تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

أجرينا حواراً مع أول عارض أزياء موريتاني: “آدم مولود”، هنا التفاصيل

أراجيك
أراجيك

6 د

في منظومة المجتمعات دومًا ما نجد من يستطيع بسهولة الاندماج معها، ومن يصبح الشاة السوداء بين القطيع. الاختلافات الفردية والميول والطموحات والمواهب، كلها أمور تجعلنا متميزين بصورة خاصة مهما كانت عاديتنا، والشخص الذي أجرينا معه في أراجيك الحوار اليوم لم يكن فقط مختلفًا بالنسبة لمجتمعه بل مرفوضاً بشكل جذري، وذلك فقط لأنه أراد أحتراف مهنة أصبحت رسمية في العالم كله منذ عقود، لكن لازالت غير مقبولة بشكل واسع في الشرق الأوسط.

اليوم ننقل لكم حديثنا مع أول عارض أزياء رجل موريتاني: آدم مولود الذي حكى لنا قصة التحديات التي مر بها في مهنته تلك.


البداية والتحول الكبير..بين الأكاديمية البحرية وعرض الأزياء

آدم مولود، موريتاني الجنسية، 27 عامًا. خريج الأكاديمية البحرية للعلوم والنقل البحري بالاسكندرية. وعلى وجه الدقة: كلية الحاسبات، وتخصص في الوسائط المتعددة – Multi Media.

أدم مولود

يخبرنا آدم في حواره مع أراجيك عن البداية التي جاءت دون أي تخطيط مسبق منه أو تفكير في العمل بهذه المهنة أو حتى اتخاذها كهواية:

الأمر أتى صدفة في الواقع وبشكلٍ غير متوقع. أنا من الناس الذين يهتمون بأنفسهم منذ نعومة الأظافر. دائمًا اهتتمت بنفسي وجسدي وهِندامي، وأحب الأناقة بالمُجمل. لكن لم أتخيل أن أصير (موديل) في يومٍ ما. لم يكن الأمر في بالي على الإطلاق.

عندما أتيت إلى مصر كنت كأي طالب آخر، أتيت للدراسة وكنت مكرسًا حياتي لها. لكن أيضًا كنت مثل أي شخص آخر، يُصور نفسه وينشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي كي يراها الآخرون ويُعلقون عليها. مع الوقت بدأت في جذب الانتباه، حتى أن بعضهم سألني: “هل عملت بمجال عرض الأزياء؟ أو التمثيل؟”.

وفي يومٍ أتاني أحدهم في يوم وعرض عليّ العمل كـ (موديل)، وقال أن لديّ المقوّمات اللازمة لذلك. في البداية اعتقدت أن الأمر غير مُجدي وربما هو مجرد خدعة، لكن ذهبت على كل حال. تم قبولي من المرة الأولى.

في الحقيقة، في النهاية لم آخذ الأمر على محمل الجد، كان بالنسبة لي كهواية بجانب الدراسة. كان مصدر رزق لي، وساعدني كشخص مُدمن على التسوّق. ولم أقل لمعارفي عنه أبدًا، ولم أكن لأتخيل أن الوضع سيكبر ويتنشر بهذا القدر.


الكثير من العقبات والتحديات لا بد منها..

ويقول مولود عن بداياته: بدأ انتشاري منذ عام 2015 أو أواخر 2014، حيث أن الوكالة التي أعمل معها لها فروع عالمية. وقاموا في يوم بعمل مسابقة لأفضل (موديل) بداخل الوكالة نفسها. لم يكن هناك مُشتركون كُثر من (إفريقيا) لأن الشركة أمريكية الأصل؛ لذلك اشتركت في المسابقة بالفعل وحصلت على رابط لمشاركة مساهمتي فيها، ثم نشرته على حساباتي بمواقع التواصل الاجتماعي كي يدخل الناس ليُصوتوا لي.

وقتها عرف الناس أن هناك شخص موريتاني مُقدم على المسابقة؛ فاختلفوا بين مؤيد ومُعارض. بعدها انتشر الرابط أكثر وزاد مُعدل المتابعين ودخلوا أكثر على حسابي. في البداية كنت أمتلك أقل من 1000 متابع، وفي وقت ضئيل وصلت إلى 100 ألف متابع. صُدمت جدًا في الواقع من الرقم.

وهنا بدأت المشكلات والعقبات بعض الموريتانيين دعموني جدًا وقاموا بحملة دعم لأجلي، بينما البعض الآخر بدأ في السب والإهانة قائلًا أن تلك المهنة لا يقوم بها رجال. فُوجئت في الواقع، كيف له ألّا يعرفني على الصعيد الشخصي، ويبدأ في التنكيل بي هكذا. لم أفعل أي شيء خاطئ. هذه الأشياء تحدث مع النجوم؛ لذلك لم أتوقع أن يحدث الأمر لي.

المسابقة كانت عالمية، وأكثر 20 موديل يحصلون على أصوات، يذهبون لحفل ختامي في (برشلونة)، لقد كنت رقم 21؛ فلم أذهب. لكن تلك كانت الانطلاقة بالنسبة لي.

هنا خرج الأمر عن السيطرة، وعرف أهلي كل شيء. بدأت بالشرح لهم أن هذا المضمار لا يؤثر على دراستي، وأنه شيء جانبي وهواية لا أكثر. مع الوقت زادت طلبات العمل، وأصبح الوضع صعبًا لأنني أدرس في (الإسكندرية)، بينما أغلب جلسات التصوير في (القاهرة). كان عملي في العطلات، حيث العمل في الدراسة كان يضغط على جدول محاضراتي.


أوقات عصيبة، وتفكير بالانسحاب

أكثر صعوبة واجهتها كانت من المُهاجمين، هذا ما يقوله آدم، في وقتٍ ما شعرت بالحزن والاكتئاب، كان الأمر صدمة كبيرة، وفكرت حتى في غلق جميع حساباتي. لكن مع الوقت تقبل أهلي الوضع، مع وجود بعض التعقيبات، وأصدقائي دعموني بعبارات التشجيع ونصحوني بالتغاضي عن السلبيّات. هذا غمرني بالطاقة الإيجابية فعلًا.

لكن المُحزن فعلًا هو أن التعليقات السلبية أغلبها كان من بلدي الأم ذاته. من المفترض أن يدعمك بنو بلدك، لا أن يُهاجموك. فكان الأمر مُحبطًا نوعًا ما.

نظرة الموريتانيين لفن (الموديلينج)، هي نفس النظرة العربية العامة له. بالطبع توجد بعض الدول التي انفتحت بشدة مؤخرًا تجاه الأمر مثل لبنان ومصر، وأصبح يُنظر للأمر كمهنة عادية. لكن بالنسبة لموريتانيا، أنا أول شخص قام بالأمر. لذلك توقعت أن يُحدث ما فعلت ضجة، وبالرغم من ذلك لم أتوقع ردود الفعل المهولة تلك.

بعض الناس حتى الآن لا يفهمون هذا الفن، ويقرنونه بالانحدار الأخلاقي أو ما شابه. لكن الأمر وما فيه أنك لديك مقومات جسمية مُعينة تُساعد على عرض منتجات الشركات. سواء كان الأمر في صورة إعلان، جلسات تصوير، عرض أزياء، إلخ.

لكن الناس لا يفهمون ذلك، يفهمونه بطريقة مختلفة تمامًا. بينما الأمر في النهاية علاقة منفعة متبادلة بين الشركة والموديل.

آدم مولود

نظرة المجتمع لمهنة الفاشون موديل..

عندما كنت في مصر، كان التقبل أكبر. نادرًا ما قيل لي تعليق سيء. كان الأمر مُنفتحًا أكثر من بلدي الأم. لكن مقارنة ببداية ظهوري والآن، الآن أفضل بمراحل عن البداية. كانت البداية هجومية قاسية جدًا في الواقع. وفي النهاية يوجد من ينظر لي النظرة المُعتادة عربيًّا لأي شخص يعمل بمهنتي. لكن أجل، لبنان ومصر من البلدان المنفتحة جدًا على هذا النوع من الفن.


هل تعرضت للتنمر أو شعرت بعدم الراحة بسبب مهنتك؟

وفي زمن الانفتاح الإعلامي والسوشال ميديا والمنابر المفتوحة للكلام، سألنا آدم عن تجربته مع التنمر وكيف كانت المواجهة:

لقد تعرضت للتنمر كثيرًا. تم إحباطي بشدة، لم أتوقع أن يوجد شخص لا يعرفني على الإطلاق، يدخل ويسبني في التعليقات والرسائل دون وجه حق أو سابق معرفة. حتى أنني اعتمدت لنفسي لقب (المُهندس) في تعاملي مع الناس، وخفت أن أستخدم لقب (موديل)، خشية من رد فعل الطرف الآخر.

مع الوقت أحببت المهنة أكثر وتقبلت الأمر تمامًا. في البداية كان الأمر مجرد هواية ودخل إضافي، لكن مع زيادة حب الناس والمُتابعين (قاربت على الوصول للمليون متابع)، زادت ثقتي بنفسي، وصرت أهتم أكثر بالمجال.

آدم مولود

كيف تنعكس بعض التجارب على الحياة وتفتح بها أبواباً جديدة..

هذا المجال فتح لآدم أبوابًا لا تُحصى، يخبرنا كيف أفاده على المستوى المهني والشخصي:

سأبدأ بالشخصي: كنت عديم الثقة بنفسي، وعند الذهاب لتجربة أداء، كان بداخلي هاجس أنني لن أُقبل. لكن في النهاية يتم اختياري. وعندما سألت عن السبب، قالوا أن ملامحي بها مزيج من ملامح إفريقية مميزة وأشياء أخرى، فأنا تصنيفيًّا أندرج أسفل أكثر من شريحة فنية بمجال الموديلينج.

أما الجانب المهني تطور بشدة. عندما لا أستطيع العمل كموديل، كنت أعمل كـ Influencer أو شخص مؤثر، هذا سمح لي بعرض مُنتجات لشركات عديدة. حتى أنني الآن أعمل مع (أمازون)، على الأغلب أنا أول موريتاني يعمل كـ Influencer معها. وهذا فتح لي أبواب العمل بنفس المهنة في بلدي الأم لشركات عديدة.

وأيضًا عرفني المجال على شخصيات كثيرة جدًا لم أحلم بالتعامل معها شخصيًّا، أنا سعيد جدًا بمجالي ومهنتي وأُطور فيه. بجانب عملي كمُهندس في الأساس؛ فأنا لم أترك التخصص بعد كل شيء. أحاول بقدر الإمكان التوفيق بين هذا وذاك.


عن المشاريع المستقبلية ومستقبل المهنة:

مجال الموديلين معروف أن زمنه المهني قصير، فترة الشباب بالمُجمل. لذلك هذه الأيام أُركز على العمل كـ Influencer. وأخطط لإنشاء شركة متخصصة في هذا المجال في (موريتانيا). وستكون من الأوائل في هذا المجال بهذا البلد، وسأحاول توسيع الشركة على الصعيد العربي مع الوقت.

ذو صلة

كما أنني أعمل كمُهندس IT (تكنولوجيا معلومات) بالفعل؛ لذلك أوازن بين عملي كمُهندس، ومجالي الفني الآخر.

وأخيرًا أحب أن أشكر حضرتك جدًا، وأتمنى أن أكون رددت على الأسئلة بشكلٍ جيّد. أشكر إدارة مجلة أراجيك الشبابية وجميع القائمين عليها، وكانت مقابلة ممتعة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة