تريند 🔥

🤖 AI

الخوف من الارتباط والخوف من الهجر: كيف تنجو بنفسك من هذه العلاقات السامة

الخوف من الارتباط
شيماء العيسوي
شيماء العيسوي

6 د


“حدودك الآمنة التي تبينها حول نفسيتك تصيبهم بالضيق الشديد، ببساطة لأنهم عاجزون عن بناء مثلها”

أحيانا أفكر في أن الحديث عن العلاقات أيا كان نوعها يشغل العديد من المجالس والسهرات والكتب العلمية والمقالات حتى في وسائل التواصل الاجتماعي تقريبًا هو الموضوع الأهم في كل المنصات؛ في تويتر هناك الملايين من “الثريدات threads” عن النجاة من العلاقات السامة، في فيس بوك يوجد مجموعات مخصصة لحل مشاكل العلاقات. فما كل هذه الضجة! هل العلاقات مهمة لهذا الحد في حياتنا اليومية؟


لماذا تأخذ العلاقات هذا القدر من اهتمامنا وطاقتنا؟

مع تحديدنا لمصطلح “علاقات” سنجد أن الأمر بالتأكيد لا يقتصر على العلاقات العاطفية، فـ بنفس القدر الذي تؤثر علينا به علاقات الحب، تؤثر كذلك علاقات الصداقة والعمل والإعجاب وبالتأكيد العلاقات الأسرية التي تعد في الأساس هي بداية المشاكل عند الشخص. وعليه فإن المشكلة التي تواجه الفرد في علاقاته العاطفية مثلًا هي بشكل أو بآخر وجه ثانٍ لمشكلة تواجهه مع أصدقائة أو علاقات العمل والأسرة، ويعود كل هذا في النهاية إلى مجموعة من العقد والتخوفات التي يعاني منها الفرد وتؤثر على الطريقة التي يرى ويحلل بها الأمور وبناء عليهما يتخذ القرارات.

وأما عن العلاقات العاطفية بالأخص فمقدار الطاقة التي يبذلها الإنسان فيها كبير للغاية، ويبدأ الأمر منذ اللحظات الأولى للوقوع في الحب والتي معها يضطرب جهاز الهرمونات بأكمله وعليه فإن أي خلل يحدث في العلاقة يؤثر بشدة على الطرفين. لذلك فإن الدخول في علاقة سامة سيكون له تأثير بالغ على كل جوانب حياتك، فاحذر من هذه الأنماط الشخصية عند دخولك أي علاقة.


الخوف من الارتباط: “انا مش عارف احنا رايحين فين”

في الأغلب مرة على الأقل في علاقات تعرضت لسؤال “احنا ايه؟” أو “احنا رايحين فين؟” سواء كنت السائل أو المسؤول، وإذا كان رد السؤال: “مش عارف/ة” أو “مش لازم ندور على إجابة السؤال دا دلوقتي” وأخيراً “متبقيش/اش نكدية بقى” فـ مبارك عليك أنت في الأغلب متورط في علاقة سامة مع شخص يعاني من عقدة الخوف من الارتباط – fear of commitment والتي يمكن تعريفها على أنها:

“الخوف من الارتباط هو الخوف من إكمال مراحل العلاقات العاطفية الطبيعة بسبب الخوف من الالتزام الذي يصاحبها وإنهائها بدلًا من ذلك”.

بالرغم من وجود مشاعر حب حقيقية بين الطرفين ورغبة قوية في وجودهما معًا، إلا أن الطرف المصاب بهذه العقدة يجد في الهروب وإنهاء العلاقة الحل الأمثل للتخلص من الرعب الذي يلاحقه، بدلًا من تخيل التزامه مع شخصٍ واحد في علاقة جادة.

وبالرغم من أن هذا قد يبدو للطرف الآخر نوعًا من الأنانية وقلة الحب، إعمالًا بمبدأ “اللي بيحب بيحاول” إلا أنه في الواقع يكون بنفس مقدار الصعوبة على الطرف الآخر. لأنه ببساطة، وقبل اتخاذ قرار الانفصال يكون قد واجه أسوأ مخاوفه أمام عينيه، ففي هذه الحالات يجسد المخ البشري- كنوع من التلاعب- للفرد كل مخاوفه وتجاربه السابقة منذ الطفولة والتي أدت إلى تكوين هذه العقدة من الأساس، فيكون الهروب من ثنائية “حارب أو اهرب- fight or flight” هو الحل الأمثل.


الخوف من الهجر: “لا يهم، في النهاية ستتركني”

يعتبر عامل الثقة من أهم العوامل في نجاح العلاقات بشكلٍ عام، هل تتخيل شكل الحياة في علاقة تفتقد عامل الثقة؟ الثقة في وجودك ووجود العلاقة بشكل عام. بهذا الشكل، تتحول العلاقة من مكان للراحة والمشاركة إلى جحيم مستمر يحاول به طرف من الأطراف طمأنة الآخر في كل موقف أنه لن يتركه ويذهب بعيدًا. وكما هو واضح يعرف الخوف من الهجر على أنه:

“إحساس مستمر من الشخص أنه الطرف الأضعف في العلاقة ولا تتم تلبية احتياجاته العاطفية باستمرار من قبل الطرف الآخر، مما يدل على أنه سيتم هجرة قريبًا، وعليه يتم تفسير كل تصرفات الطرف الآخر لتؤيد هذه الفكرة”.

يعود في الأغلب تكوين هذه العقدة لفترة الطفولة، تعرض الطفل للهجر من أحد الوالدين، سواء هجر فعلي أو حتى على المستوى النفسي ما يجعل الطفل دائم الشعور بأنه غير مرغوب من الآخر، فمن سيرغب في طفل لم يرغب به آباؤه ؟ أو قد ترجع أيضًا إلى صدمة في علاقة عاطفية في المراهقة، تعرض فيها الشخص للهجر بشكلٍ مفاجئ وأدت إلى اعتقاد راسخ أنه سيتم التخلي عنه دومًا مثلما حدث سابقًا.

وأخيرًا قد يكون الخوف من الهجر عرض من اضطراب الشخصية الحدية– Borderline personality disorder الذي يساعد في بناء شخصية حساسة ومتهورة للغاية لدى الفرد.

الخوف من الارتباط

الخوف من الرفض: “همشي قبل ما ترفضني”

إن كان ضعف الثقة بالنفس عامل مهم في كل عُقد العلاقات السابقة، فإن هذه العقدة أساسها هو ثقة الفرد المهزوزة بنفسه وصورته الشخصية المحطمة. وتُعرف على أنها:

“خوف دائم غير مبرر من الرفض في كل المواقف الاجتماعية سواء العاطفية أو المهنية مما يجعل الفرد يتراجع في مثل هذه المواقف”.

هذا الخوف يجعل للفرد ردود أفعال لا تتناسب مع الموقف، وفي الأغلب تكون محاولاته تتمحور حول السيطرة على الآخرين سواء بإغداق الحب والمساعدة المبالغ بها أو بالتلاعب النفسي واستخدام أسلوب “قلب الطاولة” مما يوفر له إحساسًا بالأمان تجاه العلاقة، فإذا كان هو المسيطر والمتحكم فلا يمكن للطرف الآخر رفضه بأي شكل كان، وإلا سيكون عقابه هو الحرمان العاطفي.

وبالرغم من أن هذا يبدو حلًّا فعالًا، إلا أنه في الواقع لا يمكن التغلب على العقد النفسية بهذه السهولة، فحتى مع كل هذا التحكم، مع أول موقف يقوم به الطرف الآخر يبدي به قدرًا قليلًا من التجاهل، كـ التأخر في الرد على الرسائل مثلًا، تعود أفكار الرفض للشخص ويبدأ في استعادة كل الذكريات المتعلقة بشعور الرفض وتبدأ حرب نفسية بداخلة لا ينتصر بها أحد. فالجميع متضرر في مثل هذه الحروب!


إذا، كيف تنجو بنفسك من هذه العلاقات السامة!

تكمن إجابة هذا السؤال في اجابة سؤال آخر لا يقل أهمية: “إلى أي مدى تحب نفسك؟

لأنه وبناء عليه ستتحدد طريقة تعاملك مع المستغلين والمؤذيين نفسيًّا، إن كنت تحب نفسك بدرجة كافية لأن تحميها من أي أخطار خارجية، بالقدر الذي يبقيك يقظًا حينما يتم التلاعب بك نفسيًّا وترفض هذا رفضًا قاطعًا، بالقدر الذي يجعلك قادرًا على قول “لا” لأي أذى تتعرض/ ستتعرض له.

ذو صلة

بهذا القدر تقريبًا يمكنك حماية نفسك من هذا النوع من العلاقات. هناك جملة شهيرة في الأوساط النفسية هي أنه في علاقة مسيطر/ خاضع الطرف الأضعف بها هو المسيطر، لأنه ببساطة يحقق وجوده فقط من خلال السيطرة على آخر.

ينطبق نفس الأمر على كل العلاقات السامة التي سبق وأشرنا إليها، فــ إذا كان شريك حياتك يعاني من أي من هذه العقد التي تجعل العلاقة تتحول بالتدريج إلى مكان سام، تذكر أنك الطرف الأقوى في هذه المعركة، وعليك أن تختار بين الهروب أو الحرب. وتذكر أيضًا أن هذه الحرب ستدفع مقابلها من راحتك وسلامتك النفسية وأحيانًا يصل الأمر إلى رغبتك في الحياة نفسها، فلا تدخل حروبًا غير ضرورية احتمال الفوز بها ضعيف لمجرد انسياقك وراء مشاعر عاطفية في الأغلب ليست حقيقة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة