تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

إعادة تقديم الكلاسيكيات بمقاييس معاصرة: ضربة معلم من Resident Evil 4 Remake

مصطفى عرجون
مصطفى عرجون

9 د

تعد إعادة إنتاج الألعاب من الصفر (Remakes) إحدى ظواهر صناعة الألعاب في السنوات الأخيرة، فهي تمثل ربحًا مضمونًا لمعظم الشركات التي تمتلك عناوين كلاسيكية غير قابلة للعب بمقاييس الوقت الحالي، وبذلك تأتي الفرصة على طبق من ذهب أمام الشركات لاستثمار ذلك الجوع والاشتياق لألعابهم الكلاسيكية أو أي شيء يشبهها، لتعيد إنتاج تلك الألعاب بميزانيات ضخمة مع ترقيات عصرية للجوانب التقنية منها، وإمكانية التعديل على القصة أو أسلوب اللعب. تقوم شركة كابكوم بإعادة طرح الأجزاء القديمة من سلسلتها الأشهر Resident Evil، وقامت بإعادة طرح الجزء الثاني والثالث، وها هي تعامل الجزء الرابع (RE4) المعاملة نفسها، فهل نجحت في إعادة تقديم اللعبة بشكل معاصر مع الحفاظ على ما ميزها؟ إليكم مراجعة وتقييم Resident Evil 4 Remake


نقطة نظام… قبل الغوص في RE4 علينا الاطلاع على الوضع قبلها

يأتي إصدار الريميك الخاص بلعبة Resident Evil 4 ليكون إصدارًا محوريًا في تاريخ السلسلة حيث تنقسم التحديات أمام فريق التطوير في تعديل مسار السلسلة الذي سلكته من بعد الريميك الخاص بالجزء الثالث، والذي أتى في 2020 إلى تحديين أساسيين هما:

  • شعبية الجزء الرابع الجارفة، ومهابة المساس بأساسيات اللعبة التي جعلته جزءًا مميزًا وخصوصًا مع أخذ تاريخ كابكوم مع ألعاب الريميك بعين الاعتبار، تسببت ريميك Resident Evil 3 في سخط الكثير من اللاعبين بسبب تغييرها للكثير من التفاصيل المثيرة حول اللعبة الأصلية، وأهم تلك التغييرات كان حذف مرحلة "Clock Tower" المهمة من اللعبة، وعدم الاهتمام بالأغاز، وتخفيف حدة مطاردة شخصية Nemisis لك لدرجة كادت تكون تحييدًا لدوره بالكامل.
  • أهمية الجزء الرابع ومكانته لدى الكثير من اللاعبين، بالنسبة لي شخصيًا لعبة RE4 هي واحدة من أهم الألعاب في تاريخ الصناعة، وقد كانت أول لعبة قمت بتجربتها على منصة PS2 الخاصة بي عندما قمت بشرائها أول مرة في 2008. ولمن لا يعرف، فإن لعبة Resident Evil 4 وقفت على شعرة بينها وبين التغيير الجذري في أصول السلسلة، بسبب اتجاهها لتعزيز جانب الأكشن أكثر من أي وقت مضى، بحيث أكثرت من أنواع الأسلحة والذخيرة التي تزود بها اللاعب، كما قدمت بيئات أكثر تفتحًا، وأقل ظلامًا، ومع ذلك التغيير الكبير نجحت في الاحتفاظ بشعبيتها بل وزيادتها بشكل غير مسبوق في أوساط اللاعبين المختلفين، ولكن أي ريميك من شأنه تغيير التوازن بين الأكشن والرعب يعد مخاطرة كابكوم في غنى عنها في الوقت الحالي خصوصًا بعد أن أُحبط اللاعبون بريميك الجزء الثالث.

أما الآن، وقد شرحنا بما فيه الكفاية حجم التحديات التي واجهت فريق التطوير، علينا أن نسأل سؤالًا منطقيًا هنا، هل نجحوا في التغلب على تلك التحديات العتيدة؟

الإجابة هي، نعم نجح فريق التطوير بشكل كبير في إنهاء حالة الترقب الحذر ونستطيع القول بأنه استطاع رسميًا إعادة تقديم تحفة فنية مؤثرة في صناعة الألعاب بأكملها، بشكل يليق بها وبشعبيتها حيث احتفظ بجوانب اللعبة الأساسية، وقام بصقلها بتغيرات في تصميم العالم والتفاصيل والعناصر التي تجعل التجربة أكثر إمتاعًا دون المساس بأساساتها.

إذًا، لكل من كان يرجو أن يعدل الريميك كفة اللعبة نحو الرعب ويلغي ميول النسخة الأصلية نحو الأكشن، أعتقد أنك ستكون محبطًا من الريميك لأنه لم يفعل ذلك بل عزز من عناصر الأكشن بشكل لافت للنظر ليجعل اللعبة حتى أكثر دموية وحركية من ذي قبل.


قصة اللعبة: البطل يذهب لإنقاذ ابنة الرئيس وحيدًا…!؟

تدور قصة اللعبة حول البطل "ليون كينيدي" بطل الجزء الثاني، والذي يترك العمل الشرطي، ويتلقى تدريبات خاصة جدًا ليكون أحد جنود الرئيس للعمليات الخاصة، ويذهب هذه المرة إلى إحدى القرى الإسبانية بحثًا عن ابنة الرئيس الأمريكي "آشلي" وإنقاذها من مجموعة من المتطرفين الذين يسمون أنفسهم "los iluminados" والذين يخفون سرًا مريبًا حولهم، يحاول ليون كشفه في طريقه لإنقاذ ابنة الرئيس.

أول الأشياء التي حصلت على تغييرات كبيرة هي القصة، فعلى الرغم من أن التفاصيل غير المنطقية -مثل مهمة إنقاذ ابنة الرئيس التي تم إسنادها إلى رجل واحد فقط- مازالت موجودة، إلا أن هناك العديد من لحظات القصة التي تمت إضافتها لتعميق تأثير القصة على اللاعبين، وشرح بعض الدوافع وتطورات الشخصيات التي كانت أقل تصديقًا في النسخة القديمة من RE4.


شخصية آشلي مثلًا، ابنة الرئيس، حصلت على تغييرات كثيرة تجعلها أقل إزعاجًا وأكثر منطقية، فهي الآن مراهقة عاقلة تحاول فهم ما يحدث حولها، وعندما تقوم بأي شيء غريب أمامها، ستتساءل لماذا فعلت ذلك، أو على الأقل تستنكر ما حدث. في أحد مشاهد اللعبة يقفز ليون على أحد الثريات ليعبر إلى الجانب الآخر من القصر الذي يتواجد بداخله، وهو فعل بالطبع غير منطقي، وتفاجأت حين وجدت آشلي تعلق على ذلك الفعل. شخصية أخرى حصلت على المزيد من التفاصيل وهي لويز سيرا والذي أصبح شخصية جذابة للغاية بسبب الكاريزما الشديدة والأداء الصوتي الجديد لشخصيته، وتصميم وجهه أفضل بمراحل عن نسخته القديمة.

بشكل عام، القصة أصبحت أفضل وأكثر منطقية وزيادة اللحظات السنيمائية تجعل تجربة RE4 أكثر قربًا من التجارب العصرية للألعاب عما كانت عليه النسخة الصادرة في 2006.


أسلوب اللعب: تغييرات صغيرة ترسم لوحة كبيرة آسرة!

تقدم لعبة Re4 Remake فصول قصة يصل عددها إلى 16 فصلًا تنقسم بين بيئات شبه مفتوحة وبيئات خطية مع بعض حرية الاستكشاف. تبدأ الرحلة في قرية إسبانية غامضة أهلها مصابون بمرض يجعلهم أكثر عنفًا، وبالطبع يكرهون الدخلاء. فيما بعد مقدمة اللعبة الملحمية التي تضعك في مواجهة عدد ضخم من سكان القرية، تبدأ البيئات في الانفتاح أكثر فأكثر، مع امتلاكها لعناصر تصميم Metroidvania وهو ما يعني أن البيئة تبدأ منغلقة على نفسها، وتنفتح مع مرور الوقت وحصولك على الأدوات والمفاتيح المختلفة من خلال البحث والاستكشاف والتقدم في الأحداث.

أول ما ستلاحظه من تغييرات هو وضع سلاح السكين الحربي في المقدمة والتعزيز من أهميته بحيث يصبح أكثر أدوات اللعبة أهمية، حيث يتيح لك صد أي ضربة يوجهها إليك الأعداء، وإذا أحسنت توقيت الصد يمكنك إدخال الأعداء في حالة Stun تجعلهم أكثر عرضة للضرر من ضرباتك المتتالية. وبالطبع لتجنب أن يصبح السكين سلاحًا فتاكًا غير قابل للتوقيف، وضع المطورون له شريطَ تحمّل محدد ينكسر عندما ينتهي ذلك الشريط، ويكون عليك إصلاحه عند التاجر بين حين وآخر، وبالطبع يستنزف ذلك بعض الموارد.

هناك أيضًا زر للانبطاح (Crouch) لتعزيز عنصر التخفي والبقاء، وإتاحة حل مؤقت لتجنب المواجهات المباشرة طيلة الوقت، وهو ما يعني أنك تستطيع القضاء على بعض الأعداء دون إهدار الذخيرة عليهم، خصوصًا أن الذخيرة ليست وفيرة جدًا على الصعوبات العالية.


نعم، اللعبة ليست لعبة بقاء، وهو ما يعني أن الذخيرة وفيرة مقارنة بلعبة RE2 مثلًا، ولكنها ليست غير محدودة، وفي بعض اللحظات سترمي اللعبة أمامك الكثير من الأعداء، حتى أكثر من ذخيرتك التي كنت تظنها كافية لمواجهة أي تحدٍ، لذلك أنصحك بأن تتجنب إهدار الذخيرة وتستخدم نظام التخفي الجديد في كل فرصة متاحة.

التغيير الأكبر التالي يكمن في تصميم البيئات، حيث أصبحت القرية متصلة كلها ببعضها، تمامًا مثل لعبة RE8 Village، وقد أحسن المطورون صنعًا في تصميم البيئات بصريًا وعمليًا حيث استمتعت بشكل لا يوصف في استكشاف البيئة ومحاولة الدخول إلى كل الأماكن المغلقة وجمع كل المفاتيح المتوفرة، وحتى حل الألغاز التي كانت بسيطة لكن متحدية للاعب بشكل ممتع.

بجانب المعارك وحل الألغاز والاستكشاف، ستقضي وقتك في التجارة وإدارة الموارد، حيث توفر اللعبة الكثير من الموارد التي تمتلك وظائف مختلفة. هناك موارد يمكنك استخدامها لتصنيع الذخيرة بمختلف أنواعها، وموارد -نباتات- تستخدم لتصنيع الدواء المستخدم في الاستشفاء من أضرار الأعداء، كما أنه يمكنك جمع القنابل بمختلف أنواعها (ألغام، قنابل يدوية- قنابل ضوء) والأسلحة، وكل ذلك في حقيبتك المقسمة إلى مربعات تمامًا كتصميم الجزء الأصلي، وإدارة هذه الموارد كلها وبيع الموارد التي لا تحتاجها مع تخزين بعضها الآخر لبعض الوقت. تعدّ Mini game تشبه Tetris كثيرًا وستشعر جراءها بالرضى عن نفسك عندما تنجح في تحريك الأشياء لإفساح المجال للمزيد من الأمتعة دون التخلي عن شيء.

بجانب كل هذا تمتلك اللعبة جانب تجارة ومهمات جانبية مميز، حيث تقدم لك إمكانية بيع كل الموارد التي لم تعد تحتاجها مقابل العملات، ويمكنك أيضًا إضافة بعض الحلي للأنتيكات التي تجدها لبيعها بسعر أكبر، وهنا تكون دومًا أمام خيار صعب بالحصول على المال سريعًا جراء بيع الأنتيكات، أو الانتظار حتى تجد بعض الحلي الذي من شأنه رفع قيمته. الانتظار لتحصيل ربح أكبر، أو القبول بالربح السهل.. عصفورٌ باليد أم عشرة على الشجرة؟ هذه هي الأسئلة التي ستطرحها باستمرار وهو أمر ممتع أن تقوم به خلال تجربتك.

أما المهمات الجانبية فقد قدمت ما يزيد فقط من أوقات استكشافك حيث تقوم بإنهاء تلك المهمات وتحصيل جوائزك من التاجر (The Merchant). لا تتوقع الكثير، فتلك المهمات تقدم ما لا يتعدى بعض الطلبات الغريبة من التاجر مثل اصطياد بعض الثعابين أو تخليص منطقة محددة من الخريطة من الفئران التي تملؤها. امتدت تجربة RE4 Remake إلى 19 ساعة معي وشعرت أنني أريد المزيد منها، وهي ببساطة واحدة من تلك الألعاب التي لن تستطيع التوقف عن لعبها حتى النهاية، خصوصًا مع الإضافات الصغيرة التي تجعلها تجربة إدمانية مثل الألغاز والتجارة، والاستكشاف.


ماذا عن الجانب التقني والتحديث البصري؟

عظيم! لا أملك كلمة أفضل وأكثر تعبيرًا عن وضع ذلك الريميك الرائع سوى أنه تحديث عظيم على الصعيد التقني. لعبت اللعبة على جهاز بلايستيشن 5 وحاسب محمول متوسط بالمواصفات الآتية:

  • بطاقة رسوم: GTX 1660Ti 6GB
  • معالج: Intel Core I7-10750H.
  • ذاكرة عشوائية: 16GB.

حقق الحاسب 60 إطارًا ثابتًا على إعدادات High ودقة عرض 1080P وهو أداء أكثر من ممتاز مقارنة ببعض الألعاب الصادرة حديثًا، كما أن اللعبة بصريًا رائعة وهناك الكثير من التغييرات التي تليق فقط بألعاب الجيل الجديد مثل مجسم شخصية Leon والشخصيات الأخرى ووجوههم، ولكن لاحظت أن حركات الشفاه لم تكن في أفضل أحوالها، هل يعود ذلك إلى كون اللعبة من مطور ياباني، وأن الحوارات الأصلية لا يتم تسجيلها باللغة الإنجليزية؟ لا أعتقد ذلك لكنه احتمال وارد.

أصوات الأسلحة، والشخصيات ومؤثرات البيئات البصرية والصوتية رائعة وخدمت أجواء الرعب كثيرًا في اللحظات التي احتاجت اللعبة تصدير شعور بالتوتر والشعور بالخطر للاعبين.



الترجمة العربية:

تدعم لعبة RE4 الترجمة العربية للنصوص والقوائم وهي ترجمة ممتازة على مستوى رفيع من الدقة والفصاحة العربية التي تجعلك تشعر أنك تلعب لعبة عربية الأصل، أو على الأقل على قدر كبير من الاهتمام باللغة العربية. إذا كنت تعاني مع الألعاب التي تعتمد بشكل كامل على اللغة الإنجليزية، فلن تعاني مع RE4 Remake من هذه المشكلة، والأمر ليس جديدًا على Capcom (ناشر اللعبة) حيث دعمت الألعاب السابقة أيضًا اللغة العربية منذ الجزء السابع RE7 Biohazard وكل ما جاء بعده.



هل تأتينا Resident Evil 4 Remake من دون عيوب؟

أعتقد أن العيوب ليست المسمى الذي يمكنني استخدامه بأريحية شديدة للتعبير عن استيائي من عنصرين اثنين في اللعبة، لأن تجربتي في المجمل كانت قمة في المتعة والاندماج مع التجربة، لكن يجب ذكر أن معارك الزعماء على الرغم من كونها أحد أهم أركان الإصدار الأصلي، لم تحصل على التغييرات الكافية التي تجعلها نجمة للعرض هذه المرة، كما أن شخصية ليون تركض بسرعة مزعجة لا توحي أبدًا أنه جندي مدرب على أعلى مستوى يحاول الهروب من خطر يهدد حياته.

ذو صلة

في النهاية: 

يمكنني القول إن RE4 Remake تشاطر ريميك الجزء الثاني مكانتها في قلبي كونهما مثالًا حيًا على نجاح إصدارات الريميك في إعادة تقديم الكلاسيكيات بحلة عصرية دون التخلي عن هويتها الأصلية، والجزء الرابع كما كانت إصدارته الأصلية، هو عنوان فخم بجودة فائقة من حيث تصميم المراحل، والقصة، والأكشن، ويعد تجربة لا يجب عليك بأي حال من الأحوال تفويتها، حتى وإن لم تكن من محبي ألعاب الرعب أو سلسلة Resident Evil.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة