لماذا عادل إمام من أذكى ممثلي العالم العربي؟
بالطبع يوجد الكثير من الممثلين الناجحين والموهبين فى العالم العربي، وبمراجعة الإحصائيات سنعرف بسهولة من هو الممثل الأكثر نجاحًا ومن هو الممثل الأكثر موهبة أو الأكثر حظًا. ولكن كيف نعرف من هو الممثل الأكثر ذكاءً؟ يقدم لنا عادل إمام من مواليد ( 1940) نموذجًا فريدًا للذكاء.
الستينيات ( الموظف)
كانت بدايته مع بداية الستينيات ضربة حظ كما يعرفها الجميع مع (فؤاد المهندس وشويكار) فى مسرحية (أنا وهو وهي) إخراج (عبد المنعم مدبولي) بدور صغير (وهو دسوقي أفندي) وكان يمكن أن يمر الدور دون أن يراه أحد، ولكن كانت لجملته الشهيرة (بلد بتاعت شهادات صحيح) رأي آخر؛ حيث التصقت فى عقول الجمهور وراحوا يرددونها، ثم جاء المخرج (فطين عبد الوهاب) وقام بتحويل العمل إلى فيلم بنفس الأبطال.. ويدخل منها عادل إمام إلى السينما.
من اللحظة الأولى فى عالم السينما أدرك عادل إمام إمكانياته ومواصفاته الشكلية بالإضافة إلى فهمه مرحلة الستينيات؛ حيث كان الموظف فى قمة الهرم الاجتماعي. والتصاقه بالثنائي الأنجح فى هذه الفترة وهما (المهندس وزوجته) وتوالت الأعمال مثل (المدير الفني – مراتي مدير عام – الراجل ده هيجنني – لصوص لكن ظرفاء – حكاية 3 بنات).
السبعينيات ( الولد الشقي)
انتهت ستينات عادل إمام بعد تفوقه فى لعب دور الشاب (الفرفور) وصديق البطل الظريف وهو الدور الذي لم يستطع أستاذه فؤاد المهندس الخروج منه إلا نادرًا لبقية حياته.
بدأت سبعينيات عادل إمام مع (مدرسة المشاغبين) لجلال الشرقاوي وهو العرض الذي غير الكثير في شكل المسرح والسينما في ذلك الوقت، وكانت نقلة كبيرة لكل النجوم المشاركين فى العمل (على حسب اختلاف طريقة إدارة مواهبهم). فخرج سعيد صالح ويونس شلبي ليكملا فى نفس طريقهما وليقدما أعمالًا كوميدية ضعيفة بنفس أداء المشاغبين، وخرج أحمد زكي حائرًا يبحث عن ذاته في أعمال جادة.
كان لعادل إمام الرأي الأذكى، فبالطبع بعد انتصار أكتوبر وتفعيل الرئيس السادات لسياسة الانفتاح تدنى مستوى السينما كثيرًا، وأصبحت أغلب الأعمال تجارية تمامًا وغير هادفة، ولم يكن عادل إمام مثالًا للنجم (الجان) الوسيم، الذي يمكنه أن يلعب الأدوار الرومانسية وأفلام الإغراء، وأدرك عادل إمام هذا جيدًا ولم يقع فى الفخ الذي وقع فيه الجميع وأيضًا إدراكه لتدهور الهرم الاجتماعي. وأصبح أصحاب الصنايع والمقاولات هم من في قمة الهرم الاجتماعي وبدأ في أعمال مناسبة للفترة ولكن بالحفاظ على كوميديته مثل (البحث عن فضيحة – شياطين للأبد – الزواج السعيد – 24 ساعة حب – ممنوع فى ليلة الدخلة).
وبنهاية السبعينيات كان لاسم عادل إمام أهمية كبيرة في عالم السينما والكوميديا، وبرفضه العودة إلى شلة المشاغبين مع سعيد صالح ويونس شلبي وأحمد زكي؛ لتقديم (العيال كبرت) وقد قدم بمفرده تمامًا العرض المسرحي (شاهد مشفش حاجة) مع المخرج هاني مطاوع هو شهادة الميلاد الثانية للزعيم عادل إمام.
وبالفعل حققت المسرحية كل النجاح المطلوب منها فنيًا وتجاريًا، ليثبت عادل إمام أنه سيكون البطل الأوحد لفترة ستمتد إلى ما يزيد عن الأربعين عامًا، لينهي عادل إمام سبعينيات القرن العشرين وهو من أهم ممثلي (الكوميديا) فى مصر، وهو الفخ الذى وقع فيه ممثلون أمثال سمير غانم وسعيد صالح ومحمد عوض؛ حيث توقعوا أن الكوميديا ستفوز دائمًا ولكن كان لعادل إمام رأي آخر في الثمانينيات.
أقرأ أيضًا: هؤلاء أتقنوا أدوار الرعب في الأفلام المصرية
الثمانينيات (الواقعية الجديدة – الأكشن)
حتى نهاية السبعينيات لم تكن موهبة عادل إمام الدرامية ظهرت بعد، لكنه قد أثبت نفسه في الكوميديا بكل أشكالها، وكان هنا التحدي الأكبر، عندما عرض عليه فيلم (المشبوه) من إخراج سمير سيف، وكان التحدي الأكبر للمنتج واصف فايز، الذي سيغامر بإحضار ممثل كوميدي -عادل إمام- للعب دور جاد جدًا ليس به أي مناطق كوميديا وبدون (إفيه) واحد وأمام السيندريلا سعاد حسني، وبالفعل من يراهن على الزعيم يفوز دائمًا؛ حيث كانت شهادة ميلاد عادل إمام الثالثة وبداية لدخوله عالم الأفلام الجادة والدرامية؛ لينافس أحمد زكي ونور الشريف.
من البداية أدرك عادل إمام لعبة الثمانينيات كما يعرفها الجميع وهي الواقعية الجديدة ونقد لنظام السادات وعصر الانفتاح، وتحولت اختياراته إلى أعمال جادة هادفة مثل (حب في الزنزانة – الغول – حتى لا يطير الدخان – والحريف – الذي ندم عليه أحمد زكي عندما رفضه ليذهب إلى الزعيم) وبالطبع لم يقع عادل إمام في فخ الواقعية والأعمال الجادة، ولكنه كان يوازن في نفس الوقت بأعمال خفيفة حتى يكسب كل فئات الجمهور مثل (واحدة بواحدة – الأفوكاتو – المتسول – عنتر شايل سيفه).
ولم ينسَ عادل إمام المسرح فى ذلك الوقت أيضًا فقد كان قد مر 10 سنوات منذ (شاهد مشفش حاجة)؛ ليقدم (الواد سيد الشغال)، مع حسين كمال، ليجذب مرة أخرى جمهور المسرح.
مع أواخر الثمانينيات أصبح عادل إمام النجم الأول في الكوميديا والنجم الأول في الدراما والنجم الأول في المسرح والأهم، وهو النجم الأول في الإيرادات، ليدخل عادل إمام عالم الأكشن الكوميدي بأفلام مثل (سلام يا صحبي – النمر والأنثى – المولد – حنفي الأبهة).
وفي وسط (هوجة) أفلام رعب الثمانينات التي بدأها المخرج أحمد شبل العائد من الخارج؛ ليكتشف أن الجمهور المصري لا يحب أفلام الرعب.
ولم يغفل عادل إمام أن يقدم تجربة لفيلم رعب هو الآخر وهو (الإنس والجن) مع المخرج محمد راضي.
وتنتهى الثمانينات بعادل إمام وقد أصبح اسمه يكتب (بالبونت العريض) وليكون نجم مصر الأول، ليبقى هكذا حتى الآن.
وتبدأ التسعينيات (عصر القوة)
التسيعينات التي شهدت تدهور الكثير وسقوط الأكثر من الفنانين في فخ ضعف الإنتاج ودخول شرائط الفيديو إلى السوق (وأصبحت فيفي عبده، والشحات مبروك، هم رمز المرحلة).
يأتي الحظ مرة أخرى لينقذ عادل إمام والحظ هذه المرة يسمى (شريف عرفة)، فعلى الرغم من أنها لم تكن المرة الأولى لشريف عرفة التي يعرض فيها فيلمًا على الزعيم، وهو فيلم (الدرجة الثالثة) الذي رفضه الزعيم بجملة (مش هينجح) ليذهب الفيلم إلى أحمد زكي وسعاد حسني وبالفعل فشل!
هذه المرة وافق الزعيم على العمل مع شريف عرفة والعظيم وحيد حامد ليقدموا معًا درر السينما في التسعينيات، وهى خماسية المواطن والحكومة (اللعب مع الكبار – الإرهاب والكباب – المنسي –طيور الظلام – النوم فى العسل).
ولم ينسَ الزعيم تقديم عمل آخر ليحارب به الفكر الإرهابي الذي انتشر في مصر في التسعينيات بتقديم فيلم (الإرهابي) مع لينين الرملي ونادر جلال.
وينهي عادل إمام التسعينيات وهو متربع على عرش السينما المصرية، فقد نجح في الكوميديا والأكشن والدراما والمسرح والإيرادات، وأصبح النجم الأول لرجل الشارع الذي يحفظ جميع (إفيهاته).
الألفينات (سينما الشباب)
تبدأ ألفينيات السينما المصرية مبكرة فى سنة 1997 عندما قدموا مجموعة من الشباب بطولة فيلم (إسماعيلية رايح جاي) ليحطم كل الإيرادات ويصبح الفيلم الأنجح في تاريح مصر، وهنا يعرف عادل إمام أن الشباب قادمون، ولا يقع في فخ آخر وهو الفخ الذي وقع فيه أحمد زكي، وجعله لا يحقق الإيرادات المطلوبة، ومحمود عبد العزيز، ونور الشريف، وجعلهم يبتعدون عن السينما قليلًا.
ليتجه عادل إمام إلى الشباب ويتنازل عن دور البطولة الأوحد ويعتمد على مجموعة الشباب الذين أثبتوا أنهم حقًّا قادمون، وجاءت أفلام مثل (أمير الظلام – التجربة الدنماركية- السفارة فى العمارة -مرجان أحمد مرجان) وهي أفلام لولا وجود عادل إمام لأصبحت أفلامًا للبطولة الجماعية؛ ليثبت عادل إمام مرة أخرى أنه الأذكى والأكثر مرونة في تغير جلده؛ ليتناسب مع كل المراحل الفنية.
والدليل الأكبر على ذلك، هو مشاركته فى فيلم (عمارة يعقوبيان) وهو لم يقم بعمل بطولة جماعية منذ عام 1980 تقريبًا، ولكنه أدرك أنه أمام عمل سيظل فى تاريخ السينما إلى الأبد، وأسماء مثل علاء الأسواني ووحيد حامد لن تمر دون نجاح مبهر.
سينما ما بعد الثورة (موسم رمضان)
عادل إمام مسلسل فالنتينو
وتأتي ثورة 25 يناير، لتقضي على الكثير من النجوم وتغير الكثير من شكل السينما، ويتجه الجميع الى أعمال التلفزيون حيث الميزانيات والإيرادات الأكبر وضعف إقبال الجمهور على السينما، هنا يدرك عادل إمام أن التلفزيون هو الأنجح حاليًا، ليعود إلى الشاشة الصغيرة بعد غياب 32 عامًا منذ مسلسل (دموع فى عيون وقحة).
ومحتفظًا أيضًا بمجموعة الشباب الذين -حرفيًا- (بيسندوه) وأصبح مسلسل عادل إمام هو المسلسل الأغلى والأكثر مشاهدة فى مصر والوطن العربي (فرقة ناجي عطا الله – العراف – صاحب السعادة – وغيرها..) ولكن يبدو أن الزمن أقوى من أي ذكاء، فمنذ عام 2012 مع أول مسلسلاته وراح المنحنى يهبط.. حتى جاء عام 2020 بآخر أعماله وهو مسلسل (فلانتينو) الذي لم يحقق النجاح المطلوب، ونال هجومًا كبيرًا على عادل إمام ومؤلف العمل أيمن بهجت، وأصبح يتوقع الجميع أنها نهاية عادل إمام وها نحن نننتظر من هذا الرجل الخارق ما سيقدم في العام القادم.
أعتقد أنه لو كان أصغر عشرين عامًا ونظرًا لمفردات هذه المرحلة أن عادل إمام سينتقل إلى المسرح الخاص؛ ليقدم أعمالًا تنافس (الملك لير- علاء الدين – حزلقوم) فقد تعلمنا منه أنه رجل لجميع المراحل، وأنه حقًا الزعيم.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.