هل اخترع البشر الأوائل الأدوات الحجرية؟ أم تعلموها من القرود؟

لطالما اعتبر استخدام الأدوات الحجرية ابتكاراً مهمّاً في تاريخ البشريّة، وهو سمة رئيسيّة لتطوّر السّمات البشريّة الفريدة. ومع ذلك، فقد وجدت الأبحاث الحديثة أنّ القرود في تايلاند تخلق بطريق الخطأ رقائق حادّة من الصخور، وعدّ الباحثون ذلك دليلاً على استخدام الحيوانات للصّخور كأدوات قطع، على غرار أدوات قطع الحجر التي صنعها البشر الأوائل، عندما استخدموا الحجارة كمطارق وسنادين لمساعدتهم على كسر المكسّرات المفتوحة.

تحدّى هذا الاكتشاف المفاجئ افتراضات علماء الآثار حول القطع الأثرية الحجريّة التي صنعها البشر الأوائل منذ أكثر من مليون عام. وجد العلماء أنّ استخدام الأدوات ليس مقصوراً على البشر وليس نادراً بين الحيوانات.

فبينما تستخدم الشّمبانزي في غرب إفريقيّا الصّخور كأحجار المطرقة، فإنّها لا تترك الكثير من الرّقائق خلفها. قرود الكبوشي في البرازيل تطحن البذور والمكسرات بالحجارة، تاركة وراءها سجلّها الأثري. ومع ذلك، فإنّ هذه القرود أحياناً تكسر الصّخور عن عمد عن طريق سحقها معاً لأسباب غير معروفة، ممّا ينتج عنه تراكمات من الرّقائق ذات الحوافّ الحادّة التي يمكن أن تبدو وكأنها أدوات حجرية مصنوعة عمداً. ومع هذا، لا تستخدم هذه القرود الرّقائق المكسورة كأداة.

حوّل الباحثون انتباههم الآن إلى قرود المكّاك البريّة طويلة الذيل في تايلاند، والتي تستخدم الحجارة بشكل روتيني كسندان ومطرقة لكسر مكسّرات النّخيل. في بعض الأحيان، عندما تحاول القرود ضرب المكسّرات، فإنّها تخفق وتضرب الحجرين معاً، ممّا يخلق قطعاً مكسورة من الحجر تتجمّع حول السّندان. تشبه هذه القطع بعض الأشياء الموجودة في السّجل الأثري المبكر.

في حين أنّ بعض القطع التي تمّ العثور عليها قد تكون مصنوعة عن غير قصد، إلا أنّ هناك طرقاً لتمييز الأدوات الحجرية المصمّمة خصيصاً للقطع، مثل وجود عظام حيوانات بعلامات قطع أو تعديلات إضافية لجعل الأدوات أكثر تعقيداً. أيضاً، يمكن لعلماء الآثار أن ينظروا إلى القطعة الأساسيّة من الصخر التي تمّ ضربها لإنتاج رقائق، لمعرفة ما إذا كانت هناك أنماط تشير إلى أن صانع الأدوات قد فهم أنماط التصدّع وكان يستغلّها.

على الرّغم من أنّه من غير المحتمل أن تكون التّجمعات التي عُثِر عليها في السّجل الأحفوري قد تمّ إنشاؤها بواسطة القرود، فإنّ الاكتشاف يثير تساؤلاً حول ما إذا كان من الممكن أن تكون بعض الرقائق الحادة الموجودة في المواقع البشرية قد صُنِعت عن غير قصد.

يمكن أن تضيف الدراسة أيضاً جدلاً حول طبيعة موقع أثري واحد في كينيا يعود تاريخه إلى 3.3 مليون سنة مضت. يحتوي هذا الموقع على أدوات حجرية بدائية جداً والتي من شأنها أن تكون الأقدم على الإطلاق، والتي صنعتها أنواع أقدم من البشر الأوائل في جنس الإنسان.

للدراسة تداعيات مهمّة على علماء الآثار الذين يتعيّن عليهم الآن أن يتعاملوا مع محاولة معرفة ما إذا كانت الرقائق الحجرية الحادّة قد صُنِعت عن قصد أو عن غير قصد. لقد فتح استخدام الأدوات الحجرية من قبل الرئيسيات آفاقاً جديدة للبحث الذي سيتطلّب من الباحثين إعادة تقييم افتراضاتهم حول طبيعة صنع الأدوات البشرية المبكرة.