معلومات عن الكربوهيدرات
هل تستطيع تخيل سيارةٍ تمشي من غير وقود؟ بالطبع لا، حيث الوقود هو المصدر الأساسي لطاقتها الحركيّة، كالجسم تمامًا، فللجسم أيضًا وقودٌ خاص يمدّه بالطاقة ليستطيع القيام بوظائفه بشكلٍ طبيعيٍّ، وهذا الوقود ليس إلا الكربوهيدرات -أكثر المواضيع جدلًا في عالم التغذية- فالبعض يعتبرها حاجزًا في طريق الصحة المثلى والجسم الرشيق ويقلل ما أمكن منها، والبعض الآخر يتخذها غذاءً يوميًّا له، لذلك لا شك أن هناك الكثير من الأسئلة التي تحوم حولها، فلنتعرف أكثر على التفاصل حول الكربوهيدرات، ونجاوب على كل هذه الاستفسارات المحيّرة في هذا المقال.
ما هي الكربوهيدرات
هي موادٌ عضويةٌ منتشرةٌ بكثرةٍ في المنتجات الغذائيّة، ومكونات هيكليّة للنباتات والحشرات، تتكوّن بيولوجيًّا من ذرات الكربون والهيدروجين والأوكسجين، أما غذائيًّا فهي السكريات أوالنشويّات كما تدعى أيضًا بالغلوسيدات، وهي نوعٌ من الجزيئات الحيوية التي تتضمن الكربوهيدرات والبروتينات والنوكليوتيدات بالإضافة للدهون، وتُعد من الجزيئات الأكثر وفرةً في المنتجات الغذائيّة من غيرها. تُعتبر الكربوهيدرات مصدرَ غذاءٍ رئيسي مسؤول عن نقل الطاقة في مختلف أعضاء الجسم، أي المسبب الرئيسي لهذه الطاقة، وأحد المكونات الغذائية اللازمة لجسم الإنسان، ومن أهم مصادرها الحبوب الكاملة والفواكه والخضار. .
كيف تؤدي الكَربوهيدرات عملها في الجسم
عند تناول الأطعمة التي تحوي كربوهيدرات، يتم هضم معظمها وتحويلها إلى غلوكوز (أو ما يسمّى سكر الدم) قبل دخولها للدم، حيث يتم بعدها امتصاصه في الخلايا وإنتاج وقود الجسم، والذي يسمى أدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP)، من خلال سلسلة العمليات المعقدة المعروفة باسم التنفس الخلوي، يمكن للخلايا بعد ذلك استخدام الـATP لتشغيل مجموعة متنوعة من المهام الأيضية (العمليات الحيوية في الجسم).
يقوم جهاز الهضم حينها باستخدام الغلوكوز في توليد الطاقة للأنسجة والأعضاء، ويخزن ماتبقى منه في الكبد والعضلات لاستخدامه وقت الحاجة، أي إذا كان جسمك يحتوي على ما يكفي من الجلوكوز لتلبية احتياجاته الحالية، فيمكن تخزين الجلوكوز الزائد لاستخدامه لاحقًا، ويسمّى الجلوكوز الفائض المخزّن بالجليكوجين، حيث يخزن بشكلٍ رئيسيٍّ في الكبد والعضلات، ويحتفظ به الجسم ليتأكد أن لديه ما يكفي من مخزون الطاقة ليقوم بوظائفه في حال نقص الوارد الكافي من الكربوهيدرات.
يُستخدم الجليكوزجين الموجود في الكبد وقت الحاجة، أي لتوفير الطاقة في كل أعضاء الجسم والمساعدة في الحفاظ على مستوى السكر الطبيعي في الدم.
أما الجليكوجين الموجود في العضلات، فيُستخدم فقط في الخلايا العضلية في الفترات الطويلة التي يقضيها الشخص مثلًا في التمارين الطويلة أو عند المجهود العضلي الكبير، فيُعتبر طاقةً مختزنةً تساعد العضلات على ممارسة عملها.
في حال عدم حصول الجسم على الكربوهيدرات، وهذا ما يحصل عادةً في المجاعات، ستقوم خلايا الجسم بالبحث عن مصدرٍ آخر للطاقة فستلجأ للأحماض الأمينية الموجودة في العضلات، وتحوّلها إلى طاقةٍ لتزوّد بها الدماغ، وهذا ما يؤثر لاحقًا على العضلات وتجعلها هزيلةً، لذلك فإن تناول الكمية الكافية من الكربوهيدرات يعد ضروريًّا لحماية العضلات من الانهيار.
متى تتحول الكربوهيدرات لدهون
عند حصول جسمك على كفايته من الجلوكوز والجليكوجين -أي المخازن الخاصة بها ممتلئة ولم تُستخدم على الفور- أو عند تخزين كميات فائضة من الغلوكوز، سيقوم جسمك حينها بتحويل الكميات الزائدة إلى جزيئات الدهون الثلاثية، وتخزينها على شكل دهونٍ في مناطقَ مختلفةٍ في الجسم، وهذا هو السبب في أن تناول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من السكر المضاف ممكن أن يساهم في زيادة الوزن. .
أنواع الكَربوهيدرات
نقول أن
الكربوهيدرات بسيطة أو معقدة بحسب تركيبها الكيميائي
الكربوهيدرات البسيطة (simple carbs) أو السكريات الأحادية
هي جزيئاتٌ صغيرةٌ تتكون من السكريات الأحادية أو اثنين من السكريات الأحاديّة المرتبطة ببعضها، وتتميز بسهولة هضمها وتفكيكها، حيث تتم معالجتها في خلايا الأمعاء الدقيقة فتقوم الأنزيمات بتحويلها إلى مكوناتٍ بسيطةٍ، لتذهب إلى الدم ويتم أخذ الطاقة منها بكل سهولةٍ.
ومن الأمثلة على الكربوهيدرات البسيطة:
الأغذية الغنيّة بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، وهي مهمةٌ في نظام الحمية الصحي مثل:
- الفواكه، والعصائر الطبيعيّة، بالإضافة للفواكه المجففة والمربيات.
- الحليب ومنتجات الألبان الغنيّة بالكالسيوم وفيتامين د.
- بعض الخضراوات وبعض الحبوب.
- السكر المضاف إلى الأطعمة المصنّعة.
الكربوهيدرات المعقدة (complex carbs)
يتكوّن هذا النوع من سلاسل أطول وأكثر تعقيدًا من جزيئات السكر، لذلك يستغرق الجسم وقتًا أطول لهضمها بعكس الكربوهيدرات البسيطة.
ومن الأمثلة على الكربوهيدرات المعقدة:
الألياف، أي الأطعمة الغنيّة بالألياف والنشاء، ولا تؤثر على معدل السكر في الدم، وهي الأغذية التي يُسمح لمريض السكري بتناولها، حيث تسمّى الأغذية الصديقة للسكّري مثل:
متى يصبح تناول الكربوهيدرات خطرًا
بغض النظر عن فوائدها الجمّة وحاجة الجسم الكبيرة لها، إلا أن لكل شيءٍ حد، وعند تجاوز الحد اللازم في تناول الكربوهيدرات أو تناول النوع الخاطئ منها سينعكس ذلك سلبًا على الجسم بكل تأكيدٍ، وسيؤدي لمشاكلَ صحيّةٍ كثيرة، وتشمل تلك المشاكل الصحيّة مايلي:
- زيادة الوزن: هناك حاجةٌ يوميّةٌ للجسم من الكربوهيدرات، وتناول كميات أكبر من حاجتك اليومية سيؤدي لحصولك على كمياتٍ زائدةٍ من السعرات الحراريّة، وبالتالي زيادة الوزن، وخصوصًا تلك الأصناف غير الصحيّة منها، مثل السكريات المضافة والحلويات والخبز، التي تسبب الشبع بفوائدَ قليلةٍ.
- ارتفاع نسبة السكر في الدم: من المعروف أن ارتفاع نسبة السكر في الدم أمرٌ طبيعيٌّ، إلا أن قدرة جسمك على تنظيم كميّاتٍ كبيرةٍ جدًا لن تتم بشكلٍ صحيحٍ، وبالتالي الإصابة بالحماض الكيتوني السكري، وهي حالةٌ تتسبب في ضيق التنفس والغثيان، لتصل أحيانًا إلى الغيبوبة وتهدد حياة الشخص، لذلك يعد التحكم بكميات الكربوهيدرات التي نتناولها أمرًا ضروريًّا خصوصًا لمرضى السكري.
- زيادة احتمالية الإصابة بمرض السكري النوع الثاني: هي حالةٌ تتطور عند فشل الجسم في إنتاج كمياتٍ كافيةٍ من الأنسولين، إذ إن تناول الكربوهيدرات المفرط سيزيد من تخزين الدهون، ومن المعروف عن الخلايا الدهنيّة أنها تحتوي على عددٍ أقل من مستاقبلات الأنسولين مقارنةً بالخلاية العضليّة، وبالإضافة إلى ذلك فإن زيادة مستويات الغلوكوز في الدم سيجبر البنكرياس على إنتاج المزيد من الأنسولين، مما يؤدي لإرهاقه وعدم قدرته في نهاية المطاف على إنتاج الأنسولين كليًّا.
- الشعور الدائم بالجوع: سيؤدي الإفراط في تناول الكربوهيدرات إلى زيادة الغلوكوز في الدم، وبالتالي إفراز الأنسولين لخفض مستويات الغلوكوز، مما يؤدي إلى الشعور بالجوع وطلب جسمك تناول كربوهيدرات كرد فعلٍ على انخفاض مستوى الغلوكوز، على الرغم من أنك تناولت أكثر مما ينبغي لتزويد جسمك بالطاقة، لذلك فإن كنت تعتقد أن اعتماد الحلويات مثلًا في عملك خطوةٌ جيّدةٌ لتجنب الجوع، فهو على العكس تمامًا.
- زيادة خطر تلف الخلايا: ارتفاع مستويات الغلوكوز الكبيرة في الدم ممكن أن يؤدي مع الوقت لتلف الأعصاب والأوعية الدموية والقلب وغيرها من الخلايا.