تتبع نموذج عمل الكُل في واحد.. ما هي التطبيقات الفائقة Super Apps؟
تخيل عزيزي القارئ وأنت ممسك بهاتفك المحمول أنك تريد استدعاء سيارة أجرة وطلب وجبة طعام ودفع فاتورة والدردشة مع أصدقائك، فكم عدد التطبيقات التي ستحتاجها؟ الجواب المنطقي يقول لفعل كل هذه النشاطات فعليك فتح كل تطبيق على حدة.
وهذا هو السبب في وجود اتجاه تقني جديد صاعد خاصة في السوق الآسيوية والأمريكية الجنوبية يأخذ على عاتقه تطوير تطبيق لفعل كل هذه النشاطات من خلال تطبيق واحد فقط يحتوي على جميع التطبيقات أعلاه يُطلق عليه “التطبيق الفائق Super App”، فما هي التطبيقات الفائقة super apps وما هي أهميتها وما مدى انتشارها؟ والأهم من ذلك ما هو تأثيرها على خصوصية المستخدم؟
ما هي التطبيقات الفائقة super apps؟
يمكننا تشبيه التطبيق الفائق ببساطة بأنه مثل المنزل الذكي ولكن في هاتفك المحمول. حيث يتيح لك فعل الكثير من الوظائف اليومية مثل الدردشة مع الأصدقاء وقراءة الأخبار ومشاركتها وطلب الطعام وجدولة الاجتماعات وتدوين الملاحظات واستدعاء سيارة أجرة… إلخ وكل هذا من خلال تطبيق واحد فقط على هاتفك.
وعلى الرغم من أن التطبيقات الفائقة super apps لم تنتشر بعد على الصعيد العالمي ولم نسمع عنها الكثير حتى الآن إلا أن انتشارها في قارة آسيا وخاصة الصين أصبح ملحوظًا من خلال تطبيقات مثل WeChat و Alipay و Grab و Go-Jek و Paytm و Kakao و Line التي أصبحت جزءًا أساسيًا من الحياة في العديد من الأماكن، وبدأت معظم هذه التطبيقات في إدماج العديد من الوظائف أعلاه في تطبيقاتها وتحولت إلى ما يشبه أنظمة تشغيل مصغرة.
ولفهم كيفية عمل هذه التطبيقات الفائقة، ألق نظرة على هاتفك الذكي كم عدد التطبيقات التي لديك على شاشتك؟ أراهن أنك بحاجة إلى التبديل من واحد إلى آخر للحصول على ما تحتاج إليه، في الصين التي تنتشر فيها هذه التطبيقات لا تحتاج إلى التنقل في خريطة التطبيق على شاشة هاتفك يمكنك فتح تطبيق مثل WeChat وإجراء جميع معاملاتك والتفاعل مع المؤثرين ولعب الألعاب، كل هذا دون مغادرة التطبيق.
اقرأ أيضًا: كيف استخدمت هذه الشركات تقنية التعلّم الآلي Machine learning في عملها؟
الانتشار أفقيًا وليس رأسيًا
على مدار العشرين عامًا الماضية، كان نموذج التطبيقات القادم من وادي السيلكون هو التطبيق المصمم “لغرض واحد”. وكما يوحي الاسم، تعتبر هذه التطبيقات مصممة لأداء وظيفة واحدة فقط من خلال واجهة واضحة وسهلة الاستخدام، وبالتالي تم تصميم هذه التطبيقات لتكون قابلة للتطور على المستوى العالمي باستخدام بنية تساعدها على التوسّع عالميًا دون تغيير كثير.
ومع ذلك وعلى مدار الأعوام الخمسة الماضية، ظهر اتجاه جديد يتمثل في ظهور التطبيقات الفائقة super apps في الصين على وجه التحديد حيث يحتضن المستهلكون التطبيقات القادرة على تقديم خدمة بواجهة واضحة وبديهية ثم يتم إضافة خدمات/وظائف أخرى إلى هذه التطبيقات التي اعتاد عليها المستخدمون، وهذا يشجع التجار الآخرين على الرغبة في الشراكة مع التطبيق وتقديم خدماتهم عن طريقه أيضًا.
وبالتالي تخلق التطبيقات الفائقة super apps نظامًا بيئيًا حيث يحتكر وقت المستخدم وقد شهد هذا النموذج نموًا كبيرًا في الأسواق الناشئة مثل الهند وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا بينما نجد نموذج الولايات المتحدة/وادي السيليكون هو النمو عموديًا وبشكل مدروس، ولكن ينصب تركيز شركات التطبيقات الفائقة super apps هذه على التوسع بشكل أفقي بقوة والسيطرة على جغرافيا محددة.
وهنا نجد أن نموذج التطبيق الفائق قد يكون منطقيًا لأنها طريقة سهلة للوصول إلى العديد من الخدمات المختلفة، وتوفر مساحة على الهاتف بعدم تثبيت الكثير من التطبيقات، كما أنها وسيلة لتحرير المستخدمين من عناء البحث عن الكثير من التطبيقات المختلفة.
كل شئ له ثمن
بلا شك عند النظر إلى التطبيقات الفائقة super apps في الحياة الواقعية نجد أن تطبيق WeChat الخاص بشركة Tencent الصينية وهو تطبيق يستخدمه أكثر من ثلثي السكان الصينيين، والعديد منهم في المتوسط لعدة ساعات في اليوم. أبرز التطبيقات التي تتبع مبدأ الكُل في واحد، كما أن التطبيق المنافس له Alipay هو أيضًا يتبع نفس مبدأ الُكل في واحد ويتم استخدامه بشكل متكرر للدفع عبر الهواتف المحمولة بحيث أصبح الدفع مقابل الأشياء نقدًا أو ببطاقة ائتمان أمرًا نادرًا في الصين.
فوظائف مثل: المدفوعات الإلكترونية والتذاكر والألعاب والخدمات المالية وتوصيل الطعام هي مثال عن الأشياء التي يمكنك القيام بها باستخدام تطبيقي WeChat و/أو Alipay كما يمكنك حتى إنشاء ألعاب وتطبيقات موجودة داخل WeChat والاستفادة من البنية التحتية الحالية للتطبيق لأشياء مثل المراسلة والمدفوعات.
ولكن نجد أن بعض أكبر عيوب التطبيقات الفائقة إثارتها للقلق بشكل كبير حيث يعمل النطاق الهائل الذي يمكن أن تؤديه تطبيقات مثل WeChat و Alipay على قمع المنافسة بفعالية، لأن أي شخص يريد تقديم خدمة جديدة للمستخدمين يقوم بذلك عادةً من خلال أحد هذه التطبيقات.
كما تُعد الخصوصية أيضًا مصدر قلق كبير، حيث كلما زاد عدد الأشياء التي يمكن للمستخدمين القيام بها في تطبيق واحد، كلما تمكن التطبيق من معرفة المزيد عنهم، وبالتالي يمكنها أن تشكل مصدر تهديد كبير لمستخدميه ودخوله في دائرة المراقبة الجماعية وانتهاك خصوصياتهم.
اقرأ أيضًا: بعد تجربتها الطويلة في إنتاج هواتف الفئة المتوسّطة.. تعرّفوا على هاتف OnePlus 8 Pro الرائد!
كما يكمن التحدي الرئيسي لمثل هذه التطبيقات هو أمن البيانات الشخصية، حيث تتطلب التطبيقات الفائقة super apps تخزينًا هائلًا للبيانات الرقمية. وإذا تم اختراقها، تصبح خصوصيات وعموميات المستخدم بالكامل عرضة للخطر، وستكون معلومات مثل تاريخ المعاملات والمواقع المفضلة وجهات الاتصال والمعلومات الأكثر حساسية في أيدي المخترقين بشكل كامل.
وحتى بدون الاختراق، تعد التطبيقات الفائقة أفضل حل تسويقي لاستهدافك بالإعلانات. حيث يوفر تحليل البيانات من تطبيق واحد عرضًا دقيقًا لبيانات المستخدم والمشتريات التي طلبها وتواريخ مدفوعاتها وكميتها والكثير من المعلومات الشخصية المالية التي يمكن استخدامها بشكل مباشر لاستهدافك بالإعلانات الموجهة.
ما هي أشهر التطبيقات الفائقة super apps التي تعمل الآن؟
كما ذكرنا فإن هذه التطبيقات سوقها الأساسي والرئيسي –حتى الآن– في آسيا وأمريكا الجنوبية للكثافة السكانية التي تُمهد لنمو مثل هذه التطبيقات وتقبل المستخدمين على التجاوب مع مثل هذه التطبيقات بغض النظر عن كل شيء، وحتى الآن يوجد عدد من التطبيقات وهذه أشهرها:
- Go-Jek: ينشط في إندونيسيا وجنوب شرق آسيا يتمتّع التطبيق بأكثر من 20 خدمة والتي تتراوح بين الدفع بواسطة الهاتف النقال إلى طلب الطعام والمعالجين الفيزيائيين وتأجير سيارات الأجرة.
- Grab: ينشط في سنغافورة وجنوب شرق آسيا تعتبر الشركة المالكة لهذا التطبيق واحدة من أنجح الشركات الناشئة في جنوب شرق آسيا، لقد بدأوا بغزو دول مثل الفلبين وسنغافورة وتايلاند من خلال هذا التطبيق الذي يستخدم في الدفع الإلكتروني وتوصيل الطعام والعديد من الميزات الأخرى.
- Paytm: ينشط في الهند يتم تشغيل هذا التطبيق بدعم من شركة على بابا الصينية، ويقدّم التطبيق خدمة المدفوعات الإلكترونية والخدمات المالية وحجز الرحلات والتسوق والكثير من الخدمات الأخرى لسكان الهند.
- Rappi: ينشط في كولومبيا وأمريكا اللاتينية بدأ التطبيق كخدمة تتيح للمستخدمين تسوق المواد الغذائية وغيرها من السلع وإرسال هذه العناصر عبر خدمة البريد السريع، لكنه بدأ بالانتقال إلى خدمات أخرى مثل المدفوعات الإلكترونية ومشاركة الدراجات الهوائية والنارية والخدمات المالية.
هل سنرى مثل هذه التطبيقات الفائقة على متاجر جوجل أو أبل؟
حاليًا لا تمتلك أوروبا وأستراليا وإفريقيا والولايات المتحدة وكندا أي تطبيقات يمكن وصفها بأنها “فائقة” ولا سيما في الولايات المتحدة، وهذا يأتي نتيجة لتطور السلع والخدمات الرقمية تدريجيًا إلى حد ما، كما أن اليابان وكوريا أيضا ليس لديها هذا النوع من التطبيقات نوعًا ما، وعلى الرغم من أن تطبيقي Line و Kakao يمكن أن نطلق عليهما تطبيقين فائقين، إلا أن التطوير التدريجي لخدماتهما الرقمية يعني وجود فرص محدودة جدًا للهيمنة الفردية.
بالطبع لا تزال كل شركة تريد أن تكون ذلك التطبيق الفائق، لذا فهي تحاول رغم ذلك، مثال على ذلك تطبيق ماسنجر الذي تقدمه فيسبوك كتطبيق دردشة بينما هو أكثر من ذلك خاصة بعد تحركاتهم نحو إدخال ميزة الدفع المالي وتحريك الأموال ومشاركة الموقع وغيرها من الميزات التي تقدمها والتي تجعله أحد التطبيقات الفائقة super apps ولكن ليس بدرجة تطبيقات مثل WeChat أو Grab.
كما أعلنت شركة Uber أيضًا عزمها على أن تصبح “نظام تشغيل للحياة اليومية” من خلال دمجها لخدمتي Uber و Uber Eats في تطبيق واحد وتوسيع خيارات النقل التي يمكنك العثور عليها. كما لديهم خدمات للشحن تسمى Uber Freight في نفس التطبيق.
ثم هناك شركة أمازون التي تتبع بالفعل نموذج التطبيق الفائق في الهند، حيث تقدم المدفوعات الإلكترونية وحجوزات الطيران وتقديم الطعام وأكثر من ذلك إما بشكل مباشر أو من خلال الشركات التي استحوذت عليها.
هل نحتاج حقًا إلى التطبيقات الفائقة super apps في هواتفنا؟
بلا شك فإن التطبيقات الفائقة super apps مريحة بشكل لا يمكن إنكاره وتجعل الحياة أكثر بساطة، لكن تجميع هذه الخدمات معًا تحت مظلة شركة واحدة قد لا يكون أفضل فكرة للنظام الإيكولوجي الرقمي على المدى الطويل، حيث تساعد المنافسة في دفع الابتكار نحو الأمام وتمنع المنافسة أيضًا أي شركة من الحصول على الكثير من القوة.
اقرأ أيضًا: خصوصية المستخدمين في المقام الأول دائمًا، ولكن في الأزمات العالمية هناك استثنائات!
والسيناريو الأكثر احتمالًا هو أننا في نهاية المطاف مع العديد من النظم الإيكولوجية المختلفة قد لا تأتي التطبيقات الفائقة super apps إلى أمريكا وأوروبا حاليًا ولأسباب عديدة، لكن ربما تضيف هذه التطبيقات بعض الميّزات الجيدة والتي لا تقاوم وتتمكّن من الوصول في النهاية إلى هذه البلدان.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.