وكالة ناسا الفضائية

لا بد أنّ معظمنا قد سمع عن وكالة ناسا الفضائية لِما قدَّمتهُ من إنجازاتٍ على عدةِ أصعدةٍ، ولما تقدمه لنا دومًا من معلوماتٍ قيّمةٍ وثريًّةٍ، والتي كان لها آثارٌ كبيرةٌ على مستوى الحضارة البشرية، ولهذا سنتعرّف من خلال هذا المقال على تاريخ وكالة ناسا الفضائية وإنجازاتها التي حققتها منذ تأسيسها.

إنّ كلمة ناسا (NASA) هي اختصارٌ للإدارة الوطنيّة للملاحة الجويّة والفضاء، تأسّست ناسا في الأول من أكتوبر عام 1958، وتُعدّ جزءًا من حكومة الولايات المتحدة فهي وكالةٌ تابعةٌ لها، بالإضافة إلى أنّ ناسا هي المسؤولة عن العلوم والتكنولوجيا في الولاياتِ المتحدة، ذلك القسم المتعلّق بالطائرات والفضاء.

وعندما نريد أن نتحدث عن أعمال ناسا فهي تقوم بالكثير من الأمور المختلفة كصناعة الأقمار الصناعيّة، والتي بدورها تساعد العلماء في معرفة المزيد من المعلومات عن كوكب الأرض، كما تقوم وكالة ناسا الفضائية بإرسال المسبار الفضائي الواحد تلو الآخر، وهي مركباتٌ آليةٌ تُستخدم لاستكشاف الفضاء الخارجي دون الحاجة إلى طاقمٍ، بالإضافة إلى ذلك يدرس علماء ناسا المجموعة الشمسية ويعملون بشكلٍ مستمرٍ على تحليل جميع المعطيات المُتعلقة به.

واحدة من أهم ميزات ناسا أنّها تشارك ما تتعلّمه وتنجزه باستمرارٍ مع الآخرين، وبفضلِ ذلك يُصبح بإمكان المدرسين تلقين تِلك المعلومات المتعلّقة بالعلوم والتكنولوجيا والرياضيات والهندسة، كما تساعد ناسا أيضًا الأشخاص بشكلٍ عام على الاستفادة من أفكارها في صنع اختراعاتٍ جديدةٍ، تلك الاختراعات التي من شأنها أن تجعل الحياة على كوكب الأرض أفضل.

لقد أنشأ الكونغرس ورئيس الولايات المتحدة وكالة ناسا في الأول من أكتوبر عام 1958، وجاءت كردة فعلٍ على الإنجازات التي حقّقها الاتحاد السوفييتي في الفضاء، حيث قام بإطلاق أول قمرٍ اصطناعيٍّ في العالم (سبوتنيك) عام 1957، ثم أطلق قمر اصطناعي ثانٍ في نفس العام، وهذا ما شجع على خلق منافسةٍ وسباقٍ لاستعمار الفضاء بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وتلك المنافسة سُمّيت بسباق الفضاء.

كان أول عملٍ أنجزته وكالة ناسا الفضائية هو تطوير رحلات الفضاء البشرية والروبوتية، حيث كان أول برنامج فضاء بارز لها هو مشروع ميركوري، والذي كان يهدف إلى إرسال البشر إلى الفضاء، فهو بمثابة محاولة لمعرفة ما إذا كان بإمكان البشر البقاء على قيد الحياة في الفضاء.

أُلحق المشروع السابق بمشروع جمناي وهو ثاني برنامج فضائي، واشتمل على تصميم مركبات فضائية تتسع لرائدَين فضائيَين اثنَين، وذلك بهدف إتقان المهارات اللازمة للقيام برحلةٍ فضائيةٍ بشريةٍ إلى القمر بحلول نهاية الستينيات، حقق مشروع أبولو هذا الهدف في يوليو عام 1969، إذ قام بإرسال بعثة فضائية سميت ببعثة أبولو 11، ثم أتبعتها بخمس بعثاتٍ فضائيةٍ للهبوط على سطح القمر، والتي كانت أكثرها نجاحًا خلال عام 1972.

هذا وتابعت ناسا جهودها عام 1981 بإطلاق برنامج المكوك الفضائي والذي استمر لمدة ثلاثينَ عام، تضمّن هذا البرنامج تقنيةً فريدةً من نوعها، وعلاوةً على ذلك كان بمثابة تمهيدٍ للخطوة التالية وهي إنشاء محطة الفضاء الدولية، وعلى مدار الستين عام الماضية واصلت ناسا جهودها في تطويرِ أبحاث الطيران، الأمر الذي غيّر بشكلٍ جذريٍّ صناعة الطائرات والطيران بشكلٍ كبيرٍ.

 وبالإضافة إلى برامج رحلات الفضاء البشريّة كان هناك تحقيقات علمية مكثفة عن طريقِ إرسال مسابير لاستكشاف النظام الشمسي والقمر وسائر كواكب المجموعة الشمسية، وظهر في السبعينيات من القرنِ الماضي جيلٌ جديدٌ من المركباتِ الفضائيةِ العلميةِ، كما سافرت مركبتان فضائيتان متشابهتان (بيونير 11 وبيونير 10) إلى كوكب المشتري وزحل لدراسة تكوين ومعالم هذه الكواكب.

وتمّ إطلاق مجموعة أقمار صناعية في السبعينيات تُدعى Landsat (لاندسات)، أعطت صورًا واضحةَ الرؤية عن الأرض، والتي تمكنّا من الاستفادة من بياناتها في العديد من الأمور كإدارةِ المحاصيل والتّنبؤ بأحوال وتقلبات الطقس المختلفة مثل الجفاف وحرائق الغابات والعواصف وغيرها.

لقد تغّير مفهومنا للكون من حولنا بشكلٍ كبيرٍ بعد استخدام ناسا مركبات فضائية مدارية كمرصد هابل الفضائي على سبيلِ المثال، الذي أمدّ الفلكيين برؤيةٍ واضحةٍ عن الكون، كما أنّ تطوير ناسا المبكّر للأقمار الصناعية وأقمار الاتصالات والصاروخ الحامل ساعد على إنتاج صناعاتٍ جديدة كليًّا وبالتالي تغيير الحياة اليومية إلى الأفضل.

حاليًّا تهدف وكالة ناسا الفضائية إلى بناء اقتصاد فضاء قويّ يعتمدُ على المستعمرات الفضائية، ولا تزال ناسا تسعى إلى إنجاز المزيد من الأعمال العلمية والتكنولوجية العظيمة.

يبثُّ تلفزيون وكالة ناسا الفضائية مجموعةً واسعةً ومتنوعةً من البرامج مثل البرامج التعليمية والعلاقات العامة، تلك البرامج تكون مُجدولةً ومُسجلةً مسبقًا وتُعرض على مدارِ الساعة على قنواته المختلفة.

واحد من أهم برامج تلفزيون ناسا هو برنامج This Week @ NASA والذي يقدم لنا آخر الأخبار عن مراكز وكالة ناسا الفضائية المختلفة، وأيضًا برنامج Science Live (لايف ساينس) الذي يعرض لنا الأخبار والاكتشافات من مديرية البعثة العلمية، وكذلك برنامج Education File والذي يقدم برامج خاصة بالطلاب والمدارس.

وتوّفر تلك الشبكة الفريدة مجموعةً واسعةً من البرامج الحية أو البث المباشر مثل عرض الأحداث التي تحصل في محطة الفضاء الدولية من السير في الفضاء إلى المقابلات الإعلامية وغيرها.