تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

لماذا يختلف تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي؟

نورا ناجـي
نورا ناجـي

8 د


أسباب الاختلافات حول تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي

ليس شرطاً أن يتطابق تقييم فيلم بعينه لدى الجميع، ربما يشاهده شخصان معاً، يتشابهان في الخلفيّة الثقافيّة والاجتماعيّة وحتى الجنسية واللغة، لكنهما يريان الفيلم بمنظورين مختلفين تماماً، يجعل أحدهما منبهراً من فرط الإعجاب، والآخر منزعجاً تماماً من سير الأحداث والقصة وحتى التمثيل.

الأمر الذي يجعلنا نفهم سبب اختلاف تقييم الأفلام السينمائية من دولة لأخرى، فيلم أمريكي يتم عرضه في مصر مثلاً فيحصد نجاحاً كبيراً رغم فشله في موطنه الأصلي أو العكس. يدخل الأمر ضمن الذوق العام السائد، إلى جانب الذوق الشخصيّ، ونقط التماس التي تتقابل مع أحداث معينة في الفيلم، وربطها لتفاصيل شخصيّة لدى المشاهد، يجعله يتقبّل أو لا يتقبّل القصة.

لكن بشكل عام، عندما نتحدث عن اختلاف استقبال الفيلم من بلد لآخر، بالذات استقبال الأفلام الأجنبية في عالمنا العربي، فنحن نناقش نقاطاً أخرى أكثر تعقيداً، يمكننا حصرها فيما يلي:


حاجز اللغة

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - Inception

مهما كانت درجة إجادتك للإنجليزية، هناك العديدون ممن ينتظرون صدور الترجمة بلغة بلدهم الأصلية ليتمكنوا من مشاهدة الفيلم، فاللهجات واللكنات المختلفة تجعل فهم الحوار صعباً لدى المعظم دون قراءة، كما أننا لن ننسى وجود العديد من الطبقات الذين لا يملكون تلك الإجادة التامة للغة.

ينطبق نفس الأمر ويزداد صعوبة بتوجّهنا نحو اللغات الأوروبية غير الرائجة في الوطن العربيّ مثل الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، وصولاً للهندية والكورية، لذا يتم مشاهدة الفيلم متأخراً قليلاً بعد صدوره، وبعد انتهاء موجة الترحيب والاستقبال العارمة في موطنه الأصلي، الأمر الذي قد يظهره باستقبال فاتر بعد الشيء، أو برؤية معتدلة محايدة بعد انتهاء موجة الإنبهار الأولى.

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - fox

بالرغم من كل ذلك، تخضع الترجمات لفهم صاحبها، ورؤيته نحو الفكرة أو المشهد، هناك مثلاً اتفاق بين جميع المترجمين على حذف الشتائم واستبدالها بكلمات عامة مثل اللعنة، أو تباً، كما يتم تجاهل أي جملة تبدو في نظرهم مسيئة لشخص أو دين بعينه، يضيف بعض المترجمين على الإنترنت عبارات استغفار لا علاقة بها بالكلام، أو توضيح بلون مختلف يفصل المشاهد تماماً عن الحدث.

مهما كانت الترجمة جيدة جداً، قد لا تستطيع أيضاً إيصال تعبيراً بعينه متداولاً، أو مثل أجنبي له مفهوم خاص، أو نكات مركبة تعتمد على اللفظ أو السمع.


الذوق العام السائد في البلد

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - American Sniper

هناك أفلام رائعة عربية تلقى نجاحاً ضخماً في بلدها، لكن ماذا لو عُرِضت في الخارج؟ بغض النظر عن بعض الأفلام العامّة التي تناسب مختلف الثقافات مثل المومياء لشادي عبد السلام، أو معظم أفلام يوسف شاهين، قد لا تلقى القصص المفعمة بالمصريّة مثلاً نفس النجاح خارجاً، لعدم فهم المشاهدين الأجانب العمل، أو الخلفية العامة للقصة.

 يمكننا ذكر مثال واضح لفيلم مثل أفواه وأرانب، ربما إذا تمّ عرضه خارجاً، لن يفهم المواطن الأمريكي مشكلة زيادة النسل، أو صعوبة الزواج بين إثنين من طبقتين مختلفتين إلخ، بينما تمسّ تلك المشكلات وتراً حساساً في موطنها تجعل التعاطف مع أبطال القصة أمراً حتمياً.

Almumya2 - تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي

على العكس، هناك أفلاماً أمريكية تلقى نجاحاً ضخماً في موطنها لا تناسب عالمنا العربي أبداً، لعل آخرها كان فيلم American Sniper، فبعيداً عن أي شيء آخر، يظلّ القناص كريس كايل بطلاً أمريكياً قومياً لنظرتهم المختلفة إلى الحرب العراقية، بينما في نظرنا هو مجرم حرب من الطراز الأول، لا نملك ذرة تعاطف لا معه ولا مع قصته، لذا كان الفشل حتميّاً في حال عرض الفيلم في الوطن العربي.


النكات الشعبيّة والخلفيّات الثقافيّة

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - ودي آلن

يقال أن أفلام وودي آلان القديمة لن يفهمها سوى سكّان مانهاتن وبروكلين في نيويورك، الأحداث والإفيهات التي يقصّها آلان في أفلامه مُغرقة تماماً في المحليّة لدرجة أن سكّان الولايات الأخرى البعيدة في أمريكا نفسهم قد لا يفهمونها أيضاً.

في مرات مشاهدتي الأولى لها، لم أفهم لماذا يتمّ اعتبار وودي آلان مخرجاً ومؤلّفاً ظريفاً؟ لأني لم أفهم شيئا من كلامه أو نكاته المركبة شديدة الصعوبة، سوى مع المشاهدات الثانية والثالثة، وبعد عمر كامل من متابعة المسلسلات والأفلام الأمريكية خاصة تلك التي تدور أحداثها في مدينة نيويورك.

ينطبق الأمر ذاته على باقي الدول، الإفيهات الفرنسية تبدو سمجة جداً في نظر الأمريكيين والعرب، بينما يفهم العرب النكات الإيطالية لقربها من الذوق العام هنا، في حين تبدو متفذلكة ومتذاكية للأمريكيين، ومزعجة ووقحة للفرنسيين.

يفهم المصريون معظم الأفلام الأمريكية الرومانسية الكوميدية بالذات، كما يُدمن معظم أهل الخليج والعرب بشكل عام الأفلام الهنديّة والآسيويّة لجرعة الدراما الزائدة بها والتي تناسب مزاجنا السوداوي الحارّ قليلاً.

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - هلأ لوين؟

بالنسبة للأمريكيين، قد يستطيعون تقبل الأفلام البريطانية خاصة الرومانسية أو الخيالية مثل هاري بوتر، لكنهم حتماً لا يطيقوا الأفلام الكورية مثلاً أو اليابانية، في حين تبدو الأفلام اللبنانية قريبة إلى الذوق الفرنسي والأوروبي بشكل عام مثل أفلام نادين لبكي “هلأ لوين” و”سكر بنات”.

قد تصل أيضاً بعض أفكار الأفلام المصرية إلى الذوق الأمريكي خاصة عندما تناقش فكرة عامّة إنسانية مثل “صلاح الدين”، أو “الحرام” أو “شباب امرأة”، وكلها أفلام نافست في مهرجانات عالميّة وحازت بالفعل على جوائز كبرى.


تابو الجنس، الدين والحريات

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - نوح

هذه النقطة تبدو واضحة، المزاج العربي بشكل عام لا يتقبّل مشاهد الجنس الفاحشة في العديد من الأفلام، كما يتم قطعها تماماً في حال عرضه على الشبكات التلفزيونية، الأمر الذي يسبب خللاً واضحاً في الأحداث قد لا يصل برسالته الكاملة إلى المشاهد، مثل فيلم The Reader مثلاً أو 50 Shades of Gray.

بالنسبة للدين الأمر مفهوم أيضاً، فتجسيد الأنبياء يُعدّ أمراً غير مقبول في العالم العربي مثلاً، لذا تم منع العديد من الأفلام العالمية من العرض في مصر والعالم العربي مثل فيلمي Noah الذي يروي قصة النبي نوح مع الطوفان، وفيلم Exodus: Gods and Kings عن قصة النبيّ موسى، وكلاهما قوبلا بهجوم استمرّ طويلاً رغم أن الأمر لم يسبب أي مشكلة في معظم الدول الأخرى التي تم عرض الفيلمين فيها.

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - بروس

أفلام أخرى لعبت على الدين بشكل صادم أثار الغضب مثل فيلم Bruce Almighty، رغم أنه لنجم جماهيري ضخم في العالم العربي وهو جيم كاري، إلا أن الفيلم لم يُعرض في دور العرض من الأصل.

شاهدته مرّة واحدة على قناة mbc2، وكان قد تم قطعه وقصه وترجمته بشكل حاول فيه المعدّون تجنب المقاطع التي يظهر فيها مورجان فريمان في دور الله -جل وعلا- أو إيصال فكرة أن جيم كاري سيحلّ محله لبعض الوقت، الأمر الذي جعله فيلماً كرتونياً سخيفاً وغير مفهوم.

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - الولاد مناح

أما بالنسبة للحريّات، يمكننا منح مثالاً بسيطاً واضحاً حول وجهة نظر صُنّاع السينما حول شخصية (مثلي الجنس) مثلاً، فهو يظهر بصورة الصديق والأخ والابن والوالد حتى دون مشاكل وبكامل التقبّل التي تكفله الحريّات في بلد مثل أمريكا، لكن في العالم العربي، قد تظهر فعلاً نفس الشخصية لكن من الجانب السلبي فقط، غير مسموح بأي حال إظهارها بشكل إنساني متعاطف، حتى أن الممثلين أنفسهم يترددون طويلاً قبل تجسيدها، وهذا يُفسّر بالطبع عدم نجاح أفلام مثل The Kids Are Alright لجوليان مور عربيّاً.

يمكننا أن ندرج تحت هذا البند أيضاً، الأفلام الدائرة حول قصّة اليهود ومعاناتهم في الحرب العالمية الثانية على يد الألمان، خاصة نقطة الهولوكوست أو المحرقة، الأمر الذي لا يؤمن به العرب ويكذبونه بقوّة إلى جانب العداوة التامّة مع اليهود بغض النظر إن كانوا صهاينة أم لا.

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - البيانيست

لذا نجد أفلاماً أيقونيّة مثل Schindler’s List أو The Pianist، محظوران تماماً في القنوات العربيّة، حتى إن كتب عنهما أي شخص، يتحدث من المنظور الفنّي فقط، دون التطرق للجانب الإنساني في القصة، أو يتطرق إليه بتحفّظ مؤكداً عشرات المرات أنه ليس متعاطفاً مع اليهود على اعتبار أنها جريمة عظمى.

ذات الشيء حول فيلم Munich الذي لن يستطيع أي عربي التعاطف مع أبطاله، والذي تدور أحداثه حول اختطاف منظمة أيلول الأسود الفلسطينية لرهائن إسرائيليين أثناء دورة الأولمبياد الصيفية في مدينة ميونخ عام 1972 والتبعات التي حصلت بعد ذلك.


الأفلام الفلسفية العلمية والسير الذاتيّة

A-Clockwork-Orange-a-clockwork-orange- تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي

لا تلقَ هذه النوعية من الأفلام نجاحاً ضخماً في العالم العربي، ربما لبُعدها بشكل أو بآخر عن المزاج العام، أفلام مثل Inception او Interstellar قد تلقى بعض النجاح لاستخدام كريستوفر نولان عنصر الإبهار في توصيل رسالته، على عكس مثلاً فيلم أوديسا الفضاء 2001A Space Odyssey، وهو واحد من أهم أفلام السينما الأمريكية للمخرج ستانلي كوبريك، لكنه في نظر الذوق العربيّ، فيلماً مملاً متحذلقاً بلا معنى.

أراهنك إن كانت أي قناة تلفزيونية قد فكرت حتى في عرضه على شاشاتها طيلة العشرين سنة الأخيرة.

2001 A Space Odyssey - تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي

يمكننا إدراج أفلام أخرى متعددة مثلEternal Sunshine Of The Spotless Mind لجيم كاري، The English Patient، A Clockwork Orange، وجميع أفلام إنجار بريجمان.

لا تلقَ أيضاً أفلام السير الذاتية نجاحاً كبيراً في العالم العربي، فهي تحكي وجهة نظر أجنبية في بطل ما أجنبي قد لا نراه بنفس الصورة في العالم العربي، مثل فيلم The Queen مثلاً أو فيلم The Iron Lady، وفيلم The King’s Speech لكن مشاهدتها قد تكون بسبب المباراة التمثيلية الرائعة التي غالباً ما تضمن لمجسّدها جائزة الأوسكار مثلما حدث لهيلين ميرن، ميريل ستريب وكولن فيرث على الترتيب.


أفلام التمثيل من أجل التمثيل

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - خطاب الملك

يميل بعض المخرجون الأجانب لصنع فيلماً كاملاً من أجل استعراض قدراتهم الإخراجية فقط، ودرجة تحكّمهم في طاقم الممثلين الذين يقدمون بالفعل آداءً مبهراً، يكتمل بتقنيات تصوير جديدة، وإضاءة وأزياء ومؤثرات، تضمن مكاناً للفيلم ومبدعيه في جميع المهرجانات والجوائز.

مثل فيلم Birdman للمخرج آليخاندرو جونزاليس ايناريتو، والذي اعتمد فيه على تقنية التصوير الطافي وحركة الكاميرا الإنسيابية بشكل لم نراه من قبل، ضمن له الحصول على جوائز أوسكار أفضل إخراج، تصوير وفيلم.

تقييم الأفلام السينمائية في العالم العربي - لورينس
ذو صلة

أو فيلم Silver Linings Playbook والذي يمكننا اعتباره مباراة تمثيلية ممتعة بين روبرت دي نيرو، برادلي كوبر وجنيفر لورانس، مكنتهم جميعاً من الترشح لأفضل ممثل مساعد وممثل وممثلة، لكن جنيفر فقط من حازت على الجائزة.

تختلف هذه النقاط بالطبع من شخص لآخر، ومن ثقافة لأخرى، لكنها الأسباب الفعليّة التي تغيّر من تقييم كل شخص وكل بلد للأفلام السينمائية، كما أنها توضح أسباب فشل الاقتباس في معظم الوقت، حتى وإن جرت محاولات تعديله ليناسب الطابع العربي، مثلاً كما حدث في فيلم حبيبي نائماً المُقتبس عن فيلم Shallow Hal، لفكرته الفانتازية التي لاتناسب الطابع العربي كثيراً، بالرغم من مغزاها ومعناها القيّم.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

جورج فريمان قام ايضا بدور الرب فى فيلم أيفان المايتى

مقال جميل ، افادني ،شكرا لك

اولا نوعا ما انا اوافقك الرأي في بعض النقاط, ولو كان الاسلوب فيه بعض التعالي من طرف الكاتب .. ونظرته الدونية للذوق العام في البلدان العربية

ثانيا من الاقتباس التالي نجد انكي سلختي المصريين عن باقي العرب .. وحصرتي الذوق العام للوطن العربي بسطرين.. ومع ذلك اجد هذا التحليل خاطئ لانه في نفس البيت ولنفس الاسرة قد يختلف ذوق كل فرد في الافلام ..لذلك لا تستطيعين التعميم .. !!

(( يفهم المصريون معظم الأفلام الأمريكية الرومانسية الكوميدية بالذات، كما يُدمن معظم أهل الخليج والعرب بشكل عام الأفلام الهنديّة والآسيويّة لجرعة الدراما الزائدة بها والتي تناسب مزاجنا السوداوي الحارّ قليلاً.))

بس للانصاف اسلوبك في الطرح جيد .. بس الرجاء مراعاة الذوق العام للوطن العربي بمصداقية اكبر .. او بتوفير استفتائات رأي حقيقية وليست من خيال وتقدير الكاتب

ذو صلة