ما هو النفق الكمومي

النفق الكمومي أو النفق الكمي، قد يبدو مصطلحًا حديثًا على مسمعك، في نفس الوقت يبدو وكأنه مألوفٌ، لاستمداد الاسم من ميكانيكا الكم الشهيرة، مما يعني أنه مرتبطٌ بشكلٍ ما بميكانيكا الكم، وسنلقي نظرةً على تعريف ميكانيكا الكم، قبل الخوض في مقالنا.

إذا كنت من هواة أفلام الخيال العلمي، فربما قد صادفك مشهد لإنسان يستطيع أن يعبر حائطًا صلبًا، إنه حقًا لشئ مخيف. الأمر شبيهٌ بتلك المشاهد الخارقة للعادة التي تشاهدها في أفلام الخيال العلمي، عندما تشاهد انتقال جسمٍ ما عبر حائطٍ صلبٍ، وتتساءل: كيف ذلك؟

لقد أخبرنا معلمونا في المدارس أنّ جزيئات المادة الصلبة شديدة التماسك، وتعمل كعائقٍ أمام أي قوى، ولا تسمح بنفاذ المواد الأخرى خلالها. لكن مع تقدم العلم، اكتشف العلماء أنّ ما قدمته لنا دراستنا غير مكتملٍ، وأنّ هناك مفاهيم وظواهر قد لا يستطيع العقل البشري استيعابها، ولكنها حقيقةٌ تقدمها لنا ميكانيكا الكم، وتؤكدها بأدلةٍ ونظرياتٍ قابلة للفهم، بالرغم من تعارضها مع النظريات الفيزيائية الكلاسيكية الأخرى، إلا أنها صحيحةٌ.

هي عبارة عن فرعٍ من فروع الفيزياء والذي يهتم بدراسة المادة على المستوى دون الذري، وهو فرعٌ يتبنى استنتاجاتٍ غريبةً بعض الشيء عن العالم المادي تقوم على فكرة الاحتمالات، فمثلًا إذا افترضت أنّ لديك كائنًا ماديًّا، وهناك نقطتان (أ) و(ب) فهناك عدة فرصٍ لتواجده، فهناك احتمالٌ لتواجده عند النقطة (أ) واحتمالٌ آخر لتواجده عند النقطة (ب) وبذلك هناك فرصتان للكائن وليس فرصة واحدة، على الصعيد الآخر فإنّ الميكانيكا الكلاسيكية تحدد نقطةً واحدةً فقط للكائن، ولا تعطيه فرصةً أخرى للتواجد في أي مكانٍ آخر.

إذن من تعريف ميكانيكا الكم، ستجد أنها تتيح عدة احتمالات أمام الكائن للتواجد، مما يعني أنها تقوم على الاحتمالات، هذه الاحتمالات أتاحت للفيزيائيين الخوض في أمورٍ شبه مستحيلة بالنسبة لمعادلات الميكانيكا الكلاسيكية، ولكنها منطقيةٌ من منظور ميكانيكا الكم، منها النفق الكمومي، فلنتعرف على النفق الكمومي إذن.

النفق الكمومي أو النفق الكمي، هو تأثيرٌ من تأثيرات ميكانيكا الكم وفيه تكون للجسيمات قدرة محدودة على عبور حاجزٍ للطاقة، مثل الطاقة اللازمة لكسر الرابطة مع جسيمٍ آخر، وهذا يكون بالرغم من أنّ طاقة الجسيم قد تكون أقل من حاجز الطاقة وبالطبع ليس موجودًا في الميكانيكا الكلاسيكية، ففي الميكانيكا الكلاسيكية لا يستطيع الجسيم أن يتجاوز حاجزًا للطاقة إلا إذا كان مستوى طاقة الجسيم أكبر من حاجز الطاقة.

ومثالٌ على النفق الكمومي، انبعاث آشعة ألفا أثناء الانحلال الإشعاعي، فعلى الرغم من أنّ جسيمات أشعة ألفا مرتبطةٌ بالنواة بقوةٍ، وطاقتها أقل من طاقة الرابطة، إلا أنها لديها احتمال ولو بسيط، كي تستطيع الهروب من النواة.

مثالٌ آخر على النفق الكمومي، إذا أحضرت كرةً ووضعتها فوق تل، فلن تتحرك الكرة إلا إذا أثرت عليها بقوةٍ ما، وهذا أمرٌ منطقيٌّ لعقلك، وكذلك بالنسبة الميكانيكا الكلاسيكية، أما بالنسبة لميكانيكا الكم، فستخبرك بأنه في حالة وجود جسيم كمي يتحرك على طول التل، فستجد أن الدالة الموجية التي تصف حركة الجسيم على أحد جوانب التل يمكن أن تمتد إلى الجانب الآخر، وتفسر ميكانيكا الكم ذلك بأنّ هذا الجسيم استطاع أن يحفر نفق أو جسر كمي، استطاع من خلاله العبور إلى الجانب الآخر من التل، الأمر شبه مستحيلٍ أن يتقبله عقلك، أليس كذلك؟

يتكون هذا النفق الكمي أو الكمومي عندما تتحرك الجسيمات خلال حاجزٍ لا ينبغي لها أن تتحرك خلاله، هنا يمكننا القول بأنها تحركت عبر نفقٍ كموميٍّ، أو كميٍّ.

إنه يحدث على المستوى المجهري، وليس العياني، فيحدث مع الجسيمات الصغيرة للغاية التي لا ترى بالعين المجردة، أما عن الجسيمات الكبيرة مثل العنب أو الكرات فحتى الآن لم يحدث ذلك، فالنفق الكمومي يعد سمةً موجيةً، وغالبًا ما يحدث مع الجسيمات التي تبدي سلوكًا موجيًّا.