سلوم حداد.. من دور الزير سالم وحتى ضارب الطبلة وراء عزيزة خانم!
6 د
في مقالٍ سابق، كان بعنوان "وجوه جميلة ومواهب شبه معدومة.. لماذا تطفح الشاشة بالممثلين الجميلين غير الموهوبين؟"، كنت قد ختمت المقال بأهم نجوم الدراما السوريّة في بلادي، ذكورًا وإناثًا. كان أحد أهم المذكورين الممثل "سلوم حداد"، والذي تلألأت سماء نجوميّته إلى حدٍّ جعله قدوةً للعديد من النجوم الجدد على الساحة الفنية.
لا تستغرب من مقالنا هذا، أو بالأحرى من عنوانه، فنحنُ من معجبي الرائع سلوم حداد، ونوجّه له خالص تقديرنا وإعجابنا من منصّتنا أراجيك، ولكن ما دفعني إلى الكتابة عن حداد الآن هو الجدل الذي أثاره مسلسل جوقة عزيزة، وخاصةً أن القدير حداد يشارك فيه كأحد أبطال المسلسل، بدور طبّال!
في البداية، دعونا نستهلّ مقالنا بنبذةٍ قصيرة مفيدة عن سلوم حداد.
سلوم حداد: تاريخٌ من التمثيل حُفر بإبداع على صخرة الفن
فارس الدراما السّورية، الحلبيّ ذو الأصول الأرمنية، وأحد أنجح نجوم الشاشة السّوريّة اليوم، والبارحة أيضًا.. هو "سلّوم حداد"، من مواليد 29 مارس/آذار 1953. درس في كلية الفنون الجميلة في دمشق، وبدأ مسيرته الفنية عام 1974. حاز على عدة جوائز تكريمًا لأدائه المميز، بينها جائزتي أفضل ممثل دور أوّل.
برز حداد منذ بداياته في العديد من الأعمال، ربما كان أولها مسلسل "أحلام منتصف الليل" والذي عُرض عام 1979. أهم ما يمكن أن نتذكّره جميعًا هو دوره البطولي في المسلسل التاريخي "الزير سالم"، والذي لا يوجد اليوم أحد لم يحضره، أو لم يحبّه، بل أعرفُ أناسًا يتابعونه في كل إعادة! برز حداد من خلال "الزير سالم"، وتوالت الأدوار البطولية بعدها، حتى اليوم، فأخذ حيّزًا جميلًا في مختلف الأدوار، سواء كان مسلسل بيئة شامية، أو دراما اجتماعية. كما نقول بالمحكية السورية: "سلوم حداد مثل الزبدية الصيني، من وين ما نقرتو برن".
دعنا نستذكر أهم الأعمال التي حرّك سلوم فينا العديد من المشاعر من خلالها: أستَحضِر الآن "مسلسل الندم"، والذي كان دور حداد فيه يتمثّل بـ "أبو عبدو الغول"؛ الأب القدير الذي عمل وجدّ واجتهد وصنع نفسه بنفسه، هو رجلٌ تقي، يعرف الحق والباطل، قست عليه الحياة وخرج من مآسيها رجلًا حديديًا، وأبًا حنونًا ناصحًا ومعطاءً. ربما يمثّل دوره في مسلسل النّدم جزءًا من شخصيته، إذ يشير ملف الحقائق عن سلوم حداد أنه كان مناضلًا منذ صغره، فقد عمل في النجارة والحدادة للحصول على مصاريف دراسته.
وبالانتقال إلى مسلسل "الولادة من الخاصرة"، الذي لامس واقع البلد السوري، لعب حداد دور "واصل (أبو علّام)، الرجل القدير المحترم الذي لديه ابنٌ عاقّ "علام"، يلعب دوره "مكسيم خليل". بغضّ النظر عن الحضور الفخم لسلوم في المسلسل، ولكنه أحزننا جميعًا في مشهدٍ تقشعرّ له الأبدان، عندما قطع لسانه أمام ابنه، كردّة فعل على فشله في تربية ابنه الذي أراد أن يرث أمه ويطرد والده من مصنع النسيج الذي يمتلكه.
أما عن أدواره في البيئة الشامية، فهي لا تُعد ولا تُحصى، وعلى الرّغم من أن قساوة ملامحه وصوته الجبار، يساعدانه كثيرًا في تأدية دور "زعيم الحارة"، مثل دور "الزعيم أبو العزّ" في مسلسل "خاتون"، فإنه كممثل بارع، لم يكتفِ بدور بطولي كزعيم: هل نتذكّر معًا مسلسل "وردة شامية" بطولة الفنانتين شكران مرتجى وسلافة معمار؟ وقف سلوم حداد بشخصية "عاصم" المميزة، والتي أبدع من خلالها في نقل شخصيّته. وهل ننسى "أبو نجيب" في مسلسل "زمن البرغوث" سيد راسي؟ أبو نجيب الذي بات مثلًا يُحتذى به في البخل، مثّل الدور سلوم حداد بحرفيّة جعلتنا ننسى اسمه الأصلي لفترة بعد عرض المسلسل، وكلما أردنا ذكره، قُلنا : "هاد يلي مثّل دور أبو نجيب"!
وربما كانت آخر إبداعاته في موسم رمضان للعام الفائت، عندما أدى دور البطولة في مسلسل "على صفيح ساخن"، إلى جانب عدد من نجوم الدراما السورية، حيث أدى شخصية "زهير الطاعون" نبّاش القمامة، ويعمل تحت إمرته العديد من الأطفال هم جزء من مافيات تدخل في تهريب الممنوعات.
والقائمة تطول: دور العقيد ناظم، الطّاغي في "رسائل حب وحرب"، ودور "مختار المختار" في مسلسل "العرّاب"، كما كان له العديد من الأدوار المسرحيّة والسينمائية.
عن مسلسل جوقة عزيزة..
قبل أن أبدأ الكلام عن دور سلوم حداد في جوقة عزيزة، لنتعرّف في هذه السطور القليلة عن المسلسل وما هي فكرته بحسب شركة الإنتاج. يحكي مسلسل "جوقة عزيزة" قصة الفنانة "عزيزة خوخة" التي تمثل دورها الممثلة السورية "نسرين طافش"، وهي راقصة سحرت قلوب الجميع في بلاد الشام في ثلاثينات القرن الماضي، خلال حقبة الاحتلال الفرنسي لسوريا. يقع كولونيل فرنسي في حبها ويحاول أن يجعلها تبادله الشعور.
إلى جانب طافش، يقوم سلوم حداد بدور الطبال "حمدي حميها"، والممثلة "هبة نور" بدور "منيرة فرفش معنا"، والفنان "أيمن رضا"، و"علي كريم" بدور "أبو محمد القفل"، وغيرهم من النجوم السوريين. المسلسل من تأليف "خلدون قتلان" وإخراج "تامر إسحاق" وإنتاج شركة غولدن لاين.
"حمدي حمّيها": نقطة سوداء في صفحة نجاحات سلوم حداد
حقيقةً، استغرقتُ بضع دقائق أفكّر في مسلسلٍ غير ناجح، أو لم يؤدِّ حداد فيه دوره بشكلٍ جيد، وبكل جدّية، لم أجد. لم يخطر ببالي أيُّ مسلسلٍ يستحق سلوم النقد فيه فهو يعطي الشخصية حقها. في الأصل، لم يشارك حداد في أي مسلسل عادي خلال مسيرته الفنية، بل جميعها قد "ضربت" في سوق الفن، وكانت ناجحة. هذا كلّه حتى السنة الفائتة، حتى موسم رمضان الماضي، إلّا أن الموازين قد انقلبت قليلًا في موسم رمضان 2022.
تعرّض سلوم حداد في الفترة القليلة الماضية لانتقادات كبيرة بدأت مع بداية الترويج لمسلسل "جوقة عزيزة"، خاصّة عندما تداولت صفحات التواصل الاجتماعي صورةً روّجت لدوره في المسلسل، وهو يحمل طبلة ويتوسّط عددًا من الراقصات.
"حمدي حمّيها"، الطبّال خلف "الراقصة عزيزة"، هو الدور الذي يؤديه سلوم حداد، وحتى الآن، نعرف عن دوره أنه "ضابط إيقاع جوقة عزيزة، كل ما بردت بحمّيها". هكذا كان تعبير شركة غولدن لاين، الشركة المنتجة لمسلسل جوقة عزيزة.
في الحقيقة، فُوجئ الجمهور بدور سلوم حداد في هذا المسلسل، واعتبر أن فنانًا عملاقًا كحداد، ما كان عليه القبول بهذا الدور، حيث أن دورًا كهذا، "طبّال ورا رقّاصة" بحسب تعبير البعض، ليس ملائمًا لـ "الزير سالم"، وأنه يستحق أدورًا أهم وأشدّ، كتبت إحدى الصفحات:
"صرنا بالحلقة السابعة من جوقة عزيزة وسلوم حداد لسا ما ضرب ولا كفّ.. الدراما السورية ليست بخير"
كان هذا التعليق تعقيبًا على أدوار حداد القوية في المسلسلات الشامية وغيرها، إذ اشتُهر بالفعل بضرب الكفوف في أكثر من مشهد لأكثر من مسلسل.
خيّم الاستغراب على جماهير السوشيال، فكيف لسلّوم حداد أن يدخل في عملٍ مثل جوقة عزيزة؟! خاصّةً وأن المسلسل قد صار في حلقته السابعة، ولم يرَ الجمهور حتى الآن، أي مشهد أو شيء يستحق المشاهدة في المسلسل.
وإليكم بعض التعليقات من الوسط الجماهيري: استغرب هذا الشخص من مستوى دور حداد وكتب:
"معقول هاد هوي سلوم حداد تبع الزير سالم !!!!!!!"
كما استحضر معلّقٌ آخر مسلسل حداد المميز، وقال:
"وينو كليب يشوفك"
وتأسفت أخرى على مستوى مسلسل عزيزة، وعلى مرتبة سلوم حداد في قلوب الناس، حيث كتبت:
"أصلا مالو قصة وكتير ممل. سلوم حداد أكبر بكتير من هيك مسلسل وهيك دور"
نحن لا نريد أن يتم تشويه محبة القدير سلوم حداد، فأنا أحب تمثيله كثيرًا، وأراه تحفةً فنيّةً في التمثيل، وأعتقد أن الأغلبية يشاطرونني الرأي. حتى أن بعض التعليقات جاءت مُحِبَّة وداعمة على الرغم من الهجوم على سلوم ودوره، حيث كتب البعض:
"شو بحبو لسلوم حداد"
"سلوم حداد فنان كبير وقوي بكل أدواره.. كل مسلسلاته ناجحة وقوية بمجرد وجوده فيها"
"تحية تقدير للمبدع سلوم حداد .. أي مسلسل هو فيه.. مسلسل ناجح وقوي جدا"
كما نلاحظ، التعليقات الإيجابية السابقة تخص شَخص سلوم حداد والنظرة المتعمقة في مسيرته وإنجازاته، أكثر مما تخص دوره، أو مسلسل جوقة عزيزة بالذات، وتدلّ على محبة وتقدير الجمهور لحدّاد.
لذا، هل برأيك هناك فرصة لانقلاب رؤية الجماهير؟ سننتظر حتى نهاية الشهر الكريم، ونهاية جوقة عزيزة هذه، لنرى.. هل سيتغير مجرى الأحداث وسنحبّ عزيزة وجوقتها؟ هل سيُحمّيها "حمدي حميها" ويبهرنا بمزيد من التفاصيل؟ لن نحكم الآن، ونتمنى نحن عائلة أراجيك كل التوفيق للممثل القدير سلوم حداد في جميع أدواره المستقبلية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
مقال رائع لكن برأيي مش شرط يكون سلوم حداد بدور باشا دايما جماليه الادوار ان تعطي الدور حقه
لنذهب قليلا الى السينما المصريه ولناخذ المرحوم احمد زكي بدوره في فيلم الراقصه و الطبال …. هل انقص من مستواه الفني ام اعطاه اضافه
بالنسبه لي
سلوم حداد و بسام كوسا و ايمن زيدان هم عظماء الفن السوري فلا دريد لحام و لا غيره وصل لمستواهم