تريند 🔥

🤖 AI

من الصرخة إلى مذكرات الجنون: كتب حكت قصص مرض مؤلفيها

من الصرخة إلى مذكرات الجنون: إليك كتب حكت قصص مرض مؤلفيها
مي رفعت
مي رفعت

8 د

عندما نشرع في قراءة أحد الأعمال ربما لا نكون مُلمين بما وراء هذا العمل، وما واجه الكاتب ليخرج هذا العمل إلى النور. فالكاتب لا يعنيه أن تعرف كم التخبطات التي مرَّ بها. لكن ماذا لو أنك تقرأ إحدى السير الذاتية لأحد الكُتاب، فهنا عزيزي القارئ يكون الكاتب حريصًا على إدخالك في الحالة الشعورية والوجدانية التي عاشها بكلّ تفاصيلها؛ لتكون مصدرَ إلهامك أو دَفعة لك في حياتك. في هذا المقال اسمح ليّ قارئي العزيز أن أقدم إليك كتباً حكت قصص مرض مؤلفيها، وتجاربهم الخاصة في مواجهة أشد ما يطرأ على الإنسان ويُعجزه ألا وهو المرض.

تعرف على مجموعة كتب حكت قصص مرض مؤلفيها

كتب حكت قصص مرض مؤلفيها

لكل كاتب رواياته وأعماله، التي ربما تكشف بشكل أو بآخر جانبًا من جوانبه الشخصية. لكن.. ماذا لو خطت يداه ودون قلمه سيرته الذاتية التي تكشف بكل وضوح جانبًا مهمًا -لم نلمسه من قبل- عن حياته وعن رحلة مرضه؟


أثقل من رضوى – رضوى عاشور

أثقل من رضوى - كتب حكت قصص مرض مؤلفيها

تقول رضوى عاشور:


وكأنَّ همًا واحدًا لا يكفي، أو كأنَّ الهمومَ يسأتنسُ بعضها ببعض، فلا تنزل على الناسِ إلا معًا.

صرخةٌ واحدةٌ لا تكفي يا رضوى، وهمٌ واحدٌ لم يُصبكِ ولكن استأنست بكِ الهموم واحدًا تلو الآخر. في كتاب أثقل من رضوى تحكي لنا الأستاذة رضوى عاشور مقاطع من سيرتها الذاتية، مُسلطةً الضوء على قصة مرضها الذي أنهكها تدريجيًا في أواخر حياتها.

تُجسد رضوى المعاناة -التي عاشتها في مواجهة الورم الذي أصاب دماغها- بكلّ سلاسة لدرجة تقشعر لها الأجساد. تنتقل بين فصول الكتاب لتنقل لنا بداية المرض اللعين، وكيف حرمها من عملها بالتدريس، كما حرمها من أحب الأشياء إلى قلبها ألا وهي الكتابة.

تصحبنا رضوى مع تفاصيل رحلتها العلاجية، والتي كانت حريصة أشد الحرص على سرد دور كلٍّ من زوجها مُريد وابنها تميم البرغوثي، ومدى الحميمية التي تُتوج أسرتها الصغيرة. تتحدث عن العمليات التي خضعت لها بأمريكا وعن الشعور الذي يراودها في كل مرة أثناء التخدير. تذكر أيضًا العقبات التي واجهتها في مسيرتها العلاجية من أهمها رفض علاجها على نفقة الدولة لموقفها السياسي أثناء ثورة يناير.

الصرخة - كتب حكت قصص مرض مؤلفيها

تُكمل رضوى رحلتها مع المرض في الجزء الثاني تحت عنوان “الصرخة“، لتتوالى الصرخات وتتوقف نهائيًا عن الكتابة ويشتد بها المرض، ويتطلب الأمر إجراء عدة عمليات أخرى. رضوى –كما ذُكر بالجزء الأول من سيرتها- هشة وقلقة، ولكنها دومًا كانت تُقاوم وقادرة على مُغالبة مخاوفها أو حتى تجاهلها.

لفت نظري بالفصل الثاني والثلاثون من الجزء الأول حين أطلق عليها الجراح الأسكتلندي -الذي أجرى لها العملية- لقب “أستاذة في التنكر- A Master of Disguise” ، حيث أنها رغم تفاقم حالتها وشدّة تعبها كانت حريصة على استخدام حيلة تصفيفة شعرها؛ لتُخفي جُرح رأسها. فربما أقسى ما في المرض أنه يكسر الكبرياء ويعيق عن المواصلة، ولكن رضوى أبت أن يحدث كل هذا، أبت أن تستسلم حتى آخر أنفاسها. تغيب رضوى عن عالمنا في الثلاثين من نوفمبر عام 2014 مُخلِفةً وراءها كمًا من الحزن وكمًا من الحكايات التي لا تنْتهي.

اقرأ أيضًا:

  • أثقل من رضوى: حديث لا ينقطع ما بين تاريخ السيدة راء وتاريخ مصر

رحلتي مع السرطان – كمال قسيبي

رحلتي مع السرطان - كمال قسيبي

كتاب جديد من كتب حكت قصص مرض مؤلفيها وكتاب رحلتي مع السرطان للصحافي والكاتب كمال قسيبي. يتناول فيه قسيبي رحلته مع سرطان الحنجرة، حيث تم تشخيصه به في سبتمبر 2009 بعد تكرار بَحة صوته؛ نتيجةً لكونه مُدخن شره. لم يخنع قسيبي لمرضه ولكنه أخذ يبحث ويقرأ عنه وعن مضاعفات العلاج الإشعاعي. ولم يخفْ من المرض بقدر خوفه أن تتحول قصته لمادة صحفية للنشر.

أجرى قسيبي عملية استئصال السرطان، وقرر الإفصاح عن مرضه. وأخذ يكتب عنه بعد انتهائه من العلاج؛ لأنه وجد أثناء قرائته عنه أن الكتب العربية المبسطة عن المرض وعلاجه قليلة وغير كافية، فوجد أن بهذه الطريقة يمكنه مساعدة نفسه ومساعدة غيره.

يحكي أن المرض الذي عايشه شبيه بحرب العصابات الباردة، معركة شرسة بين خلايا الجسم. يصف شعوره كجندي في ميدان المعركة ضد جيش من الخلايا السرطانية، ليس معه سوى سلاح واحد من حدين: أمل نابع من إيمانه بالحياة والموت، والجهاز الإشعاعي.

ينتقل قسيبي ليحكي لنا عن تبعات رحلته العلاجية، والتي ظهرت مضاعفاتها في الأسبوع الثالث. ويصف مساوئ العلاج من تحرق الجلد وجفاف الحلق وفقدان الشهية، وكيف تحمل كل هذا في صبرٍ وجلدٍ.


عندما تتحول الأنفاس إلى هواء – بول كولانثي

عندما تتحول الأنفاس إلى هواء

وتتابع هجمات السرطان في كتب حكت قصص مرض مؤلفيها وكتاب عندما تتحول الأنفاس إلى هواء – When Breath Becomes Air للكاتب وجراح الأعصاب الطبيب بول كولانثي.

يحكي الكتاب عن طبيب مرموق في بداية مشواره يتحول إلى مريض فلا يعلم أيهما هو وإلى أين سيأخذه مستقبله باهت الملامح. يحكي كولانثي عن اصطدامه بحقيقة شبح الموت منه، بعد معرفته بإصابته بسرطان الرئة في مرحلة متأخرة. يصبح كولانثي أسيرًا أما السؤال القائل: “ما الذي يجعل الحياة ذات جدوى إذا كنّا سنفنى في النهاية؟”.

لا شيء أصعب من أن تلعب الدورين معًا: دور الطبيب الذي على عاتقه مسئولية مساعدة غيره، ودور المريض الذي في أمس حاجة للمساعدة. وبرغم معرفة كولانثي بطبيعة وخطورة حالته؛ إلا أنه لم يكفْ عن مساعدة مرضاه وأداء عمله الأحب إلى قلبه. كما يتحدث خلال كتابه –الذي دونّه في أواخر حياته ولم يكمله- عن دعم عائلته وأصدقائه. يصف لنا معاناته ولحظات تلاشي الأمل وضعفه أمام المرض.

يقول كولانثي:


أعرف ما أمر به جيدًا، لكنّني عاجزٌ عن إدراك المغزى منه. فإذا كان مايحدث اختبارًا لقوة تحملى؛ فأنا واهنٌ بحقٍ.

ورغم لحظات الضعف تلك، إلا أنه لم يتسسلم، وقرر أن يقضي حياته بين عمله وأسرته والكتابة. وقرر قبل وفاته أن يترك رسائل لابنته -التي لم تكمل عامها الأول- كذكرى لها بعد وفاته. يرحل بول عن الحياة تاركًا أهم رسالة لابنته ولنا عن قيمة الأعمال الطيبة التي تبقى بعد مماتنا كذكرى خالدة يتذكرك الناس بها.


ألزهايمر – غازي القصيبي

ألزهايمر

دعني أسالك قارئي العزيز عن شعورك عندما تنسى أقرب التفاصيل لقلبك؟ كيف ستبدو حياتك وكيف ستعيش عندما تخونك ذاكرتك؟ في كتاب ألزهايمر يحكي لنا الكاتب غازي القصيبي عن رحلته مع مرض ألزهايمر في أواخر حياته. ربما أغلبنا يتمنى نسيان بعض الأمور وخاصةً المُؤلم منها، ولكن في حالة القصيبي خانته ذاكرته لدرجة التشويش على كثير من تفاصيل حياته المهمة.

يروي لنا القصيبي عن لعنة مرض ألزهايمر الذي هاجمه وهو على فراش الموت، فيقدم لنا أقصوصة عن آخر أيامه في صورة خطابات تُسلم لزوجته بعد وفاته إِثر نوبةٍ قلبية. يكتب لنا عن مراحل انتقاله من المرحلة الأولى للمرض إلى الثانية التي يتلاشى فيها ما تبقى من ذاكرته، ومنها إلى الثالثة التي يتحول فيها المريض إلى “خُضارٍ بشريٍّ” على حدِّ وصفه. يموت القصيبي لاعنًا هذا المرض.

يقول القصيبي:


إذا كُنت لا تُصدق أنّ ألزهايمر يُعادل الموت، فجرب أنْ تعيش معه سنة ونصف. إنّه أسوأ من الموت، أليس الموت أرحم ألفَ مرة!

اقرأ أيضًا:

  • أغرب المكتبات حول العالم وأساليب التسويق فيها لمواجهة هيمنة أمازون

عقل غير هادئ – كاي جاميسون

عقل غير هادئ

لنترك السرطان وألزهايمر وننتقل إلى كتاب آخر من كتب حكت قصص مرض مؤلفيها ولعنة أخرى ألا وهي لعنة الاكتئاب. في كتاب عقل غير هادئ – سيرة ذاتية عن الهوس والاكتئاب والجنون- للدكتورة والكاتبة كاي جاميسون. بكل شجاعة تُدون لنا جاميسون سيرتها الذاتية ورحلتها -التي استمرت ثلاثين عامًا- مع مرض ذهان الهوس الاكتئابي أو اضطراب ثنائي القطب. تحكي عن صراعها مع هذا المرض، وتأثيره على حياتها وعلاقاتها، وخوفها من الإفصاح عنه حتى لا تلتصق بها الوصمة المجتمعية التي تُلاحق المرضى النفسيين.

يحمل الكتاب الكثير من المشاعر الإنسانية، ويتعمق بشكل كبير في الزوايا النفسية للإنسان. كما توضح كاي حجم المعاناة التي يمر بها المريض النفسي بجانب مرضه، وطبيعة تقبُل المجتمع له. وتُجيب من خلال الكتاب عن الأسئلة الشائعة حول طبيعة الأدوية النفسية والأعراض الناتجة عنها. كما تصف الألم والإحباط اللذين تمكنا منها أثناء رحلة علاجها، مما قادها إلى عدة محاولات للانتحار. تمتن جاميسون للقوة المنبعثة من داخلها والتي مكنتها من التعايش مع الأمر رغبةً في الحياة.


 ظلام مرئي – وليام ستايرون

ظلام مرئي

والآن نصل عزيزي القارئ إلى آخر عمل في قائمة كتب حكت قصص مرض مؤلفيها وكتاب ظلام مرئي: مذكرات الجنون للكاتب وليام ستايرون. حيث يدون لنا ستايرون رحلته مع مرض الاكتئاب، وينصح القراء في بداية كتابة من عدم قرائته إن كانوا يعانون من أي اضطرابات نفسية.

يتحدث عن كيف أن براثن شبح الاكتئاب تمكنت منه حتى أنه عجز عن التعامل معه، وعن مساوئ ذاك الاكتئاب اللعين في تأثيره النفسي والجسماني وانعدام تقديره بذاته.

يقدم لنا ستايرون تعريفًا مُبسطًا للاكتئاب وما يصاحبه وتأثيره الممتد، والألم الذي يواجه مريض الاكتئاب. لم ينسْ توضيح دعم زوجته له، وأن مريض الاكتئاب يكون في أمس الحاجة لدعم محيطه.

يحكي لنا معاناته أثناء رحلته العلاجية، وعن إحساس اليأس الذي دق بطبوله التي لا تهدأ، وعن حالات تقلب المزاج التي أصابته. ويُقارن ستايرون بين مريض الاكتئاب وأي مريض آخر من خلال فكرة الدعم وفكرة الإيمان بالنجاة والاستجابة للعلاج. ويروي عن لحظات دخوله المستشفى وشعوره بأنها محطة الراحة التي هدأت بها العاصفة.

يختم كتابه بخروجه مُعافى من المستشفي، وعن دور المحبين والأصدقاء في رحلة تعافيه، وأن هذا هو الدور الأكبر في رحلة تعافي مريض الاكتئاب.

يقول ستايرون:


وهكذا خرجنا، ومرة أخرى أبصْرنا النُجوم.

وفي النهاية قارئي العزيز، الإنسان منا -دائمًا- مُعتاد على الشعور بالحياة التي لا يعرف بديلًا عنها، بالرغم من إدراكنا الكامل أنّه سيأتي علينا اليوم الذي نفنى فيه من الموجود. رُبما هو حب الحياة وخشية الفناء، وربما هو رغبة في تحدي المرض والوصول إلى أقرب نقطة من الكمال. ودائمًا وأبدًا تبقى المثابرة والعلاقات الإنسانية هي الأساس الذي يدعم وجودك كإنسان. وعليك أن تُؤمن بأنّنا ولدنا ذات يوم، وسنموت ذات يوم، فالحياة قصيرة ولا يبقى فيها سوى عملك.

ذو صلة

لك أيضًا:

  • في أثر عنايات الزيات: رحلة إيمان مرسال للبحث عن أرشيف مدفون لروائية مجهولة
  • لكلّ مُولعٍ بشوارع بيع الكتب القديمة: سور الأزبكية بمصر ليس المثال الوحيد!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة