فيلم Unforgettable … الطاقم التمثيلي الصحيح في العمل السينمائي الخطأ

فيلم Unforgettable
هدى اشنايبي
هدى اشنايبي

5 د

ستة دولارات… ثمن ثلاث ساندويتشات شاورما، أو وجبة تاكوس لذيذة مع مشروب غازي، أو حتى ثمن الركوب في التاكسي ذهابًا وإيابًا إلى الجامعة لمدة ثلاثة أيام، لكن ما الذي فعلته أنا بهذا المبلغ؟ لقد دفعته لكي أشاهد هذا؟

كانت هذه هي الفكرة الوحيدة التي تجول في بالي أثناء مشاهدتي لفيلم Unforgettable المتواجد حاليًا ضمن الأفلام المتصدرة لشباك التذاكر الأميركي، بعد أن قررت، في لحظة غباء، أن أدخل قاعة السينما لأشاهده بينما كنت في الأساس متجهة لتناول طعام الغذاء، وهو قرار لم يأتِ من فراغ، بل جاء بسبب تواجد كل من الجميلة كاثرين هيغل والموهوبة روزاريو داوسون في أدوار البطولة، وكذا لكون هذا الفيلم يشكل التجربة الإخراجية الأولى لدينيس دي نوفي التي عملت لما يقارب عشرين سنة كمنتجة للعديد من الأفلام الناجحة في هوليوود، وهو ما يجعلنا نتفهم النتيجة الكارثية التي خرج بها هذا العمل السينمائي، لكن ما لم أستطع فهمه هو العنوان (الغير الموفق لدرجة مثيرة للسخرية) الذي تم منحه لهذا الفيلم، فصدقني، ستجد نفسك قد نسيت أحداثه وأسماء شخصياته بمجرد انتهائك من مشاهدته.


قصة مكررة للمرة الألف

كاثرين هايجل فيلم Unforgettable

هي نفس القصة المبتذلة التي شاهدناها مئات المرات في عشرات الأفلام والمسلسلات سواء أجنبية كانت أم عربية، حيث تدور أحداث هذا الفيلم الذي يصنف ضمن خانة أفلام الإثارة والتشويق حول دافيد (جيوف ستالتس) وتيسا (كاثرين هيغل)، زوجين ووالدين لطفلة وقد تطلقا حديثًا، إلاّ أنّ الزوجة لم تتمكن من الشفاء من ألم الفراق ونسيان حبها لزوجها السابق في الوقت الذي تجاوز فيه هذا الأخير الأمر بكل بساطة، بل والتقى في وقت قياسي بجوليا (روزاريو داوسون) التي وجد معها سعادة بالغة وقرر الزواج بها.

وبالتأكيد وكما هو متوقع، فإنّ ما حدث سيشعل نار الحقد والغيرة في قلب تيسا التي ستقرر الانتقام من جوليا وتحويل حياتها إلى كابوس حقيقي، وكما هو متوقع أيضًا فإنّ جوليا ستكتشف الأمر ليتحول الفيلم إلى مجموعة من المشادات الكلامية والبدنية والألاعيب الغريبة التي تدور كلها حول دافيد، هذا الأخير الذي لا حول له ولا قوة ولا يظهر سوى في بعض المشاهد “الرومانسية” مع جوليا، أو ليوجه بعض الكلام “القاسي” إلى زوجته السابقة التي تتمكن من حين لآخر من كسب تعاطفه مستغلة سذاجته المستفزة، أمّا الطفلة فلا دور لها على الإطلاق داخل الأحداث باستثناء كونها العامل الوحيد الذي يجعل تيسا قادرةً على الاستمرار في زيارة منزل طليقها، والنتيجة النهائية:

نسخة حديثة معدلة للفيلم السخيف Obsessed الذي تم إصداره سنة 2009 وكان من بطولة المغنية الأمريكية بيونسي، وإدريس إيلبا، وفيلم يحاول بيأس أن يكون وفيًا لتصنيف “الإثارة والتشويق”، لكنه يفشل في ذلك في كل مشهد جديد لكونه لا يحمل أي مفاجآت أو حبكة مثيرة للاهتمام عدا الأحداث التي تم الزج بها جميعًا داخل التريلر الخاص بالفيلم، وحتى إن لم تشاهد الإعلان الترويجي فإنّك ستتمكن بسهولة بالغة من توقع منحى سير الأحداث، إذا  كنت قويًا بما فيه الكفاية كي لا تنام في منتصف الفيلم.


طاقم تمثيل مظلوم وسيناريو بالغ السخافة

كاثرين هايجل و روزاريو داوسون

كما قلت سابقًا، فإنّ السبب الرئيسي الذي دفعني لمشاهدة العمل، هو الاختيار الذي وقع على الممثلتين الرئيسيتين، وأظن أنّه نفس السبب الذي دفع الغالبية الكبرى إلى مشاهدته وإن كانت هيغل غير محبوبة كثيرًا من طرف الجماهير مقارنة بداوسون، وفي الحقيقة فقد قدمت كل منهما كل ما في وسعها لإنجاح الدور الموكل إليها وتقديمه بأفضل صورة ممكنة، حيث نجد أن داوسون قد حافظت على طريقة تمثيلها الأنيقة، أمّا بالنسبة لكاثرين هيغل، فإنّها قد حاولت بكل ما أوتيت من موهبة أن تجعل من هذا الفيلم آخر إخفاقاتها المتوالية، وهو جهد مأسوف عليه بالفعل لكونه لا يتكافأ بأي شكل مع الجودة العامة السيئة للفيلم، فحتى وإن قامت هاتين الممثلتين بأداء خرافي، لا يمكن أن تتمكنا أبدًا من إقناعنا أو الحصول على تعاطفنا وانتباهنا في ظل وجود حوار غريب بالغ التفاهة لدرجة نحس معها أنّ كتّاب السيناريو كانو منعزلين لسنوات عن الجنس البشري مما أدى إلى نسيانهم لطرق التواصل وللعبارات التي يستعملها الناس العاديون أثناء شجارهم، أو عند تهديده لبعضهم البعض أو حتى عند إجراء أبسط الحوارات الجانبية.

دون أن نذكر الطريقة التي تم بها تهميش الاهتمام بالشخصيات ومحاولة تقريبنا منهم، حيث أنّ معلوماتك عن الشخصيات لا تتغير منذ أول مشهد في الفيلم وصولًا إلى نهايته، وإن استثنينا أنّه قد تم الاكتفاء ب”إلصاق” ماضٍ حزين لجوليا وطفولة مضطربة لتيسا بشكل من المفروض أن يجعلنا نغفر لها أفعالها الجنونية، لكن هل نفعل ذلك بالفعل؟ لا، والسبب أنّنا بكل بساطة لا نهتم بهذه الشخصيات التي تم تقديمها بشكل بالغ السطحية رغم حسن أداء هاتين الممثلتين، مما يعني أن هذا الفيلم سيشكل للأسف إخفاقًا جديدًا لكاثرين، باستثناء حدوث معجزة يظل معها الفيلم بنفس الأداء في شباك التذاكر خلال الأسابيع المقبلة.

في النهاية، فإنّني أدعوك لعدم إضاعة وقتك ولا أموالك في مشاهدة هذا الفيلم الذي لا أعلم كيف حصل على تمويل لإنتاجه في الأساس، ولا كيف تمكن القائمون عليه من إقناع كل من داوسون وهيغل للمشاركة في عمل بسيناريو مماثل.

ذو صلة

أمّا إذا كنت قد تسرعت مثلي وشاهدته فما رأيك به؟ وإذا كنت لم تشاهده فما هو الفيلم الذي كان يتمتع بطاقم تمثيل جيد لكنك صدمت عند مشاهدته؟ شاركنا في التعليقات.

فيديو يوتيوب

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة
متعلقات

الكشف عن أسرار مصدر نهر النيل الذي كان لغزاً لآلاف السنين!

ظلّ مصدر نهر النيل لغزاً لآلاف السنين.

لنهر النيل مصدران رئيسيان: النيل الأزرق من إثيوبيا والنيل الأبيض من البحيرات الأفريقية الكبرى وما وراءها.

حاولت العديد من الحضارات البحث عن مصدر النيل، لكن نظام النهر المعقّد يجعل من الصعب تحديد أصل واحد.


يعتبر نهر النّيل من أطول الأنهار في العالم وأحد أهم الأنهار في مصر والمنطقة العربية. ومنذ القدم، كان مصدر المياه الذي ينبعث منه النّيل يثير اهتمام المصريّين القدماء، وحتى الآن لا يزال هذا السؤال غامضاً ولا يحمل إجابة واضحة. على الرّغم من التقدّم التكنولوجي والمعرفة الجيوفيزيائية، لا يزال أصل النّيل لغزاً حتّى يومنا هذا.

في حين أنّ الإجابة البسيطة هي أنّ للنيل مصدرين رئيسيّين -النّيل الأزرق من إثيوبيا والنّيل الأبيض من البحيرات الأفريقيّة الكُبرى وما وراءها- فإنّ منشأ النّيل أكثر تعقيداً ممّا يبدو.

حاول الرّومان القدماء العثور على منبع النّيل، وبمساعدة المرشدين الإثيوبيين، توجّهوا عبر إفريقيا على طول نهر النيل إلى المجهول. على الرغم من أنّهم وصلوا إلى كتلة كبيرة من المياه كانوا يعتقدون أنّها المصدر، إلا أنّهم فشلوا في النّهاية في حلّ اللغز.

قبل الرّومان، حرص المصريّون القدماء معرفة أصل النّيل لأسباب ليس أقلّها أنّ حضارتهم كانت تعتمد على مياهه لتغذية ترابهم وتكون بمثابة طريق مواصلات. فتتبّعوا النهر حتّى الخرطوم في السّودان، واعتقدوا أنّ النّيل الأزرق من بحيرة تانا، إثيوبيا، هو المصدر. وقد كانت رؤية النيل الأزرق على المسار الصحيح، ولكن لا يوجد دليل على أنّ المصريين القدماء اكتشفوا القطعة الرئيسية الأخرى في هذا اللغز؛ النيل الأبيض.

واليوم، تمّ الاتّفاق على أنّ للنيل مصدرين: النّيل الأزرق والنّيل الأبيض، يلتقيان في العاصمة السّودانية الخرطوم قبل أن يتّجه شمالاً إلى مصر. يظهر النّيل الأزرق من الشّرق في بحيرة تانا الإثيوبيّة، بينما يظهر النّيل الأبيض من حول بحيرة فيكتوريا يخرج من جينجا، أوغندا. ومع ذلك، حتى هذه المصادر هي أكثر تعقيداً ممّا تبدو عليه لأول مرة.

يوضّح المغامر الشهير السير كريستوفر أونداتجي أنّ بحيرة فيكتوريا نفسها عبارة عن خزّان تغذّيها أنهار أخرى، وأنّ النّيل الأبيض لا يتدفّق مباشرة من بحيرة ألبرت ولكن من نهر كاجيرا ونهر سيمليكي، اللّذان ينبعان من جبال روينزوري في الجمهورية الكونغو الديمقراطية. في نهاية المطاف، كما يجادل، يمكن تتبّع النّيل الأبيض مباشرة إلى نهر كاجيرا ونهر سيمليكي.

في الختام، ليس لنهر النّيل مصدر واحد، بل يتغذّى من خلال نظام معقّد من الأنهار والمسطّحات المائية الأخرى. في حين أنّ الفكرة اللّطيفة القائلة بإمكانيّة تحديد المصدر بدقّة على الخريطة هي فكرة جذابة، إلّا أنّ الحقيقة نادراً ما تكون بهذه البساطة.

حتى اليوم، لا يزال مصدر النيل لغزاً يثير إعجاب النّاس في جميع أنحاء العالم.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

متعلقات