أنمي Arslan Senki .. صناعة البطل والأسطورة

حينما نتحدّث عن انمي Arslan Senki .. فنحن بصدد مزيج مذهل من الفانتازيا والمغامرات والأكشن ودراما الحروب، عن قصة الأمير الصغير، الوقائع التي واجهها والأيام التي لاقاها فصنعت منه ما هو أكثر من بطل، فكانت المغامرة التي سنتذكرها دائماً كأسطورة قلما جاد الخيال والفكر بمثلها.

وقبل أن نشرع في التفاصيل يجب أن أذكر أن الأنمي من إخراج نوريوكي أبيه مخرج Bleach وYuu Yuu Hakusho، وهو مقتبس عن مانجا بنفس العنوان للمبدعة هيرومو أراكاوا صاحبة Fullmetal Alchemist، والمانجا مقتبسة بدورها عن رواية يابانية بنفس الاسم أيضاً.

تدور الأحداث في مكانٍ يشبه كثيراً الشرق الأوسط في عصوره الذهبية ويتعرّض لما يشبه الحملات الصليبية، هذا أول ما تباغتنا به القصة.. الحروب المستعرة بين مملكة بارس وهي مملكة مزدهرة متحضرة من جهة وبين لوستانيا وهي مملكة همجية متخلفة من جهة أخرى.

تميل هذه الحروب دائماً لكفة بارس بقوتها الهائلة لكن ذلك يتغيّر بغتةً بسبب غرور الملك أندراغوراس وعدم تبصره للعواقب وبسبب استخدام اللوستانيين للسحر الأسود، ثم ننتقل للصغير أرسلان وهو شاهدٌ على وقائع هذه النكسة، شاهدٌ على مرارة الهزيمة وانتشار الفوضى وسفك الدماء على أيدي اللوستانيين.

ينجو أرسلان وقائده المخلص داريون من تلك المعركة الأخيرة، ثم يشرعان مع صديقهما العبقري الاستراتيجي نارسوس وآخرين في جمع الجيوش من مدن المملكة النائية وبدأ حروب الاسترداد.

قصة رائعة محملة بسحر الماضي وعبق التاريخ، معارك أسطورية محبوكة بعناية فائقة ولا يقتصر الأمر على الأكشن والقتالات الرهيبة فحسب فصراعات العقول حاضرة دائماً حتى أن الجانب الاستراتيجي قد يطغى على الصدامات المسلحة في بعض الأحيان.

والقصة من حيث هي عمل حربي فلا غبار عليها إطلاقاً ويا ليتها اكتفت بذلك، لكن المؤلف أراد لقصته أبعاداً أكثر وحاول إدخال عنصري الكوميديا والرومانسية إليها فلم يحالفه أدنى توفيق حتى أنك ستتسائل في بعض الأحيان وفوق رأسك جميع علامات الاستهجان، أمن المفترض أن أضحك؟! هل يجب أن أتأثر؟!!

لدينا هنا شخصيات رائعة تكشف كل حلقة عن المزيد والمزيد من جوانبها الإنسانية ومواهبها الفذة، داريون لا ينفك كل حلقة يبهرنا بمهاراته الحربية وقدراته العسكرية الاستثنائية وعمق صداقته بالأمير وإخلاصه الصادق له، ونارسوس العبقري الاستراتيجي والسياسي البارع وفوق ذلك فهو فارس أصيل وفنان أيضاً.

أما أرسلان فله شأن وحده فمن أمير صغير يكاد يكون أخرقاً إلا أنه قام في النهاية بدوره كملك كامل ورغم انشغاله بتحرير مملكته فقد أحسن إدارة شؤونها الخارجية وإصلاح أوضاعها الاجتماعية وتنظيم الأمور بين أمرائها وقادة مقاطعاتها.. وغير ذلك من مهام القائد الكفؤ.

أما بعض الشخصيات الثانوية التي استخدمها المؤلف لتوظيف عنصري الكوميديا والرومانسية فقد كان يمكن الاستغناء عنهم بسهولة، رغم أن بعضهم كان يؤدي دوراً محورياً في الحرب لكن كان هناك من ينوب عنه.

كان العمل على وشك أن يحقق واحدة من أفضل التجارب البصرية التي يمكن أن نشاهدها يوماً لولا بعض البلاهة التي كانت تصيب رسم الشخصيات فجأة لا أدري لماذا، والهبوط المفاجئ بمستوى الرسوميات عموماً للمستوى المتوسط في أحيانٍ قليلة، فيما عدا الهبوط المؤقت في المستوى فقد كانت كل لقطة عبارة عن لوحة فنية قائمة بذاتها، رسم غاية الروعة والجمال وخلفيات ثرية ثراءً يضاهي الواقع، جرافيك مذهل بكل المقاييس، تصميمات خرافية للقلاع والقصور باستخدام الـ CG، وفوق كل ذلك الإخراج الإبداعي الدقيق للمعارك.

تصميم الشخصيات من أروع ما يكون حتى أنك بالتأكيد ستبحث عن صور وخلفيات للأبطال لضمها إلى مجموعتك، وأيضاً يشبه كثيراً تصميم الشخصيات في Fullmetal Alchemist لدرجة أنك مثلاً قد تخطئ في التفريق بين إدوارد وأرسلان لولا الشعر الفضي للأخير، لكن لا داعي لسوء الظن فكلا العملان يعتمدان على مانجا لنفس الفنان.

إن كنت من محبي الدراما الحربية المستوحاة من القرون الوسطى، وفي الواقع لا أظن أن هناك أحد لا يحب هذه النوعية من الأعمال سواءً في الأنمي أو غيره، فأمامك انمي Arslan Senki .. ملحمة أسطورية لا ينبغي أن تفوتك.