تريند 🔥

🌙 رمضان 2024
لماذا القلب هو المسؤول عن المشاعر؟

لماذا القلب هو المسؤول عن المشاعر؟

شذى حوري
شذى حوري

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

5 د

هو عضلة صغيرة في حجم قبصة يد وكثيراً ما يتغنى به الشعراء في قصائدهم، إنه القلب! لكن لمَ القلب هو المسؤول عن المشاعر؟

تتخطى مسؤولية هذا العضو الرئيسي نقل الدم المحمل بالأكسجين والغذاء لكل خلايا جسمنا وتخليصه من الفضلات، بل إنه يرسل إشارات ورسائل للدماغ.

قديمًا كان الاعتقاد السائد إن العضو المسؤول عن مشاعرنا هو الدماغ فقط، ولكن الأبحاث الأخيرة أكّدت عدم صحة هذه الفرضية واثبتت إنه من بين كافة أعضاء الجسم يلعب القلب دورًا مهمًا في مشاعرنا، فالمشاعر هي تناغم بين القلب والجسد والدماغ.


لماذا القلب هو المسؤول عن المشاعر؟

أجرى معهد (heart math) العديد من الأبحاث عن مشاعرنا وعواطفنا فتوصلت تلك الدراسات إلى إنه يوجد تواصل ثنائي الاتجاه بين القلب و الدماغ، فالدماغ يرسل رسائله للقلب الذي بدوره يستجيب بطرق معقدة؛ ولكن بنفس الوقت فإن القلب يرسل رسائله للدماغ أكثر مما يرسل الدماغ للقلب، كذلك فإن الدماغ يستجيب للقلب بطرق مختلفة.

عندما نتعرض لمشاعر سلبية مثل الاحباط أو القلق أو الغضب فإن إيقاع ضربات القلب يتغير ويرسل إشارات لمراكز العاطفة في الدماغ الذي بدوره يتفاعل مع هذه المشاعر بزيادة هرمون القلق والتوتر وتضيق الأوعية الدموية، ومع الزمن فإن هذه المشاعر وما تؤثر على جسمنا مع الزمن تسبب إنهاك وتعب للجسم، فالكثير من الدراسات اثبتت إنه تزداد نسبة إصابتنا بأمراض القلب و ضعف في جهازنا المناعي كلما ازداد تعرضنا لمشاعر الغضب والقلق والتوتر.

وعلى العكس عند شعورنا بالرضا والتقدير والحب فإن ضربات القلب تتناغم بشكل يعطي للدماغ إشارة بشعورنا بالرضا والسعادة فيعطينا الدماغ شعور بالسعادة والدفء؛ الأمر الذي ينعكس على صحة قلبنا وأعصابنا والأكثر أهمية هو تخليص جسدنا من آثار المشاعر السلبية التي مررنا بها.


علم الأعصاب القلبية

ساد المعتقد في حضارة مصر القديمة أن القلب هو المسؤول عن المشاعر والعاطفة عند الإنسان، وقد فسروا ذلك بأن القلب الذي يضخ الدم في جميع أنسجة وخلايا الجسم يستطيع كشف التغيرات العاطفية التي تطرأ عليك، سواء من حزن، أو فرح، أو غضب، أو حتى خلال النوم، ويتظاهر بتغير إيقاع ومعدل ضربات القلب حسب الحالة النفسية، وهذا ما جعلهم يفترضون أن القلب تشريحيًا والقلب عاطفيًا هما واحد.

أما العلم حديثًا ينظر إلى القلب على أنه مجرد مضخة ميكانيكية تضخ الدم عبر الشرايين والأوردة، ولكن في الآونة الأخير، بدأ العلم بالتطور والتغير، حيث أظهرت الأبحاث العلمية الحديثة في مجال علم الأعصاب القلبية أن للقلب دور أكبر من مجرد ضخ الدم، فقلب الإنسان يحتوي على شبكة معقدة من الأعصاب تشكل نظام عصبي فعلي، وتقوم هذه الخلايا العصبية بإرسال الإشارات العصبية من القلب إلى الدماغ، وبذلك يعملان معًا، كما اكتشف العلماء وجود مسارات عصبية في القلب لها دور في تحفيز أو تثبيط النشاط الكهربائي في الدماغ.

كما يمكن اعتبار القلب غدة صماء، حيث يقوم بإفراز الببتيدات التي تحفز نشاط الغدة النخامية، بالتالي تقوم بإفراز مختلف الهرمونات ومنها الأوكسيتوسين، حيث يلقب هذا الهرمون بـ “هرمون الحب” أو “هرمون العاطفة والترابط”، وهذا ما يدل على أن للقلب دور في المشاعر حتى لو كان الدور صغير، ولربما كان القدماء على حق بعد كل هذا الوقت.


الاكتئاب وأمراض القلب

من الأمور المتعارف عليها أنَّ القلب هو مسكن المشاعر والأحاسيس، لكن هل هذا صحيح بالفعل؟ في الحقيقة وجد للشعورِ العاطفي تأثير واضح على صحة القلب، وهناك علاقة وثيقة بين أمراض القلب والاكتئاب، فقد ثَبُتَ أنَّ للاكتئاب تأثير على القلب قد يؤدي لحدوث النوبة القلبية، بل ويُعزز أمراض القلب الخطيرة، حيث تزداد معدلات الوفاة عند الأشخاص المصابون بالاكتئاب وفي نفس الوقت لديهم قصور في القلب، مقارنة بالأشخاص الذين لا يُعانون من أي قصور في القلب، وليسوا مصابين بالاكتئاب، وهذا يوضح تأثير أحد العواطف، مثل الاكتئاب، التي يشعر بها الإنسان على القلب.

وعن المشاعر المسؤولة عن الحب، فقد أثبت العلم وجود علاقة بين الوقوع في الحب والقلب، ولم يُخطئ الشعراء القدامى عندما جعلوا القلب ملكًا للحب، فعندما يقع الإنسان في الحب، تُطلق الغدة هرمونات مثل: الدوبامين والأدرينالين ونورإبينفرين، ويساعد هرمونات الأدرينالين في زيادة سرعة ضربات القلب، بينما يولّد هرمون الدوبامين مشاعر الإثارة، ومن علامات الوقوع في الحب، زيادة معدل ضربات القلب والتعرق.


الاجهاد العاطفي والتوتر

يرتبط قلبك بعقلك ارتباطًا وثيقا فهما في حالة ارتباطٍ  وتبادلٍ مستمّرٍ للرسائل، فعندما تنجذب إلى شخصٍ ما لأوّل مرّة، يصيبك شعورٌ غامضٌ ودافئٌ، خلال هذه المرحلة، يطلق دماغك الأوامر لإفراز مواد كيميائية هي هرمونات النورابنفرين والدوبامين، ممّا يجعل قلبك يشعر بالسعادة، وقد يستمرّ هذا الشعور لأسابيع أو عقود، ولكنه يتوقف لاحقًا بتوقف إفراز الدوبامين والنورابنفرين، واستبدالها بهرمونات الارتباط الإجتماعيّ مثل الاوكسيتوسين.

وكذلك الوضع في حال كان الإجهاد العاطفي، فهو يتسبّب بإطلاق هرمونات التوتر والإجهاد في جسدك، وهي هرمونات الكورتيزول والأدرينالين، اللذين تفرزهما غدة الكظر، والتي تجعل قلبك ينبض بسرعةٍ أكبر فتضيق الأوعية الدموية، ليندفع الدم من القلب إلى مراكز الجسم.

يولّد القلب موجة ضغطٍ في حال الشعور بالتوتر، وتنتقل بسرعةٍ عبر الشرايين، بشكلٍ أسرع بكثير من التدفق الفعليّ للدم الذي نشعر به، ممّا يجبر خلايا الدم عبر الشعيرات الدموية على توفير الأكسجين والمواد المغذية للخلايا وتوسيع الشرايين، فيتولّد جهدٌ كهربائيٌّ كبيرٌ نسبيًا،  وتضغط موجات الضغط هذه أيضًا على الخلايا بطريقةٍ إيقاعيّةٍ، يمكن أن تؤدي ببعض بروتيناتها إلى توليد تيار كهربائي استجابة لهذا الضغط.

فالقلب هو المصدر الأقوى للطاقة الكهرومغناطيسية في جسم الإنسان، مُنتجًا أكبر مجالٍ مغناطيسيٍّ إيقاعيٍّ لأيٍّ من أعضاء الجسم، فهو أكبر بنحو 60 مرة من النشاط الكهربائي الذي يولده الدماغ، كما أنّ المجال المغناطيسيّ الذي ينتجه القلب أكبر بحوالي 100 مرّة من قوة الحقل الذي يولده الدماغ فالتوقيت بين نبضات المجال المغناطيسي للقلب، يتعدّل بواسطة حالاتٍ عاطفيةٍ مختلفةٍ، فهي تتأثّر وتؤثّر على الأفراد من حولك، فتتزامن أنماط ضربات القلب بين الأفراد المرتبطين عاطفيًّا بشكلٍ خاصٍّ، كما لوحظ لدى الأزواج في وقت النوم.

هل أعجبك المقال؟