تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

توقف عن ندب حظك العاثر بعد الآن: الحظ السيئ هو عقدة نفسية

الحظ السيئ
روان دربولي
روان دربولي

5 د


“إن عاثري الحظ هم الذين يجب أن يُعاملوا معاملة إنسانية قبل غيرهم من الناس، فذلك هو خلاصهم وذلك هو فرحهم”. دستويفسكي

لم يكفّ الناس عن سؤال أنفسهم عن سوء حظهم منذ بدء الخليقة، ولطالما مارست الثقافات المختلفة طقوسًا متنوعة لدرء الحظ السيئ من الدعاء إلى السحر والشعوذة والخرافات العديدة، وحتى مع التقدم المذهل للبشر في التكنولوجيا والعلوم فإن فكرة “سوء الحظ” لا تزال قائمة، إنها متأصلة بقوة في النفس البشرية كطريقة لفهم مجاهل هذا العالم، ولأن أدمغتنا تتوق للتفسيرات كان “الحظ السيئ” هو الجواب الشّافي في كثير من الأحيان، لكن إن كنت تتساءل دومًا لماذا حظك عاثر، فإنه قد حان الوقت لتحويل طريقة تفكيرك إلى منظور آخر أكثر قوة.


الحظ السيئ هو عقدة نفسية

بإلقاء الضوء قليلًا على كتاب”خوارق اللاشعور” لـ: د.علي الوردي الذي يبحث في غوامض العبقرية والتّفوق أو ما يدعونه العامة بـ الحظّ يقول لنا الكاتب:


“إنه في أغوار اللاشعور قوى مبدعة تستطيع أن تقود الفرد في سبيل النجاح لو أحسن استثمارها وأن ما يسمى بالحظ عند العامة ناتج عن استثمار هذه القوى اللاشعورية، وكثير من الناس ينتفعون بهذه القوى في حياتهم العملية من غير أن يعرفوا مصدرها أو يفهموا ماهيتها فينسبونها إلى الحظ وليست هي من الحظ في شيء، إنها حوافز تنبعث من داخل النفس ويعتقد الناس أنها آتية من الخارج.”

الحظ السيئ

الذين يرون أنفسهم عاثري حظ يشعرون بأعماقهم أنهم لا يستحقون الحظ

عندما نسمع بعض القصص عن الحظ السيئ وعدم عدالة الحياة، لا يمكننا إلا أن نشعر بالكثير من التعاطف حيالها. الكثير من الأسئلة تدور بأذهان الناس في كل زمان ومكان تشعرهم بشيءٍ لا يشبه الفرح، ربما يقومون بإسكات تساؤلاتهم بإقناع أنفسهم أنهم ليس لديهم ما يكفي من الحظ.

إن كنت أحد هؤلاء فقد تطرح على نفسك بعض التساؤلات من نمط: لماذا ينجح الآخرون في تكوين أسرٍ سعيدة ودافئة أما أنا وحيدٌ ومنسيّ وحزين؟ لماذا ينجح غيري دومًا في كل ما يفعله سواء بعمله أو دراسته في حين أنني هنا أواجه المصائب والمحن التي تأبى أن تأتي فرادى؟ لماذا كل شيء في الحياة ضدّي وكان القدر جاء فقط ليعاكسني!

كل التساؤلات السابقة تدفع البشر للتصديق بشدّة أن بعضهم يولد تحت نجمٍ محظوظ  أما البعض الآخر فإن سرّ تعاسته مرتبطٌ بسوءِ الطّالع. على وجه العموم لا يمكن إنكار أن هنالك ظروف أكثر ملائمةً من غيرها؛ فبعضنا يولد لعائلاتٍ ثريّة وبعضنا يفتح عينيه على الحياة ليواجه الفقر الأسود، هناك أناس يولدون بصحة جيدة وآخرون يعانون من أمراض مروّعة منذ صغرهم، بعضنا لديه عائلات محبّة والبعض الآخر يولد لآباءٍ متسلّطين ونرجسيّين، البعض يولد في بلاد الحروب والمجاعات والبعض يولد في بلاد الرخاء والرفاه.

الحظ السيئ

خلاصة القول إنه لا يمكننا دحض فكرة كون الحياة أسهل أحيانًا لبعض البشر دون غيرهم وعلى الرغم مما أسلفت ذكره، يستمر الناس بالشعور أن حظهم سيئ أكثر من غيرهم، تكون الحياة بالنسبة لهم مجرّد محنة حقيقية وسلسلة من الظروف المرهقة والمؤلمة وغير العادلة؛ فلماذا يتولد هذا الشعور عند البعض؟

لفهم ذلك فإنه من الأفضل دراسة الحالات الذهنية والسلوك لكل شخص، فالأشخاص الذين يرون أنفسهم أنهم عاثرو حظ يشعرون بأعماقهم أنهم لا يستحقون الحظ، ويكونون على قناعةٍ تامّة بأنهم غير جديرين بالهدايا التي تقدمها الحياة لهم، إنهم فقط يحجمون أنفسهم ويحاصرون ذواتهم في حلقة مفرغة ويعزلون أنفسهم عن تطلعاتهم ورغباتهم ويتذرّعون بسوء الحظ.

إن هذه الكلمة تجري في عروقهم فيهزمون دومًا عند أول محكٍّ في مواجهة الحياة، ولا حيلة لهم إلا القبول بهذا المصير، وبذلك يصبحون ضحايا سلبيّين لضرباتِ الحياة. الخاسرون في حياتهم هم المقتنعون بأنهم سيفشلون بأي شيء حتّى قبل أن يشرعوا به، وهذا ما سيدمر أي احتمالات للنجاح. لذلك لتنمية حظك عليك أن تدرك أن سوء الحظ وقبل كل شيء هو مسألة روحية.

اقرأ أيضًا: الحظ يفضل الجريء: أسرار لخلق الثقة والنشاط في الطريق لتحصل على ما تريد


كيف السبيل للنجاة من حمأة الحظ السّيئ؟

الحظ العاثر، والحظ السعيد غير موجودين بالطريقة التي يؤمن الناس بها، صحيح أن أحداث الصدفة موجودة في الحياة إلا أنها بطبيعتها عشوائية بحتة.

الحظ السيئ

بدايةً، عليك التوقف عن الاعتقاد أن كل مشاكل حياتك سببها القوى الخارقة للطبيعة أو الحظ أو المصير أو الحسد أو كل شيء خارج عن إرادتك؛ إن معظم الناس الناجحين لديهم مركز داخلي للسيطرة على حياتهم فهم مؤمنون أن ما يحدث في حياتهم يعود إليهم. هذا ما يجعلهم مستعدين دومًا لتجربة أشياء جديدة ويسعون دومًا لإيجاد وسائل لتغيير الأشياء التي لا يحبونها في حياتهم، إنهم لا يلومون حظهم العاثر بل يبحثون عن طرقٍ لجعل عالمهم أفضل.

بنفس الوقت هذا لا يعني أنهم أكثر حظًّا من غيرهم، لأن الحظ هو حالة من العشوائية ومن الممكن أن يتعرضوا لانتكاساتٍ مثلهم مثل أي شخص آخر. من ناحية أخرى فإن كل ما تهتم به ينمو في ذهنك فإذا ركّزت دومًا على فكرة حظك العاثر سيبدو الأمر أكثر سوداوية، ستصبح مؤمنًا بشدة أن كل شيء ضدك وستلاحظ الكثير من الحالات والمواقف التي تحدث معك تجعل هذا الأمر صحيحًا وسوف تغرق نفسك بالطاقة السلبية.

ذو صلة

هذه الحياة تستحقّ المغامرة والمحاولة مرارًا وتكرارًا؛ فإذا أمضيت حياتك بالانتظار لا شيء سيحدث لك بالتأكيد، لذلك عليك أن تقرّر مرة واحدة وإلى الأبد أن تعتني بنفسك من خلال اتخاذ فكرة احترام الذات على محمل الجد، إن إيمانك بنفسك وبخياراتك وتنمية ثقتك بنفسك هي مواقف تسمح لك بخلقِ حياةٍ على صورتك وبمعرفة أنك تستحق أن تقودها، والأهم من ذلك تدريب النفس على اغتنام الفرص بشكلٍ يومي، أما بالنسبة للشدائد والأيام العصيبة لن تعد تنظر إليها على أنها حظٌّ سيئ سقط من السماء بل ستصبح تحدٍّ، ستكون دومًا على استعدادٍ لخوضه. أحط نفسك دومًا بالأشخاص الإيجابيين وثق بحدسك وامشِ قدمًا.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة