كيف يظهر تناغم الذئب الصغير ريتشارد مادن وحسناء بوليوود بريانكا شوبرا في مسلسل Citadel؟

مهما كان ذوقك الفني صارماً، فلا بد أنك ستضعف قليلاً أمام عمل يحتوي رجالاً أشداء بفك مربع، وحسناوات قاتلات، والكثير من مشاهد القتال والكاراتيه، لا يمكن إنكار الجاذبية الكبيرة التي تحملها قصص وأعمال الجاسوسية.

إنه العالم الغامض الذي تفتخر كل الدول بامتلاك قصص أسطورية تخصه، من منا لم يسمع بماتا هاري أو برأفت الهجان أو على أقل تقدير لقد سمعت وبدون أي شك بجيمس بوند الجاسوس البريطاني الذي ابتكره إيان فلمنغ دون أن يعرف أنه خلق رمزاً ثقافياً بريطانياً يفتخر به البريطانيون.

ومن قلب هذا العالم الغامض المثير أطلقت منصة أمازون برايم بميزانية خرافية كالعادة، مسلسل التجسس الخاص بها الذي حمل اسماً ضحلاً هو "Citadel" أي القلعة والذي علقت عليه آمالاً واسعة حتى أنه قد تم تجديده إلى موسم ثان ..فوراً، ستقدم "أراجيك فن" في هذا المقال مراجعة شاملة وخاصة لقلعة أمازون برايم

منظمات سرية عملاء خارقو القوة أشرار يريدون حكم العالم أو تدميره، لقد شاهدنا هذه الحبكة في مئات بل آلاف الأفلام والمسلسلات السابقة وفي أغلب أفلام العميل البريطاني الشهير 007 جيمس بوند لكن Citadel قدم قصته بطريقة مختلفة بعض الشيء قد يبدو في بداية العمل أن الأطراف واضحة تماماً الأخيار هم القلعة والأشرار هم المانتيكور لكن وجود خائن في قلب القلعة وانقلاب الأحداث المفاجئ إضافة إلى الأسرار الغريبة التي تكشف في كل .حلقة تجعل من العمل ممتعاً بصدق

يمكن القول أن المسلسل احتوى على الكثير والكثير من المنعطفات والأحداث الصادمة دون أي لحظة راحة حتى يكاد المشاهد يشعر بالدوار لكنه يضمن في كل حلقة حوالي 40 دقيقة من المغامرات الخيالية والذكريات الأليمة والمشاهد القتالية المثيرة المميزة التي تحمل القليل من أجواء أفلام تارانتينو الشهيرة بعنفها الفاحش كما أن كل حلقة تنتهي نهاية .مقلقة تجعلك راغباً في مشاهدة الحلقة التالية على الفور وهذه نقطة قوة تحسب للعمل

لو أنك تابعت مسلسل HBO الأسطوري Game of thrones فإنك بالقطع أغرمت بشخصية روب ستارك الذئب الصغير .والتي أداها ريتشارد مادن ببراعة جعلت له مكانة خاصة في قلوب محبي العمل

هذه المرة يقدم مادن دوره بلهجة أمريكية متخلياً عن لهجته الاسكتلندية المحبوبة بالاشتراك مع ملكة الجمال السابقة بريانكا شوبرا جوناس التي يبدو أنها تحاول إفساح مكان لنفسها في هوليوود بعدما تم محاربتها على حد قولها في .وطنها الأم 

لا يمكن وصف التناغم والديناميكية بين مادن وتشوبرا بالمثالية لكنهما شكلا ثنائية لطيفة كشريكا عمل تجمع بينهما عاطفة قديمة تتجلى لنا في بداية الحلقة الافتتاحية عندما يتباريان بعدد اللغات التي يعرفانها قبل أن تبدأ المعركة الدموية وتفرق الأحداث بينهما ولربما يكون مسلسل Citadel فاتحة خير على بريانكا في عالم هوليوود الشائك.

المزيج الثقافي لأبطال العمل ربما كان مقلقاً بعض الشيء بطل اسكتلندي وبطلة هندية ما الذي يمكن أن ينشأ عن  هذا؟

..لكن وفي واقع الأمر فإن الترابط والانسجام بين ريتشارد وبريانكا كان لطيفاً ولم يشكل فجوة في العمل

جاء أداء ريتشارد مادن قوياً مميزاً واستطاع الخروج من شخصية روب ستارك تماماً وظهرت براعة أدائه في إظهار الفرق بين مايسون الواثق من نفسه والمحترف الصلب وبين كايل رب الأسرة التائه الذي لا يعرف ما الذي أخرجه من حياته .الرتيبة الهادئة إلى هذا العالم الجنوني الذي يقتل فيه شخص شخصاً آخر كل خمس دقائق 

أمًا بريانكا شوبرا جوناس فقد أعطت شخصية نادية سين حقها كاملاً قوية أنيقة جذابة لا تخشى تحطيم أسنان رجل .مربوع القامة إنها عميلة المخابرات الحسناء كما نتخيلها في القصص المصورة

نرشح لك: أفضل أفلام الأكشن الهندية التي ستغير نظرتك تجاه بوليوود للأبد

لكن الأداء الأبرز والأفضل كان بلا أي شك ستانلي توتشي الذي أدى دور برنارد أورليك الناجي الأخير من منظمة القلعة حيث كان أداؤه الكوميدي الهادئ أشبه بنقطة مضيئة في ظلامية العمل ستغرم ببرنارد حتى عندما يطلق النار على رأس شخص ما لكن برنارد أكثر من مجرد رجل ظريف مريح إذ يبدو أنه يخفي الكثير جداً من الأسرار التي تتكشف مع كل .حلقة 

بالإضافة إلى توتشي قدمت ليزلي مانفيل واحداً من أفضل أدوار الشر النسائية كداليا آرتشر رئيسة منظمة المانتيكور إنها شريرة حقاً دون صراخ وتهديد وملامح وجه تتلوى من الغضب إنها شخصية شريرة سافلة تهدد حياة إنسان آخر فيما تزرع الورود أو تتناول العشاء معه وهذا أكثر أنواع الشر رعباً تذكرني بعض الشيء بشخصية دولوريس أمبريدج من سلسلة هاري بوتر التي حملت خلف مظهرها اللطيف المبتهج شراً يكاد يصل إلى مستوى شر سيد الظلام نفسه.

لم تكن انطلاقة مسلسل Citadel سهلة إذ أنه لاقى عثرات ومشاكل عديدة بداية مع وباء كوڤيد-19 إضافة إلى إعادة إنتاج وتصوير الحلقة الافتتاحية من الصفر وانتهاء باستبدال المخرج كلياً لكنه وأخيراً ظهر إلى النور بميزانية خرافية تقدر بـ 300 مليون دولار لكنه وكعادة أي عمل كان لاقى انتقادات واسعة جداً وتساءل الكثيرون هل سيكون Citadel سفينة غارقة جديدة لبيزوس وشبكة أمازون كما كان مسلسل The rings of power؟ 

لعل أبرز الانتقادات كانت التسارع الغير منطقي للأحداث حيث يبدو أن عدد الحلقات القليل دفع صناع العمل إلى دفع أكبر عدد ممكن من المشاهد القتالية والمنعطفات الصادمة والمناظر السياحية في وجه المشاهد أنت الآن في الولايات المتحدة بعد خمس دقائق تجد أن الأحداث انتقلت إلى إيران بعدها بدقيقتين تجد أنك تنظر إلى جبال الألب الجميلة يبدو أن أمازون برايم ترغب في الترويج للسياحة.

كذلك فإن الخيال العلمي تخطى حدود المقبول كيف يمكن أن تقوم منظمة بحماية العالم بأسره أي سلطة تمتلك؟ ما هو تاريخ المنظمة من أين يجد عملاء القلعة الوقت والمال للذهاب حول العالم ثلاث مرات في اليوم الواحد!

أسئلة كثيرة وثغرات واسعة في حبكة العمل العامة أزالت القليل من رونقه والمتعة التي يحملها بشكل عام هذا النوع من المسلسلات والأعمال.

أغلب أعمال التجسس تقدم فكرة الشر والخير بطريقة طفولية لا عمق فيها الشرير شرير بلا أي سبب ويريد حكم العالم لأنه شرير والبطل سيوقفه رغم كل العثرات والعقبات لأنه الطيب في القصة، قد تُقبل هذه السطحية في القصص المصورة لكن في عمل ضخم بميزانية خيالية لربما كان من الأفضل إضفاء قليل من العمق على شخصيات العمل أو على الأقل بعض التبرير المنطقي لتصرفاتهم 

فعلاقة مايسون ونادية التي يرتكز العمل عليها قدمت بسرعة غير المنطقية إذ نرى فلاش باك لعلاقتهما وكيف التقيا وهنا يخطر على بالك سؤال مهم كيف يثق جاسوس بامرأة التقاها للتو؟

لربما كان الغرض من هذه المشاهد تبرير التفاعلات والعلاقات المستقبلية بين نادية ومايسون وإضفاء إضاءة درامية .على تاريخهما معاً

نرشح لك: أفضل أفلام الجاسوسية.. نظرة عن كثب على أهم الأفلام التي تناولت التجسس والمخابرات

أمًا من ناحية أخرى لدينا منظمة المانتيكور لماذا يريدون تدمير القلعة بالضبط؟ ما هدفهم من إثارة الحروب والمآسي .وإنهاء السلام 

ما هو الدافع كي تكون داليا آرتشر بهذا الشر المرعب، إن غياب العمق الدرامي عن الشخصيات في أي عمل كان هو .نقطة ضعف بينة تؤثر في سير العمل الفني بأكمله مهما كان ممتعاً 

بعد صدور فيلم No time to die الذي اختتم مسيرة دانييل كريغ كجيمس بوند بدأ البحث عن العميل 007 الذي يمكنه أن يملأ فراغ كريغ خاصة أن أفلامه حققت نجاحاً خيالياً لافتاً بل أن أغاني بعض الأفلام نجحت في اقتناص الأوسكار خاصة أغنية آديل الأسطورية Skyfall. 

نرشح لك: أفضل أغاني أديل: المطربة التي حطمت كل الأرقام القياسية وتربعت على القمة

ومما لا شك فيه أن ريتشارد مادن قدم أداء مميزاً في Citadel إنه ممثل موهوب وسيم أثبت قدرته على أداء دور الجاسوس ببراعة فهل يمكن أن نراه كجيمس بوند؟ لا تبدو هذه الفكرة سيئة إطلاقاً في حقيقة الأمر.

ختاماً يمكننا أن نقول أن مسلسل Citadel ورغم كل الانتقادات التي نالته ورغم الميزانية التي لم تستثمر كما يجب حسب رأي النقاد إلا أنه مسلسل ممتع مثير ولا شك انه يمتلئ بكثير من الحبكات الرائعة التي تجعلك تقف على أطراف أصابعك انتظاراً لما سيحدث لاحقاً.

إنه عمل يضمن الكثير من الوقت الممتع والقتالات المثيرة بلا أي شك طالما أنك لا تقوم بمقارنته مع سلسلة Mission  .impossible أو أفلام جيمس بوند الأسطورية إن بعض الأعمال يستحيل أن تتكرر بكل بساطة 

والاَن..ماذا عنك عزيزي القارئ هل شاهدت المسلسل؟