذه السابقة الفريدة. أخيرًا، تحددت الجلسة، ووقف الآلي أمام القاضي، الذى سأله:

كانت هذه العبارة هي ما جعلت القاضي يصدر حكمه:

فلم تكن هذه نهاية القصة، بل البداية.

من قصص الآليين الكاملين، ننتقل للحديث عن أنصاف الآليين، فيروي فيلم The Six Million Dollar Man قصة شرطي تهشّم جسده بالإصابات كما فقد إحدى عينيه، مما اضطرهم إلى رتق جسده بأعضاء آلية.

لم ينتظر العلماء عقودًا كثيرة حتى أصبحت هذه التقنية حقيقة، وتمكّن العلماء من تركيب ذراع لسيدة تعاني شللًا، تستطيع تحريكه بمجرد التفكير، بنفس قدرة رجل الستة ملايين دولار مع بعض الاختلافات، وهى أن العلماء يرغبون في استخدام التقنية اللاسلكية بدلًا من الاضطرار لوصلة بين رأس المريض والطرف الصناعي.

فيلم آخر يحكي قصة مشروع بناء طائرة عسكرية ذكية بدون طيار، لها وعيها الخاص للتحكّم بأسلحتها ومناوراتها ودقة تنفيذها للأوامر، ويصل الفيلم لنقطة الإثارة عند دخول تلك الطائرة على الإنترنت، وتدفق المعلومات اللانهائية لها مما يحولها لآلة عدائية جداً قد تخالف الأوامر أيضاً إذا لم تعجبها.

لكن في نهاية الفيلم يعطي لنا الكاتب بصيص الأمل أو الناحية الإيجابية الأخرى عندما تعود تلك الطائرة لرشدها وتتعلم من بعض المواقف الإنسانية للبطل الطيار عند محاولته إنقاذ زميلته.

فهل من لديه القدرة على الاختيار بين الخير والشر، سيكون لديه القدرة على فهم النفس والمشاعر الإنسانية؟