تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

كل شيء حول ثلاجة أينشتاين

روان سالم
روان سالم

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

4 د

عملية التبريد مهمّة جدًا في الحياة، وهي تنطوي على خلق ظروف لخفض درجة الحرارة بهدف الحفاظ على الطعام والمواد الأخرى التي قد تتعرض للتلف في حال تعرّضها للحرارة، فكما نعلم، تُسرّع درجات الحرارة المرتفعة من نشاط ونمو البكتيريا، لذا، كانت طُرُق حفظ الطعام عن طريق التبريد موجودة منذ آلاف السنين، ولكن اختلفت طُرُق التبريد عبر الزمن، فلم تكن الثلاجات؛ التي لا تخلو المنازل من واحدة على الأقل منها اليوم، موجودة في البداية، إنما اقتصر التبريد حوالي 1000 عام قبل الميلاد عند الصينيين مثلًا، على قص الجليد وتخزينه بمواد عازلة لاستخدامه لاحقًا. إذًا، في ظل فورة الثلاجات التي أختُرعَت لاحقًا، ما الذي يميز ثلاجة آينشتاين؟

ثلاجة آينشتاين

فكرة اختراع ثلاجة آينشتاين - زيلارد

بينما نعلم جميعًا كيف أحدث العالِم ألبرت آينشتاين (Albert Einstein) ثورة في مجال الفيزياء بنظريته النسبية، قد لا يعلم البعض أنه احتلّ مكانًا عظيمًا في الاختراعات على أرض الواقع. عام 1930، صمم آينشتاين بمساعدة أحد تلاميذه ـ ليو زيلارد (Leo Szilard) ـ ثلاجة تعمل بِلا كهرباء، ولا تحتوي أجزاء متحركة، أُطلق عليها اسم ثلاجة آينشتاين - زيلارد، ومع ذلك، وبسبب تقدم تقنيات صناعة الثلاجات، أصبحت ثلاجة آينشتاين طيّ النسيان، على الرغم من حصوله على براءة اختراع لفكرة اختراع هذه الثلاجة صديقة البيئة، بدون أجزاء متحركة ولا تحتاج الكهرباء.

على مرّ الزمان، واصل المخترعون من جميع أنحاء العالم تطوير تقنيات تبريد جديدة وتحسينها، مثلًا، عام 1859، طور المهندس الفرنسي فرديناند كاريه (Ferdinand Carré) ثلاجة تستخدم خليطًا من الأمونيا والماء، وعام 1899، نال المخترع الأمريكي ألبرت مارشال (Albert Marshall) براءة اختراع لأول ثلاجة ميكانيكية، ولكن عمومًا، كانت الثلاجات المُخترعة في العشرينات مُميتة للأسف، تتعرض لتعطّل ضواغطها بسهولة وعلى الدوام، وهذا ما كان يسبب تعطّل وسائط التبريد وتسرّب الغازات السامة والخانقة، مثل كلوريد الميثيل، وثاني أكسيد الكبريت والأمونيا، فكانت تقتل العائلات وهم نيام، وهذا ما ألهم آينشتاين.

بدأ الصديقان عام 1926 بالعمل على إيجاد حل لمشاكل الثلاجات ذات الضواغط الميكانيكية، حيث تخلّصا من المضخة الميكانيكية، وبالعمل مع مختلف الشركات الهندسية الألمانية، ابتكرا جهازًا بدون أجزاء متحركة، يستخدم المجال الكهرومغناطيسي لتشغيل الضغط اللازم لانطلاق غاز التبريد.


آلية عمل ثلاجة آينشتاين

آلية عمل ثلاجة آينشتاين

مخطط عمل ثلاجة آينشتاين

كما نعلم، يغلي الماء عند درجة حرارة تدنو من 100 درجة مئوية عندما يكون ضغط الهواء المحيط منخفضًا. اعتمد آينشتاين وزيلارد على الأمونيا والبوتان والماء لعمل الثلاجة، بحيث يكون تسلسل العمل باختصار كالتالي: تُضاف الأمونيا إلى المبخّر، ثم البوتان، وهو العامل المبرّد، يمرّ هذا الخليط عبر المكثّف حتى يتلامس مع الماء. يمتص الماء الأمونيا، وبسبب الضغط الواقع في المكثف، يؤدي ذلك إلى تحويل البوتان إلى الحالة السائلة، ثم يعود ويمرّ في المبخّر مرة أخرى لتكرار العملية، وفي تلك الأثناء، يتم فصل الماء عن الأمونيا بفعل الحرارة، ويذهب إلى المبخّر مباشرةً.

تلك العمليات التي ذكرناها أعلاه، كلّها تتم بفعل المضخة الكهرومغناطيسية، وليس ضاغط ميكانيكي، حيث تولد المضخة مجالًا كهرومغناطيسيًا، والذي بدوره يحرك مكبّسًا هو ما يضغط على المادة المبرّدة، ثم تبدأ العملية كما شرحنا أعلاه. لا يحتاج غاز الفريون ولا غازات سامة أخرى لتشغيلها بل مجرد مزيج من الغازات والسوائل.


إخفاق المشروع

طالب العالمان بتلقّي براءة اختراع في ألمانيا في نفس العام الذي أطلقا اختراعهما فيه، وطالبا في المملكة المتحدة والولايات المتحدة في العام الذي تلى ذلك، ولكن استغرق الأمر ثلاث سنوات حتى حصلا عليها، إذا ضرب الكساد الكبير ألمانيا، ولم يتبقَ رأس مال لتمويل المشاريع أمثال مشروع آينشتاين، كما انتشر العنف السياسي، واستهدفت الفرق النازية العلماء أمثال آينشتاين وزيلارد بسبب ديانتهما اليهودية، ونزعتهما السلمية وتفوقهما فيما سمّي آنذاك الفيزياء اليهودية (Jewish Physics)، لذا في تلك الفترة، لم يستطع آينشتاين التسويق لاختراعه، وهذا ما وقف في وجه دعمه على الرغم من نجاحه.

بعد تلك الفترة، أظهر الكيميائي الأمريكي توماس ميدغلي (Thomas Midgley) معايير السلامة لاستخدام غاز الفريون في تقنيات التبريد، ونتيجةً لذلك، بدأ الاهتمام بالمبرّدات الجديدة المعتمدة على مركبات الكلوروفلوروكربون، ووُضعت الضواغط التي طورها آينشتاين جانبًا. وبذلك، اجتمعت العوامل التي أوقفت تسويق ثلاجة آينشتاين - زيلارد.


إعادة إحياء ثلاجة آينشتاين

اتضح فيما بعد أن الفريون ليس معجزة ذلك العصر. الفريون ليس غازًا مدمرًا نعم، ولكنه يبقى أحد الغازات الدفيئة والتي تؤثر على طبقة الأوزون سلبًا، وهكذا عندما أصبح العلماء والمهندسون على بيّنة من الخصائص الضارة للفريون، أعادوا تركيز اهتمامهم إلى ثلاجة آينشتاين. لذا، عام 2005، قامت مجموعة بحثية من جامعة أولدنبورغ الألمانية، ببناء نموذج عمل للمضخة الكهرومغناطيسية، مطابق لمواصفات ثلاجة آينشتاين.

إعادة إحياء ثلاجة آينشتاين

وفي عام 2008، حاول مهندس كهربائي في جامعة أكسفورد، يدعى مالكولم ماكولوتش (Malcolm McCulloch)، حاول إعادة إحياء ثلاجة آينشتاين، حيث رأى في تصميمها آلة صديقة للبيئة، بالإضافة إلى الحاجة إليها في البلدان النامية، لذا بنى ماكولوتش نموذجًا أوليًّا للثلاجة، واستخدم غازًا مضغوطًا للحفاظ على برودة العناصر. كان نموذجه بحاجة مصدر لتسخين السوائل، فعمل على تطوير نظام للاستفادة من الطاقة الشمسية، استخدم البوتان السائل وأدخل بخارًا جديدًا لتقليل ضغط الهواء ودرجة حرارة غليان السائل، وبالتالي تسريع غليان البوتان، وهو ما يستمد الطاقة من البيئة المحيطة أي يسحب الحرارة داخل الثلاجة، وبالتالي تكتمل عملية التبريد.

هل أعجبك المقال؟