تريند 🔥

🤖 AI

لماذا تفضل معظم الشركات التبرع للجمعيات الخيرية بدلًا من دفع الضرائب؟

الضرائب
آلاء عمارة
آلاء عمارة

8 د


“شيئان لا مفر منهما في الحياة: الموت والضرائب” … بنجامين فرانكلين

عُرف مصطلح الضرائب بين الناس منذ زمن قديم، وتنوعت أسباب فرضها على الشعوب، لكن في وقتنا الحاضر. ومع تغيّر الزمان والأوضاع، صارت الضرائب روتينًا اعتاد عليه الناس، حتى وإن لم تكن هناك حرب. وتشتهر الشركات الكبيرة بأنها تُفضل التبرع للأعمال الخيرية بدلًا من دفع الضرائب للحكومات. وهذا يقودنا للتساؤل الذي طرحه أحد جماهير أراجيك وهو: “لماذا معظم الشركات تستعمل أو تستخدم أو تنتقل أو تشارك الجمعيات الخيرية؟” قبل الإجابة المباشرة على هذا السؤال، لنتعمق أكثر فيما يخص الضرائب.

اقرأ أيضًا: لماذا يتنحى مؤسسو الشركات الكبيرة عن مناصبهم؟

الضرائب

سؤال واحد من جمهور أراجيك على الصفحة الرسمية للمجلة.

لماذا تفرض الدول والممالك الضرائب على المواطنين؟

في عصرنا الحالي، تفرض الحكومات على المواطنين والشركات الضرائب لملء خزينة إيردات الدولة. ثم تستخدم فيما بعد لتلبية متطلباتها والتي عادةً ما تتمثل في المشاريع الحكومية والخدمات المُقدمة للمواطنين، ما يجعل الحياة أكثر رفاهية، فالضرائب ركيزة مهمة تساعد الدولة في ضبط الاقتصاد وشراء الأسلحة لحمايتها بالإضافة إلى تمويل المشاريع الاجتماعية، منها:

  • قطاع الصحة: تستخدم الضرائب في تمويل قطاع الصحة من خلال مساهمات الحكومة في الرعاية الصحية وتدعيم الأبحاث العلمية الخاصة بمجال الطب بالإضافة إلى الضمان الاجتماعي فضلًا عن توفير التأمين الصحي للمواطنين غير المقتدرين، وتوفره بعض الدول الغنية للمقتدرين ماديًا أيضًا.
  • مجال التعليم: تُوجه ميزانية كبيرة من الضرائب في تمويل التعليم، فالتعليم هو أساس تقدم الأمم، ما يجعل الحكومات المختلفة مهتمة بهذا القطاع خاصة. وتستخدم الأموال في بناء المدارس والجامعات وتوفير الكتب والأدوات الدراسية للطلاب وما إلى ذلك، لضمان جودة العملية التعليمية للبلاد.
  • إدارة شؤون البلاد: تستخدم الحكومات الضرائب في إدارة البلاد ودفع مرتبات الموظفين وأعضاء البرلمان وضباط الشرطة، كما تُوجه لتمويل المعاشات وإعانات البطالة ورعاية الأطفال وغيرهم. تذهب أموال الضرائب أيضًا إلى تدعيم اقتصاد الدولة ومساعدته على النمو. وفي النهاية، يصب كل هذا في مصلحة إدارة الحكم بصورة منضبطة.
  • تطوير البنية التحتية للبلاد: ويشمل ذلك مشاريع المرافق العامة والنقل والإسكان والأمن وتمويل البحث العلمي والشؤون المتعلقة بحماية البيئة.
  • اقتصاد البلاد: تساهم الضرائب في تمويل الحكومة، ما يحفز النمو الاقتصادي للبلاد ومن ثمّ التأثير على اقتصاد البلاد كاملة، ما يرفع من مستوى المعيشة ويخلق المزيد من فرص العمل عن طريق افتتاح مشاريع مختلفة تحتاج للقوى العاملة، وعند نجاحها وتحقيق أرباح عالية على المدى البعيد، يرتفع الاقتصاد بالتدريج.
  • ردع الأنشطة غير المرغوب فيها: في مجتمعاتنا الشرقية خاصة، يستنكر الناس شرب الخمور أو التبغ. وبسبب ذلك، ترفع الحكومات الرسوم المدفوعة لهذه المنتجات، ما يقلل من الفئة التي تستطيع شرائها.
  • الدفاع ضد العدوان الخارجي: تستخدم الحكومات أموال الضرائب في كثير من الأحيان لشراء الأسلحة وتمويل الجيش الحامي للدولة، وبالتالي حماية البلاد خارجيًا وتوفير الأمن داخليًا في حال قيام حرب أو أي أعمال شغب.
  • الأعمال الخيرية: وتتمثل في دور رعاية الأيتام وتوفير الرعاية للمسنين أيضًا، ودعم الفقراء والمحتاجين وعلاج المرضى غير المقتدرين وما إلى ذلك.
الضرائب

ومن هذا كله نخلص إلى أنّ الضرائب ضرورية للمواطن قبل الحكومة، وعلينا التخلص من فكرة أنها مجرد انتزاع للأموال، فهي في الواقع نظام مُصمم بعناية لضبط ميزانية الدولة وخلق فرص للمواطنين. لكن هناك سؤال آخر مهم..


ماذا سيحدث للشركات إذا لم تدفع الضرائب؟

يمكننا إعادة صياغة السؤال ليشمل الجميع، وبذلك يصبح “ماذا سيحدث للمواطنين والشركات أو الدولة ككل إذا لم تُدفع الضرائب؟” تتلخص الإجابة في “سيصعب العيش في تلك البلاد وقد ينهار الاقتصاد“، حيث تستخدم الحكومات هذه الضرائب في تمويل الشركات أو مشروعات الأفراد أيضًا من خلال القروض، والتي تحصل على حصة منها عبر الضرائب. إذا لم تدفع الشركات تلك الضرائب أو حاولت التهرب منها، سيؤثر ذلك على الاقتصاد العام للبلاد، وبالتالي لن تستطيع الدولة تمويل المشروعات والشركات الناشئة بالقروض، ما يعود بالضرر عليها أيضًا. إضافة إلى أنّ الدولة لن تستطيع توفير الأموال للمشاريع العامة من مرافق ومستشفيات ومدارس وجامعات وغيرها من الخدمات المختلفة.

ما زلت غير مقتنع بدور الضرائب في اقتصاد البلاد؟ حسنًا، إليك هذه المعلومة، نقلًا عن “ICTD“، وهو المركز الدولي للضرائب والتنمية، حيث تمثل الضرائب نحو 80% من إجمالي إيرادات ما يقرب من نصف حكومات العالم!


تاريخ الضرائب.. متى بدأت في النمو؟

اشتُهرت الضرائب منذ زمن بعيد- كما ذكرنا- لكنها بدأت في النمو فعليًا وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من نظام أي دولة في بداية القرن العشرين تحديدًا في البلدان الصناعية بعد الحرب العالمية الأولى، وحتى 1920، كانت إيرادات الضرائب منخفضة في جميع البلدان، فمثلًا عام 1910، كان الدخل القومي للحكومات من خلال الضرائب يمثل 10% فقط أو أقل! (عند مقارنة هذه النسبة بالـ 80% الموجودة اليوم في أكثر من نصف دول العالم، لا بد من ملاحظة اختلاف شاسع.) استُخدمت نسبة الـ 10% هذه في الوظائف الأساسية للحكومة مثل المحافظة على النظام العام.

بين عامي 1920-1980، ازدادت حصة الضرائب ضمن إيردات الدخل القومي للبلاد، حيث بدأت الحكومات في الإنفاق على المزيد من الخدمات العامة مثل المرافق والتعليم والتأمين الصحي. وبعد عام 1980، صار نظام الضرائب أكثر استقرارًا، بل وجزءًا رئيسيًا لا يمكن للحكومات المختلفة الاستغناء عنه لأسباب كثيرة ذكرناها الآن.

بعد أن تعرفنا على أهمية الضرائب ودورها في اقتصاد البلاد، حان الوقت للرد على السؤال المطروح في بداية التقرير..


لماذا تفضل الشركات التبرع للأعمال الخيرية بدلًا من دفع الضرائب؟

يُعد التبرع للجمعيات الخيرية واحدًا من أهم الأعمال التي تقوم بها الشركات صغيرة كانت أو كبيرة، وهذا التبرع لا يقتصر فقط على المال، ولكن بالمنتجات والوقت والمجهود، ويتباهي أصحاب الشركات كثيرًا بتبرعاتهم ومساهماتهم في الأعمال الخيرية، وقد يقودون حملات توعية بأهمية العمل الخيري، وفي الحقيقة إنّ هذا يساعد في تمويل المؤسسات غير الربحية الهادفة لمساعدة المحتاجين أو حماية البيئة أو غيرها. لكن هناك فوائد أخرى يجنيها أصحاب الشركات في مقابل هذه الأموال، أهمها الضرائب.. والآن إليك بعض من فوائد التبرع للشركات:


الدعاية المجانية.. هل رأيت مطعمًا يقدم الوجبات للمشردين؟

تحرص العديد من الشركات التي تقدم منتجات مختلفة على تخصيص بعض من منتجاتها للمحتاجين. مثلًا، تخصص بعض المطاعم أيامًا أو مناسبات محددة لاطعام المشردين. يُوفر هذا التصرف دعاية مجانية ورائعة للمطعم، بالإضافة إلى أنّ هذا عملًا شريفًا يشجع العملاء على التبرع ومساعدة المحتاجين، كما يساعد في جذب المزيد من العملاء، حيث تنشر الجمعيات الخيرية إعلانات بمساهمات الشركات المختلفة في تدعيمها، فتشجع الإقبال على هذه المؤسسات التي تساعد المجتمع.

من ناحية أخرى، إذا كان المشروع ناشئًا، فقد يتشجع المستثمرون وأصحاب المال على تمويل هذا المشروع دون غيره، ولمَ لا وهو يشارك في مساعدة المحتاجين.


الإعفاء الضريبي

تُعد الإعفاءات والخصومات الضريبية أكثر الفوائد المميزة للعمل الخيري. وفي بعض الأحيان، تتبرع بعض الشركات للأعمال الخيرية بدلًا من دفع الضرائب، ربما لعدم رغبتها في دفع الضرائب أو لتحقيق فائدة الخصومات أو للمساهمة في العمل الخيري.

من ناحية أخرى، قد تساعد الضرائب في الحصول على 50% من الخصومات، وتُحدد قيمة الخصومات حسب المبالغ النقدية أو المنتجات التي أُرسلت للجمعيات الخيرية. ويفضل العديد من أصحاب الشركات الكبرى، على رأسهم بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت مباشرة الأعمال الخيرية بأنفسهم وضمان تحقيقها لأقصى فائدة والوصول لعدد أكبر من المحتاجين. هذا ليس فقط عملًا إنسانيًّا، ولكنه يُكسب الشركة مقامًا رفيعًا ويزيد احترام الآخرين لها.

الضرائب

جذب موظفين مهرة

سأطرح عليك سؤالًا. اقرأه جيدًا وفكر قليلًا ثم شاركني بالإجابة إذا أردت. والسؤال هو: “هل تفضل العمل مع شركة تهتم بالمساهمة في الأعمال الخيرية أم لا؟” (فكر..فكر..فكر)

هل فكرت؟ 🤔 حسنًا يا صديق، لدي معلومة أود مشاركتها معك. في عام 2007، أجرت شركة “Deloitte” دراسة وشارك فيها عدد من الأشخاص تتراوح أعمارهم بين 18-26 عامًا وسُئلوا عما إذا كانوا يفضلون العمل في شركات تساهم في الأعمال الخيرية أم لا.

صوت 62% منهم برغبتهم في العمل بهذه الشركات. اتضح أنّ الكثير من الأشخاص من ذوي المهارات والخبرة يميلون للعمل في الشركات التي تقدم خدمات للمجتمع، ما يعزز فرصة الشركات في ضم أكبر عدد من الموظفين الأقوياء القادرين على قيادة الشركات للأمام. فالمشاركة في الأعمال التطوعية ترفع الروح المعنوية للموظفين ويصبحون سعداء بما يفعلون وينمو لديهم الانتماء لمكان العمل، ويجعلهم ممتنين لأنهم استطاعوا خدمة المجتمع خارج مكاتبهم من خلال شركتك.


بناء علاقات قوية مع الجمهور

الضرائب

عام 2010، نشرت شركة “Cone Communications” دراسة تفيد بأنّ 85% من المستهلكين يميلون للتعامل مع الشركات المساهمة في الأعمال الخيرية بدلًا من الأخرى. وتتمثل هذه المساهمات في إمداد المؤسسات الخيرية- بمختلف أنواعها- بالمنتجات أو الأموال. ما يجذب انتباه العملاء، خاصة أولئك الذين يهتمون بالأعمال الخيرية.


تحقيق الغاية السامية للعطاء

هناك هرمون يسمى “السيروتونين“، وهو واحد من هرمونات السعادة التي تُفرز عند العطاء، مثلًا إذا ساعدت صديق لك أو قدمت خدمة بدون مقابل، تمامًا كما يحدث في حالة التبرع للمؤسسات الخيرية. فالعمل الخيّر وسيلة فعّالة وممتازة للحفاظ على صحتك النفسية أيضًا. ربما لهذا السبب، يُفضل الموظفون والعملاء التعامل مع الشركات المهتمة بالأعمال الخيرية.

معلومة على الهامش..ربما تهمك: يزداد الاقبال على تدعيم المؤسسات الخيرية عامًا بعد عام، فقد كشف تقرير “Giving USA” بأنّ الأمريكيين أنفقوا نحو 450 مليار دولار أمريكي عام 2019 في الأعمال الخيرية، ما يعني أنّ الوعي بهذه الأعمال يزداد باستمرار، ويبحث عنه الناس جميعًا، سواء كانوا أناس عاديين أو أصحاب شركات يريدون التدعيم.

ذو صلة

على كل حال، إنّ العطاء صفة نبيلة، لا يملكها كل الناس، ويا لجمال حاملها. هناك من يعملون على إنفاق ثرواتهم قبل الموت في الأعمال التطوعية مثل وران بافيت (رجل أعمال ومستثمر أمريكي) الذي قرر التبرع بنحو 99% من أمواله في الأعمال الخيرية، وعلى مدار 14 عامًا تبرع بـ 37 مليار دولار. لا أنكر أنّ هناك من يرغبون في التهرب الضريبي من خلال دفع أموال للمؤسسات الخيرية. مع ذلك، إنّ الفائدة المُحصلة تعم وتفيد، لكن هذا لا يعني إهمال الضرائب بصورة تامة، فهي ضرورية للحفاظ على اقتصاد البلاد.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة