صعود وسقوط WeWork.. من التقييم بـ47 مليار دولار إلى حافة الإفلاس!
— نمو هائل وسريع ثم فشل وسقوط أسرع
من خلال تلك العبارة يمكننا تلخيص قصة شركة "wework" العقارية، والتي بعد 4 أعوام فقط من تأسيسها تخطت قيمتها المليار دولار، وقام أحد أكبر البنوك أيضًا بالاستثمار بها، ومن ثم وصل تقييمها إلى 47 مليار دولار، وذلك بعد 9 سنوات فقط من تأسيسها. لكن الغريب أن هذا النمو المذهل لم يدم طويلًا، وانقلب هذا النجاح سريعًا وأصبحت الشركة مهددة بالإفلاس. فكيف بلغت تلك الشركة الذروة؟ وكيف تراجعت؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا.
من هي شركة wework؟
تعود فكرة شركة WeWork إلى الرئيس التنفيذي السابق آدم نيومان. فعندما انتقل آدم إلى نيويورك بعد فترة قضاها في البحرية الإسرائيلية سرعان ما بدأ بعدد من الشركات، بما في ذلك خط ملابس للأطفال الرضع يسمى "Krawlers". وأثناء إدارته لشركة Krawlers، التقى بشريكه المستقبلي، المهندس المعماري ميغيل ماكيلفي.
بعد أن أدرك الثنائي أن المبنى الذي كانا يعملان فيه كان شاغرًا جزئيًا، خطرت لهما فكرة إنشاء مساحة عمل مشتركة تستهدف رواد الأعمال الطموحين. وبعد مفاوضات ناجحة مع مالك العقار، قاما بافتتاح "Green Desk" في عام 2008. وكان من المقرر أن يكون هذا تجسيدًا مبكرًا لما كان من المقرر أن يصبح WeWork.
على الرغم من أن تركيز Green Desk كان على الاستدامة، إلا أنه أثناء إدارة مساحة العمل المشترك، رأى نيومان لأول مرة إمكانية بناء فكرة "المجتمع" باعتباره الهدف الرئيسي لمساحة العمل المشترك. وفي عام 2010 تأسست شركة WeWork بهدف أساسي هو توفير مساحات عمل مشتركة تلبي احتياجات العاملين لحسابهم الخاص والشركات الناشئة والشركات التي تسعى إلى حلول مكتبية مرنة.
وقد أعرب نيومان لاحقًا عن أن الهدف الأساسي لـ WeWork هو جمع الناس معًا. وتحدث عن الطاقة الموجودة في مساحة العمل والتي يعتقد أنها تلهم الناس على العمل بجدية أكبر والاستمتاع بذلك.
كيف بلغت شركة wework الذروة؟
كان نموذج أعمال شركة WeWork يعتمد على استئجار المساحات من المطورين على المدى الطويل، وتجديد الممتلكات وتقسيمها، ومن ثم تأجيرها لعملاء على المدى القصير. وقد أثبتت الشركة الناشئة شعبيتها الكبيرة في ظل الركود الاقتصادي، وتضاعف حجمها في غضون عام واحد، وافتتحت أربعة مواقع جديدة بين عامي 2010 و2012.
سرعان ما لفتت شركة WeWork انتباه شركة Benchmark، وهي شركة رأسمالية استثمارية كانت قد قدمت في وقت مبكر الاستثمارات في الشركات العملاقة مثل تويتر وأوبر. ساعدت الشركة في تحقيق نمو سريع لـ WeWork، حيث قادت جولة تمويل بقيمة 17 مليون دولار. وفي عام 2014 تجاوزت قيمة WeWork مليار دولار، وحصلت على مكانة "يونيكورن". وبحلول عام 2015، بلغت قيمة الشركة 10 مليارات دولار، مع 32 موقعًا، بما في ذلك لندن.
استمرت WeWork في الازدهار وفي جذب المستثمرين حتى قامت مجموعة SoftBank عملاق الاستثمار التكنولوجي في عام 2017، بأول استثمار لها بقيمة 18.5 مليار دولار في الشركة.
بعد ذلك بعامين، وصلت قيمة WeWork إلى ذروة تقييم بلغت 47 مليار دولار مع استمرار استثمارات SoftBank، وذلك على الرغم من الخسائر الحادة والمستمرة - وهو عدم التطابق الذي أثار تساؤلات متكررة فيما بعد. وقد حاول نيومان معالجة هذا اللغز، حيث قال لمجلة فوربس في عام 2017: "إن تقييمنا وحجمنا اليوم يعتمدان بشكل أكبر على طاقتنا وروحانيتنا أكثر من اعتمادهما على مضاعفات الإيرادات".
خلال عام 2019، قدمت WeWork أوراقها للبورصة من أجل الاكتتاب العام، وكانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
لماذا تراجعت WeWork؟
عندما أعلنت الشركة أنها ستقدم طلبًا للاكتتاب العام. كانت هذه هي الفرصة الأولى للجمهور لإلقاء نظرة على أداء WeWork، وقد كشفت عن خسائر تقارب 700 مليون دولار في الأشهر الستة الأولى من عام 2019.
كما أثار التدقيق المكثف الذي أججه الاكتتاب العام الوشيك عدة أسئلة للشركة. وشملت هذه المخاوف بشأن أسلوب قيادة نيومان، والإنفاق المفرط، وتضارب المصالح، ومن ضمن المخالفات التي قام بها نيومان أنه باع اسم "we" للشركة، باعتباره من ابتكاره، وذلك مقابل 6 ملايين دولار، كما أنه اشترى طائرة خاصة على نفقة الشركة لكي يتنقل بها في سفرياته، بمبلغ وصل إلى 60 مليون دولار.
بعد كشف ذلك، تم إقالة نيومان وتأخير الاكتتاب العام. وفي أكتوبر 2019، استحوذت مجموعة SoftBank على 80% من الشركة بتمويل إضافي قدره 5 مليارات دولار. وبعد شهر، قامت شركة WeWork بتسريح 2400 موظف، أي ما يقرب من خمس قوتها العاملة.
وفي عام 2020 تم تعيين المخضرم العقاري سانديب ماثراني رئيسًا تنفيذيًا، حيث تم تكليفه بمهمة تغيير الشركة من خلال التخلص من التكاليف المتكررة وإعادة هيكلة ديونها. وفي العام نفسه، أجبرت جائحة كوفيد-19 على التحول بشكل كبير إلى العمل عن بعد، مما تسبب في انخفاض الطلب على المساحات المكتبية.واجه نموذج أعمال WeWork، الذي يركز على المساحات المادية المشتركة، تحديًا كبيرًا.
في عام 2021، تم طرح WeWork للاكتتاب العام من خلال اندماج SPAC، بهدف استعادة ثقة المستثمرين. لكن كل الجهود المبذولة لم تنهض بـ WeWork مرة أخرى، حيث انهارت قيمة الشركة بنسبة تزيد عن 99%، كما أنها كشفت عن خسائر صافية قدرها 11.4 مليار دولار من عام 2020 حتى 30 يونيو 2023 في ملفها الأخير لهيئة الأوراق المالية والبورصات.
ما العوامل التي أدت إلى تراجع WeWork؟
هناك عدة عوامل ساهمت في تراجع شركةWeWork من ضمنها سلوك نيومان المشكوك فيه واستغلاله موارد الشركة لمصالحه الشخصية. كما كانت أيضًا استدامة الشركة نفسها موضع تساؤل عدة مرات خلال العقد الماضي. ففي عام 2019، لخصت صحيفة الغارديان الانتقادات بإيجاز بالقول إن الشركة كانت "تؤجر على المدى الطويل وتؤجر من الباطن على المكشوف"، مما جعلها "معرضة للمخاطر".
ومن ضمن عوامل التراجع أيضًا مرحلة ما بعد الجائحة، حيث أدى انتشار سياسات العمل من المنزل، إلى جانب الارتفاع السريع في أسعار الفائدة العالمية في العام الماضي - والذي يمكن أن يقلل التدفقات النقدية لصناعة العقارات التجارية - إلى تضخيم هذه المخاطر.
أما الآن فتواجه WeWork حالة من العرض الزائد والطلب الضعيف وزيادة المنافسة وتقلبات الاقتصاد الكلي، وفقًا للرئيس التنفيذي المؤقت ديفيد توللي. كما عبر ماسايوشي سون، مؤسس مجموعة SoftBank عن ندمه عن الاستثمار في الشركة، قائلًا: "لقد كان من الحماقة أن أستثمر في WeWork.. كنت مخطئ".
بينما تقول صحيفة نيويورك تايمز إن WeWork لديها أكثر من 18 مليون قدم مربع من المساحات المكتبية القابلة للتأجير في الولايات المتحدة وكندا وحدهما، وأن فشلها يمكن أن يكون له تأثير كبير على صناعة العقارات التجارية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.