تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

للنصف الفارغ من الكأس حقٌّ علينا أيضًا: لهذا عليك الابتعاد عن الإيجابية السامة ووهم السعادة الزائفة

الإيجابية السامة
دينا خالد
دينا خالد

5 د

منذ عام تقريبًا ومع بدء اجتياح وباء كورونا لدول كثيرة من العالم وقيام منظمة الصحة العالمية بعدها باعتباره وباء عالمي، قامت الكثير من بلدان العالم بحظر الطيران من وإلى أراضيها وقامت معظم دول العالم تقريبا بفرض حظر للتجول.

كانت فترة عصيبة وما زالت بالتأكيد ولكنها في البداية كانت أشد وأصعب، فمعظم ساكني الأرض الأحياء حاليًا لم يمروا من قبل بتلك الظروف الاستثنائية.

بعدها لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورها في شتى المجالات وأدلى الجميع بدلوه دون علم في كثير من الأحيان، قال البعض أن الفيروس ذلك تم تحضيره لأسباب سياسية، وزعم البعض أنه لا وجود له أصلًا، البعض ادعى أن تلك الفترة يجب الخروج منها بمكسب وأنه يجب عليك أخذ كثير من الكورسات وتعلم كل ما تريد وإحراز الكثير والكثير من الأهداف المعلقة لديك لأنك كنت تتعلل بحجة الوقت، الآن يوجد الكثير من الوقت لديك.

كان الكلام صادمًا بالنسبة لي، لأنني ببساطة كانت كل أمالي في تلك الفترة هي الحفاظ على ابنتي ونفسي ومحاولة التفكير في كيفية التعامل مع طفلة كانت تخطو خطوتها الأولى لتتعرف على العالم، في حين رفض العالم خروج أي من مواطنيه.

كان علي أيضًا التعقيم بشكل إضافي فلا مجال للتكاسل حيث أن زوجي يعمل بالمجال الطبي، مما يعني خروجه يوميًّا للعمل ووجوده في نفس مكان عزل مصابي كورونا بالمستشفيات.

أصابتني تلك المنشورات على صفحات الفيسبوك بالاكتئاب الشديد لاعتقادي أن بي شيئًا غير طبيعي، فالجميع يستغل تلك الفترة في الإنجاز بينما أشغل وقتي باختيار أقوى مطهر للأرضيات والأبواب! إلى أن خرج أحد الأطباء النفسيين ونشر على صفحته أن أهم ما يخرج به الشخص في فترة العزل هو الحفاظ على صحته النفسية، وأن تلك المنشورات التي تدعو الناس للعمل والإنجاز دون الاعتبار لما يمر به العالم ككل بأزمة حقيقة وكارثية، فلا داعي لـ”الإيجابية السامة” على حد تعبيره.

كانت تلك المرة الأولى التي أسمع فيها بذلك المصطلح، كيف للإيجابية التي تعتبر في الأصل صفة محمودة ومرغوبة يسعى الجميع لتعزيزها في نفسه أن تتحول لصفة سلبية بل وسامة؟

في السطور القادمة أنقل إليك ما يهمك لتتعرف عليها. فلنبدأ…


الإيجابية السامة.. ما هي؟

الإيجابية السامة هي أننا بالرغم من كل مايحيط بنا من مواقف بالغة الصعوبة أو ضغوطات نفسية، يجب أن يتحلى الفرد بعقلية إيجابية تساعده على العمل والإنجاز والإنتاج مع الشعور بالفرح والسعادة والابتسام بشكل دائم. المشكلة الحقيقية في الإيجابية السامة أنها تسبب سعادة غير حقيقية كما أنها تسبب أضرارًا نفسية للشخص مما ينعكس على علاقاته الإنسانية وحياته المهنية كذلك.

من أهم ما يميز الإيجابية السامة هي محاولتها الدائمة لتعزيز فكرة أن مشاعرك يجب أن تكون إيجابية فقط، وتحاول أن تنكر عليك الاعتراف بأي نوع آخر من المشاعر وأن أي شعور بالضيق أو الإحباط أو القلق هو مدعاة للشعور بالذنب ويجب التخلص منه فورًا.

أكثر ما يخسره المرء بادعائه الدائم للإيجابية السامة هو فقدانه القدرة على التعامل بصورة طبيعية مع المشاعر والتجارب الإنسانية المختلفة، بالرغم من كون الإحباط شعور لا يسعى له المر،ء إلا أنه في بعض المواقف يكون الشعور المنطقي والصحي الذي يجب أن تمر به، ثم تحدد كيفية التعامل معه ومع أسبابه.


الإيجابية السامة

علامات تدل على تعرضك للإيجابية السامة

الإيجابية السامة من الأمور التي قد لا تظهر جليًا، فمن السهل أن تصف الشخص بأنه عصبي، أو انطوائي أو ثرثار، أما ذلك النوع فيمكن أن تكونه أنت دون معرفتك.

بعض العلامات التالية تساعدك في معرفة إن كنت ممن يمارسون الإيجابية السامة.

  • الهروب من المشكلات: بدلًا من المواجهة ومحاولة التفكير في الأسباب والبحث عن حلول فإن الهروب من المشكلة يكون هو المنفذ لك.
  • إخفاء المشاعر الحقيقية: من المحتمل أن تتظاهر بالسعادة والرضا والقبول، ولكن لا يمكنك أن تتصنعها بداخلك، فتلك الغصة التي تشعر بها ما زالت هناك بداخل أعماقك لتخبرك بأن هناك شيء غير طبيعي.
  • لوم الآخرين على التعبير عن مشاعرهم: أنت لا تحب أن يصلك أن أحدًا يتألم بأي صورة لأن ذلك يشعرك بذلك الاحساس الذي لا تستطيع التعبير عنه، وعند سماعك وبدلًا من محاولة التخفيف ممن سمعت منه ستحاول أن تنكر عليه مشاعره وأحاسيسه.

اقرأ أيضًا: الشيروفوبيا: حين نقلق من السعادة ونتجنب الأحداث المفرحة 


وماذا لو كانت الإيجابية سامة؟ ما الضرر في ذلك؟


كبت المشاعر له آثار سلبية كثيرة

تراكم المشاعر السلبية داخلك دون الإفصاح عنها لا يؤدي إلى نسيانها، بل إلى تراكمها حتى يحدث انفجار في وقت ما، فلا أحد يستطيع كتم مشاعره طوال الوقت.

ينعكس ذلك الانفجار على الصحة الجسدية والنفسية للفرد فتحدث النوبات القلبية، وأمراض ارتفاع ضغط الدم بصورة مفاجئة.

إن التعبير عن المشاعر والاعتراف بها يساعد المرء على زيادة التركيز في عمله ومعرفة طريقة التحكم في أموره.


الشعور بالعار والخجل من المشاعر الحقيقية للفرد

تخيل أنك تحكي لصديقك المقرب عن ضيقك بسبب مشكلة ما لتجده يصفك بأنك شخص مستسلم وضعيف، مع العلم أن المشكلة قد تكون كبيرة بالفعل ومؤذية لدرجة بعيدة، لكنك محاط بمن يقول دائمًا أن كل شيء جيد ولا وجود لما هو سلبي.

يدفعك هذا إلى الشعور بالعار تجاه مشاعرك ومحاولة مداراتها بشكل مستمر حتى تتفادى تلك الأوصاف السلبية التي يلحقها بك الآخرون.


النفور الاجتماعي والرغبة في العزلة الدائمة

تخيل وجودك دائمًا في محيط لا يسمح لك بالتعبير عن مشاعرك بصدق، فمن غير المسموح به التعبير عن شعور بالخيبة أو الألم أو الفقد. يؤدي هذا بالإنسان إلى العزلة فلا معنى للوجود دائمًا وأنت تكذب بخصوص مشاعرك.


كيفية تجنب الإيجابية السامة؟

بعض الأنشطة والأشياء البسيطة التي يمكنك فعلها لتتجنب الآثار السيئة للإيجابية السامة منها:

ذو صلة
  • التركيز على جعل حياتك إيجابية بحق، من خلال الاهتمام بالأنشطة المفيدة واتباع حمية غذائية صحيحة.
  • تخلص من الأصدقاء والدوائر التي لا تشعر معها بالراحة.
  • كن محددًا وواقعيًّا تجاه مشاعرك، ولا تخجل منها مهما استنكر البعض عليك.
  • حاول التفكير بمشاعرك السلبية بصورة إيجابية عن طريق وضعها في حجمها الحقيقي ومعرفة الدوافع لها ومحاولة حلها.
  • ادعم الجميع ولا تنكر على أحد ما يشعر به بزعم أنك تريد إبعاده عن دائرة الألم؛ بل ساعده على تسمية مشاعره وفهمها والتعامل معها.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة