دنيا الأعمال بسردية أدبية: كتب وروايات عن عمالقة المال منها ذئب وول ستريت

الإنسان يريد تحقيق النجاحات في حياته، بشتى صورها. ولن يتم تحقيق أي شيء بمعزل عن دنيا المال والأعمال التجارية بالطبع، إنهما سويًّا يمثلان الركيزة الأساسية لأي حياة يمكن لها أن تحقق السلام النفسي والاستقرار الاجتماعي لصاحبها. لكن بالمجمل الأمر ليس سهلًا، فهناك عشرات العقبات في المنتصف؛ عقبات سرد الكثيرون فيها مجلدات وكتبًا عملاقة، ودورنا في أراجيك أن نوفر عليكم المشقة، وأن نقدم لكم أبرز تلك الكتابات المثيرة للاهتمام في عالم الاقتصاد، بشكل مختصر.

اليوم نسرد لكم قائمة ممتعة بأهم الكتب التي تتحدث عن دنيا المال والأعمال في العالم بشكلٍ عام، بعض تلك الكتب مسرودة بأقلامهم الذاتية، وبعضها مسرود بأقلام آخرين عاصروهم وجمعوا عنهم معلومات دقيقة، بعضهم حقيقيون، وبعضهم خياليون ضمن روايات أدبية متخيلة، وسواء كنت تحب أيًّا منهم، فبالتأكيد ستجد ضالتك في هذه القائمة الدسمة والمباشرة.

والآن، هل أنتم مستعدون للتعرف على عمالقة المال في دنيا الأعمال بشيء من السردية الأدبية؟

الجميع قادرون: جمهورية القهوة كتاب غير أدبي لكنه كُتب بأسلوب روائي من تأليف سحر هاشمي، وهي سيدة إيرانية استطاعت أن تتقلد لنفسها مكانة عظيمة في بريطانيا بعد فرارها من إيران وحكمها غير السويّ في 1980. فور ذهابها إلى بريطانيا عملت على صنع سلسلة متاجر قهوة عُرفت بـ (جمهورية القهوة)، وبالفعل استطاعت أن تنافس ستار بكس في وقتٍ قليل.

المميز في حياتها ليس أنها ريادية أعمال ناجحة فحسب، بل أيضًا طالبة نجيبة في مدرسة الحياة. حيث دائمًا وأبدًا النجاح في عالم المال والأعمال لا يقتصر على فهمك لأصول التجاربة وكيفية سحق المنافسين وكل تلك الأشياء الخالية من اللون والطعم والرائحة، بل أيضًا ينطوي على المرونة في تقبل الضربة، ومحاولة التعافي من أثرها في أقرب وقت ممكن.

اقرأ أيضًا:

في هذا الكتاب تحكي هذه الريادية العملاقة قصتها منذ كانت فتاة صغيرة في إيران، إلا أن وصلت لمكانة أجبرت صحيفة ذا جارديان بنفسها، أن تكتب عنها قائلة:

قصة نجاح من أجل إثبات الذات، تحدي الناس، وإجبار الآخرين على تقبل الاختلاف. وقتها كانت بريطانيا مثل أي دولة أخرى، مفعمة بالعنصرية، بالضبط كالولايات المتحدة الأمريكية في نفس الحقبة الزمنية، فكان على سحر أن تتعامل مع الوضع بذكاء، وتنجح سريعًا لكي تضمن لنفسها مكانًا في هذا العالم المتسارع الذي لا يرحم المختلفين عنه!

كتاب عن المثابرة، الاهتمام بالعمل حتى ولو كان بسيطًا، ومحاولة النجاة في عالمٍ لا يرحم الأعمال التجارية والمشاريع الصغيرة. إنها قصة نجاح السيد دايفيد شانج، الرجل الذي قرر في 2004 أن يفتتح مطعمًا صغيرًا لتقديم المعكرونة، ولم يكن في باله أدنى فكرة أن عمله سوف ينفجر مع الوقت ليصير واحدًا من أنجح الأعمال في التاريخ المعاصر، ضامًا أكثر من 15 فرعًا على مستوى العالم تحت نفس الاسم، وضامنًا لصاحبه امبراطورية مستمرة بداية من عام 2018.

تم تصنيف كاتب كل خوخة – Eat a Peach كواحد من أهم الناس المؤثرين في القرن الحادي والعشرين، بجانب تحويل قصة حياته ونجاحه إلى عمل على نيتفليكس، وأيضًا بودكاست خاص به فقط. ترعرع دايفيد في ولاية فيرجينيا الأمريكية، لوالدين كوريين أتيا إلى البلاد عن طريق برامج الهجرة التي كانت تعسفية وظالمة للمهاجرين وقتها، لذلك كانت طفولته صعبة بعض الشيء.

لاحقًا استطاع أن يفتتح مطعمه الصغير ويضمن لنفسه مكانًا في المستقبل، وها نحن ذا نشجعكم على قراءة قصة الكفاح هذه، كمثال ضمن أمثلة عديدة على كيفية النجاح في عالم المال والأعمال بالرغم من وجود منافسين أقوياء على الساحة، بل وحتى وجودهم يسبق وجودك بعشرات العشرات من السنين، وجمهورهم يبدو ساحقًا لجمهورك الذي لم يكمل بضع مئات بعد.

هذا الكتاب دليل دامغ على أنه لا يجب السماح لليأس بالتسرب إلى النفوس مع أول مطب من مطبات الحياة، وأن الحياة كلها ما هي إلا محاولة مستمرة للتغلب على الصعاب التي لا تنتهي فعلًا، هذه هي الحكمة الأولى والأخيرة من الكتاب.

واحدة من أبدع أعمال الكاتب فيليب روث حقًا، فمن أعماله السابقة لدينا رواية The Ghost Writer الشهيرة التي تم تحويلها إلى فيلم يحمل نفس الاسم من بطولة إيوان مكريغور في 18 فبراير 2010، وحقق نجاحًا ملحوظًا في شباك التذاكر وقتها، وحتى وقت كتابة هذه الكلمات، يتم ترشيحه في مجموعات الأفلام على فيسبوك عند طلب أحد لفيلم ينتمي إلى عالم الأدب، لكن مع حبكة إثارة ممتازة.

لكن بعيدًا عن هذه الرواية وهذا الفيلم، تأتي رواية حكاية أمريكية لتكون هي أجمل كتابات روث حصرًا. الرواية لا تنطوي على محور واحد متحدث عن المال والأعمال كما تعتقدون، بل هي رواية شاملة، تقص علينا حكاية صعود الإنسان من الهاوية، ثم هبوطه إليها مرة أخرى. وفي الصعود والهبوط مراحل وقصص وحكايات، كلها بالطبع تحتاج إلى أن تُروى على الجمهور بأنامل كاتب عبقري مثل روث.

حصلت الرواية على جائزة البوليتزر عام 1998، وتتحدث عن الرجل السويدي الذي تزوج ملكة جمال فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ليرث لاحقًا من أبوه مصنع قفازات عملاق، ليبدأ بعدها رحلته في عالم المال والأعمال لأول مرة في حياته. حقق نجاحًا كبيرًا، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن عندما تتحول فتاته من صغيرة ذكية، إلى مراهقة عصبية تجلب له المشاكل.

وبمجرد فعلٍ أخرق في السياسة الأمريكية وقتها، تم نزع كل ألقاب الحياة الفارهة التي اعتاد عليها البطل، ليدخل في معمعة الحروب السياسية الظاهرة والباطنة للمجتمع الأمريكي. لذلك بالمجمل هذه الرواية تنطوي على محاور درامية، سياسية، مالية، وغيرها من المحاور والتصنيفات التي تجعلها فعلًا رواية متكاملة وتستحق أن تتم مطالعتها على مهل.

بعيدًا عن التجسيد الغريب والعجيب لهذه الرواية في التلفاز المصري، فإن رواية لن أعيش في جلباب أبي للعبقري إحسان عبد القدوس، لا يجب أن تُظلم بمجرد تجسيد رديء على تلفاز لم يصل إلى مستوى يجعله مقبولًا بعد وقتها. الكثير يعرفون قصة نجاح عبد الغفور البرعي، واهتمامه الشديد بطبق الكشري الذي تقدمه له فاطمة في صباح كل يوم بالحارة التي يعمل فيها بعد أن قرر الاستقلال وبدء حياة جديدة لن يكون فيها بداخل ظل أبيه، بل سيكون فيها هو ظل نفسه، ونفسه فقط، شارعًا في دخول عالم المال والأعمال من أضيق أبوابه.

قصة عن العصامية ومحاولة بدء حياة في مكان جديد مع ناس لا يعرفونك على الإطلاق، ناس تعتمل الضغينة بداخلهم على الدوام، ولا يريدون لأحد أن ينجح في هذه الحياة سواهم. وبالرغم من كل شيء مر به عبد الغفور البرعي، إلا أنه استطاع أن يصنع الامبراطورية المصرية التقليدية المعروفة في ذلك الوقت من الزمان، امبراطورية (المِعَلِمْ) الذي يجمع حوله الفتية ليعملوا ليل نهار وليبقوا عجلة رأس المال دائرة.

سلط إحسان عبد القدوس الكثير من الضوء على مرحلة ما بعد الحادثة، فبدلًا من إيصال البطل لمرحلة المال والجاه المطلقين ثم إغلاق القصة بنهاية سعيدة، قرر أن يغزل خيوطًا أخرى للقصة، جاعلًا من حياة عبد الغفور قصة فعلًا تستحق أن تتم حكايتها بمزيج من الشغف تارة، والتأفف من الحالة المعيشية المزرية للشعب المصري وقتها تارة أخرى.

عمل آخر للعبقري إحسان عبد القدوس يعد من أبرز الأعمال التي تدور في خبايا دنيا المال والأعمال بالطبع، لكن هذه المرة بأسلوب مختلف وتقديم مميز، فهذه المرة نحن لسنا أمام رواية طويلة أو قصيرة، نحن أمام قصة قصيرة، وهو فعلًا أستاذ في نسج القصة القصيرة!

تاريخ حياة أحد اللصوص هي قصة قصيرة خيالية ضمن كتابٍ كامل يضم مجموعة منها، وهذه القصة بالطبع هي أبرزهم وأطولهم، وهي التي استحقت أن تكون عنوان الكتاب. بالمجمل يحاول إحسان هنا تسليط الضوء على حياة الناس المهمشين تارة، وفاحشي الثراء تارة أخرى، موضحًا أن السرقة ليست دائمًا مصبوغة بالفقر، وأن ريش النعام لا يعني بالضرورة أنه آتٍ من خزنة صاحبه.

كتاب قصير، لكن دسم في المحتوى، وبالتأكيد سينتهي معك بعد أكثر من جلسة.

آخر عمل في قائمة اليوم، وأبرز عمل كذلك.

إذا كنت تريد قراءة سيرة أحد أباطرة المال والأعمال فبالتأكيد لا يوجد مَن هو أقوى من جوردان بيلفورت، الرجل الذي نزح إلى شارع وول ستريت متسلحًا بمهاراته في الإقناع فقط، وسرعان ما صار واحدًا من أقوى ذئاب التجارة المتحلفة بالمخردات في الولايات المتحدة الأمريكية.

تم تحويل السيرة الذاتية ذئب وول ستريت – The Wolf of Wall Street إلى فيلم يحمل نفس الاسم من إخراج مارتن سكورسيزي وبطولة ليوناردو ديكابريو، وحقق نجاحًا ساحقًا في شباك التذاكر، وحتى وقتنا هذا هو واحد من الأعظم في تاريخ السينما المعاصرة.

بيلفورت مجرم بدون شك، لكن تخليه عن عالم الجريمة بعد خروجه من السجن هو الذي جعل لسيرته مغزى وعبرة، وجعلها فعلًا تستحق القراءة.

وفي النهاية، المال والأعمال هما سحر الحياة، على الأقل بالنسبة لي. اليوم سردنا لكم قائمة بها أبرز ما تم ذكره في هذا العالم الذي أسر الملايين في الماضي، الحاضر، وسيستمر في أسر الملايين في المستقبل. كتب دسمة، وروايات خيالية مميزة، وكذلك مقدمة لخلاصة خبرات أغنى الرجال والنساء في كوكب الأرض. لكن يجب التنويه على أن قراءة الكتب ليست كل شيء، بل الأمر كله يرجع لاتباع التعليمات وتطبيقها بشكلٍ عمليّ في أرض الواقع، وربما فعلًا تصير حياتكم المادية أفضل على المدى الطويل.

لك أيضًا: