شخصية ونيس في دراما محمد صبحي إبداع درامي وأخطاء فادحة
5 د
تعتبر الدراما التلفزيونية واحدة من أبرز الوسائل التي تؤثر في النشء، كما أنها تؤثر على جميع أفراد الأسرة لذا فإن المحتوى الدرامي غاية في الأهمية بالنسبة للأسرة المصرية.
“اتفقت أنا وزوجتي على أن نُربي أبنائنا على الأخلاق والقيم لنقدمهم للمجتمع أباً عظيماً وأماً فاضلة” جملة رائعة بدأ بها تتر مسلسل ونيس منذ الجزء الأول لسلسلة يوميات ونيس والتي توالت أجزاؤها من الأبناء إلى الأحفاد مع تغير بعض الشخصيات.
من المؤكد أن الفنان محمد صبحي قد قدّم دراما اجتماعية وتربوية متميزة للغاية في هذه الأجزاء، فقد تربينا نحن جيل التسعينات على هذه الدراما المتميزة والخالية من التجاوزات الأخلاقية في المشاهد الدرامية المختلفة والتي تُمثل الأسرة المصرية البسيطة وما يدور داخلها من مشكلات وتحديات تواجه جميع أفراد الأسرة في مختلف المراحل.
طرق تربوية متميزة
قدّم الفنان محمد صبحي مع الفنانة الجميلة سعاد نصر نموذج متميز للأسرة المتفاهمة وللأبوين الذين يتعاملون برُقي واحترام مع أبنائهم، حيث بدت الأسرة متعاونة ولكل منهم دوره في أعمال المنزل والمشاركة في الرأي وغيرها من الأمور.
من المميز في المشاهد الدرامية التي قدّمها محمد صبحي في هذه الشخصية أنه قدّم العديد من الأفكار التربوية المتميزة في تربية الأبناء وتنحية أسلوب العقاب بالضرب أو الإهانة جانباً وهي من الأساليب المميزة التي من المؤكد أنه كان لها دورها الجيد في التأثير بشكل إيجابي على الكثير من الأسر المصرية.
خاصة أن أبناء أسرة ونيس كانوا في أعمار مختلفة وكل منهم له مشكلاته المختلفة والأسرة مضطرة للتعامل مع هذه المشكلات بشكل يتناسب مع أفكار كل واحد من الأبناء.
تجربة يوميات ونيس هي تجربة فريدة من نوعها ربما لم تتناولها العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية المختلفة ومن المؤكد أن المجتمع المصري والمجتمعات العربية بشكل عام بحاجة لهذه التجارب الدرامية المتميزة.
عن شخصية ونيس
صرّح الفنان محمد صبحي في العديد من اللقاءات أن شخصية ونيس تُشبه كثيراً شخصيته كما أن شخصية مايسة تُشبه أيضاً شخصيه زوجته السيدة نيفين رحمه الله عليها، وأنه لم يكن متوقعاً عند كتابة المسلسل أن يصل لهذا النجاح.
إن عملية تكرار المسلسل في أجزاء متعددة ربما جاء نتيجة تحقيقه نجاحاً كبيراً، وأكد الفنان محمد صبحي أنه هدفه الرئيسي هو سد الفجوة التي حدثت بين الآباء والأبناء في التعامل وهو إدراك حقيقي لدور الفنان في المجتمع وما أن يكون عليه.
ولكن لم تكن شخصية ونيس بشخصيه الأب المثالي ولكنه يُخطأ في الكثير من الأحيان وربما تعمّد الفنان محمد صبحي توصيل هذه الرسالة للآباء وهي أننا جميعاً بشر ويُمكن أن نُخطئ ونصيب ولكن يجب أن نعترف بالخطأ ونعمل على تصحيحه.
حديث الثلاثاء وطابور الصباح
ربما كان حديث الثلاثاء وطابور الصباح أمراً مُهماً لزرع بعض القيم التربوية في الأبناء، لكن هل الطريقة التي اتبعها ونيس في طرح حديث الثلاثاء كانت جيدة؟
لقد اتبع أسلوب الخُطبة حيث كان يُلقي ما يرغب في إلقائه على أفراد أسرته ولكن يبدو الضجر على الجميع وعدم رغبتهم في استكمال الجلسة.
من المؤكد أن أسلوب الجلسات العائلية من الأساليب التربوية الهامة للغاية في وجود جو أسري ونقاش بين أفراد الأسرة ولكنها تحتاج لطريقة مميزة.
كان العالم الجليل على طنطاوي يستخدم أسلوب الجلسات العائلية مع الأطفال من أبناؤه ثم أحفاده ولكنه سرد في كُتبه أنه كان يرغب دائماً في غرس القيم من خلال التجربة العملية لهم.
حيث كان يعمل على جعل الجلسة مميزة بها الكثير من التفاعل والتعاون بينه وبين الأبناء، فإذا تحدث لهم عن القناعة كان يتعمّد بعدها أن يُحضر صينية وبها قطع ذات أحجام مختلفة من الشكولاته ويدعهم يختارون من بينها لتكون تجربة عملية للأبناء على تعلم القناعة.
فمن المؤكد أن التجربة موجهه للآباء وربما حاول الكثير منهم أن يُجرب طريقة ونيس في ذلك ولكن أليست طريقة الشيخ علي طنطاوي أرسخ وأثبت في عقول الأطفال والكبار؟
من المؤكد أن المشاهد الدرامية ومواقف ونيس الأبوية كان لها أثر طيب وأن تمسكه بالحق والعدل وغيرها من القيم النبيلة كانت مثالاً على الغرس الطيب الذي يُمكن أن نزرعه في أبنائنا عندما نكون قدوة لهم.
ولكن في هذه الجزئية على وجه التحديد والتي تخص طابور الصباح وحديث الثلاثاء كان بالإمكان اللجوء لطرق تربوية أكثر نفعاً وأدوم في عقول الأبناء.
أخطاء تربوية فادحة
وقع ونيس في العديد من الأخطاء التربوية الفادحة التي لم يعمل على تصحيحها وإنما كانت تزداد مع كل الحلقات ويتم تناولها بشكل كوميدي.
أبرز هذه الأخطاء هو التنمر على شكل الآخرين أو صفاتهم، حيث كان يُطلق دائماً على جاره خليل لقب “خله القلة” ولم يكن هذا اللقب يصف الصفات السيئة التي يمتلكها خليل وإنما فقط هو سخرية من قصر قامته.
كما أنه كان دائم السخرية من ابن عمه عبد الله بسبب غبائه، وعلى عبلة أيضاً بتلقيبه لها “عبلة الهبلة”.
التنمر المستمر والدائم على الجار والقريب وغيرهم ممن يتعاملون معهم بالطبع يتنافى مع صفة التسامح والأخلاق والقيم الطيبة التي يرغب ونيس دائماً في زرعها في الأطفال والكبار.
خاصة وأن عادة التنمر من عندما يتم زرعها في الأطفال تؤدي لأن الطفل يسخر ممن حوله جميعاً ويُسبب لهم المضايقات والأذى النفسي المستمر.
فصفة العطاء والمحبة تتنافى تماماً مع التنمر والسخرية من الآخرين، وهذا الأمر قلل من شأن الجانب التربوي الذي سعى الفنان محمد صبحي لتقديمه في شخصية ونيس.
ما ينقص دراما محمد صبحي الكوميدية التربوية
بسبب النجاح الكبير الذي حققه المسلسل وثباته في ذهن الكثير من الناس تم عرض المزيد من الأجزاء من مسلسل ونيس مع الأحفاد بعد أن كبر الأبناء.
ولكن الكوميديا في القرن 21 مختلفة وتحتاج لنوع من التغيير وروح العصر الحالي يجب أن تفرض نفسها على المسلسل كما أن تطورات الإخراج والإنتاج يجب أن ينال المسلسل منها نصيباً.
نحن بحاجة حقيقية في هذا الزمن لهذا النوع من الدراما التربوية الهادفة الخالية من المثالية الزائفة، ولكن يجب الاعتماد على أساليب تربوية حديثة تختلف عن أسلوب التلقين وتعتمد على أسلوب المحاكاة للواقع والتجربة العملية في التعليم من خلال المواقف.
نحن بحاجة أيضاً لكوميديا متطورة تناسب جميع أفراد الأسرة بأسلوب تربوي خال من الأخطاء والمشكلات والألفاظ غير المناسبة للأطفال.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.