تريند 🔥

🤖 AI

ملك الترقب .. ألفريد هيتشكوك

سرار شليويط
سرار شليويط

8 د


ألفريد هيتشكوك

ترك ألفريد هيتشكوك بريطانيا في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي ليصل إلى هوليوود بسمعة مستبقة كأعظم مخرجي الأفلام البوليسية ذات الأجواء النفسية، فأنتج في أميركا وحدها أكثر من 25 فيلماً.

كل فيلم من تلك الأفلام عبارة عن رحلة مشوقة من الإثارة نتأرجح فيها بين التوتر والترقب لننتهي باسترخاء تام بعد أعصاب مشدودة لساعة ونصف أو أكثر. جلّ ما يهتم به ألفريد هيتشكوك هو ليس القصة بل الطريقة التي يروي بها القصة في محاولة إلى “قولبة” الشكل جاعلاً منه الجوهر، وتتحول كيفية البناء إلى موضوع الفيلم، فالذي يثير فضولنا أكثر ليس معرفة ما سيحصل لاحقاً وإنما الطريقة التي “سيلملم” بها ألفريد هيتشكوك الأحداث ويأتي إلينا بنهاية منطقية.


أهم أعماله

عالمٌ نراه من خلال نافذة

أكثر ألفريد هيتشكوك من تعاونه مع الممثل الأميركي الكبير جيمس ستيوارت فشاركه الأخير في أربع أفلام أشهرها Rear Window و Vertigo. تدور أحداث Rear Window حول صحفي مشهور حبيس شقته في نيويورك إثر وضع قدمه في الجبس بعد أن كسرها في حادثة أثناء تغطية صحفية لإحدى سباقات السيارات. أثناء تماثل الصحفي للشفاء يصيبه الملل فيدفعه ذلك الى مراقبة جيرانه باستخدام عدسة كاميرته الدقيقة.


ألفريد هيتشكوك - فيلم Rear Window

يقوم بالتلصص عليهم بدافع الفضول بادئ الأمر، ولكن الأحداث تأخذ مجرىً أكثر جدية فيما بعد، إذ يعيرنا ألفريد هيتشكوك أعين الصحفي لنرى بها ما يراه هو عبر نافذته المطلّة على عدة نوافذ، عالم صغير داخل عالمٍ أصغر، لن ننتبه لوجوده إلا إذا اردنا ذلك فعلاً. يشتبه الصحفي بوقوع جريمة قتل في إحدى الشقق، وتقوم عشيقته (غريس كيلي) بمساعدته في كشف الحقيقة والقاء القبض على المجرم.


عالم نراه خلال نافذة 2 - ألفريد هيتشكوك

يعتبر هذا الفيلم من أفضل وأكمل أعمال ألفريد هيتشكوك تقنياً حيث أن الوحدة في المكان تزيد من حدة التوتر. إحدى العناصر الأخرى التي زادت من تميز الفيلم هي وجود الحسناء الشقراء غريس كيلي في مشهد تحمل فيه سيجارة بيدها وهي المعروفة في أوساط هوليوود أنها ترفض رفضاً قاطعاً التدخين أثناء تصوير أي فيلم، ولكن من يستطيع رفض طلب لذلك الشيطان الإنكليزي هيتشكوك!

ترشّح الفيلم لأربعة جوائز أوسكار لأفضل مخرج وأفضل تصوير وأفضل نص وأفضل صوت.

رهاب الحمّامات

يقدّم ألفريد هيتشكوك جرعة الإثارة التي حددها لمشاهديه مسبقاً دون زيادة أو نقصان، فيتمكن من التحكّم بأعصابهم طيلة مدة العرض. ففي فيلم Psycho المتربّع على عرش أفلام الرعب النفسيّة، يترك ألفريد هيتشكوك المشاهد محتاراً واقعاً في شباك عنكبوت، يقتله الفضول لمعرفة هوية القاتل ليُصعق في النهاية بالذي سيسمعه ويراه.

رفضت هوليوود بادئ الأمر تمويل هذا الفيلم إذ رأت أنه بلا جدوى وفرصه ضئيلة في النجاح، إذ قام ألفريد هيتشكوك بتصويره بميزانية ضئيلة. على عكس جميع التوقعات حقق الفيلم ارباحاً كبيرة على شباك التذاكر. لعل أكثر مشاهد أفلام الرعب شهرة هو مشهد (جانيت لي) وهي تأخذ دوشاً عندما يدخل عليها القاتل بالسكين فتصرخ مذعورة وغارقة في الدماء.

ألفريد هيتشكوك - فيلم Psycho

تكمن عظمة المشهد في حركة الكاميرا والمونتاج الذي يخولنا رؤية تفاصيل الجريمة في أكثر من خمسين لقطة سريعة تنتقل فيها الكاميرا من وضعية إلى اخرى خلال مدة لا تتجاوز الدقيقتين. بعد مشاهدة الفيلم عانى الكثير من مشاهديه من رهاب الاستحمام إذ ارتبط اخذ الدوش بمخيلتهم أبداً ودائماً بصورة جانيت لي الملقية على أرض الحمام وسط الدماء.

اشترط ألفريد هيتشكوك عند افتتاح عرض فيلمه Psycho أن لا يسمح لأحد بالدخول إلى السينما بعد بدء الفيلم، وقد تم وضع حراسة مشددة على جميع دور العرض منعاً لذلك.

تقول الأسطورة أن شخصية القاتل تم خلقها من علاقة ألفريد هيتشكوك بأمّه المتسلطة تماماً كعلاقة شخصية نورمان بيتس (انتوني بيركنز) بأمّه في الفيلم.

ترشح الفيلم لأربعة جوائز أوسكار، كانت في فئات أفضل مخرج، أفضل ممثلة مساعدة لجانيت لي، أفضل تصوير سينمائي وأفضل تصميم للإنتاج أو كما كان يطلق عليها سابقاً (أفضل ديكور).

الدُوار

شخصياً أشعر أن عنوان الفيلم يعبّر تماماً عن إحساس المشاهد خلاله فـ Vertigo فعلاً يُصيب بالدوار، وهو من أكثر أفلام هيتشكوك تعقيداً بحبكته المنسوجة خصيصاً لتضليل المشاهد الذي وإن غاب نظره عن الشاشة ثوانٍ يكون قد فقد تركيزه وفاته ما فاته، فيفقد الخيط الرفيع الذي عليه اللحاق به حتى نهاية الفيلم.

لم يلق الفيلم ترحيب النقاد أو مديحهم، بل على العكس قاموا بمهاجمته بقسوة عند عرضه لأول مرة في صالات العرض. طلب هيتشكوك من كاتب فرنسي قصة تخدم غرض فيلمه هذا على وجه الخصوص فقام بكتابة Vertigo ولكن تحت عنوان آخر. يقوم ببطولته جيمس ستيوارت -لقد كان هذا الفيلم رابع تعاون ما بين ستيوارت وهيتشكوك وقد كان الأخير أيضاً- إلى جانب الجميلة كيم نوفاك.

ألفريد هيتشكوك - فيلم Vertigo

يلعب جيمس ستيوارت دور محقق خاص يعاني من الدوار عند صعوده إلى أماكن مرتفعة، يُطلب منه مراقبة زوجة أحد الأشخاص (كيم نوفاك) الذي يشكّ زوجها بأنها تعاني من اضطرابات نفسية، إلا أن المحقق الخاص سرعان ما يقع في حبها، وتبادله هي إياه، حتى وقع حادث غامض أدى إلى وفاتها.

الفيلم عبارة عن قصص متداخلة تصيب المشاهد بالتشويش، فهو بلا شك من أصعب أفلام هيتشكوك وذلك ما ادى إلى فشله في شبّاك التذاكر، لكن هيتشكوك أنكر ذلك غاضباً والقى باللوم في فشل الفيلم على الممثل جيمس ستيوارت الذي رآه كبيراً في السن وغير مناسب للدور. رغم ذلك ترشح الفيلم لجائزتي أوسكار لأفضل تصميم للديكور وأفضل صوت.

وجهة غير معيّنة

تبرز قوة السرد السينمائي مدمجة مع جودة الموسيقى التصويرية المدهشة في رائعة هيتشكوك North By Northwest ، تدور أحداث الفيلم حول مدير شركة ناجح جداً في عمله يتم خطفه عن طريق الخطأ من قبل جواسيس لاعتقادهم الخاطئ بأنه هو أيضاً جاسوس لدى الحكومة الأميركية.

وجهة غير معينة 1 - ألفريد هيتشكوك

يبدأ مشوار مطاردات طويل تجوب فيه العصابة ملاحقة “للجاسوس المزعوم” فيقطعون البلاد من نيويورك الى شيكاغو، مشهد بارز آخر من أفلام هيتشكوك هو مشهد طائرة مبيد الحشرات التي تلاحق الممثل كاري غرانت عبر حقلٍ زراعة واسع والذي يقوم بمناورتها بذكاء، حيث قام هيتشكوك باستلهام المشهد من فيلم يحمل عنوان .From Russia With Love

كان جيمس ستيوارت عاقداً العزم على أن ينال دور البطولة في هذا الفيلم، إلا أن فشل الفيلم السابق Vertigo دفع بهيتشكوك لاستبعاده واستبداله بالقدير كاري غرانت. ترشّح الفيلم لثلاثة جوائز أوسكار لأفضل سيناريو ومونتاج وإخراج.

غرباء على متن قطار

“لأقتل زوجتك ولتقتل والدي وهكذا نضلل رجال الشرطة” هذا ما اقترحه أحد الغرباء لزوجٍ مخدوع التقى به على متن قطار. أن يتبادلان الجرائم “اجعلك أرمل وانت تجعلني يتيماً” ولكن الأخير لم يولي كلام الأول اهتماماً ظناً منه أنها مجرد دعابة سوداء.

ولّت الأيام آخذة مجراها الطبيعي، حتى عثر على زوجة الغريب مقتولة بشكل غامض في إحدى الحدائق، عاجلاً أم آجلاً سوف تتوجه أصابع الاتهام الى الزوج المخدوع، فتبدأ محاولات تصحيح الأمور، ويلوج الزوج في دوامة من العذاب والابتزاز من قبل ذلك الغريب الذي التقاه يوماً في قطار.

غرباء على متن قطار - ألفريد هيتشكوك

يوظّف هيتشكوك في هذا الفيلم طاقاته دون إضاعة أي منها عبثاً، فيمارس تأثيره على اعصابنا بغض النظر عن العمر وعن الحالة النفسية لا بد لنا من أن ندخل سينماه ونعلّق هناك طوال مدة العرض، ليغمرنا شعور بالتوتر وعدم الراحة، فتستهدف سينماه الأجهزة العصبية على وجه الخصوص.

ترشّح الفيلم لأوسكار وحيد عن فئة أفضل تصوير، ويقوم الآن ثلاثي فيلم التشويق Gone Girl دافيد فينشر، جيليان فلين وبين أفليك بالعمل على نسخة جديدة من هذا الفيلم، حيث سيقوم بين أفليك بلعب دور الزوج دون الكشف عن المزيد من التفاصيل، في امتحان جديد حقيقي لإبداعات المخرج دافيد فينشر.

طيورٌ في كل مكان

يتراكم التشويق لأعلى درجة في فيلم هيتشكوك The Birds، تدور أحداث القصة حول امرأة ثرية تقوم بزيارة عشيقها في أحد البلدات الصغيرة الواقعة على أطراف سان فرانسيسكو جالبةً معها كوارثاً غير طبيعية، إذ تصاب الطيور في تلك البلدة بالجنون وتقوم بمهاجمة أي شيء يتحرك، حتى انها تقوم بكسر واختراق نوافذ البيوت لتردي أصحابها قتلى.

ألفريد هيتشكوك - فيلم The Birds

لا نفهم حتى بعد أن ينتهي الفيلم السر وراء التصرفات الغريبة والعنيفة لدى الطيور، فيترك لنا هيتشكوك حيزاً للتساؤل ولإجابات عديدة ومختلفة، ولكن في النهاية لمَ نزعج انفسنا ونفسد متعة عدم معرفة السبب، هنا تكمن لذة الفيلم .. وظّف هيتشكوك الموسيقى بشكل ذكي جداً، إذ يسيطر الصمت على المشاهد التي تسبق هجمات الطيور على الضحايا خالقاً جواً من الخوف والتوتر.

ترشّح الفيلم لجائزة أوسكار وحيدة كانت لأفضل مؤثرات، يُذكر أن الممثل المبدع آنثوني هوبكينز قام عام 2012 بلعب دور هيتشكوك في فيلم السيرة الذاتية HITCHCOCK والذي يركّز على علاقة المخرج العبقري هذا مع زوجته أثناء صنعه لواحد من أهم الأعمال السينمائية المرعبة في التاريخ Psycho.

البصمة الهيتشكوكية

ألفريد هيتشكوك - البصمة الهيتشكوكية

إن لدى هيتشكوك هوساً للظهور لأجزاء من الثانية في جميع أفلامه، كان أغرب ظهور له في فيلمه Lifeboat عبر صورة فوتوغرافية. إنها ليست فقط مجرد بصمة بل لمسة ساخرة تلقي بتأثيرها على الفيلم ككل، فهي بمثابة اختبار لدقة انتباه المشاهد وإن كان فعلا يرى أبعد مما هو واضح للعيان.

تلك البصمة هي صرخة متعة تنصهر بين آلاف صرخات شخصيّاتٍ اختار هيتشكوك تعذيبها على طريقته وتعذيبنا معها. فهو الذي صرّح ذات مرة “مدة الفيلم يجب أن تكون متوافقة مع قدرة تحمّل المرارة لدى الإنسان”.


مميزات هيتشكوكية

مميزات هيتشكوكية 1 - ألفريد هيتشكوك

أثناء تصويره لأي من أفلامه إن حدث وقام بارتشاف فنجان من الشاي يقوم هيتشكوك وعن غير قصد برمي الفنجان من وراء كتفه غير آبه أين سيسقط ومن سيؤذي.

خير الكلام ما قل ودلّ

قام هيتشكوك بإلقاء أقصر كلمة شكر أثناء تلقيه لجائزة ايرفينغ ثالبيرغ أثناء حفل الأوسكار عام 1967 بقوله ببساطة “شكراً”.

مزحه ثقيل

يُعرف بأنه يمارس الدعابات السمجة على الممثلين والممثلات الذين يعرف مخاوفهم ونقاط ضعفهم.


مميزات هيتشكوكية 2 - ألفريد هيتشكوك

منعزل

لم يختلط هيتشكوك بأحد خارج أوقات تصوير أفلامه، فقد أمضى حياته في المنزل الى جانب زوجته وابنته.

طبّق المقولة خير تطبيق

عُرف بمقولته الشهيرة: “دائماً، أجعل المشاهد يعاني قدر المستطاع”.

ذو صلة
الصورة الأخيرة ألفريد هيتشكوك

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

جميل

مقالة رائعة و شيقة عن الأستاذ ملك التشويق ((الفريد)) ” ألّفريد هيتشكوك”

ذو صلة