تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على تخيّل الأشياء مثل البشر.. ماذا بعد ذلك؟

فراس دالاتي
فراس دالاتي

6 د

أحد تفسيرات الخيال والإبداع البشري هو أنه عملية إنشاء شيء جديد من خلال الجمع بين العناصر الموجودة مسبقاً بطريقةٍ جديدة، إذ يمكن أن يكون حلم يقظة مبنياً على سيناريوهات “ماذا لو”، مثل إيقاعاتٍ وزخارف موسيقية مألوفة مسبقاً تتحوّل إلى أغنية جديدة، أو أجزاء من المعرفة تبدو غير مرتبطة معاً لأول مرة تشكّل اللبنات الأساسية لصيحةٍ علميةٍ جديدة.

استخدام خيالنا يأتي بشكلٍ طبيعي مع وجودنا، نحن نفعل ذلك طوال الوقت بطرقٍ كبيرةٍ وصغيرة، لكن بالنسبة للذكاء الاصطناعي، فإن إعادة تجميع عناصر من أشياء مختلفة هو عكس ما هو عليه “بشكلٍ طبيعي”، إذ تتعلّم الآلات عن طريق تحليل الأشياء وفهرسة السمات الموجودة لها من أجل التعرف عليها، لا يتم التعامل مع هذه السمات على أنها خصائص عائمة حرة متاحة للخلط والمطابقة بطرقٍ جديدة، لكن الآن، أعلن فريق من الباحثين من جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية عن تطوير شيءٍ جديد تماماً وهو نموذج للذكاء الاصطناعي مع مخيّلة.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، الباحث الياباني «يونهو جي» لموقع كلية فيتربي التابعة لجامعة جنوب كاليفورنيا: “يمكن للبشر فصل معرفتهم المكتسبة من خلال السمات، على سبيل المثال، الشكل والوضعية والموضع واللون، ثم إعادة دمجها لتخيل كائنٍ جديد، تحاول ورقتنا البحثية محاكاة هذه العملية باستخدام الشبكات العصبية”.


مشكلة تعميم الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

على سبيل المثال، لنفترض أنك تريد إنشاء نظام ذكاء اصطناعي يقوم بإنشاء صور للسيارات، من الناحية المثالية، سَتُزَوّد الخوارزمية ببعض الصور للسيارة، وستكون قادرةً على إنشاء العديد من أنواع السيارات، من سيارات بورش إلى بونتياك إلى شاحنات النقل، بأي لون ومن زوايا متعدّدة.

هذا هو أحد الأهداف التي طال انتظارها للذكاء الاصطناعي: إنشاء نماذج يمكن استقراءها، هذا يعني أنه في ضوء بعض الأمثلة، يجب أن يكون النموذج قادراً على استخراج القواعد الأساسية وتطبيقها على مجموعةٍ واسعة من الأمثلة الجديدة التي لم يرَها من قبل، لكن يتم تدريب الآلات بشكل شائع على ميّزات العينة، مثل البكسل على سبيل المثال، دون مراعاة سمات الكائن.


فك التشابك

الذكاء الاصطناعي

يحدث التعلّم الآلي عادةً من خلال الفحص الدقيق للصور وتسجيل السمات القريبة، مثل ألوان البكسل، الهدف هنا هو أن تقوم الخوارزمية بتحديد صورة جديدة لنفس الشيء (أو شيء مشابه له) بشكلٍ صحيح، لا يقوم الذكاء الاصطناعي بأي محاولة لفهم ماهية الكائن أو كيف يعمل، فالتعلّم الآلي هو في معظم الأحيان التعرّف على الأنماط، لطالما حلم العلماء بذكاء اصطناعي يمكنه الاستقراء ممّا تعلّمه من خلال الاستنتاج من التفاصيل الصغيرة للموضوعات الأوسع لكائنٍ أو موضوعٍ ما، بما في ذلك كيفية عمله، إن التعرّف على صورة طائرة أمرٌ جيد، لكن تحديد سبب وكيفية كونها “آلة طيران” هو أمرٌ أفضل بكثير.

قال باحثو جامعة جنوب كاليفورنيا إنّ المفتاح لتزويد الذكاء الاصطناعي بالخيال هو “فك التشابك”، وهي فكرة أن السمات يمكن تحييدها أو فصلها عن الأشياء التي تحمل أو تحتضن تلك السمات، في الواقع، فك التشابك هو المفهوم الكامن وراء “التزييف العميق” المذهل الذي ينتشر على الإنترنت، على سبيل المثال، في مقطع فيديو مزيّف عميق، يتم فصل حركة الوجه عن هويته، يسمح هذا لصنّاع المحتوى المزيف بتجميع الصور ومقاطع الفيديو الجديدة التي تحل محل هوية الشخص الأصلي وتستبدلها بشخصٍ آخر، مع الحفاظ على الحركات الأصلية.

وبالمثل، فإن النهج الجديد يأخذ مجموعةً من عينات الصور، بدلاً من عينة واحدة في كل مرة كما فعلت الخوارزميات التقليدية، وينقّب عن التشابه بينها لتحقيق شيء يسمى “التعلّم التمثيلي غير المتشابك القابل للتحكم”.


تعليم الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

“التعلم التمثيلي غير المتشابك القابل للتحكم” هو المصطلح الذي منحه باحثو جامعة جنوب كاليفورنيا للطريقة التي تتعلّم بها الخوارزميات الخاصة بهم. فبدلاً من تزويد الذكاء الاصطناعي بالكائنات أو المواضيع كل على حدة من أجل الفهرسة، يتم منح الذكاء الاصطناعي عينة من الصور ذات الصلة بهدف تحليلها حتى يكتشف في النهاية الموضوعات الأوسع التي توحّدها، بحيث يمكن بعد ذلك فصل السمات الفردية عن الخصائص الأساسية التي تحدد كائناً أو موضوعاً ما.

يقول أحد الباحثين: “على سبيل المثال، خذ فيلم «المتحولون» (Transformers) كمثال، يمكن أن يأخذ الذكاء الاصطناعي شكل سيارة «ميجاترون»، ولون ووضعية سيارة «بامبل بي» الصفراء، وخلفية ساحة «التايمز» في نيويورك، وستكون النتيجة سيارة ميجاترون ذات لون أصفر تسير في ساحة التايمز، حتى لو لم يتم مشاهدة هذه العينة خلال جلسة تدريب الآلة”.

ويُذكر أن الفريق البحثي كان قد طوّر مجموعة بياناتٍ مكوّنةٍ من 1.56 مليون صورة من أجل تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي خاصتهم.


من المحاكاة إلى الفهم

وفقاً لكبير مؤلفي الدراسة، «لورانت إيتي»: “لقد أظهر التعلّم العميق بالفعل أداءً ووعداً غير مسبوق في العديد من المجالات، ولكن في كثير من الأحيان حدث هذا من خلال التقليد الضحل، ودون فهم أعمق للسمات المنفصلة التي تجعل كل كائن فريداً بحد ذاته”.

وفي حين أن فك التشابك ليس فكرةً جديدة، يقول الباحثون إنّ إطار عملهم يمكن أن يكون متوافقاً مع أي نوع من البيانات أو المعرفة تقريباً، ويوسّع ذلك قائمة التطبيقات المحتملة، على سبيل المثال، فك الارتباط بين العرق والمعرفة المتعلقة بالجنس لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر عدلاً عن طريق إزالة السمات الحساسة من المعادلة تماماً.

أما في مجال الطب، يمكن أن يساعد الأطباء وعلماء الأحياء على اكتشاف المزيد من الأدوية المفيدة عن طريق فصل وظيفة الدواء عن الخصائص الأخرى، ثم إعادة دمجها لتكوين دواءٍ جديد، كما يمكن أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي المُستخدمة للقيادة الذاتية أكثر فائدةً وأماناً إذا كان بإمكانها تخيل سيناريوهات خطرة، وبالتالي توقّعها وتفاديها.

ويخلص إيتي إلى أن هذا النهج الجديد لفك التشابك، ولأول مرة، يُطلق حقاً إحساساً جديداً بالخيال في أنظمة الذكاء الاصطناعي، مما يجعل فهمها للعالم أقرب إلى فهم البشر له.


خيال الذكاء الاصطناعي في مساعدة الأطباء

يعمل الأطباء فوق طاقتهم ويعانون من نقص الإمدادات في جميع أنحاء العالم جرّاء جائحة كورونا، ولكن يمكن قريباً مساعدتهم من خلال التعلم الآلي للمساعدة في تقليل الأخطاء في الرعاية الأولية، إذ تعتبر أدوات فحص الأعراض بواسطة الذكاء الاصطناعي ذات قيمة كبيرة في توفير المعلومات الطبية ونصائح الفرز الآمنة للمستخدمين، لكن ومع ذلك، لا يقوم أي منها بإجراء التشخيص مثل الطبيب.

على عكس الأطباء، تقدّم أدوات فحص الأعراض الحالية المشورة بناءً على الارتباطات وحدها، والارتباط، كما هو معروف، لا يعني السببية، لكن استخدم الباحثون في «بابيلون»؛ وهي شركة تقنية رائدة عالمياً ذات مهمة طموحة لوضع خدمة صحية يمكن الوصول إليها وبأسعار معقولة في أيدي كل شخص على وجه الأرض، ولأول مرة نعرفها، مبادئ التفكير السببي لتمكين الذكاء الاصطناعي من تشخيص حالات الاختبار الكتابية.

ذو صلة

استخدم الباحثون نهجاً جديداً، يُعرف باسم “التعلم الآلي السببي”، والذي يكتسب قوة جذب متزايدة في مجتمع الذكاء الاصطناعي كونه بمثابة “خيال يساعد الذكاء الاصطناعي على النظر في الأعراض التي قد يراها إذا كان المريض يعاني من مرضٍ مختلف عن المرض الذي شُخّص به. ويُظهر البحث الذي تمت مراجعته من قِبل الأقران، والذي نُشر في دورية «نيتشر كوميونيكيشنز»، أن فك الارتباط عن السببية يجعل الذكاء الاصطناعي أكثر دقةً بشكلٍ ملحوظ.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة