تريند 🔥

🤖 AI

محطات مفصليّة.. كيف صعدت الإمارات بقوة إلى مرتبة الدولة المتقدمة؟

تطور الإمارات
أراجيك
أراجيك

10 د

لا يغفل عن عين أحد أن الإمارات العربية المتحدة أصبحت بمثابة نقطة جذبة عالمية على مختلف المقاييس، فسواءً من ناحية السياحة سنجدها قد قطعت أشواطاً طويلة إذ أصبحت دبي مدينة عالمية تقصدها جميع الشخصيات الهامة على اختلافها حول العالم، وسواءً على صعيد الاستثمارات ورؤوس الأموال فحدث ولا حرج، إذ تتصدر البنوك الإماراتية -نظراً لما تقدمه الدولة من رفاه ومستوى عالٍ من الأمان- قائمة البنوك المقصودة للودائع في المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام.

فلا بد للمطلع أن يُعجب فورأً في القفزات الكبيرة التي نفذتها الدولة العربية خلال فترة وجيزة صعدت خلالها إلى مصافي الدول المتقدمة والبارزة. فكانت بذلك نموذجاً حياً على إمكانية الوحدة، إذ على العكس من بقية الدول التي قدمت نماذج مشابهة فيما يخص الاعتماد على النفط مثلاً، إلا أنها انحلت فيما بعد، يبدو أن الإمارات تمشي بخطوات واثقة إلى الأمام، نظراً إلى النموذج المتكامل والغني الذي أسس لها مكانها ووضعها كحجر أساس في هذا العالم.

لكن خلف هذا الصعود، قرارات مصيرية ساهمت في هذا التقدم والوصول إلى الحال التي وصلت إليه، ولعلنا هنا نوجز أهم تلك الأسباب التي يمكن رصدها.


جذور تاريخية ممتدة

لو عدنا في التاريخ إلى الوراء قليلاً، لوجودنا أن زيادة الطلب العالمي على النفط في فترة السبعينات، ووجوده الضخم في منطقة الخليج بشكل عام والإمارات بشكل خاص، ساهم في نشوء طبقة جديدة من الدول والأثرياء الجدد، ولعل الإمارات العربية في مقدمة تلك الدول. إلا أن جذور الثراء الاقتصادي ليست في القرن الماضي فحسب بل تمتد إلى ما قبله أيضاً، ففي أحد الجزر التابعة لإمارة أبوظبي والمعروفة بأم النار، يقول الدارسين أنها كانت مربطاً ما بين حضارة ما بين النهرين من جهة وحضارة السند في الهند من جهة أخرى.

فكان سكان المناطق الساحلية من أوائل من تعامل مع الوافدين الأوربيين، في حين أن المناطق الداخلية احتفظت بطابعها البدوي والبدو الذين استقروا في الأماكن التي بإمكانهم فيها زراعة بعض المحاصيل، حيث كانت ولاءات القبائل البدوية لا تعتمد على مناطق المدن وبؤر التجارة، إنما لشيخ القبيلة المحلي الذي يمثل الرأس الأكبر فيها. والأمر ليس فقط يعتمد على فترات زمنية راهنة أو معاصرة، فالأمر يعود إلى ما قبل ظهور الاسلام في منطقة الجزيرة العربية، حيث كانت البيئة محكومة من قبل قبائل مقسمة إلى شيوخ وعشائر.


صعود القبائل الرئيسية

كانت قبيلة "بني ياس" من أقوى القبائل في اتحاد العشائر والإمارات العربية. حيث تجولت لمسافات شاسعة بحثًا عن رعي جمالها ثم عادت إلى حدائق التمر حول واحات ليوا على حافة صحراء الربع الخالي. ولطالما كان زعيم بني ياس دائمًا من شيوخ قبيلة البوفلاسة. وكان أحدهم الذي يُدعى الشيخ نهيان، والذي كان سلف العائلة الحاكمة الحالية لأبو ظبي. ومع ازدياد شعبية اللؤلؤ في الهند ومن ثم بين النساء الأوروبيات في القرن التاسع عشر، انجذب بني ياس نحو ضفاف اللؤلؤ الغنية في الساحل المتصالح مع جميع الحضارات. حيث تأسست هناك مدينة أبو ظبي في وقت مبكر من عام 1761 بعد العثور على إمدادات جيدة من المياه هناك. ونمت مستوطنة على طول الساحل في دبي كتبعية لأبو ظبي حتى عام 1833، عندما غادر فصيل من بني ياس أبو ظبي وسيطر على دبي، وأعلن استقلاله.

بحلول عام 1900، كانت صناعة صيد اللؤلؤ تتمتع بازدهارٍ كبير حيث لم يتم العثور على عدد كافٍ من الرجال لتشغيل 1200 قارب للعمل في هذه التجارة. لذلك انتقلت السيطرة بشكل لا رجعة فيه إلى الشيوخ الذين حكموا المناطق الساحلية، وتعززت هذه القوة أكثر عندما أوضح البريطانيون أنهم مهتمون فقط بالمناطق الساحلية وأيدوا حكامهم فقط.

انهارت طفرة اللؤلؤ في الثلاثينيات مع وصول اللؤلؤ الياباني المستنبت. فتسبب الكساد الذي أعقب ذلك في قيام بعض ملاحي اللؤلؤ بحرق قواربهم في يأس من أجل الوقود. لكن البحث عن مصدر جديد للطاقة قد بدأ.


ظهور القوة النفطية

بين عامي 1936 و1952 وقّع حكام الإمارات السبع المتصالحة اتفاقيات امتياز نفطي مع شركة نفط العراق، وهي اتحاد دولي. لكن التنقيب عن النفط لم يبدأ فعليًا إلا بعد الحرب العالمية الثانية. ساعد انهيار الإمبراطورية البريطانية بعد الحرب، وخاصة منح الاستقلال للهند عام 1947، على تسريع التغييرات في الخليج. كان الوجود البريطاني في المنطقة باقياً لبضع سنوات أخرى. بمساعدة بريطانية، تم إنشاء كشافة عمان المتصالحة (قوة دفاع) في عام 1951، في حين تم تشكيل مجلس الإمارات المتصالحة في العام التالي لتحقيق نوع من الوحدة في المنطقة الساحلية من خلال مناقشات نصف سنوية حول المشاكل والمصالح المشتركة. وذلك بعد أن لم يلتقِ حكام ما سيصبح فيما بعد الإمارات العربية المتحدة، معًا منذ عام 1905.


الانسحاب البريطاني

وجاءت الصدمة الكبرى عندما قررت حكومة حزب العمال البريطانية التي تعاني من ضائقة مالية، أنه يجب توفير مدخرات كبيرة في مجال الدفاع. وفي فبراير 1967، أعلن رئيس الوزراء، هارولد ويلسون، إلغاء الوجود العسكري البريطاني شرق السويس بحلول نهاية عام 1971 م. حيث أدى القرار البريطاني بشكل مباشر إلى تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة وسرّع عملية التحديث في المنطقة، والتي تسارعت بالفعل باكتشاف مكامن نفطية ضخمة. لكن الإمارات كانت غير مهيأة للاستقلال المفاجئ ولم يكن لديها سوى عدد قليل من الأشخاص المؤهلين، لا سيما في مجالات الدفاع والشؤون الخارجية، التي كان البريطانيون يعتنون بها منذ فترة طويلة.


تشكّل دولة الإمارات الحديثة

بعد وقت قصير من القرار البريطاني بالانسحاب من الخليج، أعلن حكام أبو ظبي ودبي أنهم سيشكلون اتحادًا، وتوصلوا إلى اتفاق بشأن حقوق النفط البحرية. ساعدت سرعة تحركهم على تسوية الحدود فيما بينهم وذلك على الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة الآن عبارة عن خليط من التقسيمات الفرعية التي تشكل الإمارات السبع التي تشكل بدورها الاتحاد.

كانت أبو ظبي، التي أدركت جيدًا بحلول عام 1970 أنها أغنى إمارة نفطية، حريصة بشكل خاص على التوصل إلى اتفاق شامل بشأن اتحاد وحدود محددة بوضوح بسبب الأهمية المتزايدة لعائدات النفط وحقوق النفط التي سيتم منحها بمجرد تقسيم الأراضي. لكن فيما بعد تم الاتفاق. ومنذ البداية، تبنت سياسة تهدف إلى إيجاد حل وسط بين أي وجهات نظر متعارضة. حيث أكد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي، مرارًا وتكرارًا أن موارد أبو ظبي -التي كان من المقرر أن تحمل دخل الإمارة إلى أعلى مستوى في العالم في غضون سنوات قليلة- في خدمة جميع الإمارات. ودعت دبي وأبو ظبي الإمارات المتصالحة الأخرى - الشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة- للانضمام إليهم في الاتحاد، إلى جانب قطر والبحرين. حيث كان من الواضح أن هناك رغبة متبادلة قوية في الأمن، مع اقتراب رحيل البريطانيين.

بحلول يونيو 1971، كانت البحرين قد قررت أنها آمنة بما يكفي من تلقاء نفسها وأعلنت في أغسطس أنها لن تنضم إلى الاتحاد، بينما حذت قطر حذوها بعد أقل من ثلاثة أسابيع. توصلت ست من المشيخات المتبقية إلى اتفاق على دستور اتحادي بحلول يوليو، ودخلت الإمارات العربية المتحدة رسميًا إلى الوجود في 2 ديسمبر. في رأس الخيمة، صمد الحاكم الشيخ صقر بن محمد القاسمي -على أمل أن يجد نفطًا على نطاق قطر- لمدة شهرين آخرين قبل أن ينضم إلى الاتحاد أيضًا. حيث أصبح الشيخ زايد في أبو ظبي رئيسًا للاتحاد، مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، نائبًا للرئيس ورئيسًا للوزراء.

كان الأمن دافعًا رئيسيًا لتشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان هذا القلق مبررًا في ضوء مكامن النفط الهائلة التي تم اكتشافها لاحقًا في المنطقة. إن احتمال وجود تهديد من الاتحاد السوفيتي (خاصة بعد غزوه لأفغانستان) كان موجوداً دائماً في أذهان قادة الخليج والسياسيين الغربيين الذين تعتمد بلدانهم على نفط الخليج.

تجلت تقلب المنطقة في الحرب الإيرانية العراقية، التي اندلعت في عام 1980، وكذلك الصراع العربي الإسرائيلي. مع انشغال العمالقة الإستراتيجيين في الخليج - إيران والعراق - في قتال بعضهم البعض، انتهزت ممالك الخليج الست الغنية بالنفط (المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر وعمان) الفرصة لتأسيس منظمتهم الخاصة -مجلس التعاون الخليجي العربي- على غرار المجموعة الاقتصادية الأوروبية؛ الاتحاد الأوروبي الآن، والتي ظهرت رسميًا إلى الوجود في عام 1981.


التنوع والتنمية في الإمارات

في غضون ذلك، حدثت تغييرات هائلة في الإمارات نفسها، حيث كان كل منها يسلك طريقه الخاص نحو التنمية والأمن الاقتصادي. اتبعت أبوظبي، الأكبر والأغنى من بين الدويلات السبع، طريقًا حذرًا نحو الحداثة تحت قيادة الشيخ زايد الحكيم، إذ تحررها احتياطياتها النفطية الهائلة من الحاجة إما إلى التنويع أو تطوير اقتصادها، وذلك بالنظر إلى التدفق الهائل للنفط.

أما دبي فقد جدت نفسها في وضع مختلف نوعًا ما، بالنظر إلى أن احتياطياتها النفطية كانت جزءًا بسيطًا من احتياطيات أبو ظبي. وقد تم بالفعل استثمار العائدات الأولية للنفط من قبل الشيخ راشد بعيد النظر في سلسلة من مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك ميناءين ضخمين جديدين، ومطار ومركز التجارة العالمي الشهير، مما يضع الأساس الاقتصادي للنهوض الدراماتيكي اللاحق للمدينة.

كانت الأموال أكثر تشددًا والعائدات النفطية أقل في ولاية الشارقة المجاورة، التي كانت تعاني أيضًا من عدم الاستقرار السياسي. حيث انهار النظام المصرفي للإمارة بالكامل مع ديون تزيد عن 500 مليون دولار أمريكي في عام 1989 وكان لا بد من إنقاذها من قبل ائتلاف تجاري سعودي. كما لا يزال النفوذ السعودي قوياً في الشارقة حتى يومنا هذا، وهو ما يفسر التبني المحلي لنسخة محافظة بشكل خاص من الشريعة الإسلامية. وفي الوقت نفسه، كافحت الإمارات الصغيرة نسبيًا وغير المأهولة والتي تفتقر إلى النفط في عجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة قدر المستطاع، حيث ساعدت في الحصول على منح من الحكومة المركزية في أبو ظبي، في حين تم إنشاء كما قدمت الأعمال الصناعية الجديدة الكبيرة في رأس الخيمة والميناء الجديد الواسع لتصدير النفط في الفجيرة حافزًا اقتصاديًا إضافيًا -كما فعل خط أنابيب نفط حبشان- الفجيرة الجديد، الذي تم افتتاحه في عام 2012.


فترة التسعينات وبداية جذب الانتباه العالمي

خلال التسعينيات من القرن الماضي، بدأت الإمارات في جذب انتباه العالم، وذلك بفضل سلسلة جديدة مذهلة من التطورات في دبي التي اشرف عليها الشيخ محمد، الابن الثالث للشيخ راشد والقوة الدافعة وراء تطور الإمارات من منتصف الثمانينات فصاعداً. حيث كان الشيخ محمد هو الذي كلف بتأسيس فندق برج العرب الشهير (1999) وأسس الخطوط الجوية الإماراتية، والتي ربما فعلت بينهما أكثر لتأسيس الإمارات العربية المتحدة في وعي العالم أكثر من أي مشاريع أخرى من قبل أو منذ ذلك الحين. كما تم افتتاح مجموعة أخرى من التطورات الضخمة في فترة قياسية، بما في ذلك "نخلة الجميرة" (أكبر جزيرة مصطنعة في العالم)، وبرج خليفة (أطول مبنى في العالم) ودبي لاند الشاسعة، التي تهدف إلى أن تصبح أكبر حديقة ترفيهية في الكوكب للجذب الراحي. لكن بعد الأزمة الاقتصادية لعام 2008 ، توقف العمل على دبي لاند لعدة سنوات، لكنه استأنف في عام 2013.

كان الهدف الأساسي لدبي في كل هذا هو أن تصبح مركزًا عالميًا رائدًا للسياحة والنقل والأعمال، وذلك بهدف السيطرة على اقتصاد المنطقة. فلا ينبغي لأحد أن يتفوق عليها، وسرعان ما عادت أبو ظبي للواجهة مجدداً بسلسلة من التطورات اللافتة للنظر، بما في ذلك فندق قصر الإمارات، والمسجد الكبير للشيخ زايد، ومجمع جزيرة السعديات الجديد الضخم الذي سيأتي مع خمسة متاحفات متميزة، بما في ذلك متحف اللوفر أبو ظبي الذي تم افتتاحه في عام 2015.

وفي عام 2008، تراجعت الإمارات وخصوصاً دبي نتيجة لأزمة الائتمان العالمية. حيث انهارت سوق العقارات، وفرت الاستثمار من دبي، التي كانت قد أعلنت سابقًا عن إطلاق التطورات الجديدة التي تحطمت على أساس يومي تقريبًا، إذ وجدت نفسها تتأرجح فجأة على حافة الإفلاس أمام الأزمة العالمية.

ذو صلة

مرة أخرى، جاءت أبو ظبي إلى الإنقاذ بحزمة إنقاذ ضخمة، على الرغم من أن العديد من المشروعات الضخمة في المدينة قد تم إلغاؤها أو تعليقها، والآن تم إحياء عدد قليل من المشاريع. حيث ظلت أبو ظبي، المحمية من قبل إيرادات النفط، غير متأثرة نسبيًا بلهيب الأزمات، وبدأت في الصعود من ظل دبي الطويل بفضل الأحداث الرئيسية بما في ذلك شراء نادي مانشستر سيتي لكرة القدم من قبل الشيخ منصور (ابن الشيخ زايد).

بشكل عام، فقد بدأت الإمارات بمواجهة المستقبل بتفاؤل متجدد، حيث نالت استضافة Expo 2020. وتحاول استضافة كأس العالم وغيره من الأحداث الدولية القادمة. وبالتالي استطاعت أن تأخذ مركزاً هامة في المنقطة على جميع الأصعدة وذلك تبعاً لعدة أسباب أبرزها الوحدة الداخلية ومساعدة الإمارات لبعضها في وقت الإزمات، إضافةً لوجود وجهات نظر وخطط قصيرة وبعيدة المدى يطمح الشيوخ إلى تنفيذها لنقل الاتحاد الإماراتي خطوات كبيرة إلى الأمام في السنين القادمة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة