تريند 🔥

🤖 AI

هل تساءلت يومًا لماذا لا يبتسم الأشخاص في الصور القديمة؟ لا تُطلق الأحكام وتعرف على أسباب ذلك

لا يبتسم الأشخاص في الصور القديمة
نور حسن
نور حسن

5 د

قي حال كنت تمتلك ألبومًا للصور القديمة في منزلك أو منزل جدك وأردت تصفُّح هذه الصور، أو في حال بحثت في صور المخترعين والمفكرين القدماء لابد أنك ستلاحظ أمرًا غريبًا قليلًا، وهو أن هؤلاء الأشخاص الظاهرين في الصور يبدون حزينين أو متجهمين في وجه الكاميرا، وعلى الأغلب أنك لن تجد أحدًا مبتسمًا فيها، وهذا ما قد يدفعك للتفكير أن هؤلاء الناس لم يكونوا مستمتعين في حياتهم.

لكن وبالرغم من أن الصور القديمة لا تحمل بين طياتها روح السعادة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا يبتسم الأشخاص في الصور القديمة؟ ويحمل هذا التساؤول عدة تفسيرات سنطرحها ونناقشها معكم في هذا المقال.

اقرأ أيضًا: ما سبب فورة المبيعات في يوم البلاك فرايدي أو الجمعة البيضاء: الإجابة في سيكولوجيا المستهلك


الأسنان غير السليمة

الصور القديمة

أحد هذه الاحتمالات هو غياب أطباء الأسنان، حيث أرجع بعض الباحثين هذه الظاهرة الغريبة إلى إهمال الناس لنظافة أسنانهم في تلك الفترة، وغياب وسائل التنظيف المتاحة اليوم من معاجين وفرشاة وخيوط للأسنان، بالإضافة إلى ارتفاع سعرها إن وجدت، كما أن عادات التنظيف لم تكن منتشرة وقتها بين الطبقات الفقيرة والمتوسطة، بل ولدى الطبقة الغنية في أحيان أخرى، وهذا ما يجعل الأسنان أكثر عرضة للتسوس والتهابات اللثة والنخور.

وبما أن التقاط الصور كان حدثًا نادرًا وسعيدًا بالنسبة لمعظم الناس في تلك الفترة لذلك كانوا ببساطة يفضلون أن يظهروا في هذه الصور جميلين ودون عيوب واضحة، ويؤكد على هذا الكاتب أنجوس ترامبل، مدير معرض الصور الوطني في كانبيرا، أستراليا، ومؤلف كتاب “تاريخ موجز للابتسامة” الذي يُرجع سبب عدم الابتسام لإضفاء الطابع الاحترافي على صحة الإنسان.

ويعتقد بأن مجرد كون الجميع بأسنان سيئة لا يعني أنها صفة مرغوبة بقدر ما هي صفة شائعة حينها، حيث قال “لقد كان لدى الناس أسنان قبيحة ومتعفنة، وفي بعض الأحيان لم يملكوها على الإطلاق، مما يمنعهم من فتح فمهم في الأماكن الاجتماعية، فكيف سيظهرونها في صورة قد لا يقدرون على التقاط غيرها في حياتهم”.

على الجانب الآخر يرفض البعض تصديق هذا السبب الذي يجعل الناس لا يبتسمون عند حدوث أمرٍ نادر كالتقاط الصور، حيث يعتقد البعض أن انتشار الأسنان الرديئة جعلها شكل مألوف وغير مستهجن بالنسبة للعامة في تلك الفترة.


طول فترة التقاط الصورة

لا يبتسم الأشخاص في الصور القديمة

لا يبتسم الأشخاص في الصور القديمة بسبب بقائهم أمام آلة التصوير لفترات طويلة من أجل اكتمال التقاط الصورة، وهو تفسير شائع، لأن الكاميرات المتوافرة وقتها كانت بطيئة وغير مجهزة جيدًا، ولهذا لم يتمكن الأشخاص من الاحتفاظ بابتسامتهم لوقت طويل، أو لشعورهم بالإجهاد طوال هذا الوقت وبالتالي اختيار وضعية مريحة لوجوههم.

لكن كان للعالم تود جوستافسون، أمين قسم التكنولوجيا في متحف جورج إيستمان رأي آخر، حيث يعتقد أن بعض هذا الكلام صحيح، ولكن اعتبار التكنولوجيا القديمة سبب كافي لعدم إظهار سعادتهم هو أمر مبالغ فيه قليلًا، فبحلول خمسينات وستينات القرن التاسع عشر سمح التطور بوجود كاميرات قادرة على التقاط صور خلال ثوانٍ قليلة من وقت العرض وذلك بتوفر ظروف مناسبة.


أسباب أخلاقية

أنت تعتقد اليوم أن الابتسامة هي دليل سعادة وصحة نفسية، وهذا أمر صحيح بشكل عام، لكن يبدو أن لها معنى مختلف تمامًا في القرون الماضية، حيث أن الابتسامة لم تكن مستحبة في العلن، وبالتحديد في القرن السابع عشر في أوروبا، عندما كان المعتقد الشائع وقتها أن الأشخاص الوحيدين الذين يبدون مبتسمين بشكل واضح ودائمًا هم الفقراء أو البذيئون أو المخمورون أو البُلهاء، لهذا إذا كنت تريد أن تبدو شخصًا من الطبقة المخملية أو ذو شخصية جيدة، فببساطة كان عليك عدم الابتسام.

ولنفس السبب كان لدى كل من المبدعين والمفكرين سبب وجيه للابتعاد عن الضحك في الصور، وهو ما يفسر سبب رؤيتنا لصور بعض الشخصيات المشهورة بوجوه متجهمة وعابسة، مثل المفكر أبراهام لينكولن الذي كان معروفًا بشخصيته المرحة في محيطه، لكننا لا نملك له اليوم أي صورة تظهر فيها تعابير المرح والابتسامة.


تقليد اللوحات المرسومة

قبل اختراع آله التصوير كان أصحاب النفوذ يتوارثون صورهم عن طريق لوحات مرسومة من قبل أمهر الرسامين، وبالطبع كانت الابتسامة عند الطبقات المخملية مستهجنة في العلن من أجل المحافظة على رصانتهم وصرامتهم أمام شعبهم، وبالتالي حاول الناس تقليد تلك اللوحات عن طريق التَّشبه بأفعالهم، فنجد مثلًا أن الابتسامة لم تصبح شائعة إلا بعد حلول عام 1920 حيث بدأت التكنولوجيا خطواتها نحو الأمام.

وتقول الأستاذة كريستينا كوتسيميدوفا، مدرسة الثقافة والتواصل والتي كتبت مقالًا في تاريخ الابتسامات في التصوير الفوتوغرافي “من الطبيعي اليوم أن تبتسم من أجل صورة، لكن الابتسام بشكل عام أمام الكاميرا لم يكن شيئًا فطريًا، أو استجابة غريزية حينها”.


متى بدأنا نبتسم في الصور؟

لا يبتسم الأشخاص في الصور القديمة

إذًا ما الذي تغيّر اليوم؟ ولماذا انتقلنا من مرحلة الوجه المتجهم إلى مرحلة قول “تشيز” في الصور؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعود بالتاريخ إلى عام 1900 م، أي إلى الفترة التي تم فيها اختراع كاميرا براوني، وهي الكاميرا الأولى التي استطاع عامة الشعب الحصول عليها بأسعار معقولة حينها، وبهذا الانتشار لآلة التصوير أصبحت الصور أكثر عفوية وتلقائية، ومن هنا بدأ الناس بتفضيل صور الهواة والصور العفوية التي تلتقط تعبيراتهم البسيطة والمبهجة، كما أن ظاهرة الابتسامة العريضة بدأت بالظهور في أمريكا، حيث لعب الإعلان دورًا رئيسيًا في انتشاره، عن طريق استخدام أشخاص ضمن المواد الإعلانية يبتسمون ابتسامات عريضة كدليل على سعادة ورضا المستهلك بالمنتج المعروض.

وأكدت الدراسات أن الابتسامة تنشر طاقة إيجابية تصل للمتلقي بشكل أسرع وأكبر من الكلام، وبالتالي كانت هذه الإشارات التجارية سببًا في التأثير على الآخرين وتقبلهم للأشخاص المبتسمين بصورة أكبر من الأشخاص الجادين.

ذو صلة

يقول ترامبل: “لقد ابتسم الناس في تاريخ البشرية وضحكوا وتصرفوا بشكلٍ أو بآخر بطبيعية وعفوية كما يفعلون اليوم، والشيء المختلف جذريًا اليوم هو الأداء والعرض العام”، أي أن الناس في القرن التاسع عشر ربما كانوا سعداء طوال الوقت لكن تقديرهم لالتقاط الصور كان موضوعًا في إطار الجدية أكثر، وبالتالي يمكننا القول إن الدرس الأكثر أهمية في دراسة الابتسامات التاريخية، سواء كان الناس يبتسمون في الصور أم لا، لا علاقة له بمدى سعادتهم أو بؤسهم.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة