جلد مقاوم للرصاص … ليس خيالاً علمياً فقد فعلها أحدهم 🤯
6 د
هالك، سوبرمان، ثور وآيرونمان عدا عن كونهم أبطالاً خارقين ما الذي يجمع بينهم غير الأفلام الناجحة والبدلات الجذابة؟ جلد مقاوم للرصاص!
يمشون داخل وابلٍ من الرصاص لتجد الرصاص يقع خائباً على أعتاب هالاتهم الخارقة. هل فكرت يوماً ماذا لو امتلكت أنت أيضاً جلداً مقاوماً للرصاص؟ هل كنت لتعمل ضمن سلك الشرطة أو السلك العسكري مجابهاً الأعداء بصدرك العاري لتصبح أسطورةً تتردد على كل لسان، يتخذك الأطفال قدوةً ويعلّقون صورك على جدران غرفهم ويمثلون بطولاتك راغبين كلُّهم في أن يلعبوا دورك؟ حسناً، إن كنت راغباً حقّاً فالأمر لم يعد حكراً على الأبطال الخارقين أو أنّه قاب قوسين أو أدنى.
جلد مقاوم للرصاص : هل الأمر حكرٌ على أفلام الأبطال الخارقة؟
علمياً، هل يمكن الحصول على جلد مقاوم للرصاص؟
لا أعني بسؤالي هذا أشياء مشابهة للستر الواقية من الرصاص، لكن جلداً كالجلد البشري قادراً على النمو وتجديد خلاياه دون أن يعجز عن القيام بالوظائف الأخرى للجلد. في الحقيقة، نعم، يمكن الحصول على جلدٍ مقاومٍ للرصاص. كلُّ ما عليك القيام به هو الإتيان بحفنةِ حرير من خيوط العناكب ومزجها مع الخلايا البشرية وستحصل على جلدك المقاوم للرصاص. ليس في الأمر شيءٌ من الشعوذة أو طقوس السحر بل هو تجربة علمية أثبتت نجاحها.
ابتكر فريقٌ ألماني قطعة من الجلد المضاد للرصاص من حرير العنكبوت وخلايا جلد الإنسان، ووجد أنها تستطيع بالفعل صد الرصاص طالما أنّ الرصاص لا ينطلق بسرعته المعتادة.
كيف لشبكة العنكبوت على رقة خيوطها أن تتمكن من التصدي لرصاصة؟
في الواقع، الخيوط الحريرية التي يقوم العنكبوت بنسجها أقوى مما تبدو عليه، بل إنّها أقوى أنواع الخيوط التي عرفها الإنسان، فضلاً عن مرونتها العالية التي يمكن أن تكسب الجلد المصنّع مرونة الجلد المعتادة. هذه الخصائص ألهمت العالم البيولوجي راندولف لويس (Randolph V. Lewis) في جامعة يوتاه في الولايات المتحدة، ففكر في إمكانية استخدامها لتعويض غضاريف جسم الإنسان في حالة تلفها، خاصةً وأن هذه الخيوط ماهي إلا مواد بروتينية لكنّها أقوى من الكفلار.
لما كان الحصول على الكميات المطلوبة من هذه الخيوط يحتاج تربية الملايين من العناكب ودفعها وتحفيزها على إنتاج المزيد من الخيوط بشكلٍ مستمر، الأمر الذي بدا مستحيلاً، لجأ لويس إلى الهندسة الوراثية مستخدماً تقنية كريسبر، فأخذ الموّرث المسؤول عن تكوين بروتينات الخيوط ونقله الى جينات الماعز المسؤولة عن تكوين الحليب، فأصبح للماعز القدرة على إنتاج نفس بروتينات خيوط العنكبوت بكمياتٍ كبيرة عن طريق الحليب. الحصول على هذه البروتينات وتحويلها الى خيوط لم يتطلب إلا التخلص من دهون الحليب.
الخيال لم يعد خيالاً وأصبح الجلد المقاوم للرصاص حقيقةً ملموسة
أول من لاحظ قوة الخيوط الحريرية التي ينتجها العنكبوت هو راندولف لويس وقام باستخلاص البروتين المسؤول عن متانتها من حليب الماعز ويبدو أن هذه الحقيقة ألهمت فنانةً هولندية الجنسية، تدعى جليلة السعيدي، فحاولت الربط بين الفن والعلوم، بالتعاون مع اتحاد الجينوم الجنائي الهولندي (FGCN)، طورت الفنانة مادةً أقوى من الفولاذ، قادرةً على صد رصاصة متحركة، أطلق عليها اسم الجلد المضاد للرصاص. أظهر الجلد المضاد للرصاص تفوّقه على جلد الإنسان الطبيعي من خلال إيقاف رصاصة أطلقت بسرعةٍ منخفضة. لكنه لم يفلح بمقاومة رصاصة أطلقت بالسرعة العادية من بندقية من عيار 22، وهي معيار الحماية للسترة المضادة للرصاص من النوع الأول.
لا يزال مثل هذا الجلد بعيداً عن توفير حماية فعلية للبشر، لكنه يعطي لمحةً عما قد يتوقعه جنود المستقبل أو الأبطال الخارقون المحتملون.
لنفترض أنهم قاموا بتحسين التكنولوجيا واستبدلت بشرتك العادية بالجلد المضاد للرصاص ما الذي سيختلف؟
سماكة البشرة
قد لا تشعر بسماكة أكبر من بشرتك العادية وذلك لأن حرير العنكبوت أرق 1000 مرة من خصلة شعر الإنسان، وعندما تتحد خلاياها مع خلايانا البشرية، سيكون الجلد الجديد مثل جلدك المعتاد إلا أنّه سيسلك سلوكًا مختلفًا. ربما لن يعود من الضروري أن تراقب السكين عند تقطيعك الخضار، ماذا عن الحقن الوريدية؟ هل يبقون في الجلد ثقوباً نستطيع من خلالها تمرير الحقن واللقاحات؟ أو ربما سحّابات، من يدري؟
حصانة ضد الرصاص
بن تكون أجسادنا عرضة لاختراق الرصاص. إذا كان لدى كل البشر هذا النوع من الجلد، هذا من شأنه أن يمنع الآلاف إن لم يكن الملايين، من الوفيات في جميع أنحاء العالم. إذا أصبح هذا النوع من الجلد تعديلاً وراثياً طبيعياً، على الأرجح سيعطى للأثرياء وأصحاب السلطة أولاً لإبقائهم في مأمن من محاولات الاغتيال. لا بأس في ذلك، فهذا كفيلٌ بأن يخلصنا من قطع مواكبهم للطرقات وعمليات التفتيش في الأماكن التي يتواجدون بها وذلك الصوت المزعج لأجهزة اكتشاف الأسلحة كلما نسينا قطعاً معدنية في جيوبنا.
الاقتصاد
سيكون ضباط الجيش والشرطة على القائمة بعد الملوك الأمراء، السياسيين والأثرياء في الحصول على جلد مقاوم للرصاص . مع جلدهم الجديد، لن يعودوا بحاجة إلى ارتداء درعٍ مضاد للرصاص أو معدات واقية. سيوفر هذا ملايين الدولارات وسيجعلهم أكثر رشاقةً في ساحة المعركة. يمكن لهذا تقليل الإصابات والوفيات بين الجنود بشكلٍ كبير، لكنّه سيتسبب في إغلاق الكثير من المصانع وفقدان الكثير من الحرّاس الشخصيين أعمالهم.
الألم
قد تصبح البشرة مقاومة للرصاص، لكنّها لن تكون مثالية. بالتأكيد، ستكون بشرتك غير قابلة للاختراق، لكنك ستظل تشعر بتأثير الرصاصة. الإصابة برصاصة من شأنها في أحسن الأحوال أن تشعرك بالألم ولو كانت لن تودي بحياتك. هل تساءلت يوماً لماذا يفقد أبطال الأفلام وعيهم عندما تصيبهم الرصاصات علماً أنّها لم تخترقهم؟ إنّه الألم يا صديقي وللأسف بشرتك الجميلة لن تحميك منه ويمكن لتلك اللكمة الناتجة عن إصابتك بالرصاص، إن جاز التعبير، أن تكسر عظامك بسهولة. لذا لا تظن خطأً أنك ستصبح البطل الخارق بامتلاكك لجلدٍ جديد.
العنف والحرب
هل تختفي هاتان الكلمتان القبيحتان من قواميسنا؟ لم أستطع تمالك نفسي ومنعها من الضحك بسخرية عند طرحي لهذا السؤال. ربما قد يتصدى الجلد للرصاص لكنّه لن يحسّن الوضع. في الواقع، قد يزيده سوءاً، فبدلاً من إطلاق النار، ستصبح الهجمات بالقنابل الخيار الرائج أو أنّ المصانع ستصنع بنادق أكثر قوةً لتكون أكثر فتكاً. يمكنهم تطوير أسلحة قوية بما يكفي لاختراق الجلد المضاد للرصاص، لم يعجزوا سابقاً عن اختراعاتٍ أكثر شراً وفتكاً فهل يعجزون أمام خيوط العنكبوت؟!
جلد مقاوم للرصاص ، نعم لم يعد الأمر يبدو مستحيلاً، أليس كذلك؟ قد لا يستطيع هذا الاختراع أن ينهي حروب العالم لكن سيكون من الجميل ألا تقفز مذعوراً عندما تلمح طفلك الرضيع يحمل كأساً من الزجاج أو سكيناً حادة، ومن الجميل حقّاً أن لا يملأ قطك كفيك بالندوب، قد يكون يوماً عصيباً بالنسبة له.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.