تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

اسباب الحروب الصليبية

مجد الشيخ
مجد الشيخ

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

7 د

الحروب أو الحملات الصليبية هي واحدةٌ من أهم الأحداث في تاريخ أوروبا والشرق الأوسط التي امتدت من أواخر القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر الميلادي، تكونت من سلسلةٍ من الحروب الدينية بين المسيحيين والمسلمين لاستعادة الأراضي المسيحية التي غزاها المسلمون، وقد كانت تنظم وتقاد من قبل البابا أو الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.

سميت بالحروب الصليبية لأن الصليبيين استخدموا الصليب المسيحي كرمزٍ لهم أثناء الحرب لاعتقادهم أن رمز الصليب يجعلهم لا يقهرون من قبل جيوش المسلمين.


أهم اسباب الحروب الصليبية

أسباب اتقاد شعلة الحروب الصليبية بين المسيحيين والمسلمين كثيرةٌ، لكن السبب الأساسي تركز حول أهمية مدينة القدس والأماكن المقدسة في فلسطين بالنسبة للمسيحيين، ومن هذه الأسباب:

  • اضطهاد حجاج مسيحيين في القدس

كان الحج إلى الأراضي المقدسة التي استشهد ودفن فيها السيد المسيح بالنسبة للمسيحين القدامى عملًا مقدسًا يحقق لهم المنفعة الخاصة وبركة السماء، كما يحقق للمسلمين المسيطرين على الأراضي المقدسة مصدر دخلٍ عالٍ، لكن في القرن الحادي عشر سيطر الأتراك (السلاجقة) على الأراضي، ولم يكن مسيحيو الغرب يدركون أن الأراضي سقطت تحت أيدي الأتراك، فقاموا بإهانةِ واضطهادِ أكثر من 3000 حاج بكافة الطرق، كما قاموا بتدمير الكنائس ودور العبادة في القدس وتحويلها إلى اسطبلات.

  • المعتقد الديني

كون الحج إلى الأماكن المقدسة عملًا مقدسًا فإن تطهيرها من تدنيس الكفار أكثر تقوى وتقربًا إلى الله، هذه الأفكار جعلت الحجاج يتحولون إلى محاربين، وبدأ توجه مسيحيي أوروبا موجةً تلو الأخرى باتجاه الأراضي المقدسة لتطهيرها.

  • غريزة القتال

على الرغم من أن الشعور الديني كان العامل الأبرز من اسباب الحروب الصليبية بشكلٍ عام، إلا أنه كان هناك سبب آخر لا يمكن تجاهله؛ وهو أن الشعوب الأوروبية كانت على استعدادٍ دائمٍ للقتال والالتحاق بأي مهمةٍ قتاليةٍ لإشباع غرائزها القتالية.

  • عظة بطرس الناسك

أحد الأسباب المباشرة للحملة الصليبية الأولى كان وعظ بطرس الناسك الذي كلفه البابا أوربان الثاني للوعظ بحملةٍ صليبيةٍ، فقام بالتجول في كلٍّ من إيطاليا وفرنسا وخاطب الحشود في الكنائس والشوارع والميادين وفي كل مكانٍ، وألقى في قلوبهم الغضب والحقد، وذكرهم بمعاناة إخوانهم على أيدي الكفار الذين يدنسون الأماكن المقدسة.

  • تهديد الأتراك

في الوقت الذي كان فيه البطرس يثير الغضب في قلوب المحاربين، كان الأتراك يحققون تقدمًا في الشرق وكانوا على وشك تهديد القسطنطينية، فأرسل الإمبراطور اليوناني أليكسيوس كومنينوس رسائل استغاثةٍ إلى البابا أوربان الثاني بأنه إذا لم يقدم المساعدة فورًا فإن جميع الأماكن المقدسة الموجودة في العاصمة ستقع تحت سيطرة الكفار.

  • البابا أوربان الثاني ومجلس كليرمونت

يمكن اعتبار هذه الحادثة من أهم اسباب الحروب الصليبية المباشرة، فقد دعا البابا أوربان الثاني مجلسًا كبيرًا للكنيسة في بلاسينتيا في إيطاليا للبحث في نداء الاستغاثة، لكن لم يتم الاستجابة للنداء، عقد مجلس كليرمونت في فرنسا في وقتٍ لاحقٍ من نفس العام، وصوّر فيه البابا أوربان الذي كان أحد المتحدثين الرئيسيين في الاجتماع الذل والبؤس وتدنيس الأماكن المقدسة التي كان يقوم بها الأتراك، وصرخ بأعضاء المجلس قائلًا:

"عندما يستدعيك يسوع المسيح للدفاع عنه لا تدع المودة تحتجزك في منزلك، من سيتخلى عن منزله أو والده أو والدته أو زوجته أو أولاده أو ميراثه من أجل اسمي يعوض مائة ضعف ويمتلك الحياة الأبدية".

أثار ذلك حماسة الجموع وصرخوا بصوتٍ واحدٍ "إنها إرادة الله"، وعلى الفور قام الآلاف من المحاربين بوضع الصليب على صدورهم كتعهدٍ منهم بمشاركتهم في إنقاذ القبر المقدس، وتم تحديد يوم الخامس عشر من أغسطس من عام 1096 لبدء الترحال باتجاه الأراضي المقدسة.


الحملات الصليبية

الحروب الصليبية
  • الحملة الصليبية الأولى

أطلقها البابا أوربان الثاني في اجتماع كليرمونت عام 1095 وكانت الأكثر نجاحًا، ألقى البابا أوربان خطاباً مؤثرًا حثَّ فيه المسيحيين على التوجه إلى القدس وغزوها وإخراجهم من المسلمين منها لجعلها آمنةً للحجاج المسيحيين، فغادرت جيوش الحملة الصليبية الأولى في عام 1096 واستولت على القدس في عام 1099، وأقام الصليبيون فيها ممالكَ صغيرةً استمرت لوقتٍ قصيرٍ لم يكف ليكون لهم تأثيرٌ حقيقيٌّ على الثقافة المحلية هناك.

  • الحملة الصليبية الثانية

كان إطلاق النداء لهذه الحملة في عام 1144، فاستجاب ملوك فرنسا وألمانيا بسبب الجهد الدؤوب لسانت برنارد كليرفو الذي جال فرنسا وألمانيا وإيطاليا لحث الناس على حمل الصليب وإعادة السيطرة المسيحية على الأراضي المقدسة، فاستطاعت الجيوش بسط السيطرة على الأراضي المقدسة وقتلت كثيرًا من المسلمين، لكن في عام 1187 جرت معركة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي الذي استطاع إعادة السيطرة على الأراضي المقدسة، وألحق بالجيوش الصليبية خسائر كبيرةً ومدمرةً وهزموا بسهولةٍ.

  • الحملة الصليبية الثالثة

تم إطلاقها عام 1189 بسبب استعادة المسلمين للقدس عام 1187 وهزيمة الفرسان الفلسطينيين في حطين، فقاموا بالسيطرة على عكا وبعض الموانئ الصغيرة، ولم يغادروها إلا بعد أن أبرموا معاهدة سلامٍ مع صلاح الدين الأيوبي بالسماح للمسيحيين بزيارة بيت المقدس وأداء مناسك الحج.

  • الحملة الصليبية الرابعة

تم إطلاقها في عام 1202 بتحريضٍ جزئيٍّ من قادة البندقية الذين رأوا أنها وسيلةٌ لزيادة قوتهم ونفوذهم، فتم تحويل الجيوش الصليبية التي وصلت إلى البندقية للسيطرة على القسطنطينية بدلًا من نقلها إلى مصر، وتم السيطرة عليها في عام 1204، مما أدى إلى زيادة العداء بين مسيحيي الشرق والغرب.

  • الحملة الصليبية الخامسة

انطلقت عام 1217، ولم يشارك فيها سوى ليوبولد السادس ملك النمسا وأندرو الثاني ملك المجر، استولوا فيها على مدينة دمياط، لكنهم خسروا في معركة المنصورة فأجبروا على إعادة دمياط، قبل هزيمتهم في المنصورة تم مفاوضتهم على منحهم السيطرة على القدس وغيرها من المواقع المسيحية في فلسطين في مقابل إعادة دمياط لكن الكاردينال بيلاجيوس رفض وتحول نصرهم إلى هزيمةٍ كبيرةٍ.

  • الحملة الصليبية السادسة

انطلقت عام 1228 بقيادة الإمبراطور الروماني المقدس فريدريك الثاني ملك القدس، كان فريدريك قد وعد بالمشاركة في الحملة الصليبية الخامسة لكنه لم يستطع، لذلك اضطر للمشاركة في هذه الحملة والتي انتهت بمعاهدة سلامٍ تمنح المسيحيين السيطرة على العديد من الأماكن المقدسة الهامة بما فيها القدس.

  • الحملات الصليبية السابعة

انطلقت عام 1248 بقيادة الملك لويس التاسع ملك فرنسا بعد الخسائر التي تعرضوا لها في الحملة الصليبية السادسة، استطاع لويس السيطرة على دمياط ولكن سرعان ما انهزم فيها هو وجيشه مما اضطره إلى التخلي عنها بالإضافة إلى فديةٍ ضخمةٍ لمجرد الحصول على الحرية.

  • الحملة الصليبية الثامنة

انطلقت في عام 1270، بقيادة لويس أيضًا حيث توجه إلى شمال إفريقيا لمحاولته إقناع سلطان تونس باعتناق المسيحية لكنه توفي قبل أن يحقق هدفه.

  • الحملة الصليبية التاسعة

انطلقت في عام 1271 بقيادة الملك إدوارد
الأول ملك إنجلترا والذي حاول الانضمام إلى لويس في تونس، لكن إدوارد وصل بعد وفاة
لويس وقاد التحرك ضد السلطان المملوكي لكنه لم يستطع السيطرة على الكثير من
الأراضي وعاد إلى إنجلترا بعد أن علم أن والده هنري الثالث قد توفي.

انطلقت بعد هذه الحملات العديد من الحملات الصغيرة مثل حملة نيقيا في عام 1396، وحملة على الإسكندرية في عام 1365م، وحملة على الهراطقة في عام 1209.


آثار الحروب الصّليبية

  • آثار الحروب الصليبية على التجارة

أهم آثار الحروب الصليبية كانت على المستوى التجاري، فقد جعلت الطلب مستمر على نقل الرجال والإمدادات اللازمة مما شجع على بناء السفن وتوسيع السوق في الأجزاء الشرقية من أوروبا، كما تم نقل منتجاتٍ من دمشق والموصل والإسكندرية والقاهرة وغيرها من المدن الكبرى عبر البحر المتوسط ​​إلى الموانئ الإيطالية ومنها إلى جميع الأراضي الأوروبية.

  • آثار الحروب الصليبية على الإقطاع

ساعدت الحروب الصليبية في التخلص من الإقطاعية،
حيث اضطر الآلاف من البارونات والفرسان لرهن وبيع أراضيهم من أجل جمع الأموال لتمويل
الحملات.

  • آثار الحروب الصليبية في السياسة

ساعدت الحروب في التخلص من القوة الأرستقراطية الإقطاعية، فالعديد من النبلاء ممن ذهبوا مع الحملات لم يعودوا وهم كانوا من أهم اسباب الحروب الصليبية على امتدادها الزمني، بينما أضاع الكثير منهم ثرواتهم في تغطية نفقات الحروب.

في الوقت نفسه اكتسبت المدن العديد من المزايا السياسية على حساب البارونات والأمراء الصليبيين، ومن الآثار السياسية المهمة أنه عند التأكد من تقدم الأتراك تم تأجيل سقوط القسطنطينية لثلاثة قرونٍ مما أعطى الحضارة المسيحية المبكرة في ألمانيا الوقت الكافي لاكتساب القوة الكافية لدحر جيوش المسلمين أثناء تقدمها في أوروبا في القرن الخامس عشر.

  • آثار الحروب الصليبية على التنمية الفكرية

ساعدت الحروب في الانفتاح على البلاد والشعوب الأخرى، فقد خرج أهل الغرب من قلاعهم وقصورهم وقراهم لرؤية المدن والقصور العظيمة والاطلاع على الأدب الشرقي، كما تم جلب العديد من الفنون والمصنوعات والاختراعات التي لم تكن معروفةً في أوروبا من آسيا، وأدى حب الاستكشاف الجغرافي إلى ترحال العديد من الرحالة مثل الرحالة الشهير ماركو بولو.

ذو صلة
هل أعجبك المقال؟