تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

ما معنى الحنكة

سلوى حيدر
سلوى حيدر

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

4 د

من الحقائق التي لا شك فيها اليوم، أن للحنكة معنى جوهريّ وأساسي في حياتنا، ونحتاجها لبناء عالمنا، وكل الأشياء الهامة لنا. حيث يفرض تغير الحياة نفسه بقوة علينا، الأمر الذي يتطلب الحنكة والحكمة للتغلب عليه. لذلك، إنّ تعلم كيفية التعامل مع العالم المادي بطريقة خاصة، وإدراك غموض الحياة، مع الاتصاف بالوقار والتواضع والثقة، يمثل بداية جديدة في التعلم.


معنى الحنكة لغويًا

حِنكة: (اسم) الجمع: حِنْكات، حِنكة: حُنْك، حُنْكة، تجربة وبَصَرٌ بالأمور
حُنكة: (اسم)، الجمع: حُنْكات وحُنَكات، والحُنْكَة: الحُنْك: تجربة وبَصَرٌ بالأمور.
حَنَك: (اسم)، الجمع: أحْناكٌ.
حَنَّكَ: (فعل)، حنَّكَ يحنِّك، تحنيكًا، فهو محنِّك، والمفعول محنَّك، حَنَّكَتْهُ التَّجَارِبُ: عَلَّمَتْهُ، هَذَّبَتْهُ، أَحْكَمَتْهُ، جَعَلَتْهُ مُتَبصِّراً حَكِيماً، وأطراف محنَّكة: ذات مهارة وخبرة.
حُنُك: (اسم)، رَجُلٌ حُنُكٌ: لبيبٌ عاقلٌ حنَّكته التجارب، وامرأَة حُنُكٌ، وحُنُكَةٌ.
حُنك: اسم، الجمع: أحْناك والحُنْك: التجربةُ والمرُ بالأمور.
أحْناك :اسم، أحْناك : جمع حُنك.
احْتَنَك التجاربُ الرجلَ: حَنَكته.
احْتنك الرجلُ: صَار حكيمًا مهذبًا.
أحنكَ يُحنك، احناكًا، فهو مُحنِك، والمفعول مُحنَك.
أحْنَكَتْهُ التجاربُ: حَنَكَتْهُ.
الجمع : حُنُكٌ.
الحَنِيكُ: الشيخُ المجرِّب
مُحَنَّك: اسم، رَجُلٌ مُحَنَّكٌ: مَنْ حَنَّكَتْهُ التَّجَارِبُ وَجَعَلَتْهُ خَبِيراً وَحَكِيماً.


تعريف الحنكة

تعني الحنكة (Prudence): أن تكون شخصًا أكثر حذرًا فيما يتعلق بخياراتك، تتوقف وتفكر قبل أي تصرف. هي قوة الكبح والتحفظ أو ضبط النفس. عندما تكون محنكًا، فإنك لا تقحم نفسك في مخاطرات غير ضرورية، ولا تقل أو تفعل أشياء تندم عليها لاحقًا. إذا كنت في مستوى عال من الحنكة، ستكون قادرًا على الأخذ بعين الاعتبار النتائج طويلة الأمد لأفعالك وسلوكياتك.

الحنكة هي شكل من التفكير العملي، والقدرة على دراسة وفحص النتائج المحتملة لتصرفاتك بشكل موضوعي، والتحكم بنفسك بالاعتماد على هذه الدراسة. تتضمن الحنكة التخطيط بعيد المدى بالإضافة إلى التخطيط قصير المدى والموجه لأهداف مباشرة. وغالبًا ما يُشار إلى الحنكة على أنها حكمة حذرة، حكمة عملية، وعقل عملي.

في كتابه (الأخلاق النيقوماخية) يشرح أرسطو بشكل مكثف المعرفة على شكل حنكة أو بصيرة. بالنسبة إليه فالحنكة تعني الشكل النهائي للمعرفة، ويقرر بوضوح أن "الحنكة تتوافق مع العقل، فالعقل يهتم بوضع الحدود"، في الواقع "من يعرف الأشياء ويقضي وقته في دراسة الأشياء التي تهمه هو من يعتبر محنكًا"، بالتالي نجد في تعريف أرسطو هذا، أن المعرفة أكثر ارتباطًا بالخبرة والتجربة لأنها تتطلب قضاء وقت أكبر لفهم شيء ما، بمعنى آخر، الشغف والالتزام هما متطلبات تحقيق الحنكة، ويؤيد أرسطو بشدة أن الخبرة هي مفتاح المعرفة. مثال: "الأشخاص الذين لا يملكون معرفة –لكنهم يتمتعون بالخبرة، من بين عدة أمور- هم الأكثر مهارة في التصرف من أولئك الذين يملكون معرفة"، "والسبب أن تلك الحنكة هي أيضًا من التفاصيل، التي أصبحت تعرف كنتيجة للخبرة".

والفكرة، أنه لا يمكن تصنيف المعرفة كمعرفة بدون وجود الخبرة. ولا يمكن حقًا معرفة ماذا يملك الشخص مالم يظهره على أرض الواقع.


الفرق بين الحنكة والمعرفة والحكمة

تبدو المصطلحات الثلاثة مترادفة، لكنها ليست كذلك، ورغم أن جميعها يشير إلى العقل وتراكم الأفكار والخبرات، لكن بينها فروقات حقيقية في الجوهر من حيث معانيها وتطبيقها في حياتنا. المعرفة (Knowledge) هي تراكم للحقائق والبيانات التي تتعلمها حول شيء ما أو تختبرها. هي الوعي بشي ما، وامتلاك معلومات. تدور المعرفة حول الحقائق والأفكار التي تكتسبها خلال الدراسة، أو البحث، أو الاستقصاء، أو الملاحظة، أو التجربة.

الحكمة هي القدرة على التمييز والحكم والتي تظهر أن المعرفة حقيقية وصحيحة وثابتة، وقابلة للتطبيق في الحياة. هي القدرة على تطبيق المعرفة على مخطط أكبر من الحياة. كما أنها أكثر عمقًا، معرفة المعنى أو السبب؛ معرفة لماذا هذا الشيء موجود، وما هو تأثيره على حياتك.

الحنكة أو البصيرة (Insight) هي المستوى الأعمق من الدراية، والأكثر معنى لحياتك، هي التصور الأعمق والأوضح للحياة، وللمعرفة، وللحكمة، هي إدراك الطبيعة الأساسية للمعرفة، وجوهر الحكمة، وهي الفهم الحقيقي لحياتك، والصورة الأكبر لطريقة تشابك الأشياء. باختصار، يمكن القول إن المعرفة هي المعلومات، والحكمة هي فهم المعرفة وتطبيقها، أما الحنكة فهي الوعي بالأصل الأساسي للحقيقة.

كمثال أوضح على الثلاثة، لنقل أن المعرفة هي الدراية بكيفية إدارة أموالك، ووضع ميزانيتك والإنفاق والإدخار، أما الحكمة هي فهم كيفية تأثير الأموال على جودة حياتك ومستقبلك، بينما الحنكة: هي ببساطة الإدراك أن المال هو وسيلة للاستخدام، ولا يوجد له معنى أصيل يتجاوز فائدته.

لكل من المعرفة والحكمة والحنكة قيمتها ومكانتها في حياتنا، لكن تكمن الصعوبة في حقيقة أن الفروق بينها غير واضحة للكثير منا، فغالبًا ما يكون إدراك المصطلحات وتطبيقها قابلًا للتبادل. الوضوح والإدراك الواعي لكيفية تداخل عقولنا هام للحصول على أكبر نفع من الثلاثة، فبينما اكتساب المعلومات وتطبيقها مهم بحد ذاته، فإننا نحتاج إلى فلترة تلك المعلومات أن المعلومات والحكم عليها، وإيجاد المعنى الأعمق والأهم لكل حياتنا. ربما كان الشكل الأكثر صدقًا من الإدراك هو اكتساب الثلاثة، وفهم كيف يعزز كل منها نوعية الحياة وخبراتها.

هل أعجبك المقال؟