أبطال خارقين تشكلت شخصياتهم من معاناتهم كأيتام

تتمثل أولى قواعد الكتابة الإبداعية في ضرورة وجود حد أدنى من المعقولية وأن تكون الأحداث -مهما كانت بعيدة عن الواقع- مُحكمة بالمنطق، مثل الاهتمام بالتكوين النفسي للشخصيات وخلفياتهم التاريخية وإيجاد دوافع قوية تبرر أفعالهم وتحولاتهم، بناء على كل ذلك لم يكن غريباً أن يرتبط الفقدان المبكر لأحد الأبوين أو كلاهما بعدد غير قليل من شخصيات الأبطال الخارقين، فالحديد لا يُشكل ولا يكتسب صلابته إلا بغمسه في حميم النار، واليُتم نار مُستعرة!..

يبدو أن العديد من كُتّاب القصص المصورة ومُبتكري شخصيات الأبطال الخارقين لم يجدوا سوى اليُتم المُبكر مبرراً لما أصبحت عليه شخصياتهم في كبرها، فإن هذا يبرر شعورهم الدفين والدائم بانعدام الأمان ويعزز قدرتهم على الإحساس بمعاناة الآخرين. تستعرض أراجيك فن معكم من خلال الفقرات التالية مجموعة من أبرز وأشهر الأبطال الخارقين الذين ساهمت مشاعر اليُتم في تكوين شخصيتهم.

يعود تاريخ الظهور الأول لشخصية ناتاشا رومانوف/بلاك ويدو إلى عام 1964 كان ذلك من خلال إصدار Tales of Suspense #52، إلا أن الشهرة العالمية الحقيقية لشخصية بلاك ويدو لم تتحقق إلا بعد ظهورها ضمن سلسلة أفلام عالم مارفل السينمائي CMU التي تجسدها خلاله سكارليت جوهانسون.

كشفت سلاسل الكوميكس الصادرة عن شركة Marvel الخلفية التاريخية لشخصية ناتاشا رومانوف التي وُلِدت في روسيا باسم “ناتاليا”، وفقدت أبويها وأخواتها في طفولتها بعدما تم إضرام حريق هائل بقصر عائلتها، بينما نجت وحدها من الحادث بعدما تم إنقاذها على يد جندي روسي يدعى إيفان بتروفيتش، وقد عانت طويلاً من الوحدة والانعزال ونشأت بإحدى الدور المخصصة لليتيمات.

في وقت لاحق تم إلحاق ناتاليا الصغيرة ببرنامج تأهيل الفتيات المقاتلات قبل أن تتعرض لعملية غسيل دماغ تفقد معظم ذاكرتها على إثرها، إلا أنها تُصر على تقصي الحقائق وكشف هويتها الحقيقية، وفي تلك الفترة قامت بالعديد من المهام الناجحة ضد منظمة S.H.I.E.L.D حتى صدرت الأوامر بتصفيتها لما تمثله من تهديد على الأمن القومي الأمريكي، إلا بعض الأفراد داخل المنظمة رأوا أن من الأفضل تجنيدها لصالحهم والاستفادة من قدراتها الفائقة، وهو ما تم في النهاية لتحصل بذلك على الجنسية الأمريكية واسم ناتاشا رومانوف وصارت تُعرف باسمها الكودي “بلاك ويدو”.

اقرأ أيضاً: تعرّف على شخصيات فيلم Avengers: Infinity War

صدرت قصص شخصية البطل الخارق شازام Shazam المصورة في بادئ الأمر من خلال شركة Fawcett Publications في أوائل الأربعينيات وقد كان يُعرف آنذاك باسم “كابتن مارفل”، وبعد سلسلة طويلة من النزاعات القانونية بين الشركة الأم وشركة DC على حقوق امتلاك الشخصية، وبعد سلسلة أخرى من النزاعات بين شركة DC وشركة مارفل على حقوق استغلال الاسم، انتهى الأمر باستحواذ شركة DC على الشخصية التي أعادت تقديمها من جديد باسم “شازام”.

البطل الخارق شازام هو في الأصل صبي يتيم على أعتاب مرحلة المُراهقة يدعى بيلي باتسون، يقع الصبي في سلسلة من المشاكل مما يضطره للتنقل بين أكثر من دار رعاية ويتم تبنيه من قِبل عِدة عائلات، لكن تنقلب حياته ذات ليلة حين يقوده قطار سحري إلى شخص غامض ويمنحه ذلك الشخص قوة خارقة مصدرها السحر بشرط أن يُسخرها لخدمة العدالة ومواجهة قوى الشر، ومن ثم يصبح بمقدور الصبي بمجرد نُطق الكلمة السحرية “Shazam!” أن يتحول إلى شخص بالغ ذو قوة هائلة.

تم تجسيد شخصية هذا البطل الخارق على الشاشات من خلال الأعمال الحَيّة أكثر من مرة، كانت البداية بفيلم Adventures of Captain Marvel إنتاج 1941 ثم مسلسل Shazam! في 1974، وأخيراً فيلم Shazam! الذي صدر بالعام الجاري 2019 وأصبح شازام بموجبه أحدث الأبطال المُنضمون إلى عالم دي سي السينمائي الممتد.

تُصنف شخصية الرجل العنكبوت ضمن قائمة أشهر ثلاث شخصيات كوميكس في التاريخ إلى جانب سوبرمان وباتمان، وتُعد تلك الشخصية من أبرز ابتكارات المُبدع الراحل ستان لي وظهر على صفحات الكوميكس للمرة الأولى في عام 1962 من خلال إصدار Amazing Fantasy #15، ومن ثم حقق نجاحاً كبيراً وانتشاراً واسعاً فتم تقديمه من خلال سلسلة كوميكس مستقلة ثم تم استغلاله لاحقاً من خلال أعمال الرسوم المتحركة وعدة أفلام سينمائية أحدثها فيلم Spider-Man: Far From Home المُنتظر عرضه هذا العام.

تجَرَع بيتر باركر -أو سبايدر مان- مرارة اليُتم أكثر من مرة؛ حيث أنه فقد والديه بينما كان رضيعاً ومن ثم نشأ يتيماً في كنف العمة ماي والعم بن، أما الضربة القاصمة ونقطة التحول الأبرز في مسيرته قد تمثلت في فقدانه للعم بن الذي لقي حتفه بيد أحد مُجرمي الشوارع، مما حَفَز بيتر إلى تسخير قواه المُكتسبة من لدغة العنكبوت إلى مكافحة الجريمة في شوارع المدينة.

اقرأ أيضاً: جولة في عالم الرجل العنكبوت سبايدر مان Spider-Man

يُعد البرق “فلاش” أحد أبرز شخصيات أبطال DC وأحد الأعضاء الرئيسيين في فرقة العدالة Justice League، كما أنه يُصنف ضمن أعرق شخصيات الكوميكس؛ حيث جاء ظهوره الأول من خلال إصدار Flash Comics #1 الذي صدر في عام 1940 من إبداع جاردنر فوكس وهنري لامبرت.

شهد باري آلن في طفولته مقتل والدته على يد أحد المُتسارعين الخارقين وأقر بذلك أمام هيئة المحكمة لكن لم يُصدق أحد روايته الخيالية، وبناء على ذلك تمت إدانة والده -المُشتبه به الأول- وتم إيداعه بالسجن ظلماً، بينما انتقل باري الصغير للعيش برفقة مُفتش الشرطة جو ويست الذي قرر أن يتبناه. يتخصص باري آلن في شبابه في دراسة العلوم الجنائية على أمل أن يجد تفسير للحادثة التي رآها بعينيه في طفولته وبالتالي يتمكن إثبات براءة والده من تهمة قتل والدته، وفي وقت لاحق يتعرض لصاعقة كهربائية تُكسبه عِدة قدرات فائقة أبرزها القدرة على التحرك بسرعة رهيبة، ليُدرك بذلك أن القاتل الحقيقي كان شخصاً خارقاً يمتلك قوى مماثلة لقواه!!

يعتبر فقدان الأم والنشأة بعيداً عن الأب البيولوجي أبرز الأمور التي ساهمت في تشكيل شخصية باري آلن ودفعته لتسخير قواه المُكتسبة في شبابه لمكافحة الجريمة وتحقيق العدالة، كما أن تلك العقدة النفسية كانت مُحركه الرئيسي دائماً ودفعته بإحدى المرات إلى التلاعب بالخط الزمني لكون DC بالكامل؛ حيث استغل سرعته في السفر عبر الزمن لتغيير الواقع وإنقاذ والدته من الموت وأدى ذلك إلى إحداث تغيرات جذرية في عالم دي سي بالكامل، وَرد ذلك ضمن سلسلة الأعداد المحدودة Flashpoint التي صدرت في 2011 التي كانت بمثابة الخطوة الأبرز نحو إعادة تشكيل عالم DC بالكامل أو ما يُعرف باسم The New 52، وقد تم تحويل تلك السلسلة إلى فيلم رسوم متحركة بذات العنوان Justice League: The Flashpoint Paradox والذي حقق نجاحاً كبيراً وحاز على تقييمات نقدية مرتفعة.

اقرأ أيضاً: قصة مسلسل The Flash (ذا فلاش) – البرق ليس كل الركض هروباً!

ظهرت شخصية البطل الخارق سايكلوبس ضمن العدد الأول من سلسلة The X-Men الصادر في عام 1963، حيث تم تقديمه بصفته القائد الميداني لفريق الرجال إكس وبعدما لاقت الشخصية شهرة كبيرة اتجه الكُتاب إلى استعراض جذورها وكان ذلك ضمن سلسلة إصدارات Uncanny X-Men #38-42.

كشفت أحداث تلك الإصدارات أصول شخصية سكوت سايكلوبس الذي نشأ في ألاسكا وكان والده ضابطاً بالقوات الجوية الأمريكية، جاءت نقطة التحول الأبرز في حياة سكوت حين قام والده باصطحابه هو وشقيقه على متن إحدى الطائرات، لكنهم تعرضوا خلال الرحلة للهجوم واشتعلت النيران بالطائرة وأصبحت موتهم حتمياً، إلا أن الأب ربط سكوت وشقيقه الأصغر بإحدى المظلات ودفعهم خارج الطائرة المُدمرة ليمنحهم فرصة أكبر في النجاة بينما استسلم هو لمصيره وسقط معها.

أُعيد تقديم شخصية سكوت سايكلوبس عدة مرات في أعداد الكوميكس لكن الثابت الوحيد هو واقعة الطائرة واشتعال النيران بالمظلات، وتم التأكيد بأكثر من مَوضع على أن الفقدان المبكر للأب كان سبباً مباشراً في توطد علاقة سكوت بالبروفيسير إكس التي تبدو أقرب لعلاقة الأبن بأبيه.

اقرأ أيضاً: بعد عرض فيلم Logan … إليك قائمة أفلام سلسلة X-Men من الأقل إلى الأعلى تقييماً

تعتبر شخصية هوك آي من الشخصيات المميزة في عالم مارفل كوميكس ويعتبره البعض نظير شخصية Green Arrow من عالم DC، نظراً لأن كلاهما يعتمد بصورة شبه كاملة على القوس والسهام، تم ابتكار الشخصية من قبل ستان لي الذي قدمها للمرة الأولى في عام 1964 من خلال إصدار Tales of Suspense #57، كما أن للشخصية حضور بارز ضمن أفلام Avengers في عالم مارفل السينمائي.

تم تعريف شخصية Hawkeye على صفحات الكوميكس بأنه كلينت بارتون الذي وُلِد في ولاية آيوا وفقد والديه في سن مبكر بعدما لقي مصرعهما في حادث سير ومن ثم تم إيداعه هو وشقيقه بأحد دور إيواء الأيتام، لكن بعد فترة وجيزة هرب كلينت من الملجأ ومن ثم التقى سوردسمان “Swordsman” الذي انتبه منذ اللحظة الأولى إلى مواهب الطفل فقرر رعايته وعمل على الارتقاء بمهارات الرماية لديه وقدراته القتالية ليصبح أحد مُعاونيه.

في وقت لاحق تتدهور علاقة كلينت بارتون بمُعلمه الأول بعدما يكتشف نواياه الشريرة ومن ثم يتحول لأحد خصومه، في ذات الوقت ينتبهر كلينت بشخصية الرجل الحديدي Iron Man ويقرر السير على دربه مُسخراً مهاراته لمكافحة الجريمة مُتخذاً الهوية السرية “هوك آي”.

اقرأ أيضاً: كيف تتابع أفلام عالم مارفل السينمائي من البداية وحتى الآن؟

الرجل الوطواط “باتمان” هو أحد أبرز الشخصيات المملوكة لشركة DC وأحد شخصيات الكوميكس الأكثر شعبية بشكل عام، يبلغ باتمان من العمر افتراضياً نحو 80 عاماً حيث ظهر للمرة الأولى صفحات الكوميكس في عام 1939 من خلال إصدار Detective Comics #27 وخلال فترة وجيزة اكتسب شعبية هائلة حتى صارت علامته التجارية تُقدر بملايين الدولارات وتم استغلال الشخصية بأشكال شتى.

يُمكن تعريف باتمان بأنه أشهر اليتامى في عالم الأبطال الخارقين والقصص المصورة؛ إذ أن اليُتم لم يكن جزءاً من مسيرة باتمان إنما هو أساسها وسر تحوله إلى حارس ليلي يكافح الجريمة المُنظمة ويطارد الأشرار في شوارع مدينة جوثام، حتى أنه -على عكس الشائع- من شخصيات الكوميكس ذات الخلفيات التاريخية الراسخة التي لا تتغير أو تختلف ولو نسبياً في كل مرة يُعاد تقديمها.

يتم تقديم باتمان على صفحات الكوميكس بصفته الملياردير الشهير بروس واين الذي يُعاني من أزمة نفسية نتجت عن مشاهدته لمَقتل والديه في طفولته على يد أحد قطاع الطرق، الأمر الذي دفعه للخضوع إلى تدريبات قتالية شاقة طوال فترتي المراهقة والشباب وقضى سنوات طويلة في دراسة سيكولوجية الجريمة، قبل أن يتحول في النهاية إلى حارس ليلي يتخذ لنفسه هوية سرية تُعرف باسم “باتمان” ويعتمد في نشاطه السري على وسائل تكنولوجية متطورة تم تنفيذها من قبل مجموعة شركات عائلته.

اقرأ أيضاً: 10 حقائق غريبة عن شخصية باتمان  Batman