تريند 🔥

🤖 AI

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟
آلاء عمارة
آلاء عمارة

8 د

منذ عدة سنوات، في أحد المؤتمرات التقنية، صرح “جيف بيزوس” مؤسس شركة أمازون، أنه درس خطة تنحي كل من “ستيف جوبز” و”بيل غيتس” جيدًا، ورأى أنّ التنحي عن المناصب الكبيرة أمر صحي ولا بد منه، ما أثار العديد من التساؤلات، فهذا الكلام يعني أنه ينوي التنحي حقًا في وقت من الأوقات، لكنه لم يعطِ أي معلومات وقتها عن خطة التنحي هذه، ولم يصرح بخليفته مباشرة. وفي بداية 2021، صرح بانتقال منصب الرئيس التنفيذي إلى رجل يدعى “آندي جاسي” في الربع الثالث من 2021، وقد كان.

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

لم يكن بيزوس أول رجل أعمال ناجح يتنحى عن منصبه، فقد فعلها قبله مؤسسو شركات عملاقة مثل جوجل وآبل ومايكروسوفت. بالرغم من النجاح الهائل الذي جعل شركاتهم من أبرز الشركات التقنية على مستوى العالم، فقد فعلوها وتنحوا حقًا، وهنا سؤال يطرح نفسه وهو..


ما الذي يدفعهم للتنحي؟

حسنًا، هناك العديد من الأسباب التي تدفعهم لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة، فالتخلي عن منصب كبير وسلطة قوية مثل هذه ليست بالأمر الهين، لا يستطيع فعل ذلك سوى الأقوياء. من ضمن هذه الأسباب:


قد يكون التنحي أمرًا صحيًا للمؤسسة.. تجديد الدماء مهم

تبدأ المشروعات الناشئة بقيادة مؤسس، والذي غالبًا ما يتولى منصب الرئيس التنفيذي لفترة من الزمن، قد تطول هذه الفترة أو يتنحى بعد وقت قصير، يتوقف ذلك على عدد من الأسباب، منها أنه يصبح غير قادر على إحداث جديد أو ابتكار شيء خارق يستحق، فبدء أي مشروع كمؤسس لا يعني بالضرورة أنه قادر على تطوير الشركة بشكل دائم، فتعيين رئيس تنفيذي جديد يعني أفكارًا جديدة، نشاطًا أكبر، حماسًا وشغفًا يدفعان الشركة للأمام ويطورانها، الأمر يشبه تجديد دماء للمؤسسة.


ربما يمنعه هذا المنصب من أشياء أخرى تثير شغفه

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

صرح جيف بيزوس أنه يريد التفرغ لأعمال أخرى أبرزها شركته بلو أوريجين، وقبل التخلي الفعلي عن المنصب بنحو شهر، أعلن عن صعوده في أول رحلة للفضاء الخارجي تنظمها بلو أوريجين في 20 يوليو. كما صرح بيل غيتس عندما تخلى عن إدارة مايكروسوفت بشكل كامل عن رغبته في التفرغ للأعمال الخيرية. من ذلك، نلاحظ أنّ لكل منهما شغف أو حماس لشيء آخر بعيد عن مجاله الأصلي الذي اشتُهر به.


إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. أحيانًا الرحيل للأقوى

على عكس أحد قوانين الحياة التي تدعم فكرة “البقاء للأقوى”، هناك بعض المواقف التي تجعل الرحيل للأقوى، فالتخلي عن منصب مهيمن ليس بالأمر الهيّن ويحتاج إلى صدق من القائد الذي يعي جيدًا أنّ مكوثه لن يُقدم جديدًا، بل قد يؤخر المؤسسة. وأبزر الأمثلة على ذلك، تنحي “آدم نيومان”، أحد مؤسسي شركة “WeWork”، والرئيس التنفيذي لها. قرر التنحي عن منصبه بعد أن بدأت خسارات الشركة في التصاعد.


الرضا جيد.. لكن الشغف أهم

من صفات القادة ورجال الأعمال أنهم دائمو التطور، يرون أنهم بحاجة للتعلم والتطوير باستمرار، ما يجعلهم في المقدمة ومبدعين ومبتكرين دائمًا، يضعون خططًا وأهدافًا صعبة، وهذا يميز إنجازاتهم عن الآخرين. إذا شعر القائد بأنه غير قادر على الخروج من منطقة راحته إلى المخاطرة والأهداف العالية، أو أنه فقد شغفه بما يفعل، فلا حاجة لبقائه. بدون الشغف، لا تقدم ولا تطور. وللأسف عصرنا هذا دائم التطور بسرعة مذهلة عن أي عصر آخر، ما يحتم إشعال حماس القائد بشكل دائم. إذا لم يشعر بهذا الحماس، فقد حان وقت الرحيل.


فقدان مهارة الذكاء العاطفي.. عدم القدرة على الخروج من حيز الأنا

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

يتمتع القادة الناجحون بمهارة الذكاء العاطفي التي تساعدهم في فهم احتياجات موظفيهم، ما يقرب المسافات بينهم، ويضمن وفاءهم للقائد. وهذه استراتيجية فعّالة، تُثير حماس الموظفين وتحفزهم على الابتكار والعمل الإبداعي. في بعض الأحيان، ومع تقدم المدير التنفيذي أو القائد في العمر، قد يتعرض لفخ الأنا، ويبقى ما يهمه فقط هو إنجاز المهام التي يريدها، ويتجاهل مشاعر موظفيه. يتسبب هذا التصرف في تكسير جسر الثقة بينه وبين العاملين، فلا يأمنون جانبه، ويعملون فقط من أجل كسب المال، لا لرفع مستوى الشركة إلى منزلة مرموقة. في هذه الحالة أيضًا، يجب التنحي.


جفاف نهر الأفكار.. عندما يموت الإبداع

المدير المبدع هو الذي يستلهم أفكارًا إبداعية من أي مكان وفي أي وقت، سواء كان في العمل أو في إجازة أو مع أصدقائه. إنه شخص مبدع ومبتكر، يستطيع تحويل أي فكرة بسيطة إلى مادة قوية مؤثرة. دماغه بمثابة نهر لا ينضب من الأفكار. إذا جف هذا النهر، فلا حاجة للبقاء، والأفضل ترك زمام الأمور لعقلية خصبة، تستطيع توليد أفكار إبداعية باستمرار دون توقف.


عندما يهرب الموظفون من الشركة باستمرار

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

من الطبيعي أن يتشبث الموظفون بالشركة الناجحة، لكن ماذا إذا كانت تخطو نحو الفشل؟ الإجابة ببساطة، سيبحثون عن فرص أفضل. وإذا كانت الشركة فاشلة، فهذا يعني أنّ القيادة ليست حكيمة، ويجب تغيير القائد.


الإنغلاق التام عن الموظفين والعالم

قد ينغلق المدير التنفيذي على نفسه، ويتحول العمل إلى روتين يومي، يذهب لأداء وظيفته ثم يعود إلى المنزل من جديد وينام ويستيقظ ويذهب للعمل ويؤدي مهامه وهكذا دواليك. هذا المدير لا يهتم بموظفيه، لا يترك مجالًا للتحدث إليهم أو تعزيز التواصل معهم، ما يبني حاجزًا بينهم. إضافة إلى امتناعه عن حضور المؤتمرات أو الأحداث التي تتيح له معرفة الجديد في مجاله أو بناء علاقات جديدة تعزز شركته، في هذه الحالة، يجب التنازل والعودة للوراء قليلًا.


إذا أصبحت بيئة العمل سامة

المدير الفعّال هو الذي ينشر الإيجابية بين الموظفين ويجعل بيئة العمل أكثر متعة. إنه دائم التواصل معهم، ويصادقهم، ويترك لهم مساحة لمشاركة احتياجاتهم ويكسب ثقتهم. لكن ماذا سيحدث إذا لم يفعل ذلك؟ حسنًا، لك أن تطلق العنان لخيالك، ستنتشر النميمة والتنمر، ويصبح تجاهل الأخطاء التي قد تفسد الصفقات أمرًا واردًا. سيهرب الموظفون ويكرهون العمل في هذا المكان، ما يُضعف المؤسسة ويُعرضها للسقوط.


التعرض المستمر للقاتل الصامت.. عن الضغط أتحدث

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

قد يؤثر ضغط العمل على الأوعية الدموية والقلب والجهاز العصبي والجهاز التنفسي وربما الإجهاد المزمن. في هذه الحالة، العمل يضر أكثر مما ينفع، ويجب التخلي حفاظًا على صحتك. فالضغط قاتل، وقد يسلب الإنسان صحته ببطء. كما سيصبح المدير أقل إنتاجية بسبب صحته.


عندما تظهر مواهب أكثر فعّالية

قد تظهر مواهب جديدة أفضل من قادتها. والقائد الذكي، هو الذي يلتقط هذه المواهب ويطورها ويعدها جيدًا لليوم الموعود الذي تستطيع فيه قيادة المؤسسة. تمامًا كما حدث مع ستيف جوبز الذي سلم آبل لـ “تيم كوك“. واستطاع كوك قيادة آبل نحو النجاح.

كل هذه أسباب منطقية، تجعل الرئيس التنفيذي حتى وإن كان المؤسس يقدم استقالته ويتنحى عن المنصب من أجل خدمة المصلحة العامة للمؤسسة، فالمدير الصادق الأكثر واقعية هو الذي يتخلى..


أما عن الذين يعانون من معضلة المؤسس

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

في بعض الأحيان، لا يستوعب المدير التنفيذي المؤسس أنّ وجوده لن يفيد الشركة، وهناك حاجة لأفكار جديدة أكثر فعالية، حيث يعتقد أنه أكثر الناس فهمًا لمصلحة الشركة، وهذا خطأ. من ناحية أخرى، قد يخاف على نتيجة هذا التنازل، فهناك احتمال بألا يكون المدير الجديد على قدر كاف من الخبرة التي تؤهله لقيادة الشركة، حتى وإن كان شغوفًا بالعمل، ما يعرض الشركة لخسائر فادحة.

واحتمال الخسارة يدعم فكرة المؤسس ويقنع نفسه أنه ما زال لديه أفكار ويستطيع القيام من جديد وينجح بالشركة. قد يتطور معه الأمر للغرور، ما يقلل من منافسيه ولا يدرك متطلبات الشركة، ولا يستطيع التعامل مع الأزمات وحالات الطوارئ. في نفس الوقت، عندما تُعرض فكرة تنحيه على مجلس الادارة، يحاول إثبات أنه ما زال واقفًا، ينشط كثيرًا خلال الفترة الأولى، ثم يقل هذا النشاط تدريجيًا ليصل إلى النقطة التي كان عندها من جديد.

تأسيس شركة ورعايتها حتى تكبر وتنجح تمثل للمؤسس طفل رعاه وكبر على يديه، فلا يستطيع التفريط فيه بسهولة. ولكنه لا يعي أنه بهذا التصرف يهدم طفله ويقدمه للنهاية. ومع ذلك، إنه معذور، فتأسيس الشركات الناشئة ونجاحها ليس بهذه السهولة، إنه يحتاج إلى مجهود عظيم، فالمؤسس مُعرض لأي مشكلة وهو دائمًا في مواجهة المخاطر، ومسؤول عن اتخاذ أي قرار، وقد يكون هذا القرار مناسبًا أو لا. الأمر صعب ويحتاج إلى قوة لا يقدر عليها أي شخص.


التنحي.. خطوة للوراء

أثناء خطاب بيزوس إلى موظفي أمازون الذي أعلن فيه عن التنحي، قال أنه سيتابع كل شيء لكن من بعيد. إذًا، التنحي لا يعني دائمًا فقدان السيطرة المطلقة، بل إنه خطوة للوراء، أو إسناد المهام لشخص آخر، ويصبح أقل اندماجًا في عمليات صنع القرار اليومية، وهذا ما فعله بيزوس. لكن هناك مَن يفضلون تسليم زمام الأمور كاملة للرئيس التنفيذي الجديد، ويذهبون للراحة.


نعم.. للتنحي خطوات مدروسة

لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟
ذو صلة

لا يحدث التنحي فجأة، هناك خطة لهذا الانتقال. مثلًا في مثال تنحي جيف بيزوس، أعلن بيزوس عن هذا الحدث في بداية 2021، وأوضح أنّ آندي جاسي سيتولى المنصب في الربع الثالث من 2021. ما فعله بيزوس هو استراتيجية يجب اتخاذها، فلا يصح تعيين رئيس تنفيذي جديد بسرعة، بل يجب التريث لبعض الوقت حتى يتهيأ للمنصب، ويتعرف على فريق العمل جيدًا وتُوطد العلاقة بينه وبين المؤسس الذي بدوره ينقل له خبرته ويعرّفه كل كبيرة وصغيرة عن الشركة، ويضع له رؤية واضحة عن المهارات التي يجب أن يتحلى بها واستراتيجيات الشركة في المستقبل وعلى المدير التنفيذي الواعد أن يدرس كل هذه الأمور جيدًا ويطورها.

وأخيرًا.. يكون التنحي هو القرار الأكثر صوابًا، لكن في ظل ظروف محددة دون عشوائية. لذلك، يجب وضع خطة فعّالة ورؤية واضحة. وهذا ما فعله بيزوس وجوبز وغيتس، فالقائد الحق هو الذي يتعامل مع الواقع بصدق وبصيرة ويساعد المواهب الجديدة في التطور ويهيأها لمناصب قيادية من أجل استمرار المؤسسة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة