تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

“سيغير عمود الأفكار هذا حياتك” حول أسرار الحياة الثمانية لحياة مكتملة وهنيئة نوعًا ما وفق أوليفر بيركمان

روان سالم
روان سالم

10 د

لا بدّ وأنه لديكم فكرة ولو ضئيلة عن مجلة الغارديان (The Guardian)، موقع الأخبار والإعلام البريطاني، طبعًا لن أدخل بتفاصيل أخبار ومقالات وطُرُق تنظيم عمل الجريدة، ولكن حديثُنا في هذا المقال سيكون عن الزًُّبدة -إذا صحّ التعبير- في رحلة الكشف عن أسرار الحياة والتي أجراها أحد كُتّاب المجلة، ويُدعى أوليفر بيركمان (Oliver Burkeman).

اقرأ أيضًا: الحظ يفضل الجريء: أسرار لخلق الثقة والنشاط في الطريق لتحصل على ما تريد


عن كتابات أوليفر بيركمان..

تتوجّه كتابات أوليفر نحو إمكانية الاستفادة القصوى من حياتنا المحدودة بتجاربنا الضئيلة، في عالم لا يرحم من المطالب المستحيلة، ويمكنك استخلاص ذلك من مقدار الاستفادة ومحاولة الوصول إلى السعادة والاستقرار، التي يحاول بثّها من خلال كتابته.

أسرار الحياة

أوليفر بيركمان

ألّف بيركمان كتابه “النجدة! كيف تصبح أكثر سعادة قليلًا وتنجز أكثر قليلًا (Help! How to Become Slightly Happier and Get a Bit More Done)” والذي نُشر عام 2011، وكتاب “الترياق: السعادة لأولئك الأشخاص الذين لا يمكنهم تحمّل التفكير الإيجابي (The Antidote: Happiness for People Who Can’t Stand Positive Thinking)” والذي نُشر بعد الأول بعام، كلاهما تضمّن نوعًا من المساعدة الذاتية، وهو ينتظر هذا العام نشر كتابه “أربعة آلاف أسبوع: إدارة الوقت للبشر (Four Thousand Weeks: Time Management for Mortals)، حيث من المتوقع أن يتم نشره في 13 يوليو/ تموز 2021.

بالإضافة إلى ذلك، ينشر بيركمان أسبوعيًا يوم السبت “عمود” مخصص لأفكار حياتية، حيث تأخذ أعمدته العنوان “سيغير عمود الأفكار هذا حياتك (This column will change your life)“، لا يفوّت القرّاء عمود يوم السبت لأوليفر، والذي يدور فحواه عن تقاطع علم النفس الاجتماعي ومجريات الأخبار المحلية وغيرها من المجريات الحياتية.


أعمدة أوليفر بيركمان حول أسرار الحياة


“في المجموعة الأولى من عمودي الذي قدمته في مجلة The Guardian’s Weekend قبل عدد كبير من السنوات، كتبت أنني سأستمر بكتابة الأعمدة حتى أكتشف سر السعادة البشرية، وعندها سأتوقف”

هذا ما كتبه أوليفر في آخر عمود من أعمدته، بعد أن أمضى -حسبما أقرّ- أكثر من عقد في كتابة نصائح غيّرت حياته هو شخصيًا. لم يكن يتوقع أبدًا أن يكشف السر لنفسه ثم لنا، ولكن على العموم، كانت هناك أسئلة لا بد من الإجابة عنها، سواء حول القلق، أو رهاب الالتزام في العلاقات، أو عمومًا، محاولة بناء حياة ذات معنى. الجميع يحاول الوصول على حدّ تعبيره، فبينما كان يتلقى هو طلبات من العموم للمساعدة في مسائل شخصية، في المقابل، كان صندوق الوارد خاصته ممتلئًا بالأفكار والاقتباسات التي يتركها له القرّاء، وهي ربّما ما يوحي له بأن يستمر.

في هذا المقال، سأدوّن مختصرًا بما خرج به أوليفر من مبادئ مرت عليه مرارًا وتكرارًا، وخطّها ليس لأنه اعتبر أنه اكتشف الإجابات لجميع الأسئلة التي قد تخطر في البال، إنما شعر بأنه حان الوقت للكشف عن بعض أسرار الحياة التي تعلّمها أو علّمته أن يمضي قدمًا في جميع الأوقات.


أسرار الحياة الثمانية لحياة مكتملة في العمود الأخير من أعمدة بيركمان

أسرار الحياة الثمانية

هناك الكثير “دائمًا” مما يجب علينا القيام به

اليوم، حتى الآن، وأكثر من أي وقتٍ مضى، ليس هناك من سببٍ يجعلك تهتم بالتوافق بين المطالب التي يحكمها وقتك، ومقدار الوقت المُتاح لها فعليًا. سواء كانت المطالب هي الأشياء التي ترغب في القيام بها، أو تلك التي تشعر أنه عليك القيام بها، لست مضطرًا إلى الانهماك في التفكير بتأطير وقتك لتلحق إنجاز ما عليك، لِمَ؟ إليك السبب.

مع تطوّر الحياة، بكلّ ما فيها من التكنولوجيا والرأسمالية والطموح البشري، وكلّه يحتاج إلى وقت وإنجاز، ستستمرّ المطالب في الازدياد، وبينما تكون قدرتك ثابتة، مهما حاولتَ أحيانًا، تبقى قدرتك مجمدة إلى وقتٍ محدد مع الازدياد في الطلب، وما هو أسوأ من ذلك هو أنه كلما أنجزت من المهام ازدادت الحاجة إلى إنجاز الأكثر، ويترتب على ذلك أن تصبح محاولة “السيطرة على كل شيء” محكومٌ عليها بالفشل مسبقًا!

الجانب الإيجابي في الموضوع هو أنك لست بحاجة لتوبيخ نفسك على فشلها في القيام “بكل شيء”، لأن فعليًا، القيام بكل شيء أمرٌ مستحيل يا صاح! لذا اهدأ وخُذ نفسًا عميقًا، وإليك الحل الوحيد: حوّل حياتك من حياة قضيتها في محاولة عدم إهمال أي شيء، إلى حياة تختار فيها -بوعي تام- ما يجب إهماله لصالح ما هو أكثر أهمية منه. لا تَلُمْ نفسك أبدًا، يجب أن تفشل حتى تنجح، فهناك فارقٌ كبير بين من يمضي نهاره من الصباح وحتى المساء حتى يؤمن لقمة العيش، وبين ذلك الذي خلال ساعة واحدة يصنع مال قوته اليومي وما يزيد عن ذلك.


لا تضيّق أُفُق تفكيرك حول السعادة

تضييق أفق التفكير في السعادة

يقول بيركمان: عندما تتعثر في خياراتك الحياتية، حاول أن تختار ما يجعلك إنسانًا أكثر توسّعًا ومعرفةً ويفتح لك آفاقًا أخرى لم تعرفها من قبل، ولا تختر ما يجعلك أكثر سعادة فقط، فلربما تكون سعادة آنية. هناك الكثير من لحظات السعادة التي تمرّ وربما لا نشعر بها، يمكنك أيضًا خلق السعادة، لذا حاول الانحياز نحو ما هو مجهول دومًا.

عندما نُسأل، “هل سيجعلنا ذلك سُعداء؟؟” يأخذ دماغنا منحىً آخر في التفكير، ويغرق السؤال في تفصيلات ضيّقة الحسبان حول إمكانية التحكم والأمان التي تطوّق هذا الخيار، يقول بيركمان: “نحنُ فعلًا رهيبون في التنبؤ بما يمكنه جعلنا سعداء”. لا تفكّر فيما إذا كان هذا الشيء سيجعلك سعيدًا في نفس اللحظة، بل فكّر “هل سيوسّع أُفُق تفكيرك؟ هل سيجعلك إنسانًا واسع التفكير أم ضيّق التفكير؟”.

على سبيل المثال، أحيانًا نميل إلى التفكير حول ما إذا كان ترك هذا الشخص أو هذا العمل، سيودي بنا إلى مكانٍ أجمل وأفضل بالنسبةِ لنا، وهنا نعود ونتخبط في التفكير عندما نتساءل: “ماذا لو نحن هنا في المكان الأجمل؟” حاول ألّا تسأل وتتساءل كثيرًا في قراراتك الشخصية، وحاول عندما تقرر قرارًا ألا تترك مجالًا للرجعة فيه، ستكون أكثر رضى هكذا، لأنه لا يوجد مجال للرجعة هنا، لا يوجد سوى الاتجاه إلى الأمام بدون تردد، وأقل ما يمكن أن تحظى به هو تجارب جديدة.


أنت قويٌّ جدًا لمجرد قدرتك على تحمّل الانزعاجات البسيطة: من أسرار الحياة المفاجئة

يعني أوليفر بالانزعاجات البسيطة هي تلك التي ترافقنا في بداية عمل ما، أو خلال تأدية وظيفة ما، مثلًا بدء محادثة مع زميلك في العمل حتى تبدآ أو تكملا المشروع، قد يراها البعض مهمة صعبة قليلًا، ربما بسبب الخجل أو ربما بسبب أنه لا يرتاح لهذا الزميل، ولكن ما هو مفروض حقيقةً هو أن هذا العمل يجب أن يُنجَز.

لذا يندد بيركمان بأولئك الذين يجعلون أهدافهم اليومية تنحرف عن مسارها الصحيح لمجرد أنهم لا يريدون ببساطة تحمّل بعض الانزعاجات، ولكن بذلك هم يضيّعون سنوات في التردد وعدم التقدم خطوات. الحل هو أن تترك هذا الشعور كأمر طبيعي حاصل خلال هذا العمل حتى تنجزه، أو أن تبدده بممارسة لعبة مثلًا يمكنها أن تزيد قدرتك على عدم الشعور بالراحة تدريجيًا، كرفع الأثقال مثلًا، فعندما تشعر بعدم الراحة للقيام بشيء، قد يكون من الأسهل أن تتفقد الانستغرام أو تحاول لعب الكاندي كراش، ولكن الأفضل هو تحدي نفسك وبأنك تستطيع تحمل أقل الانزعاجات كالانزعاج المرافق للأوجاع في بداية رفع الأثقال.


النصيحة التي لا تريد سماعها هي غالبًا تلك التي تحتاجها

أسرار الحياة

فنحنُ نُبدي ردة فعل عصبية غالبًا تجاه النصيحة التي تعاكس رغبتنا حتى لو تضمنت ما هو أفضل لنا، لأنه غالبًا لا يناسبنا اتخاذ القرار في لحظات التردد، مثلًا، أظن أنه ليس من الممتع مواجهة تجارب عاطفية أنت تتجنب مواجهتها طوال الوقت -فلو كان الأمر عكس ذلك لما تجنبتها- لذا فإن النصيحة التي سيقدمها أي شخص لك لإقناعك بالمواجهة في تلك اللحظة، ستجعلك غير مرتاح. ولكن ضع ذلك في عقلك.

من جهة أخرى، تحتاج إلى التفكير بعمق واستبطان أكثر عند سماع أي نصيحة، فالنصائح من الأصدقاء السيئين أيضًا ستجعلك غير مرتاح، ربما لا يريدون الخير لك، فإذا لم تعرف ماذا ستفعل، يمكنك سماع نصائح من عدة أشخاص ذوي ثقة بالنسبة لك، أو حتى ابحث في الإنترنت عن جلسات تأمل بإمكانك الاستفادة منها، ولكن احذر هنا من المشاهير الذين يقدمون النصائح في المنتديات العامة لمجرد السعي وراء الشهرة وملء الفراغ الداخلي لديهم، فربما هم مضطربون أكثر منك.


لن يوفر لك المستقبل الطمأنينة التي تسعى إليها من خلاله.. أبدًا

هذا كئيب للأسف، ولكنه واقعيّ تمامًا. غالبًا تنشأ معاناتنا من محاولة سيطرتنا على ما ليس لنا به تحكم أو سيطرة، ففشَلُنا في ذلك يقودنا إلى القلق، وغالبًا ما يكون الشيء الرئيسي الذي نحاول السيطرة عليه هو “المستقبل”، نريد أن نعرف -في الوقت الحاضر ومن وجهة نظرنا- أن الأمور ستكون على ما يرام في المستقبل، وأن ما نفعله هو لأجل مستقبل أفضل.. المستقبل غير مضمون أيضًا يا صديقي، فلا تقل إننا نتخبط الآن لأجل مستقبل أفضل، ربما ستعيش مستقبلًا أكثر تخبطًا، لذا لا أحد يعلم، وستموت في النهاية على أي حال.

أعتقد -ويعتقد بيركمان- أن هذه الحقيقة مريحة، فلن يغيّر أيُّ قَدْرٍ من القلق حقيقة أننا لا نستطيع معرفة المستقبل ولا التنبؤ به، لذا، نعيش حاضرنا مع وضع بعض الخطط، واعلم أن أي خطّة تضعها هي عبارة عن نواياك في الوقت الحاضر لا أكثر، وليست شيئًا لازم السيطرة عليه في المستقبل. لا تحاول تحسين حياتك في نظرك، ولا حياة الآخرين، ولا تستيقظ يوميًا قلقًا حيال ما إذا كانت الأمور ستسير على ما يرام أم لا.


الحل الوحيد لمتلازمة المحتال هي أن تتعايش معها!

أسرار الحياة

كلُنا تقريبًا لدينا متلازمة المحتال أو متلازمة إمبوستر (Imposter Syndrome)، وهي تجربة داخلية تقودك إلى الشعور بأنك لستَ مؤهلًا لما ستفعله أو تفعله الآن، ولكنك بالرغم من ذلك تفعله وبثقة “مزيفة” بالنفس. ببساطة تجعلك هذه المتلازمة تشعر وكأنك زائف، على مبدأ “ما الذي يمنحني الحق في أن أكون هنا؟”، نعم التقليل من النفس والقدرات، لذا نراها بشكل خاص لدى أصحاب الإنجازات.

ببساطة، تقبّل ذلك بوعي، كُن واعيًا ومدركًا تمامًا لعيوبك، وهي أول خطوة للمضيّ قدمًا بلا مشاكل. من المحتمل أن ترى صديقك يمشي واثقًا مختالًا بنفسه، يساعد هذا وذاك، ويُطفئ نيران القلوب أينما ذهب، إلّا أنه -غالبًا- من الداخل لديه متلازمة المحتال، ويسأل نفسه “ماذا فعلت أنا؟ أوه غالبًا هم لا يكترثون أصلًا لما أفعله”، وتجد من جهة أخرى أناسًا يفعلون تمامًا ما يفعله صديقك ولكنهم فخورون بذلك من قلبهم ويعلمون ماذا يفعلون. كن أنت مثل صديقك لا بأس، فإما أن تتقبل الأمر وتعتاد على ذلك شيئًا فشيئًا والمهم أنك تقدّم الخير بالتأكيد، أو يمكنك تدريب نفسك على أن تكون كالصنف الثاني من الناس.

اقرأ أيضًا: الحياة ليست حالة طوارئ.. إذا كنت تحرق نفسك لتحقيق أهدافك توقف!


من أسرار الحياة أن الإيثار أمر مبالغ فيه

تبالغ في الايثار

نحنُ نوعٌ محترم من الكائنات الحية، نشأنا على حُب و”لزوم” الإيثار، نشأنا على التفكير في أن جزءًا من حياتنا يجب أن يكون مخصصًا لمساعدة الآخرين، ونرى ذلك جليًا في الكثير من مقاطع الفيديو لمعلميّ المساعدة الذاتية، فهم مستعدون من الآن وحتى السنة القادمة، أن يأكدوا لك بأن الطريق إلى السعادة هو اللطف والكرم والعمل الطوعي المبالغ فيه، والحقيقة أننا نتأثر كثيرًا بهذا الكلام، ربما يتعلق ذلك بقضايا نفسية متجذرة بنا حول احترام الذات وعدم الشعور بالذنب، فنسعى إلى الإيثار.

ولكن يرى بيركمان أننا في طريقنا إلى الإيثار، ننسى أنفسنا، ألسنا أحق من غيرنا في تقديم المساعدة لأنفسنا وتوجيه المزيد من الطاقة في سبيل طموحاتنا الخاصة؟ لذا عزيزي، إذا كنت تميل إلى المزيد من التفكير في تقديم المزيد من المساعدة للآخرين، فغالبًا هذه علامة على وجوب مساعدة نفسك أولًا.

*تجدر الإشارة هنا إلى أن الكاتب لا يدعو إلى انعدام شعور الإيثار، ولكن كما ابتدأ نصيحته، “أمر مبالغ فيه”، لذا الإيثار جميل ولكن لا تبالغ فيه حتى لا تظلم نفسك.


حاول أن تعرف الوقت المناسب للمضيّ قدمًا..

أن تعرف أنك وصلت إلى نهاية عمل شيء ما، لتشكر نفسك على فعل ذلك، ثم تنتقل إلى المرحلة التالية من أهم أسرار الحياة على الإطلاق. ضع في اعتبارك كل ما يشجعك على التنفيذ، سواء كان ذلك هو القيمة المادية في عملك، أو أن مديرك يريدك أن تنجز ذلك في وقتٍ معين، فلكلٍ منا سببٌ يجعله يفعل أي شيء.

ذو صلة

بالنسبةِ لي، رأيت أعمدة بيركمان، وعموده الأخير، ألهمني أن أكتب عن خواطر هذا الكاتب، فسبق وأن أشرت إلى حبي للاقتباسات، قررت ذلك وناقشت مديري في الموضوع وشجعني. قرأت خواطره، وبعد عدة أيام من التفكير في كيفية البدء والكتابة، قررت البدء بتدوين الأفكار، وقد كان في تفكيري أنه لا يجب أن أتأخر في عملي هذا، وها أنا ذا قد انتهيت من الكتابة، شكرًا للقراءة، وبالنسبةِ لي، حان الوقت لإيجاد شيء ملهم آخر لأبحث وأكتب عنه.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة