تريند 🔥

🤖 AI

التنمر في المدارس: قصص حقيقة من واقعنا المرير..

أحمد سامي
أحمد سامي

6 د

توجد الكثير من الأزمات التي يمر بها المُنخرطون في العملية التعليمية، سواء كانوا طلابًا أو مُعلمين. ولعل إحدى أكبر تلك الأزمات هي أزمة القتل النفسي. والقتل النفسي له صور كثيرة، كلها تتلخص في التنمر بالمُجمل.

وربما يكون التنمر في المدراس أوضح ما يكون للناس، حيث يجتمع طلاب من أعمار متفاوتة وبيئات مختلفة وخلفيات ثقافية كثيرة في مبنى واحد، مع بالغين من معلمين وإداريين وغيرهم، مما يخلق بيئة مثالية للتنمر سواء كان ذلك التنمر من المُعلم للطالب، من الطالب للطالب، من المُعلم للمُعلم، أو من الطالب للمُعلم. وأجل، العبارة الأخيرة صحيحة. فبالرغم من أن للمُعلم هيبة، إلا أنه صار مادة للسخرية والتنمر في الآونة الأخيرة.

لذلك في مقال اليوم سوف نتحدث عن التنمر بمنظور الطالب من جهة، وبمنظور المُعلم من جهة أخرى. لنُسلط الضوء على الذي يحدث في المدارس. مُتحدثين عن تجارب شخصية لمُعلمين وطلّاب أعرفهم معرفة شخصية.


من الطالب للطالب

  • الطالب (س.ع.)، الصف الثاني الإعدادي

لي قصة مع التنمر عندما كنت في المرحلة الإبتدائية، كان هناك فتى دائمًا ما يستمر بالاعتداء اللفظي عليّ، حتى جعل سائر الفصل من بنين وبنات يتهمكون ويُلقون النكات عليّ. حتى تصاعد الأمر في يوم من الأيام وشرع في ضربي دون سابق إنذار، وقام بأخذ حقيبتي ورميها من الطابق الأخير وسقطت بجانب أحد المُعلمين. ووقتها عاقبني المُعلم لأنني لم أستطع حماية حقيبتي وأنها كادت أن تسقط على رأسه.

قصصت على أمي الأمر، وفي اليوم التالي أتت إلى المدرسة لكن لا حياة لمن تنادي. حتى بعثت بشكوى إلى الإدارة التعليمية ثم تم البت في الأمر، وفي النهاية أتوا بي وبهذا الفتى، وقاموا بإعطاء كل واحد منّا قطعة حلوى، ثم قالوا كل فتى يُقبل رأس الآخر ويقول “أنا آسف”.

واستمر الفتى بالتنمر عليّ حتى انتقل من المدرسة نظرًا لتغيُّر محل إقامته.

  • الطالب (أ.ك.)، الصف الثالث الثانوي

التنمر يطول الجميع، حتى الشباب من الطلّاب. الثانوية العامة سنة مصيرية بكل تأكيد، لكن لا يكفي أنها سنة مُتعبة للأعصاب، أيضًا يحاول الآخرون أن يجعلوها أكثر تعبًا. أداوم على الحصص الخاصة لمادة الفيزياء في أحد المراكز التعليمية في الإسكندرية، مصر. نحضر لمُعلم في عدد أكبر من 500 طالب في قاعة واحدة فقط، وهو أشهر مُعلمي الإسكندرية بالطبع.

لهذا المُعلم عادة في التشجيع الفائق للمتفوق، حتى يُشعره أنه إله، وزملائه هم عبيد. في مرة ذهبت إلى الأمام كي أحل مسألة كهربية على السبورة، لكن عجزت عن إكمال حل تلك الدائرة الكهربية، ودخلت مرة أخرى وأنا حزين. لكن عند دخولي سمعت التهكم الواضح من الفتى التي جعله الأستاذ إلهًا علينا.

وظلّ هذا الفتى يتنمر عليّ بالكلام: “أتحتاج لي أن أشرح لك؟ فأنت بالتأكيد لا تعرف حلّها، لماذا دخلت السلك العلمي؟ السلك الأدبي هو الأنسب لك، احرص على حضور حصص المراجعة، فربما تفهم شيئًا، إلخ..”، الذي أنقذني هو أنني تركت الأستاذ فترة آخر 3 شهور من السنة، وجلست أذاكر في المنزل ونجحت في المادة وأنا الآن في كلية العلوم جامعة الإسكندرية.


من الطالب للمُعلم

  • المُعلم (ك.ح.)، مُعلم مادة العلوم للمرحلة الإعدادية

التنمر ليس من الطالب للمُعلم فقط، للأسف العكس صحيح أيضًا. وإليك تجربتي..

كنت في الفصل أشرح في هدوء، حتى سمعت صوت ضحكة رقيعة من الخلف من أحد الطلّاب. لم أفعل شيئًا سوى أن أخذه إلى الأخصائيّ الإجتماعي بالمدرسة، لكنه أعاده لي بعد دقائق قائلًا: “حريّ بك أن تحكم فصلك أيها الأستاذ، ولا ترسل لي أحدًا بالأسفل مرة أخرى”. مهلًا، أليست هذه مهنته من الأساس؟

على كل حال تحملت وأكملت حصتي، حتى سبّني وأنا خارج، فلم يكن مني إلا أن وضعت يدي على كتفه في محاولة لنصحه. إلا أنه أزاح يدي تمامًا، ثم خرج من الفصل، وارتمى على الأرض وهو يُولول ويتصنع البكّاء والألم قائلًا: “لقد خلع لي الأستاذ كتفي”.

الفتى يكذب، لكن في النهاية ذهبت إلى مخفر الشرطة وتم عمل محضر اعتداء بالضرب عليه، وتمت تسوية الأمر بتحقيق وخصم من المرتب، وها أنا الآن في مدرسة أخرى تبعد عن منزلي عشرات الكيلومترات كعقاب لي على ذنب لم أقترفه.


من المُعلم للمُعلم

  • المُعلم (م.م.)، طالب مُعلم قيد التدريب لمادة الأحياء للصفوف الثانوية

أجل، لقد تنمر زملائي عليّ. أنا طالب في كلية التربية، ونحن في السنة الرابعة نذهب إلى المدارس الثانوية من أجل التدريب العملي. وتخصصي هو الأحياء، لذلك عندما ذهبت تم تعييني في تلك المادة. نصابي القانوني حصتان فقط، وأن أغادر المدرسة الساعة 12 وثلاثون دقيقة مساءً. لكن الذي يحدث مختلف. فأنا آخذ من 4 إلى 6 حصص، وأغادر المدرسة الساعة الثالثة. لكن تلك ليست المشكلة، المشكلة أنني أُعامل بازدراء واضح.

كنت أشرح في إحدى الحصص درسًا ما، وكان المُعلم الأول يجلس بالخلف ويراقبني، حسنًا هذا واجبه. لكنه فجأة أوقفني ثم ذهب إلى السبورة وقال لي اجلس، وقام هو بشرح تلك الجزئية بدلًا مني، ثم أعاد لي القلم مُجددًا قائلًا أمام الطلاب وبصوتٍ عال: “أنت ما زلت مُتدربًا، من الطبيعي أن تقع في الخطأ”. الآن ما قيمتي أمام الطلاب؟ هل أنت سعيد بتنمرك عليّ أمامهم بقلة حيلتي وسعة معرفتك؟ ما قيمة المواد التربوية التي تعلمتها في الجامعة؟ ما قيمتك كإنسان حتى عندما أهنتني؟

وعندما حدّثت موجِّه المادة في هذا الأمر، قال أن ذلك طبيعيّ وأنه يفعل ذلك من أجل تعليمي وأنه حريص على مستقبلي المهني. لكن الذي فعله هذا جعل عيني مكسورة أمام الطلّاب وبدورهم صاروا يسخرون من ذلك الموقف، مما هزّ ثقتي في نفسي وجعلني حزينًا للغاية.


من المُعلم للطالب

  • أحمد سامي، كاتب هذا المقال..

قصتي مع التنمر، مؤلمة بعض الشيء..

عندما كنت في الحضانة، كنت مرحًا بعض الشيء، وكنت ولدًا مفرط النشاط. كنت دائمًا أتحرك كثيرًا وآخذ أشياءً من زملائي وأرجعها مرة أخرى إليهم وأنا أضحك. كان هناك عيد ميلاد لأحد الأطفال في الحضانة، وكنت هناك. عندما تم تقسيم الكعكة، المُعلمة (ر.أ) المشرفة علينا قالت أن الكعكة انتهت، وليس لي نصيب فيها. حزنت قليلًا، وقلت أنني أريد ارتداء قناع النمر المُعلق بجانبها، فرفضت كذلك دون إبداء أسباب.

انتهى الأمر وانفض مجلس عيد الميلاد، وأخذت الأم ابنها ورحلت، بينما خرج الأطفال ليلعبوا بالخارج، أنا جلست بالغرفة أرسم وألون. وفجأة قررت أن أذهب إلى الحمام، لكن الباب كان مغلقًا. فقلت لها أن تفتح لي الباب لأن المقبض بعيد عني بالأعلى، لكنها رفضت. وعندما ضربت على الباب بشدة تركت مقعدها لتقف أمامي قائلة: “لا ذهاب للحمام، اجلس حيث كنت”.

بالطبع لم يكن مني إلا أن بكيت، وفي ظل البكاء وجدت نصفي الأسفل ساخنًا. اتضح لاحقًا أنني بللت نفسي. بعدها صرت أحلم بكوابيس وأستيقظ مُبللًا فراشي، كما أنه صار لديّ تبول لا إراديّ أخذني والداي إلى الطبيب (الفوّال) هنا في الإسكندرية كي يعالجني منه.

ذو صلة

لا أعلم لماذا كانت تفعل ذلك.. هل بسبب أن أمي كانت تزورني كل يوم في أي وقت لأنها مُعلمة بالمدرسة التي تقبع بجانب الحضانة وتغرقني بالحب والحنان وأنها لا تريد ولدًا مُدللًا مثلي أن يطلب منها شيئًا؟

حتى الآن لم أنساها.. ولن أستطيع..

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة