تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

متلازمة باريس: أن يسقط سقف توقعاتك المرتفع جدًّا عليك!

متلازمة باريس
ميس عدره
ميس عدره

5 د

باريس أو كما تعرف بمدينة الأضواء، تلك المدينة الساحرة التي تسري في روحك وعقلك وكيانك أعذب مشاعر الرومانسية والحب عندما تتجول في مرافقها السياحية وبين أسواقها ومحلاّتها التجارية لتدرك كمّ الأشياء التي يمكنك فعلها وتجربتها هناك.

كجزء مهمّ وأساسيّ من أي سياحة هو الانغماس في الثقافة الجديدة للمكان الذي تزوره، بدءاً من الناس واللغة وصولاً إلى الطعام والفن، لكن هل لك أن تتخيّل العكس تماماً! أن تنقلب كل تلك المشاعر الجميلة إلى نوعٍ من الإحباط وخيبة الأمل؟ بالطبع يمكن حصول ذلك بالنسبة لعدد لا بأس به من السائحين الحالمين الذين يذهب خيالهم بعيداً جدّاً عن الواقع لتنتهي حالتهم النفسيّة بعواقب وخيمة.


ما هي متلازمة باريس؟

هي حالة نفسيّة يعاني منها سيّاح المدينةـ اليابانيون بشكل خاصّ ـ عند زيارة مدينة باريس لأوّل مرة، حيث يراودهم الشعور بخيبة أمل عندما لا ترقى مدينة الأضواء إلى توقعاتهم الرومانسية.

هذه الظاهرة التي وصفتها لأول مرة مجلة الطب النفسي Psychiatric Journal Nervure وأطلقت عليها اسم “متلازمة باريس” عام 2004.


لما مدينة باريس على وجه الخصوص؟


كانت وما زالت باريس على مدار السنين الفائتة والحاضرة من أشهر الوجهات السياحيّة لجميع السائحين من مختلف دول العالم، ففي عام 2019 سجلّت رقماً قياسيّاً أدرجها في المرتبة الثالثة على قائمة المدن الأكثر زيارة في العالم، حيث استقبلت 17.4 مليون زائر دولي.

يسافر الناس من جميع أنحاء الكوكب لمشاهدة مدينة الجمال الساحرة، وذلك بفضل المنظر المثالي الجذّاب الذي شوهد في أفلام مثل Amelie و Ratatouille و Moulin Rouge، ففي الثقافة الشعبية اليابانية، ترتبط باريس بتلك الأفلام الدرامية الرومانسية منها والكرتونية، لتنسج في مخيلتهم صوراً من الحكايات الخيالية والشوارع المرصوفة بالحصى والزهور على مدّ البصر.

لكن سرعان ما تتبدّد تلك الخيالات والأحلام أمام الواقع الحديث للمدينة، لتنكشف حقيقتها بدءاً من شعبها وخدماتها الفظة المشهورة وصولاً إلى وسائل النقل العام المربكة، فلا يستطيع بعض السياح التقبل والتعامل مع توقعاتهم التي تحطمت.


أعراض متلازمة باريس؟

متلازمة باريس

تشكّل المتلازمة حالة من الصدمة الثقافية والعاطفيّة المتمثلّة في مجموعة من الأعراض الآتية:

  • الذهان.
  • الإهلاسات.
  • التوّهم.
  • جنون العظمة.
  • شعور بالاضطهاد.
  • القلق.
  • تسرّع القلب والتنفس.
  • الدوخة.
  • الإقياء.
  • التعرق.

شوهدت الأعراض المذكورة بين عددٍ لا يستهان به من السائحين اليابانيين وتم توثيقها في عدّة مجلات طبية.


لماذا السوّاح اليابانيون أكثر عرضة للإصابة بهذه المتلازمة؟


يزور فرنسا حوالي ستّة ملايين ياباني في كل عام، وبحسب وكالة رويترز، يحتاج العشرات من السياح اليابانيين للعلاج النفسي بعد زيارة باريس، وذلك إمّا بسبب اصطدامهم بالسكان المحليين غير الودودين أو بسبب المناوشات والاشتباكات التي تعترض طريقهم أثناء تجوالهم في الشوارع الفرنسية.

كما وصفت مجلة الطب النفسي حالة الإحباط التي يشعر بها الكثير من الزوار بسبب فرط توقعاتهم الرومانسية حيال باريس كمدينة للحب والأزياء والموضة المتناغمة مع شعبها الساحر، فاليابانيون يسحرهم كلّ شيء فرنسي، تغريهم بذلك عاصمتهم طوكيو المليئة بالمنتجات الفرنسية الفاتنة، بدءاً من الحلويات والمعجنات الشهيّة وصولاً إلى منافذ الأزياء الفرنسية الفاخرة مثل شانيل (Chanel) ولويس فويتون (Louis Vuitton).

إذاً من المنطق أن تكون متلازمة باريس منتشرة بشكل خاصّ بين السياح اليابانيين دوناً عن غيرهم من السيّاح، أضف على ذلك الدور الذي تمارسه وسائل الإعلام اليابانية بتصوير المدينة بالطابع الرومانسي الجذاب فقط مع صرف النظر عن الصورة الحقيقيّة الكاملة.


من هم ضحايا متلازمة باريس؟


أفادت السفارة اليابانية أنّ العديد من ضحايا متلازمة باريس هم نساء عازبات يسافرن بحثاً عن تجربة رومانسية، وفي استطلاعٍ أجرته صحيفة الطب النفسي، أبدت سائحة يابانية تدعى إيمي رأيها بالقول “بالنسبة لنا، باريس هي مدينة الأحلام، في مخيلتنا صورة عن جمال ورقي وأناقة الشعب الفرنسي، وعند وصولنا إليها اكتشفتا النقيض التام لمخيلتنا ولطابع شعبها”.

يصف العالم النفسي هيرفيج بنيهامو (Herve Benhamou) تلك الحالة بقوله “عندما تقابل الصورة التخيليّة التي يحملها اليابانيون عن باريس واقعها الحقيقي أمام أعينهم، ستصيبهم نوعاً ما أزمة من الإحباط والخذلان.


كيف تتعامل الجهات الرسميّة مع ضحايا المتلازمة؟


تعيد السفارة اليابانية في باريس ما يصل إلى 20 سائحاً سنوياً إلى بلادهم مع طبيب أو ممرضة للتأكد من تعافيهم من الصدمة، كما لجأت إلى إنشاء خطٍّ هاتفيّ على مدار 24 ساعة لمساعدة الأشخاص المغتربين الذين يعانون من هذه المتلازمة.

لكن يبدو أنّ المشكلة تزداد سوءاً بدلاً من أن تتحسّن، حيث أوضحت تقارير عن إصابة سائحين صينيين من الطبقة المتوسطة ممّن سافروا إلى الخارج بنفس أعراض أقرانهم اليابانيين.


هل هناك متلازمات أخرى مشابهة لها؟

قد تتشارك جميع المتلازمات بنفس الأعراض التي يشعر بها السائح من الهلوسات وتسارع النبض والدوار والذهان وجنون العظمة وتلك الأحاسيس السماويّة التي تكاد لا توصف، لكنّها قد تختلف بالأسباب الكامنة وراء هذا الكمّ الهائل من المشاعر والأحاسيس على سبيل المثال:


متلازمة فلورنسا

متلازمة باريس

في حين أنّ هذه المتلازمة قد تكون أقلّ وطأة وأكثر خيرًا من سابقتها، ورغمّ أن أعراضها تتشابك كثيراً مع متلازمة باريس لكنّها تختلف في مضمونها، فهي وليدة مشاهدة الفن الجميل والمباني العمرانيّة الساحرة في فلورنسا، في مزيجٍ من النشوة والعظمة من وجودك بالقرب من قبور الرجال العظماء أمثال مكيافيلي (Machiavelli) ومايكل أنجلو (Michelangelo) وجاليليو (Galileo) في لحظاتٍ من التأمّل الروحي المتناغم مع الجمال السامي الذي تحييه كلّ بقعة من فلورنسا الإيطالية.


متلازمة القدس

متلازمة باريس
ذو صلة

منذ ثلاثينات القرن الماضي، أفاد الأطباء النفسيون بظاهرة غريبة بين زوّار مدينة القدس تدعى بمتلازمة القدس Jerusalem Syndrome حيث تسيطر على السائح حالة من الهوس والذهان ذي الطابع الديني.
على الرغم من أنّ هذه المتلازمة لا تخصّ ديناً واحداً بذاته بل تشمل الأديان السماويّة اليهودية والإسلام والمسيحية، فقد تظهر في ثلاثة أشكال، كأن يصبح السائح مهووساً بالنظافة والاستحمام تحت رداء الإيمان، أو عاشقاً لرداء التوغا Toga أو ما يعرف بالحجاب، وقد يبدأ برحلة الوعظ والإرشاد إلى العقيدة الدينية من شوارع المدينة أو الأماكن المقدسة.

في النهاية عزيري القارئ أنت أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا أن تخفّف سقف توقعاتك وحجم تخيلاتك عن باريس فتتجنّب تلك الصدمة النفسية التي أنت في غنى عنها، وإمّا أن تغيّر وجهتك كليّاً وتحجز تذاكر رحلة العودة وتستغني عن خوض تجربة قد لا تلبّي طموحك، لذلك احتفظ بها في مخيلتك وأحلامك الورديّة إلى الأبد.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة