ترشيحات المنتدى الاقتصادي للقراءة: كتب تساعدك على فهم طبيعة أزمة كوفيد-١٩

مع تفاقم أزمة فيروس كورونا، وفي مجتمعات لا تكاد تجيد التعامل مع المفردات الطبيعية للحياة، يصعب الحديث عن استعدادات لائقة تخص الكوارث أو الأوبئة، ويغدو الكلام عن مثل هذه الاحتمالات المستبعدة ضربًا من الهذر. لكن المصيبة واقعة الآن وهي -ككل المصائب- لا يفيد معها الإنكار. لذا، يعرض هذا المقال خمسة كتب عن الأوبئة هي ترشيحات المنتدى الاقتصادي للقراء في ظل أزمة كورونا نأمل أن تحقق لقارئها شيئًا من الأفضلية في التعامل مع الأوضاع.

مشكلة الأوضاع الاستثنائية المماثلة لهذه الواقعة علينا الآن، أنها تكشف عيوب المجتمع وتسهم في إبراز كل إخفاقاته ونقاط ضعفه. لهذا فإن هذا المقال لا يعدك بحلول حاسمة، كل ما في الأمر أن النازلة حلت بنا ولم يعد من مجال لمزيد على مجرد التعامل معها في حدود المتاح ومحاولة المرور عبرها بسلام قدر المستطاع.

طبقًا للتقارير، يبدو أن رواية “ألبير كامو” الكلاسيكية الشهيرة المسماة “الطاعون” شهدت إقبالًا هائلًا من القراء مؤخرًا، ولا عجب فإن الحوادث تيسّر قراءة جديدة للأدب، بخاصة نوعه الخالد الذي لا يفتأ تعاقب العصور يجدده ويحييه. رواية “كامو” الحاصل على نوبل تتحدث اليوم بوضوح أكبر من ذي قبل، وهي تحكي قصة انتشار طاعون في بلدة شمال إفريقية؛ فاحصةً كيفية تلقي الناس للموت.

الفكرة أن الفيروس على صغره عظيم التأثير على نواحي الحياة، ما يعني أن مغالبته بالقراءة يجب أن تكون متشعبة فتشمل ما هو أكثر من الإجراءات الوقائية اليومية: يحتاج المرء إلى الاطلاع على التأثيرات المتعددة للمأساة ولو بغرض امتلاك تصور مُفهم للوضع فحسب. يكفي القول إن الثمانية أسابيع الأولى من عامنا هذا شهدت 40% مما تشهده السنة العادية من مبيعات الكتب. ففضلًا عن الجمهور القديم المعتاد، يقدم كتاب “الطاعون” نفسه لشرائح جماهيرية جديدة، كما تعرض أسئلته نفسها على نحو أشد واقعية مما كان في أي يوم سابق.

والآن، مع ترشيحات المنتدى الاقتصادي للقراءة ونشر الثقافة عن الأوبئة وكيفية التعامل معها في ظل تفاقم أزمة فيروس كورونا:

بين دفتي كتاب “Epidemics and Society – الأوبئة والمجتمع” يستكشف الكاتب “فرانك م سنودن” كيف شكّلت موجات العدوى الواسعة المجتمع على مدار التاريخ، مركزًا على تأثيرها على العلوم الطبية والصحة العامة، وكذلك على كل من الفن والدين والحرب والتاريخ الفكري.

من خلال منظور التاريخ، يعرض لِأوبئة على غرار الجدري والكوليرا والسل، كما يفحص الآثار التي صدرت عن أمراض حديثة هي الإيدز والسارس وإيبولا. سينتفع بهذا الكتاب المهتمون بمراقبة التغيرات التاريخية التي نشأت عن أصداء أمراض كالمذكورة.

الكتاب عبارة عن تحقيق مقارِن متشعب الاهتمامات، وهو يصل في بحثه إلى موضوعات كثيرة متشابكة منها: تطور الإمكانات الطبية وأدب الطاعون والفقر وحالة الهستريا الجماعية، كل ذلك في أسلوب سهل قريب.

الكتاب الثاني معنا في قائمة كتب عن الأوبئة من ترشيحات المنتدى الاقتصادي متاح وسهل المنال. يعطينا كتاب “Viruses – الفيروسات” نظرة عامة على أصول حفنة من الأمراض وطريقة انتشارها، شاملًا أمراضًا وأوبئة معاصرة مثل فيروسَي إيبولا وزيكا ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (معروفة بإنفلونزا الإبل).

تسلط “كروفورد” الضوء أيضًا على تأثير الاحتباس الحراري على الأمراض المنقولة من الحشرات، وتأثير هذا على قطاعات سكانية لم تعانِ سابقًا من هذه الفيروسات. الكتاب متاح مترجمًا مجانًا على موقع مؤسسة هنداوي.

في هذه المقدمة القصيرة ترسم عالمة الأحياء البارزة والكاتبة العلمية الشهيرة “دوروثي هـ. كروفورد” صورة آسرة لتلك الكائنات بالغة الصغر وعظيمة الخطر في الآن ذاته، وتمدنا بنظرة شاملة عن الفيروسات: من حيث اكتشافها، وسماتها، وتصنيفاتها، وآليات تكاثرها، والطرق التي تنتشر وتُعدي بها الكائنات الحية الأخرى. إنه كتاب سهل الاستيعاب ويخلو في أغلب أجزائه من المصطلحات الفنية المتخصصة. وهو يقدم مزيجًا متوازنًا من المعلومات العلمية والاعتبارات العملية بما يلائم عامة القراء.

إيبولا، سارس، إيدز.. هذه أسماء أوبئة انتقلت كلها إلينا من الحيوانات. يشرح “كوامن” بالتفصيل في كتابه “Spillover – الفيض” كيف حدث هذا، وما الذي بيدنا فعله للحد من الانتشار، وأي من الفيروسات الأخرى مرشح أيضًا بقوة لإغراق البشرية ذات يوم.

الكتاب مترجم للعربية وقد نشر الجزء الأول منه سنة 2014 في 336 صفحة، قبل أن ينشر الثاني بشهر واحد. وأسلوب الكاتب الرشيق يجعل من النص العلمي شيئًا أقرب إلى رواية شيقة ينتظر الكاتب حل لغزها ونهايتها بفارغ الصبر. يساعد كتاب “الفيض” على تفهم أسباب الأوبئة والطريقة العلمية للوقاية منها أو علاجها فرديًّا ومجتمعيًّا، ويسهم الكتاب أيضًا فى إعطاء إنذار بالخطر الذي كان محتملًا وقت كتابته وصار اليوم واقعًا.

يروي “كوامن” لنا أسفاره طوال خمس سنوات بين قارات العالم الخمس، حكاياته تجعل الأمر أشبه ما يكون بسلسلة سفاري الشهيرة، لكن مع اهتمام أكبر بالجوانب العلمية، هذا الجانب المحموم المرتبط بعالم الأوبئة، تلك الكائنات الغاية في الصغر، يحوي جزءًا رئيسًا من تجربتنا البشرية، فتارة ننهزم وتارة ننتصر، وتستمر الحياة.

نرشح لك قراءة مقال: أفلام عالمية دارت أحداثها حول تفشي الأوبئة والأمراض

باعتباره مؤرخًا طبيًّا، يقوم الكاتب في كتابه الهام “The Pandemic Century- قرن الأوبئة” بتوضيح كفاح العلم وما حققه من التقدم في حربه مع الأمراض خلال القرن الماضي. يشرح لنا، بداية من الأنفلونزا الإسبانية عام 1918 وحتى أوبئة العصر الحاضر، كيف تعامل مسؤولو الصحة والعلماء وغيرهم مع انتشار الأمراض. كما يناقش كيف تنعكس الجوائح على التوترات العنصرية والدينية.

فإذا كانت الفيروسات مثل أسماك القرش، فهي مستعدة للهجوم في لحظة غفلة منا؛ إذ كلما حسبنا أحدها انتهى نجد آخر قد هرع لحل مكانه؛ وهو مُشاهَد لا يحتاج إلى إثبات. هذه الأوبئة تذكرنا بالإمكانيات الحقيقية للإنسان، وتلفت نظرنا إلى دور التكنولوجيا المتطورة والسلوكيات البشرية في الحرب عليها.

نرشح لك قراءة مقال: إغاثة الأمة بكشف الغمة: كتاب المقريزي عن تاريخ مصر مع المجاعات والأوبئة

تعتبر التطعيمات والسلوكيات الوقائية الحل الحاسم في مواجهة انتشار الأمراض المعدية، هذا مسلّم، غير أننا قليلا ما نعتني بالجانب النفسي للأمر. يرصد كتاب “The Psychology of Pandemics – سيكولوجية الجوائح” التغيرات المجتمعية والعاطفية التي قد تنتج عن انتشار الفيروسات، والدور الذي يلعبه العامل النفسي وراء تصرفات من نوعية عدم الالتزام ببرامج التطعيمات.

الكتاب الخامس والأخير من ترشيحات المنتدى الاقتصادي  ضمن كتب عن الأوبئة تصلح للقراءة في ظل تفاقم أزمة فيروس كورونا يقوم بإبداء مدى محورية هذه المشاكل المتصلة بما يخص الأوبئة، وكذا أهمية الجانب النفسي للتعامل مع هذه الأزمات وتبعاتها، على سبيل المثال: نشر الخوف ووصم المرضى.

هو ملخص مباشر واضح لتأثير الأوبئة على الأفراد، ثم إنه يزيدك بشرح خريطة للتعامل العقلي السليم معها؛ وهو أمر يسهل تطبيقه على واقعنا خاصة بالنظر إلى تأثير وباء كورونا على المجتمعات وتشكل الوعي.