تريند 🔥

🤖 AI

فيلم 45 Years والكابوس الذي لم يكُن بالحُسبان!

ياسمين عادل
ياسمين عادل

6 د

فيلم 45 Years .. فيلمٌ بسيطٌ للغاية يُثبت أنه مهما بلغنا من العُمر، واعتقدنا أن الحياة أصبحت آمنة، مُملة، وغير قادة على دهشتنا، قد نستيقظ يوماً وإذا بنا – فجأةً – وجهاً لوجه مع أسوأ الكوابيس التي كان يُمكن أن نتخيل مرورنا بها.

ورَغم الرأس الذي شاب، وحصيلة تجاربنا الكبيرة، إلا أننا لن نلبث أن نكتشف أننا مازلنا أمام بعض المشكلات والمشاعر التي تُصاحبها، نعود ضُعفاء، مُتَخَبِّطين، وذي قلوب هَشَّة، ورقيقة.. فتُصيبنا الحيرة، وينخر قلوبنا الحُزن، دون أن نعرف كيف سنتخطَّى ما نحن فيه.


فيلم 45 Years

فيلم 45 Years - ملصق

لوحة درامية بريطانية من إنتاج 2015، إخراج وسيناريو أندرو هاي، ومأخوذ عن قصة قصيرة بعنوان “In another country” للكاتب ديفيد قسطنطين. وهو بطولة كل من: توم كورتني (في دور جيف ميرسر)، وشارلوت رامبلينج (في دور كايت ميرسر).

عُرض الفيلم ضمن المسابقة الرسمية بمهرجان برلين السينمائي في دورته الـ 65، مُترشحاً لثلاث جوائز حصد منهم جائزتين، الأولى: الدب الذهبي لأفضل ممثلة فازت بها شارلوت رامبلينج، والثانية: الدب الذهبي لأفضل ممثل حصل عليها توم كورتيناي. ومن أهم الجوائز التي ترشح لها الفيلم أوسكار أفضل ممثلة لشارلوت رامبلينج.

وقد حظى الفيلم بردود فِعل وتقييمات إيجابية للغاية سواء من الجمهور أو النُقاد، وحتى بمواقع النقد الفني المعروفة، إذ حصل على مُعدَّل 98% بموقع الطماطم الفاسدة، و94% بموقع ميتاكريتيك.




القصة وما فيها..

فيلم 45 Years - حفلة

تدور أحداث الفيلم حول كايت وجيف، زوجين على وشك الاحتفال بعيد زواجهما الـ 45، يفصلُهما عنه أقل من أُسبوع، وبينما تمضي الأيام بملل وبُطء مع بعض الاستعدادات للحفل، يحدث ما لم يكُن بالحُسبان، لكنه – بالوقت نفسه – كان كافياً ليُزلزل الأرض التي بُنيت عليها علاقتهما طوال تلك السنين.

حيث يتلقَّى الزوج – بصباح أحد الأيام – خطاباً يُفيد بأنه تم العثور على جُثة حبيبته القديمة، من ماتت قبل ما يقرُب من خمسين عاماً، إثر سقوطها أثناء قيامهما بتسلق أحد الجبال الجليدية بسويسرا، ليبدأ الزوج بالبداية في استدعاء الذكريات، وقَصَّها على مسامع زوجته رغبةً في الحديث وإشباعاً للحنين من جانبه، ثم يستمر في ذلك إرضاءً لفضول زوجته الذي أشعله بسذاجةٍ فادحةٍ.

وبينما يظن جيف أن على زوجته اعتبار الأمر ماضٍ وانتهى، تسقط الدنيا على رأس وقلب كايت التي فجأة تكتشف أن زوجها لطالما كان يكذب حين أوهمها أنها حُب حياته الحقيقي، وأنه لم ينس أبداً حُب عُمره الأول أو لعله الوحيد! وما اختارها ليُكمل حياته معها إلا من أجل الاستمرار بالعَيش، لا لذاتها.

وكما يليق بفضول أُنثى، وصاحبة حاسة سادسة تُنبهها بأن خطباً ما في غير موضعه، تبدأ كايت في البحث عن المزيد من تفاصيل إن تُبد لها تسوءها. لتتوالى الأحداث التي تتساقط فيها وريقات التوت عن شجرة الحُب، العِشرة، والاستقرار فنُتابع مع بطلي الحكاية كيف تُطوحهما الرياح، وتُهدد كل ما ظلا يبنياه معاً. فهل سينجح جيف وكايت في عبور جسر الخطر أم لا!؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه.




إيجابيات الفيلم – الإخراج

فيلم 45 Years - إخراج

بقدر ما يبدو الفيلم عادياً، إلا أنه خير مثال للسهل المُمتنع، الذي يأتي بقصة بسيطة جداً لكنها على المستوى الإنساني والداخلي مُعقدةً للغاية، تُجبر المُشاهد على التماس مع الأبطال، فاتحاً أبواب روحه على أرواحهم، مُتسائلاً كيف عساهم سينجوون من الطوفان!

الفيلم إخراج وسيناريو أندرو هاي الذي استطاع تقديم الحكاية دون الحاجة لعرض الكثير من المواقف الدرامية، أو الحوارات، مُعتمداً بشكل أساسي على لغة العيون، الإيماءات، والتعبيرات الصامتة من أبطال العمل.

في الوقت نفسه نجح ببراعة في استخدام وسائل أخرى للتعبير عما يُريد قوله، كاستخدامه لتغيير المناخ كل صباح بالأيام القليلة التي سبقت عيد الزواج، للتعبير عن الحالة التي تسكُن أبطال القصة، والتغيرات الهائلة التي تُصيبهم بين ليلةٍ وضُحاها. بعد أن وَضَّح كذلك من خلال التصوير السينمائي بالبداية الحياة المُملة التي كانوا يعيشونها قبل الحدَث الدرامي الجَلل الذي غيَّر مجرى الأحداث.




بين المشهد الرئيسي والنهاية المُكررة

فيلم 45 Years - حزن

وبالحديث عن الإخراج علينا الإشارة لقُدرة المُخرج الملحوظة على إدارة وتوجيه طاقم التمثيل، في ظل عملٍ حسّاس ورقيق كهذا، ما يجعله يتطلب توجيهات خاصة وآداء شديد العذوبة والهدوء رغم كل فوران المشاعر التي تدور داخل أصحابها.

ولعلّ أفضل مشهد بالفيلم هو: ذلك المشهد العبقري الذي جلست فيه كايت تُشاهد صوراً وفيديوهات قديمة للحبيبة الأولى لزوجها – زوجها الذي لم يهتم يوماً بالتصوير أو توثيق اللحظات الحلوة معها! – لنرى بين كل صورة وأخرى أثرها على وجه وروح كايت، قبل أن ينتهي المشهد بالصورة الأكثر دهشةً والشعور الأشد قسوةً الذي قد تختبره الأُنثى يوماً.

أما عن مشهد النهاية بالفيلم فجاء مُشابهاً لنهاية فيلم “The Long Good Friday” حيث تم التركيز على أعيُن البطلة ونظرتها نحو الأفق، ليبدو عليها كما لو أنها تُراجع حسابات عُمراً بأكمله لعلها تعرف كيف وصل بها الحال لتلك اللحظة البائسة، بينما يبدو عليها الحيرة، الحُزن، والارتباك كما لو كانت تتساءل بينها وبين نفسها ماذا عساها ستفعل الآن! تماماً كما نتساءل جميعاً.




من نقاط الفيلم الإيجابية الأخرى

فيلم 45 Years - بوستر
  • السيناريو: الذي نجح أندرو بحرفية شديدة في جعله تصاعدياً بشكل يُبرر ويتناسب مع التطورات الداخلية والخارجية بالشخصيات الرئيسية، ليصبح مُفتاح نجاح الفيلم.
  • الحبكة: أن تُبنى القصة كُلها على شخص مجهول بل ومتوفي أي لم يعُد له وجود وعلى ذلك يملك تأثيراً قوياً واضحاً، ما يجعل مُجرد سيرته أو ذكراه تصنع أزمة، كان فِعلاً ذكياً ومُثيراً للتأمل.
  • الموسيقى التصويرية: اعتمدت الموسيقى التصويرية على أغنيات قديمة تحمل ذكريات لأبطال العَمل، بعضها جاء مُلائماً للأوجاع الحديثة القائمة، وبعضها جاء مُثيراً للسخرية والكوميديا السوداء بسبب تغيُّر الوَضع عما كان عليه بالسابق، وهو ما كان ذكياً أيضاً ومُتماشياً مع الحالة العامة بالفيلم.
  • التمثيل: دون شك فقد برع كلٌ من شارلوت وتوم بآداء أدوارهما، وإن كان جاء تفوق شارلوت واضحاً على باقي طاقم التمثيل، ما جعلها تستحق بجدارة الترشُّح للأوسكار لتُنافس وبضراوة النجمات الشابات على أهم جوائز العام، وهو ما يؤكد وبوضوح أن السِن ليس عائقاً أمام الإبداع.


فيلم 45 Years جديد ينضمّ – بمنتهى الأريحية – إلى نفس القائمة التي ستضع بها فيلم Amour، والذي طرح هو الآخر قصة جَرَت بين زوجين بآخر العُمر. فيلمان في تصنيفي الشخصي يندرجان تحت بند الرُعب الإنساني، حيث الاصطدام قبل خط النهاية بقليل بجبل الجليد الذي لا يلبث أن يُثبت كم هو الزواج تجربة فريدة مهما تشابهت المُعطيات، ما يجعلها على تَمَيُّزها مُخيفة! بالإضافة لكونها غير مضمونة النتائج مهما كان الأساس الذي بُنيت عليه متيناً، فحجر صغير قد يهدم أعتى القِلاع.

لذا ورغم كَون فيلم 45 Years ليس من نوعية الأفلام المُفضلة للغالبية العُظمى لخلوه من نقاط الجذب المٌعتادة من رومانسية، كوميديا، أو إثارة إلا أنه – عن جَد – يستحق المُشاهدة، بل وأكثر من مرة من أجل استيعاب أكبر قَدر مُمكن من العواطف الجيّاشة التي جاء الفيلم مُحمَّلاً بها، ومُحاولة إعادة تقييم الأمور والتدقيق بوجهات نظر أبطالها، والأهم من أجل الاستعداد لعدم الدهشة مما يُخبئه لنا القدر، لعلنا لا نُصاب بلوعة القلب إذا أتتنا نهاية العُمر مصحوبة بوجع القلب أو احتمالات الانفصال عمن قضينا معهم عُمراً بأكمله، على أمل أن يكونوا لنا سنداً عند خَط النهاية.

ذو صلة

تريلر فيلم 45 Years

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

Yasmine Adel Fouad بابحث عنه فعلا

Yasmine Adel Fouad بابحث عنه فعلا

شكراً يا ماجد، سعيدة إنك لقيت المقال ممتع، وأتمنى إن الفيلم كمان يعجبك لو مكنتش شوفته.

شكراً يا ماجد، سعيدة إنك لقيت المقال ممتع، وأتمنى إن الفيلم كمان يعجبك لو مكنتش شوفته.

شكراً يا عماد، ومبسوطة إنه عجبك 🙂

شكراً يا عماد، ومبسوطة إنه عجبك 🙂

مقال جميل , سلمت يداكم

شكرا على الطرح الممتع جدا…

ذو صلة