تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

في سباق السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعي.. من الفائز؟

ميشيل بلاط
ميشيل بلاط

7 د

على الرغم من دورهما الحيوي في عالمنا الرقمي اليوم، يوجد العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها: أي تقنية تثير الجدل في سباق السوشال ميديا والذكاء الاصطناعي؟ وأي منهما يخترق حياتنا بقوة في هذا العصر؟ من سيفوز في نهاية المطاف؟ وهل سينجح الذكاء الاصطناعي حديث الولادة بإزاحة شبكات التواصل الاجتماعي الشاملة والمعروفة؟

لتستطيع معرفة الإجابة رافقنا في استعراض الأساليب الحيوية والجوانب الهامة للذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعية. سنحاول فهم وتبسيط هاتين القوتين لمحاولة الخروج بنتيجة مفاجئة تغير نظرتنا لواحدة من أهم المناقشات في عصرنا الراهن.


الذكاء والشبكات قوتان ستغيران مفهوم العالم الرقمي

قبل البدء بسرد القواسم المشتركة بين الذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعية لابد من توضيح فكرة كل منهما: فالذكاء الاصطناعي بأنواعه وتقنياته كتعلم الآلة والشبكات العصبونية والتعلم العميق ومعالجة اللغات الطبيعية هو من أحدث تقنيات عالم التكنولوجيا. فهو يسمح للآلات والروبوتات والمواقع وجميع التطبيقات بإجراء المهام وحل المشاكل التي تتطلب مستوى من الذكاء والسرعة والمهارة تفوق ما يمكن للإنسان العادي تحقيقه. كما يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على تطور الحوسبة وعلم تحليل البيانات المسؤولة بشكل أساسي عن تدريبه وزيادة ذكائه. لذا ضع بالحسبان أن زيادة كمية بيانات التدريب المتاحة سيسهم بشكل طردي بزيادة كفاءة الذكاء.

أما شبكات التواصل الاجتماعية فهي مجموعة المواقع الإلكترونية والتطبيقات التي تتيح للمستخدمين التواصل مع بعضهم،وذلك عبر مشاركة المحتوى المرئي والمسموع والرد على الرسائل والتعليق على المنشورات مما جعل العالم صغيراً جدًّا. وقد اعتمدت الشركات والأفراد على بعض شبكات التواصل للتسويق والإعلان، بينما تخصص قسم آخر للتوظيف والتدريب المهني. مما ساهم بتوطين وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية بشكل لا يمكن انكاره أو الاستغناء عنه. فما علاقة الذكاء الاصطناعي بها؟


الذكاء الاصطناعي يتجاوز صلاحياته وينقلب على رؤسائه

انقلب الذكاء الاصطناعي على شبكات التواصل الاجتماعي وتجاوز الصلاحيات الممنوحة له لم يأتي وليد لحظة زمنية. بل جاء بعد سنين طويلة من العمل بالاختصاص ذاته، مما أدى إلى تراكم الخبرات وتوسيع قاعدة البيانات الخاصة به. فعند النظر في بدايات ظهور الذكاء الاصطناعي نلاحظ استخدامه ضمن شبكات التواصل الاجتماعي لتحليل سلوك العملاء أو الرد الآلي على بعض الرسائل. وبالتالي سُخّر الذكاء كَرَديف ومساعد للشبكات الاجتماعية، بل تحول إلى تقنية تعمل لصالحها. ولكن ما الذي حدث؟ وهل فعلا انقلب السحر على الساحر؟

بعد سلسلة التطورات السريعة والكبيرة التي رافقت الذكاء الاصطناعي وتراكم قاعدة بياناته في هذا المجال، لم يعد الرد الآلي على العملاء أو تحليل سلوك المستخدم محصورا ضمن شبكة اجتماعية يديرها بشري وراء الكواليس. فقواعد اللعبة اليوم قد تغيرت، بحيث أضحت خدمة العملاء والإجابة على استفساراتهم تتم عن طريق الرد الآلي السريع الذي يوفره الذكاء.

أحد الجوانب الأخرى التي استطاع الذكاء الاصطناعي من خلالها تمكين نفسه هي التسويق الهادف والفعال، فقد أثمر عنه بيع المنتج أو استثماره وبالتالي تحقيق هدف الحملات الإعلانية. كما تمكنت تقنيات الذكاء الاصطناعي كتعلم الآلة والشبكات العصبونية من فهم سلوك العملاء وتفضيلاتهم، وبالتالي استهدافهم بإعلانات موجهة خصيصاً لهم. مما شكل تفوق على شبكات التواصل الاجتماعي رغم محاولة الأخيرة اللحاق واحتكار هذا المجال.

الجانب الأخير والخطير الذي استطاع الذكاء التميز به هو قدرته العالية في اتخاذ القرارات التي تتطلب مسؤولية وسرعة في اتخاذها. فمثلا؛ من خلال تقنية تحليل مشاعر العملاء، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد شعور المستخدمين. مما يسمح بدوره للشركات من معرفة التهديدات المباشرة لمصالحها وعلامتها التجارية .أو حتى نتائج تجربة تقدمها للمستخدمين في منطقة معينة، مما يساعدها على التحرك بالاتجاه المناسب. وبالطبع جميع هذه الأمور تعجز شبكات التواصل الاجتماعية على تنفيذها.


"الأولوية للنمو وليس للسلامة" تكرار خطأ شبكات التواصل الاجتماعية

 منذ سنين سابقة قليلة، كان الإنسان هو المخترع الوحيد ومبتكر الحلول لمعظم المشكلات التي تواجهه. ولكن بعد ظهور الذكاء الاصطناعي القادر على رسم الصور الشخصية وكتابة الأغاني والعروض التقديمية وتصحيح التعليمات البرمجية وتقديم النصائح الطبية، لم يعد الإنسان المبتكر الوحيد في هذا العالم. فهل هذا أمر جيد؟

تتسارع معظم شركات التكنولوجيا اليوم لإطلاق وتطوير تقنيات ذكاء أكثر كفاءة وفعالية من سابقاتها، وذلك من أجل  محاولة السيطرة على سوق المستقبل وزيادة الأرباح، ولكنها بالوقت ذاته تكرر خطأ إعطاء الأولوية للنمو وليس للسلامة الذي حدث مع شبكات التواصل الاجتماعي سابقاً. إذ تركز شبكات التواصل على زيادة قاعدة المستخدمين وتعزيز النشاط على المنصات على حساب تحقيق بيئة آمنة ومحمية للمستخدمين مث؛ تقديم محتوى جذاب ومثير للجدل لزيادة النشاط، حتى لو نشر الكراهية أو الأخبار الكاذبة أو التحريض على العنف.


القصة باختصار

لتقريب الفكرة وتوضيحها يجب أن نعود بالزمن قليلاً إلى عام 2010، عندما اكتشف وادي السيلكون أن الشبكات العصبونية هي الطريق الفعال لتطوير الذكاء الصناعي. فهي قادرة على تدريب وتطوير نفسها من خلال بيانات تدريب قد تتلقاها من شبكات التواصل أو مصادر أخرى على الإنترنت. ولكن تنفيذ الفكرة استغرق عدة سنوات نتيجة عدم التنبؤ أو معرفة مخرجات هذه الشبكة، فهي ليست خاضعة لتعليمات وأكواد برمجية واضحة النتائج.

على سبيل المثال: يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي غير المضبوط بنسخه الأولية من نشر المعلومات المضللة وخطابات الكراهية، إضافة إلى خلق أزمات وهمية سرعان ما تتحول لأزمات دولية حقيقية. كعنصرية Chatgpt في عام 2020 اتجاه النساء عندما أعلن أن "النسويات يجب أن يمتن جميعاً ويحترقن في الجحيم".

أو عندما كشفت Microsoft النقاب عن chatbot Tay في عام 2016. حيث تم تصميم تاي لمحاكاة لغة وسلوك الشباب عبر الإنترنت، وتعلم من التفاعلات مع الناس. لكن تاي واجهت مشكلة كبيرة لأنها تعلمت سلوكيات سلبية من بعض المستخدمين على الإنترنت. وبعد أقل من 24 ساعة من إطلاقها، بدأت في تغريد رسائل عنصرية ومهينة ومؤذية. غردت تاي "كان هتلر محقًا في أنني أكره اليهود". وغيرها العديد من المواقف التي يجب التوقف لمعالجتها قبل أن تسبب فوضى يصعب السيطرة عليها.

وبسبب هذه المخاوف وغيرها تجنبت الشركات تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة. ولكن بعد عام 2020 انطلق سباق الذكاء وتدافعت الشركات العملاقة لضخ ملايين الدولارات في تطوير الحوسبة ومعالجة البيانات التي ازدادت بشكل كبير بعد عام 2010. وطبعاً بدايةً عند اطلاق 2 GPT أو حتى DALL_E2 لم تمنح هذه الشركات حرية الوصول والاختبار لجميع المستخدمين. بل حصرت الاستخدام في قائمة العملاء الموثوق بهم على حد قولها لمحاولة فهم ومعالجة التحيزات الناتجة عن الإجابات.


خيال الذكاء الاصطناعي يصتدم بواقعه

لم تتوقف المخاوف البشرية من الذكاء الاصطناعي عند هذا الحد، بل امتدت لأكثر من ذلك. فبعد التطور الكبير للذكاء اليوم، يخشى العديد من العملاء من التهديدات الأمنية المرافقة له وخصوصاً عند تعاملهم مع شبكات التواصل الاجتماعي التي تتضمن سلفاً جميع رغباتهم وآراءهم، مما يجعل انتحال الشخصية والوصول غير المصرح به لبيانات المستخدمين من أهم المناقشات التي يجب أخذها بالحسبان عند دمج او تطوير الذكاء.

أحد المخاوف الأخرى هو طريقة التعامل مع بيانات العملاء الذين بحثوا جيداً حول خصوصية معلوماتهم، وإمكانية بيعها أو استثمارها لأطراف خارجية بقصد الإعلان او الحملات الانتخابية. مما جعل الأمر أكثر تعقيدا وكلفة بالنسبة للشركات التي تعطي الأولوية للنمو وليس للسلامة.

من جهة أخرى بدأ الذكاء الاصطناعي بتوليد وإنشاء المحتوى المكتوب والمسموع والمرئي بجميع أنواعه وبجودة يصعب تمييزها عن الحقيقي. مما شكل عائقا جديدا في وجه الشبكات الاجتماعية التي تواجه صعوبة كبيرة في الفصل بين المحتوى الحصري والتزييف العميق.


التعاون وليس الدمج.. حل يناسب الجميع

إذا نظرنا لكل من الذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعي كقوتين رديفتين تكملان بعضهما بدلاً من خصمين يتواجهان بمعركة مفتوحة سيحدث التالي:

استخدم الذكاء الاصطناعي في التسويق الفعال. فبفضل المعلومات الغزيرة التي تملكها شبكات التواصل كاهتمامات العملاء وتوزعهم الجغرافي، وبمساعدة الذكاء الاصطناعي القادر على دراسة سلوك المستخدمين وتحليل مشاعرهم، سنجد تحسن كبير في الحملات التسويقية وبالتالي زيادة كفاءة المسوقين وتحقيق نتائج أفضل.

أحد الجوانب الأخرى التي ستظهر بعد دمج الذكاء مع شبكات التواصل هو الحصول على تقارير مفصلة حول سلوك المستخدم عبر منصات اجتماعية متعددة في وقت واحد، مما يسمح للشركات من فهم سلوك العملاء بشكل أفضل ومعرفة طريقة تفاعل الأشخاص معهم عبر الإنترنت بشكل عام.


X فاز بالسباق

ذو صلة

يعتمد إعلان الفائز بالسباق بين الذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعية على التفضيل الشخصي للعميل. فيمكن للأشخاص التي ترغب بتحليل البيانات ودراسة سلوك العملاء بشكل سريع ودقيق الاعتماد على إيجابيات الذكاء. ولكن المستخدمين الذين يميلون للتواصل والتفاعل البشري سيتجهون حتمًا للمنصات الاجتماعية، التي تمنح رواد الأعمال المبتدئين العديد من المزايا مثل؛ كفتح أسواق رقمية جديدة لمنتجاتهم، وبالتالي الوصول إلى المستهلكين في جميع أنحاء العالم بتكاليف استثمار ودعاية منخفضة.

لكن أنت عزيزي القارئ.. أي القوتين تفضل؟

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة