أفلام سينمائية جسّدت السير الذاتية لمخترعين وعلماء عُظماء يجب عليك مشاهدتها

عالم المُخترعين مٌبهر بحق، فيوجد فيه الذكاء والألهام والصعاب والمشاق والحماس والرغبة بالتحدي مهما كانت الظروف غير المواتية، ولا يخلو بالطبع من الألم بل والمزيد من الألم؛ فهم عباقرة رفضوا أن يظل الوضع على ما هو عليه، فبدأوا رحلة تحويل العالم إلى الأفضل من خلال الأبتكار، مما جعل صُناع السينما يقدموا على إنتاج أفلام تُجسّد السيرة الذاتية للمُخرعين.

إليكم قائمة تضُم عددًا من الأفلام التي قامت بتخليد السيرة الذاتية لمُخترعين عُظماء أبهروا العالم بإختراعاتهم، يجب عليك مُشاهدتها؛ لتستقي الحكمة وتستمد الأمل منها:

من منا لا يعرف عبقري الرياضيات الشهير John Nash – جون ناش، العالم الأمريكى، الحائز على جائزة نوبل للإقتصاد عام 1994؛ والذي ساهم في تأسيس علم الرياضيات الحديث، بوضعه العديد من النظريات، التي مكنته من إحتلال مركز مرموق في تاريخ الرياضيات، وذلك على الرغم من إصابته بمرض الشيزوفرينيا أو ما يعرف بالإنفصام الإرتيابي في الشخصية Paranoid Schizophrenia، والذي ظل يدخله للمصحات العقلية و يخرجه منها مدة لا تقل عن عشر سنوات.

فقد كان يتخيل أنه يعمل مع الحكومة الأميركية ضد الروس لفترات طويلة، لكنه بالرغم من معاناته من هذا المرض، استطاع تجاوز المحن بمساعدة من زوجته اليسيا، ليكتشف ويحلّ معضلة رياضية كبيرة أرقت العلماء، مما أهله للحصول على جائزة نوبل، تاركاً بصمة بالتاريخ لن تُنسى أبدًا.

جون ناش أثناء تسلمه لجائزة نوبل

ومثلما ألهمت قصة حياته المُثيرة والحافلة بالإبداع والتجديد وتحدي الألم والمرض أجيالاً من العلماء والإقتصاديين، ألهمت أيضًا صُناع السينما فى هوليوود، مما دفعهم لإنتاج فيلم يؤرخ رحلة ناش في مُحاولة التعايش مع المرض، ومعاناته مع الهلاوس والأوهام التي أنتهت بمرضه بجنون العظمة، وأقتناصه لجائزة نوبل وإستكمال إسهاماته العلمية.

فكان فيلم  A Beautiful Mind الحائز على 4 جوائز أوسكار، إضافةً إلى 27 جائزة أخرى، والذى يُعدّ من أفضل أفلام الألفية الجديدة. الفيلم من بطولة راسل كرو في دور جون ناش، وقد تم ترشيحه للأوسكار لأدائه المُتميّز لهذا الدور.

كما أن هُناك فيلم وثائقي باسم Brilliant Madness حاول أن يقدم أيضًا حياة جون ناش.

Alan Turing – آلان تورينج، عالم الرياضيات البريطاني، الذي لعب دورًا رئيسيًا في فك شفرة إينجما الألمانية النازية في الحرب العالمية الثانية، والتي كان لها سبباً مُباشراً في تعطيل تقدم القوات الألمانية، مما أسرع بإنهاء الحرب، وحصول الحلفاء على الإنتصار، هو وبحق الأب الروحي لعلوم الحاسوب الحديثة.

فبعد تمكّن الحكومة البريطانية من الحصول على بعض المعلومات عن «إينجما»، تمكّن «تورينج» – بشكلٍ عشوائي – من تطوير آلة يُمكنها فك الشفرة، ولضخامة الاكتشاف سُمي حينها The Bomb – القُنبلة، استكمل «تورينج» العمل على جهازه بعد الحرب، إلى أن كشف عمّا يُعتبر نموذج أولى للحاسب الآلي، وهو الكمبيوتر التخزينيّ ACE – Automatic Computing Engine، والذي فتح المجال لتطوير صناعة الحواسيب، ولكن فيما بعد تمت محاكمته من قبل الحكومة البريطانية في عام 1952 بسبب ممارساته الجنسية المثلية، والتي كانت تعتبر غير قانونية في البلاد في وقتها .

وقد تم تقديم قصة حياة آلان تورينج في 2014 في فيلم الإثارة التاريخي الشهير The Imitation Game، ونال مديحاً كبيراً لأداء بينيديكت كامبرباتش بدور آلان تورينج.

لا يوجد شخص على ظهر الكُرة الأرضية يستطيع التشكيك في أن Stephen Hawking – ستيفين هاوكنج أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة كامبريدج البريطانية هو حالة فريدة من العبقرية وتحدي المرض والأعاقة، فهو أحد ألمع فيزيائيي القرن العشرين، ومن أبرز علماء الكونيات، الذين تصدَّوا لأصعب الأسئلة على مرّ التاريخ: “خلق الكون ومصيره”، له أبحاث نظرية في علم الكون، والعلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية، ودراسات في التسلسل الزمني، حتى لُقِّب بـ “العقلية الفيزيائية الثانية بعد نيوتن”.

بعيدًا عن إنجازاته العلمية والأكاديمية، يُعدّ هوكينغ معجزة طبية، ولطالما مثّل تحديًا أمام الأطباء، فهو عاجز عن الحركة وعن الكلام، بسب أصابته بمرض التصلب الجانبي ALS المميت، والذي لا دواء له، حتى إن الأطباء ذكروا أنه لن يعيش أكثر من سنتين، إلا أنه عاش مدة أطول من ذلك، واستطاع أن يتفوق على أقرانه الأصحّاء، فكان مثالاً ونموذجًا في التحدي والصبر ومقاومة المرض، وإنجاز ما عجز عنه الأصحاء.

هذا وقد تم تجسيد جزء من قصة حياته في فيلم The Theory of Everything، والفيلم مُستوحى من مذكرات زوجته السابقة جاسن وايلد، والتي جاءت بعنوان مذكرات السفر إلى اللانهاية: حياتي مع ستيفن، وتدور الأحداث حول القصة المذهلة لحياة الفيزيائي المُلهم، ونجاحه فى الفيزياء، وإنجازاته رغم معاناته من مرض العصبون الحركي، مع تركيز خاص على علاقته بزوجته السابقة، وقد قام ايدي ريدماين بدور ستيفن هاوكينج وحاز على الأوسكار بسبب دوره في الفيلم.

لعلّ الكثير لم يسمعوا قط عن Nikola Tesla – نيكولا تسلا، والذي يُصنّف كأحد أهم المخترعين في التاريخ، فاختراعاته في مجالات الكهرباء سبقت زمانه بكثير، ولا تزال تؤثر في التكنولوجيا إلى يومنا هذا، فلولا جهوده المضنية في الصوت والضوء لما كان لنا أن نعيش اليوم بشوارع ومنازل مضاءة، أو نستمتع بالبث الإذاعي والتلفزيوني، إلا أنه مات مُفلسًا، ولم ينل أي جائزة أو تقدير في حياته.

في بداية حياته العملية تمكّن من الحصول على وظيفة كمهندس في Edison Machine Works معامل الأبحاث الصناعية الخاصة بتوماس إديسون، غير أن بعد فترة أصطدم أديسون مع تسلا من حيث الأسلوب والأيدولوجية. كان أيضاً من غير المحتمل أنّ يلتقي عقلان لامعان أحدهما همه الأول والأخير المال والثاني يضع العلم في المرتبة الأولى لكل أفعاله بسلامٍ لفترةٍ طويلة؛ لذا ترك تسلا العمل في مصنع اديسون Edison Machine Works بعد عام، ثم نشبت حرب شعواء بينهم.

كل هذه الأثارة حمست صُناع السينما بعام 2006 لإنتاج فيلم التشويق The Prestige للمخرج الشهير “كريستوفر نولان”، والذي جسّد فيه الفنان الراحل ديفيد باوي دور تسلا، وكان أداءه عبقريًا؛ نظراً للتوظيف الجيد الذي صنعه المُخرج للمخترع فى الأحداث، فقصة الفيلم في الأساس لا تدور حول تسلا، بينما تدور حول صراع بين أثنين من صانعي الألعاب السحرية، يلجأ أحدهما ضمن سياق الأحداث لـ تسلا لصُنع خدعة سحرية؛ لتدخل بعدها تسلسلاً سريعاً، وطابعاً تشويقياً رائعاً.

وقد تم إضافة خط الصراع بين كل من تسلا وإديسون، وهو ما أضاف بعدًا أكثر عُمقًا للفيلم، فلم يعد مجرد صراعًا دائرًا بين ساحرين، بل إلى حدٍ ما صراعًا بين مدرستين علميتين، على الرغم أن الفيلم لم يركز على هذا الصراع تمامًا.

مشهد يُجسّد فيه ديفيد باوي شخصية نيكولا تيسلا

هل تعلم أن مُخترع المساحات الأمامية للسيارات الأوتوماتيكية، التي تعمل بشكل متقطع، هو أستاذ الجامعة Robert Kearns – روبرت كيرنر، ولكن سرقت شركة فورد العالمية منه الفكرة، وتركته من دون أي تقدير، ليلجأ بعد ذلك إلى رفع قضية على الشركة، بعد صراع طويل بين أروقة المحاكم فقد تم حسم القضية لصالح روبرت، ليحصد أكثر من 30 مليون دولار، كعقوبة لسرقة الشركات فكرته.

وهذا بالضبط ما أداه المُمثل جريج كينير في الفيلم الملحمي Flash of Genius لحظة عبقرية، والذى يحكي لنا حياة هذا المُخترع ومعركته القانونية ضد شركة فورد للسيارات، الذى يعتبر البُعد الأخلاقي هو الأهم فيها، ليجد المشاهد نفسه يتقلب مع تقلبات الأحداث، فهو تارةً يتمنى أن يتخلى كيرنز عن تلك المعركة التي لن تنتهي، وتارةً يشجعه ليتابع دون توقف حتى يحصل على حقه.

استطاعت Temple Grandin – تيمبل جراندين أن تتغلب على القيود المفروضة عليها، كونها مصابة بمرض الأوتيزم أو التوحد مُنذ الصغر، ولم تنطق بأية كلمة حتى وصلت إلى سن الرابعة، وأكملت تعليمها لتُصبح فيما بعد أستاذة علم الحيوان في جامعة ولاية كولورادو الأمريكية، وواحدة من أفضل العلماء في مجال علوم الحيوانات بالولايات المتحدة الأمريكية، مُؤلفة لعددًا من الكتب الأكثر مبيعًا فى هذا المجال.

مُحاضرة لتيمبل جراندين على تيد

كما اخترعت جهاز العناق لمُساعدة الأشخاص المصابين بفرط الحساسية تجاه الآخرين على التهدئة، والذي ابتكرته وهي في الثامنة عشرة من عمرها، كنوع من علاج تخفيف التوتر، تدُخل فيه ثم تضغط عليه، فيعمل على تهدئة روعها، وأبتدعت أيضًا مجال التفكير بالصور، لمُساعدة مصابي التوحد وذوي الإحتياجات الخاص على التفكير ولأندماج فى المُجتمع، كما كان لها الفضل في إنشاء صندوق، يُعدّ الآن وسيلة مهمة لتخفيف التوتر عن الأطفال المصابين بالتوحد.

في عام 2010 تم إنتاج فيلم يحمل اسمها ليُحاكي قصة حياة جراندين وأنتصارها على التوحّد، لتُجسّد فيه المُمثلة كلير دانيس شخصية هذه المخترعة