توصل باحثون في النرويج إلى أن الكتابة باليد قد تحسن التعلم والذاكرة بشكل أكبر من الكتابة على الحاسوب

كشفت دراسة نُشرت يوم الجمعة في مجلة "Frontiers in Psychology" أن الكتابة على الحاسوب قد تكون أسرع من الكتابة باليد، ولكنها أقل تحفيزاً للدماغ، وذلك بعد تسجيل نشاط الدماغ لدى 36 طالبًا جامعيًا، حيث توصل باحثون في جامعة العلوم والتكنولوجيا النرويجية إلى أن الكتابة باليد قد تعزز التعلم والذاكرة.

في بداية التجربة، طُلب من الطلاب كتابة كلمات باستخدام قلم رقمي على شاشة لمس، أو كتابتها باستخدام لوحة مفاتيح. وعندما ظهرت كلمة مثل "غابة" أو "قنفذ" على الشاشة أمامهم، كان على طلاب 25 ثانية لكتابتها بشكل متكرر.

في الوقت نفسه، قام غطاء الاستشعار المثبت على رؤوسهم بقياس موجات أدمغتهم. وكشفت الدراسة أن كتابة اليد تتطلب تواصلاً بين المناطق البصرية والحسية والحركية في الدماغ. حيث كان على الأشخاص الذين كتبوا بواسطة القلم الرقمي أن يتخيلوا الحروف، ثم يستخدموا مهاراتهم الحركية الدقيقة للتحكم في حركتهم أثناء الكتابة.

وفي هذا السياق، قالت البروفيسورة أودري فان دير مير، المشاركة الدراسة وأستاذة علم الأعصاب العقلي في الجامعة: "اكتشفنا أن الكتابة باليد تفعل تقريباً كل الدماغ بالمقارنة مع الكتابة على الحاسوب، التي لا تنشط الدماغ تقريبًا بنفس الطريقة. فالدماغ لا يتحدى كثيرًا عندما يضغط على مفاتيح لوحة المفاتيح بدلاً من تشكيل تلك الحروف باليد."

وأوضحت فان دير مير: "عندما تضطر لتشكيل الحروف باليد، سيكون 'أ' يبدو مختلف تمامًا عن 'ب' ويتطلب نمط حركي مختلفًا تمامًا".  وفي المقابل، عند الكتابة على الحاسوب، تبدو المفاتيح معظمها متشابهة، بغض النظر عن الحرف. ونتيجة لذلك، وجدت الدراسة أن الكتابة على الحاسوب تتطلب نشاطًا أقل في المناطق البصرية والحركية في الدماغ.

وقالت فان دير مير:"نظرًا لأن أجزاءً صغيرة فقط من الدماغ نشطة أثناء الكتابة على لوحة المفاتيح، لا داعي للدماغ للتواصل بين مناطق مختلفة".

وكانت أبحاث فان دير مير السابقة في مجال الأطفال والشباب تشير بالمثل إلى أن أدمغة الأشخاص تظل نشطة أكثر أثناء الكتابة باليد من خلال الكتابة على الحاسوب. كما أشارت دراسة عام 2017 من جامعة إنديانا أيضًا إلى أن الكتابة باليد يمكن أن تربط بين المهارات البصرية والحركية، مما قد يساعد الأطفال على التعرف بشكل أفضل على الحروف.

ولكن حتى الآن، هناك أدلة متباينة حول ما إذا كان أخذ كتابة ملاحظات على الورق مقارنة بالكمبيوتر يمكن أن يساعد الناس على تذكر وفهم المعلومات بشكل أفضل في الفصول الدراسية أو ترفع أدائهم في الاختبارات.

في الولايات المتحدة، تطلب المعايير الأكاديمية المشتركة، التي اعتمدتها معظم الولايات، من الأطفال تعلم الكتابة باليد في الروضة والصف الأول. كما تحدد معايير الكتابة على لوحة المفاتيح للصفوف الرابعة والخامسة والسادسة.

قال مورغان بوليكوف، أستاذ في كلية التربية في جامعة سك روسييه للتربية: "الأطفال يتعلمون حاليًا الكتابة باليد. سيظلون يتعلمونها دائمًا. أما مدى استخدامهم الفعلي للكتابة باليد فسيكون مزيجًا من تفضيلاتهم الشخصية وتوقعات الفصول الدراسية التي يتواجدون فيها".

وأضاف: "الكتابة باليد قد تكون أكثر فائدة لبعض الأطفال من الآخرين. ربما يواجه بعض الأطفال مشاكل في المهارات الحركية الدقيقة، لذلك ستكون الكتابة باليد تحديًا بالنسبة لهم." ومن ناحية أخرى، "هناك بعض الأدلة تشير إلى أن الكتابة باليد، وخاصة الكتابة اليدوية المتصلة، تعمل بشكل جيد خاصة بالنسبة للطلاب الذين يعانون من عسر القراءة."

وقد شهدت الولايات المتحدة بعض الضغوط السياسية لاشتراط استخدام الحروف المتصلة في المدارس. على سبيل المثال، أصدرت ولاية كاليفورنيا قانونا في العام الماضي يلزم معلمي المدارس العامة بإعطاء بعض التعليمات المكتوبة بخط متصل من الصف الأول حتى الصف السادس. قدر بوليكوف أن ما يقرب من 20 ولاية لديها ولاية لديها بعض متطلبات الكتابة بالخط الرَسْمِي أو الحروف اليدوية المتصلة.

لكن العلماء لا يعرفون ما إذا كانت الكتابة المتصلة توفر أي فوائد معرفية إضافية. وقال بوليكوف إن بعض الناس يدعمون تدريس الحروف المتصلة ببساطة لأن الوثائق التاريخية كتبت بهذه الطريقة، حيث يقوم الناس تقليديًا بتوقيع أسمائهم بالأحرف المتصلة أو لمجرد "أنها فن جميل يحتضر".

من ناحية أخرى، قالت فان دير مير إنها غالبًا ما "تُتهم بالرغبة في العودة إلى العصر الحجري" من خلال دعوة الطلاب إلى الكتابة باليد في المدارس. وقالت إن الكتابة اليدوية يجب أن يكون لها مكان في الفصل الدراسي.

وأوضحت فان دير مير أن الكتابة باستخدام الكمبيوتر مهمة أيضًا، قائلة: "نحن نعيش في عالم رقمي والعالم الرقمي موجود ليبقى. إذا كان عليك كتابة مقال طويل أو نص طويل، فمن الواضح أنه من الأفضل استخدام الكمبيوتر".