تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

أنا إنطوائي… وهذا ما يعنيه أن تكون إنطوائيًا!

الانطوائية
تيماء الشيخ حسن
تيماء الشيخ حسن

5 د

نأتي الحياة مثقلين بالمبادئ والأحلام وكثير من الطباع التي لا تلبث أن تتساقط عن كاهلنا كلما تقدم بنا العمر، كثيرة هي الأسئلة التي تدور في خلدي عن صفاتي وطبيعتي، لمَ أنا هنا وعلى هذه الحال، أيّ قدر هذا الذي وضعني في هكذا ظروف وسط مجتمع ينعتني بكثير من الصفات التي لا أشعر بوجودها، لا أعلم إن كانت هي الحقّ.. فمرآتنا الشخصية ربما قد تخفي فينا بعض العيوب وتجعلنا نرى أنفسنا بصورة أقرب إلى المثالية والكمال.

لطالما وجدت المحيط من حولي يصفني بالخجل، تلك الكلمة الفضفاضة في معانيها، منهم من كان يثني على ذلك وآخرون كثر يمقتون هذه الصفة لأنني بنظرهم لا أستطيع التكيّف مع البيئة المحيطة، وهذا ما حرّك فضولي لأبحث في علم النفس وأتعمق في السؤال والبحث عن أبعاد تلك الصفات والطباع، فالصورة العلمية لطباعي وصفاتي تقول أني شخص إنطوائي لا أكثر. الطبع الذي لازمني منذ الصغر، وتقدم معي في السنّ ، فباتت الطمأنينة لا تقربني إلا عندما أكون وحيدًا أتنعم بالهدوء.

اقرأ أيضًا:  الانطوائية والانفتاحية: كيف فسر العلم الصراع الداخلي بينهما؟

الانطوائية

ماذا قال علم النفس عن الانطوائية

أخبرني علم النفس الكثير من صفات الإنطوائيين، وهذا ما جعلني أتأكد أني من زمرتهم، فأغلبها تنطبق عليّ، فأنا لا أرغب بالاجتماعات وإن اضطررت لحضور أحدها في الغالب ستجدني أجلس في الصف الأخير، أراقب بصمت، وأحلل كلّ ما أرى وأسمع، وأسعى للانشغال بأي شيء كي لا يراودني قلق التجمعات والملل من الكثرة، بالعموم لاتستهويني الأحاديث مع الغرباء ودائرة المقربين مني ضيّقة جداً، أما عائلتي فأنا على الجانب المحايد منهم لا أجادل ولا أناقش إلا نادراً، وعلى صعيد العمل بعد تجربتي في العمل مع أشخاص كثيري الانفعال والغضب والاستياء، وجدت خيار العمل وحيدا أكثر راحة مع أني أدرك جيداً قدرتي على التوجيه والتعاون مع الفريق.

يرى علم النفس أن الشخص الإنطوائي يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة وينتقل إلى عالمه الافتراضي الخاص الممتلئ بالتفاصيل التي تشغله وتغيب كثيراً عن بال الناس الاجتماعيين، وهذا هو عالمي، صديقي العزيز فيه هو الكتمان حيث لا أحد يشاركني مشاعري وأفكاري، ولكني كثيراً ما أصغي لمن يطلبني وأساعده.


أسباب الانطوائية

قرأت كثيراً عن الانطوائية التي وجدتها تلازمني بحبّ وتملأ حياتي بالراحة والهدوء، قال بعضهم أن أسبابها تعود لانعدام الثقة أو نقصها، أو الخوف من انتقاد الآخرين ، وربما التعرض لبعض المواقف في الطفولة التي أثرّت على هدوء الشخص نفسياً. لكني أجد نفسي شخصاً طبيعياً دون أي أسباب سابقة لطباعي، فكما أنّ الشخص الاجتماعي يفضل التجمعات والناس الكثر من حوله، فأنا أفضل الوحدة، وأشعر بالراحة عندما أكون ضمن مجموعة صغيرة أعرف أفرادها جيّداً، أفضل أن أعمل وحيداً وأستمتع كثيراً بوحدتي، لكن هذا كلّه لا يعني أن أكون مهزوز الثقة أو خجولًا، أنا فقط أفضل الوحدة وقلّة الكلام عندما تجمعني المجالس بأشخاص لا يشاركوني أي اهتمام، ويصبح العكس عندما أجد من يشاركني الغايات، هذه طبيعتي وأتعايش معها بكلّ ما لديّ من قوة.

الانطوائية

هل يجب تغيير هذا الميول لإرضاء المجتمع؟

أكدّ الناس من حولي من خلال أسئلتهم اعتبار حالتي هذه مخالفة للطبيعة وتحتاج إلى علاج وتغيير، وأنا الذي طالما شاركتهم مجالسهم وانتظرت كثيراً أن يناقشني أحد بأمر مهم ..لكنه لم يأتِ وظللت على كرسيي الجانبي أحدق في الأفق الضيق لا أسمع سوى الموسيقى صديقي الأوحد الذي يشعرني بالارتياح.

قال لي علم النفس أنه لا يوجد شخص انطوائي تماماً أو اجتماعي في كلّ المواقف، كلّ إنسان هو مزيج من الصفات، وتأكدت من صحة هذه النظرية عندما قارنتها بشخصيتي، ستجدني أرغب بالجماعات وأسعد كثيراً بها عندما تناسبني جودة الحديث والعمل والأشخاص الذين أشاركهم وقتي.

الانطوائية من تجربتي الصغيرة صفة تساعد كثيراً على تفهم مشاعر الآخرين والتعامل معهم، لأن الشخص الانطوائي يقدر المساحة الشخصية لغيره فيفكر كثيراً قبل أن يتكلم. كما أن الشخص الانطوائي يميل إلى تطوير وجهات النظر والأفكار فرتابة الحياة الهادئة تحفز الدماغ ليفكر بإبداع، ويركز في الأمور التي تهمه حتى ينجزها دون أي تأثيرات محيطة.

ومن خلال ذلك تبيّن لي أن مجتمعنا بُني ليتوافق مع الناس الاجتماعيين، فمن المشاكل التي أواجهها كثيراً صعوبة تكوين الصداقات لأني أفكر بعمق عندما أقرر إدخال شخص ما إلى حياتي ودائرتي الضيقة، أسعى لأجد من يشاركني أفكاري بالهدوء ذاته بوفاء وراحة وهذا ما يصعب تحقيقه مع الأشخاص الأكثر انفتاحاً. لا أنكر أني أعاني مع عائلتي والمحيط الذين غالباً ما يحاولون التطفل على مساحتي الشخصية، حين ينعتوني بأني شخص غير اجتماعي خجول ومغرور وفظّ وأفتقر إلى الأمان ويسعون دائماً إلى إصلاحي، ودمجي معهم مع إمطاري بالمحاضرات عن ضرورة الخروج من هذه القوقعة، في حين أني فقط أرغب أن أقضي وقتاً أكبر مع نفسي فهذه هي طبيعتي وأنا أتقبلها وسعيد بها.

الاختلاف بيننا وبين الاجتماعيين يكون في مصدر الطاقة، فنحن نستمد طاقتنا من الهدوء والعزلة والاجتماعيون تكون طاقتهم في التجمعات والانخراط بالمجتمع.


نصيحة بسيطة

ذو صلة

أتوجه بكلامي الآن لمن يجد في كلامي السابق ما يعبّر عن بعض صفاته، أنت ياعزيزي شخصية متفردة، ترى الأمور من منظورك الخاص ومن زاوية تختلف عن الناس الاجتماعيين وتمتلك طرقاً مميزة لشق طريقك في الحياة، فلا تدع البيئة المحيطة تعرقلك أو تبطئ عجلة تقدمك باتجاه أحلامك أو رضاك النفسي، اسعَ كي تخفف من تأثير رأي الآخرين فيك ولا تضيع بين ما يريده منك المحيط وبين طبيعتك.

فكر يا عزيزي أنك بطباعك تلك لا تؤذي أي أحد، وكون المجتمع لا يتفهم هذه الطبيعة هذا لا يعني أن لديك خطب ما ويجب إصلاحه، حافظ على حب نفسك وتفردك واجعل هذه الصفات لمصلحتك الشخصية فإن أحببت طبيعتك فهذا سيقودك إلى أهدافك دون عناء، وتذكر أنك إن لم تكن تحب نفسك وتتقبلها كيف للآخرين أن يفعلوا.. والنقطة الأهم تكمن في الاعتدال والتوسط لأن التطرف سيء في كل شيء، فحافظ على حدّ وسطي ترضي به نفسك وأيضاً تبقى فيه ضمن نطاق المعقول في المجتمع.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

أشكر صاحب المقال. كان رائع

كل الحُب لصاحب المقال، عبر بشكل موجز وواضح

مقال جيد ويشرح في العمق لكن على ما أظن أن كلمة انطوءى كبيرة أو غير معبرة أو غليضة في حق اناس طيبون مثل هؤلاء

ذو صلة