تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء العرق الآري؟ ربما نعم أو لا

هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء العرق الآري؟ ربما نعم أو لا
آلاء عمارة
آلاء عمارة

15 د

في كتابه الشهير “كفاحي”، قال أدولف هتلر:

“نجد أنّ كل ما تطالعنا به الحضارة البشرية من نتاج الفن والعلم والتكنيك، يكاد يكون كله ثمرة النشاط الآري الخلاق، وهذا الواقع يجيز لنا أن نستنتج بحق أنّ الآريين قد أسسوا في الماضي بشرية متفوقة.. لقد كان الآري وما زال المشعل الإلهي الذي يضيء السبل أمام البشر، فشرارة العبقرية الإلهية انبعثت دائمًا من جبينه المشرق، وهو الذي قاد الإنسان على دروب المعرفة. ودله على السبل التي تجعل منه سيد الكائنات الحية على هذه الأرض، فإذا توارى الآري، يغشى البسيطة ظلام دامس، وتتلاشى الحضارة البشرية في بضعة قرون ويستحيل العالم فقرًا.”

تحدث هتلر كثيرًا عن العرق الآري، وذكر في كتاباته وأحاديثه مدى نقاء وعراقة الآريين. كان هتلر من مؤيدي داروين فيما يخص البقاء للأصلح، واعتنق هذا المبدأ وقرر أنّ العرق الآري هو الأقوى والأفضل، وذكر في نفس الكتاب أنّ النكسات التي تعرضت لها الحضارة البشرية، تعود لاختلاط الأعراق، ما أدي إلى شيئين:

  • تدني مستوى العرق المتفوق. (يقصد الآريين)
  • تأخر مادي وروحي، يُفضي في النهاية إلى التفسخ والإنحلال.
هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء الجنس الآري؟ ربما نعم أو لا

صورة لـ هتلر.

زعم هتلر أنّ العرق الآري هو مُوجد الحضارة البشرية القديمة، وصنفه على أنه سيد الأجناس كلها، أي يتوقف عليه ارتقاء أو اضمحلال تقدم الحضارات البشرية. ربما كانت لوجهة نظره هذه دور في قتل 6 ملايين من اليهود الألمان. لكن، هل كان هتلر على حق فيما يتعلق بذكاء العرق الآري؟ أم أنّ هذا ما هو إلا انحيازًا لبني جلدته؟

اختلافات البشر في اللون أو الشكل أو الدين أو الطباع أو.. إلخ، كلها مفهومة وجميعنا يستوعبها، لكن هل تؤثر هذه الاختلافات على مستوى الذكاء؟ حسنًا، إجابة مثل هذا السؤال صعبة وتحتاج إلى النظر من زوايا عديدة، لنبدأ..

اقرأ أيضًا:  من شابه أباه فما ظلم… هل الذكاء مكتسب أم للجينات يد خفية في الأمر؟


اختلاف العرق

هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء الجنس الآري؟ ربما نعم أو لا

بعدما اكتُشفت الأمريكتين عام 1492، وهمّ رجال الأعمال الأوروبيين للذهاب إلى تلك البلاد الواعدة، أحضروا أعدادًا كبيرة من السود سكان بلاد القارة الأفريقية، ليكونوا عبيدًا للأبيض الأوروبي.. بمرور الزمن، ومع اقتراب انتهاء الرق، تحرر الأمريكيين من أصول أفريقية، وصاروا مواطنين حاملين للجنسية الأمريكية.

تسعى هيئات حقوق الإنسان دائمًا لمساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، لكن يبدو أنّ اختلافات العروق ستظل عائقًا على عدة مستويات، ويظهر ذلك جليًا في الاضطهادات والعنصرية الواضحة في بلاد تتخذ من الحرية شعارًا لأسباب عديدة، تحتاج إلى تقرير آخر. لكن هنا سنلقي الضوء على اختلاف آخر محير. إنه اختلاف العرق وتأثيره على مستوى الذكاء!

وُجد أن الأمريكيين الأوروبيين يحققون علامات أكبر من الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية في اختبارات قياس الذكاء الدراسي، والأدهى من ذلك، ظهر هذا التفاوت في العلامات قبل دخول الأطفال رياض الأطفال. لكن هذا لا يعني أنّ مستوى ذكاء جميع السود أقل من البيض. في نفس الوقت، سجل نحو 75% من السود علامات أقل من الآخرين، ما يعود على البلاد بالعواقب الوخيمة سواء اجتماعية أو اقتصادية في المستقبل.

فوفقًا لموقع “U.S. Census Bureau“، في عام 2019، كان الأمريكيين من الأصول الأفريقية يشكلون 13.4% من سكان الولايات المتحدة، وهي نسبة غير قليلة وتؤثر بقوة على الاقتصاد العام للبلاد.

ملخص السابق أنّ الولايات المتحدة تواجه عدة مشكلات، منها انخفاض علامات الأمريكيين السود في اختبارات الذكاء، وارتفاع نسبتهم بين السكان، ما يحفز الدولة على البحث عن حلٍ فعّال لهذه المعضلة، على الأقل لتحقيق المساواة التي تطمح إليها والتخلص من الصراع العنصري، فعند إغلاق هذه الفجوة، ستزداد فرصة ارتفاع أعداد السود الذين أكملوا دراستهم الجامعية، حتى يتساوى عددهم مع البيض، وبالتالي تتحسن المعايير الانتقائية للجامعات، إذ تعتمد بعضها على اختلافات العروق -بحجة تفاوت درجات الذكاء- ما يقلل من حدة الصراعات العنصرية في المجتمع الأمريكي.

عام 1932، أُجريت اختبارات لقياس مستوى الذكاء، ومنذ ذلك الحين، لُوحظ ارتفاع متوسط ذكاء الأفراد في جميع أنحاء العالم، وظهر ذلك جليًا في اختبارات جامعة ستانفورد التي أُجريت عام 1978، وأظهرت أن 82% من الأمريكيين ارتفع متوسط معدلات الذكاء لديهم وسجلوا علامات أعلى من ذويهم الذين أجروا اختبارات عام 1932. وفي حالة الأمريكيين السود خاصة، لُوحظ أنهم سجلوا علامات أعلى. منذ عام 1970، أظهرت تقديرات التقييم الوطني للتقدم التعليمي (NAEP) انخفاض فجوة القراءة والاطلاع بين الأطفال في سن الـ 17 من السود أو البيض بين عامي 1971-1994. كل هذا ساهم في تضييق فجوة الذكاء بين الأمريكيين السود والبيض، ولم ينتج هذا عن انخفاض متوسط ذكاء البيض مثلًا، وإنما نتيجة ارتفاع معدل ذكاء السود. لكن مهلًا، من أين تأتي هذه الفجوة من الأساس؟

في ستينات القرن الماضي، أُلقي اللوم على 3 عوامل وهي:

  • فقر الأمريكيين السود.
  • العنصرية الواضحة.
  • إهمال مدارس السود.

مع ذلك، كانت علامات اختبارات أطفال السود الأغنياء منخفضة عن ذويهم من أطفال البيض الأثرياء. وبمرور الزمن ضاقت الفجوة بين السود والبيض، عندما وُفرت لهم الإمكانات الدراسية المساوية للبيض. وأشارت الدراسات التي أجريت في هذا الصدد إلى تأثير البيئة الواضح، فقد حصل الأطفال السود الذين تبناهم آباء بيض على علامات مرتفعة في الاختبارات أثناء مرحلة الطفولة (قبل المراهقة)، ما يعني أنّ البيئة تؤثر على مستوى الذكاء وبقوة، فلا يوجد أي دليل وراثي يُرجع الاختلاف بين الأسود والأبيض إلى الجينات. (سنطرح رأي الجينات في هذا الأمر بعد قليل)

في الآونة الأخيرة، أصبح التركيز صوب الثقافة والبيئة، لمعرفة المزيد عن التأثيرات النفسية على مستوى ذكاء الطفل، وهذا ما شجع عليه معظم علماء النفس. ببعض من التفكير، هل سيتساوى أطفال تربوا مع عائلة ليست متعلمة أو تعليمها محدود مع طفل آخر نشأ وسط أبوين متعلمين واعيين للحياة والعالم؟ بالطبع لا، هذا ما أيّده العلماء، فالأطفال الذين تربوا في العائلات السود -في الغالب- لا يكتسبون مفردات كثيرة مثل التي يتلقاها الأبيض الذي يعيش بين أبوين على مستوى أعلى من الثقافة.

باختصار شديد، إنها ثقافة الأسرة هي التي تحسم أمر انخفاض مستوى ذكاء الأطفال السود قبل المدرسة، بسبب النشأة، فالأمر يتعلق بكيفية تفاعل الأب والأم مع الأطفال وطريقة تعاملهم معهم. لذلك، يرى العلماء أنه يجب الاهتمام بأولياء الأمور وتطويرهم تمامًا كما يسعون لتطوير الأطفال، فالأب والأم هما مربط الفرس.

اقرأ أيضًا: من “عليك الأمان” إلى أنا “أحبك أو أحترمك”: تعرف على ما يمكن أن تنقله التحية بشكلها البسيط من التواصل


اختلاف الدين والمعتقدات

كانت هذه النقطة غريبة بعض الشيء بالنسبة لي، عندما كنت أبحث، لقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة وجود علاقة سلبية بين التدين والذكاء. أي أنّ الشخص المتدين أقل ذكاءً من غير المتدين. ما أثار حيرتي وفضولي حقًا، هو أنّ هناك العديد من الأمثلة لعلماء عِظام، كانوا أشخاصًا متدينين وآخرين غير متدينين، وهناك من تخلى عن الدين تمامًا وبعضهم احتاروا واصطفوا وراء مصطلح لا أدري!


منهم المتدين والملحد واللا أدري

هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء الجنس الآري؟ ربما نعم أو لا

يذكر التاريخ لنا، الإمام “الشافعي”، الذي كان يقرأ صفحة من الكتاب ويحفظها من أول مرة، لقد كان أيقونة للعلماء المسلمين في العلوم الخاصة بالشريعة الإسلامية، وعُرف بذكائه الحاد، وقدرته المذهلة على حل المعضلات الفقهية.. هناك أيضًا عالم الأحياء والوراثة النمساوي “مندل”. الذي يُدرس علمه واكتشافاته المذهلة حتى يومنا هذا، لقد كان رجل دين مسيحي وراهب في الدير.

من ناحية أخرى، لدينا عالم الفيزياء والفلك العبقري “ستيفن هوكينغ”، الذي أعلن إلحاده وتخليه عن الدين بصراحة. ولا ننسى “كارل ساغان”، صاحب سلسلة وثائقيات الكون، ومؤلف كتاب الكون العبقري، الذي جعل العامة يُطلون على الكون من خلال نافذة كتبه وأعماله، لقد صرح بإلحاده أيضًا..

الرجل الذي اختلف عليه التاريخ والعلماء وطعن البشرية في كبريائه، ووضع نظرية أثارت الجدل لقرون وما زالت.. إنه “تشارلز داروين”، بالرغم من تزعزع عقيدته، إلا أنه رأى أدق وصف له “لا أدري”، وهو الشخص الذي لا يصدق ولا يكذب الأديان. أطلق هذا المصطلح “توماس هنري هكسلي”، صديق داروين المقرب. وعلى نفس المنوال، كان “ألبرت أينشتاين”، عالم الفيزياء المعروف، يعرف نفسه على أنه لا أدري أيضًا، بالرغم من نشأته في بيت لا يهتم بطقوس الديانة اليهودية ويراها تقاليد بقيت في التراث، أصر أينشتاين على ممارسة طقوس اليهودية، وعندما كان يسأله أي شخص، يرد قائلًا: “عجبًا، لا أدري!”.

إضافة إلى ذلك كله، أثناء الحقبة الزمنية التي عاش فيها السيد داروين -القرن التاسع عشر- كان رجال الدين يتجهون إلى دراسة الطبيعة، حتى إنه عند البحث عن الكثير من علماء الطبيعة في ذلك الوقت، كانوا في الأساس رجال دين، يعملون في الأديرة ويُجرون تجاربهم هناك. ويذكر أيضًا عدد من العلماء المسلمين، من أمثال ابن سينا وأبي بكر الرازي وابن البيطار وابن النفيس والخوارزمي وآخرين.

يجتمع هؤلاء العلماء جميعًا في صفة الذكاء، لا، ليس الذكاء، بل إنها العبقرية التي جعلتهم يسبقون الزمن بعلمهم وما توصلوا إليه. ولكنهم يختلفون في الخلفية الدينية، هناك من تمسك بالدين أكثر في رحلته العلمية، وهناك من تخلى عنه، وبعضهم وقف حائرًا، لا يستطيع جزم أو نفي ما تقوله الكتب الدينية. (يذكرني موقفهم هذا بمحمود درويش عندما قال: “وآه من خطوة واقفة!” 🤔)

حسنًا، أردت ذِكر الأمثلة السابقة قبل الخوض في الدراسات التالية، لغرض في نفس يعقوب! سنتعرف عليه بعد قليل..

(ملاحظة: السطور القادمة تستند إلى دراسات أُجريت على أشخاص من ديانات محددة، وليس كل الديانات، ما يعني أنها قد لا تكون صحيحة بنسبة 100%، فهناك العديد من الاستثناءات، ذكرنا أمثلة عليها، بعبارة أخرى، إنها معلومات منقولة لك، فقط للأمانة العلمية، ولها ضرورة في حديثنا هنا، مستعدون؟ هيا بنا)

اقرأ أيضأ: هنا تكتمل الحلقة.. عن رباعية فلويد وكورونا وترامب والعنصرية!


بين الشك والإيمان.. دراسة أثارت الجدل

هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء الجنس الآري؟ ربما نعم أو لا

صورة لدكتور “ميرون زوكرمان”

عام 2013، نُشرت دراسة في مجلة “Personality and Social Review“، بقيادة الأمريكي “ميرون زوكرمان“، وهو أستاذ في علم النفس بجامعة روتشستر. كانت الورقة البحثية بمثابة تحليل إحصائي لـ 63 دراسة على مدار ما يقرب من 84 عامًا لفئات مختلفة من العامة والبالغين والمراهقين تحت سن الجامعة. أفادت الدراسة بما يلي:

  • وجود 35 علاقة سلبية بين الذكاء والتدين، أي كلما كان الشخص ذكيًا، قلت احتمالية أن يكون متدينًا.
  • ظهرت علاقتان إيجابيتان بين الذكاء والتدين. بمعنى، كلما كان الشخص أكثر ذكاءً، زادت احتمالية أن يكون متدينًا.
  • هناك 26 دراسة لم توضح وجود أي علاقة إحصائية بين الذكاء والتدين.

وتُعزى هذه النتائج إلى أنّ الأشخاص المتدينين يكونون أكثر ميلًا للعاطفة عن غير المتدينين الذين يميلون إلى مقاومة العقيدة الدينية، فالدين مرتبط بالفطرة أو الغريزة، وكلما مال الشخص للغريزة، قل إعمال عقله، حسب رأي مؤلفي الدراسة.

حسنًا، كانت هذه الدراسة مثيرة للجدل، حتى إذا جربت البحث عن اسم مؤلف الدراسة على جوجل، ستجد في الاختيارات التي يقترحها محرك البحث (Miron Zuckerman Religion)، بالضبط ما تفكر به صحيحًا، لقد بحث الكثير من الناس عن ديانته عندما نُشرت هذه الدراسة. (ربما أنت أيضًا ذهبت للبحث عن ديانته قبل قراءة سطور هذه الفقرة أو ستبحث عنه بعد قرائتها.)

بغض الطرف عن ديانة مؤلف الدراسة، ظهر في حديث زوكرمان مع صحيفة الواشنطن بوست في موضوع منشور في يوم 16 أغسطس عام 2013، أنّ هذا الباحث غير متعصب ضد الأديان، فقد أوضح للواشنطن بوست غايته من هذه الدراسة وهي إظهار أنّ الذكاء ليس حِكرًا على المتدينين. أما فيما يتعلق بفهم معظم الناس عن ارتباط التدين بالغباء، ما شجع بعض اللادينيين أو الملحدين المتعصبين لاتخاذ هذا البحث حُجة لهم.

في هذا الصدد علق زوكرمان قائلًا: “إذا كُنت مؤمنًا بالله فلا بد من أنني غبي.. هذه رسالة خاطئة”، وأضاف: “هناك العديد من الوظائف التي نغطيها تؤكد على أنّ المتدينين أفضل من غير المتدينين في أشياء كثيرة، حيث يوفر الدين مشاعر طيبة مثل تقدير الذات والإحساس بالسيطرة، ما يعني أنّ هناك فوائدًا للمتدينين” (بالمناسبة، كانت الفئة المتدينة في هذه الدراسة من المسيحيين).

تُشير التصريحات السابقة لـ “زوكرمان” إلى أنّ هذه الدراسة ليست لمهاجمة الأديان أو المتدينين، بل إنها توضح أنّ الشخص غير المتدين قد يكون ذكيًا أيضًا. (ظلمنا الرجل)

أثارت هذه الدراسة الجدل -كما ذكرنا – ما أجبر المؤلف على إعطاء هذه التصريحات وقتها. حتى إنّ بعض رجال الدين المتابعين للعلوم قد استاءوا من هذه الدراسة كثيرًا. على أي حال، تسبب هذا البحث في الفهم الخاطئ لأغلب الناس، حتى بحثت جيدًا عن تصريحات مؤلف الدراسة وفهمت غايته أو فكرته العلمية. وهو ما يفسر وجود عباقرة من أمثال ستيفن هوكينغ وكارل ساغان. في نفس الوقت، لا يُنكر وجود علماء أذكياء متدينين مثل الإمام الشافعي ومندل. كما لا يقلل من قيمة اللا أدريين من أمثال داروين وأينشتاين.

عرضت نماذج لثلاثة أنواع من البشر وفقًا لمعتقداتهم الدينية (متدينين – ملحدين – لا أدريين)، اشتركوا في العبقرية، واختلفوا في الاتجاهات الدينية، لكن هذا يدعونا للتساؤل، هل هناك شيء مشترك بين هؤلاء الثلاثة؟ بصيغة أخرى، هل هناك عوامل أخرى تؤثر على مستوى الذكاء؟ سنرى الآن، قبل ذلك، أود التطرق إلى دراسة سريعة..


واحدة أخرى..

عام 2010، نُشرت دراسة في مجلة “Mankind Quarterly“، ومؤلفها “دونالد تمبلر“، تقارن بين مستوى ذكاء الدول المسلمة اليوم وغير المسلمة. وخلصت النتائج إلى أنّ البلاد المسلمة أقل ذكاءً من غير المسلمين.

حسنًا، هذه دراسة أخرى، تفيدنا في السطور القادمة، لقد أقر مؤلف الدراسة بأنّ المسلمين عاشوا عصر الإسلام الذهبي من القرن السابع إلى السابع عشر الميلادي، حيث ارتقاء الفكر والاختراعات التي ابتكرها جهابذة من العلماء المسلمين العرب، وعبر عن حيرته فيما وصلت إليه البلاد الإسلامية اليوم، وانخفاض مستوى الذكاء هكذا.. تُرى ماذا حدث؟


الجينات.. على الأصل دور

هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء الجنس الآري؟ ربما نعم أو لا

تحدثت في تقرير سابق عن تأثير الجينات على مستوى الذكاء، لكن لنُلخص الموضوع الآن. في دراسة نُشرت في مجلة Nature العالمية عام 2014، بقيادة “روبرت بلومين“، أستاذ علم الجينات السلوكي بجامعة كينجز كوليدج في لندن بالمملكة المتحدة. أفادت الدراسة وجود آلاف من الجينات التي تؤثر على الذكاء، كما تزداد فرصة التعبير عن جينات الذكاء في مرحلة البلوغ، إذ تظهر نسبة 20% منها أثناء الطفولة، وتزداد إلى 40% أثناء فترة الطفولة أيضًا، وفي البلوغ قد تصل إلى 80%.

في دراسة أخرى نُشرت عام 2017، في مجلة “Nature Genetics” بقيادة “Suzanne Sniekers”، على 60 ألف فرد بالغ و20 ألف طفل، لمعرفة الجينات المسؤولة عن الذكاء. أظهرت الدراسة وجود نحو 40 جينًا جديدًا مسؤولًا عن الذكاء، وبالتالي زادت عدد الجينات المعروفة بتأثيرها على مستوى الذكاء إلى 52 جينًا. من ناحية أخرى، درس مؤلفو الدراسة حالات التوائم وتأثير تلك الجينات عليهم والعوامل الأخرى التي تتحكم في تفاوت درجات الذكاء مثل البيئة ووسائل التغذية وغيرهما.


الجينات وحدها لا تكفي.. البيئة تحكم

هل كان هتلر على حق فيما يخص ذكاء الجنس الآري؟ ربما نعم أو لا

اتفقت أغلب الدراسات على أنّ الذكاء وراثي، لكن هناك عدة عوامل تؤثر عليه، إما تطوره أو تعجزه عن الظهور بالصورة المناسبة. أهمها البيئة. واتضح هذا جليًا من خلال دراسة التوائم التي أظهرت الفروق بين مستويات الذكاء لدى التوأم اللذين عاشا في بيئات مختلفة.


هتلر والعرق الآري والعرق والدين والجينات.. مربط الفرس


الإثنية مقابل العرق

يختلط على بعض الناس مصطلحي العرق والإثنية، ويعتقد أغلبهم أنهما كلمتان مترادفتان، لكن في الحقيقة، لكل كلمة معنى وتعريف خاص:

  • العرق: مصطلح يعبر عن مجموعة من البشر الذين تجمعهم صفات جسدية مشتركة مثل لون البشرة، أي أنها اختلافات بيولوجية.
  • الإثنية: وهو يشير إلى مجموعة من البشر يشتركون في خلفية ثقافية واحدة مثل الجنسية أو اللغة أو اللهجة. أي أنها اختلافات ثقافية أو فكرية.

(لتوضيح الفرق أكثر، الأبيض الأوروبي يمثل العرق، لكن سكان بريطانيا يمثلون الإثنية).

نشأ مصطلح العرق “Race” أثناء القرن الثامن عشر على أيدي علماء الأنثروبولوجيا والفلاسفة، عندما أرادوا تقسيم البشر بناءً على الصفات المظهرية والموقع الجغرافي، ما أدى إلى ترسيخ فكرة وجود اختلافات بيولوجية بين الأعراق المختلفة من ضمنها الجينات. (معلومة ربما تهمك، مصطلح Racism بالإنجليزية يعني العنصرية، وهو مشتق من كلمة Race).


الجينات مقابل العرق

تسبب هذا التقسيم في ظهور فكرة تفوق الأبيض الأوروبي على الأجناس الأخرى، ما جعل فكرة استعباد البشر السود سائغة، وأتى الأفارقة السود إلى البلاد الغربية وأمريكا في سلاسل وجعلوهم عبيدًا إلى أن قامت بعض الحركات ضد العنصرية، لكن على أي حال، ما زالت العنصرية موجودة حتى يومنا هذا، دون تبريرات منطقية، واحدة منها أنّ هؤلاء سود البشرة ليسوا بشرًا من الأساس، وهذا ادعاء كاذب لا محل له من الصحة.

بناءً على فكرة الأعراق، جاءت الأفكار المنحازة لوجود اختلافات بيولوجية بين الأعراق المختلفة، منها الجينات مثلًا، كما ذكرت منذ قليل، للجينات يد عليا في توريث الذكاء، لكن البيئة والخلفية الاجتماعية تحكم. ولا يجوز أن نقول الرجل الأبيض الأوروبي متفوق على الآسيوي أو الأفريقي في الذكاء بسبب الاختلافات البيولوجية مثلًا. كلا، إنّ الأمر يتعلق أكثر بالبيئة التي قد تحفز الجينات المسؤولة عن الذكاء للتعبير عن نفسها بصورة جيدة أو تمنع ظهورها بالشكل المناسب. وهنا تذكرت مقولة أو اقتباس للعالم المصري الراحل دكتور أحمد زويل -رحمه الله- حين قال:


“الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل”


صورة لدكتور أحمد زويل.

أما بالنسبة لمسألة الأعراق والاختلافات البيولوجية، فقد أشار العلماء إلى أنّ هناك اختلافات جينية فعلًا بين البشر، لكنها لا تبرر فكرة تفوق عرق على آخر، فهناك العديد من الاختلافات بين أفراد نفس العرق، والاختلافات البيولوجية هذه غير منطقية -بالمرة- فالبشر بشكل عام متشابهون في الجينات أكثر من كونهم مختلفين في بعض الجينات التي مثلت الألوان مثلًا. بعبارة أخرى، لا يوجد تبرير لتقسيم البشر بيولوجيًا إلى أعراق.


الدين والذكاء

يتركز أغلب المسلمين في المنطقة العربية، إليك تقرير منظمة الصحة العالمية “WHO” عن حال بلاد المسلمين عام 2011:

  • نصيب الفرد في دول المسلمين من الإنفاق السنوي للصحة يمثل خُمس نصيب البلاد التي لا يشكل المسلمون أغلب سكانها.
  • معدل وفيات الأمهات في بلاد المسلمين أكثر من البلاد الأخرى.
  • يزداد معدل تعليم الأفراد في البلاد التي لا يشكل المسلمون الأغلبية بها عن بلاد المسلمين. (هل تتذكر مقولة أحمد زويل؟)

ذكرنا منذ قليل تأثير البيئة على مستوى الذكاء، كما أشرنا إلى تقدم المسلمين في القرون الذهبية للحضارة الإسلامية. أي، لا تؤثر الأديان على مستوى الذكاء، وإنما البيئة والجينات هما العاملان الأقوى. أما بيولوجيًا، فلا فرق بين عرق وآخر لأن ببساطة..

اقرأ أيضأ: قصص فشل لعظماء ومشاهير تحولت إلى نجاح أبهر العالم: عرفوا العنصرية والعنف لكنهم لم ييأسوا


جميعنا ننتمي إلى عرق واحد

تمامًا كما قرأت الآن، جميعنا ننتمى إلى عرق واحد وهو البشرية. إذا توفرت الظروف المناسبة لكل فرد من بني البشر ليصبح أكثر إبداعًا وذكاءً سيحدث ذلك. أما عن التكهنات بشأن تفوق عرق عن عرق، فالرد المناسب هنا هو أننا جميعنا ننتمي إلى عرق واحد للأسباب التي ذكرناها.

وأخيرًا.. لنجب عن السؤال المطروح في بداية التقرير، هل تتذكره 🤔؟ حسنًا إنه “هل كان هتلر على حق فيما يتعلق بذكاء العرق الآري؟” وللإجابة عليه، اقرأ التقرير مرة أخرى إذا لم تتوصل للإجابة بنفسك..

(أردت كتابة كلمات قصيدة عظيمة للشاعر أنيس شوشان، لكن وجدت الأفضل أن أترك رابط الفيديو هنا لتسمعه، ثم أخبرني بالمغزى، ستستمتع حقًا 🧡)

ذو صلة

يا أيها السيدات والسادة

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة